عهد الحماية الفرنسية من جديد

الأماميون الثوريون
lahoucineamal@gmail.com

2013 / 5 / 15

عهد الحماية الفرنسية من جديد

بعد تدخل عدواني أول تم في بداية نونبر 1977, تحرك الطيران الفرنسي من جديد في الثالث من هذا الشهر إلى جانب قوات الغزو الملكية و الموريطانية , و دخل مرة أخرى في مواجهة عسكرية مباشرة ضد الشعب الصحراوي الشقيق و مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب . إن هذا العدوان الإمبريالي الأخير قد أتى تلبية لطلب مستعجل من الحسن العميل لإغاثة أحد فيالق جبشه المتوغل في ناحية أم دريكة بالصحراء الغربية . و إنه ليكشف عن الطبيعة الشرسة للامبريالية , و عن مدى حرصها على حماية مصالحها و إنقاذ عملائها في المنطقة , كما يكشف عن مقدار عدائها لشعبنا و كل الشعوب العربية . هذا في نفس الوقت الذي يؤكد فيه الهجوم الوحشي الأخير الحقائق التالية :

1- أن الإمبريالية عموما و الفرنسية بصفة خاصة , تقف في تعارض تناحري مع طموحات الشعب الصحراوي في الاستقلال الوطني و بناء جمهورية شعبية على كامل أرضه في الساقية الحمراء و واد الذهب . و أنها لضرب هذا الطموح العادل تتدخل اليوم عسكريا و بصفة مباشرة فوق أرض عربية , ضد شعب عربي , متحدية مجموع شعوب الوطن العربي , و أنه لفي نفس الاتجاه , و لحماية مصالح الرجعية و الاحتكارات الأجنبية سواء في الصحراء الغربية أو في المغرب أو في موريطانيا , عملت مختلف القوى الإمبريالية من قبل على إقامة تكتل امبريالي – رجعي موحد على امتداد الغرب العربي ( المغرب – الصحراء – موريطانيا ) , مهمته المباشرة حصر نضالات شعوب هذه المنطقة بغرض إخضاعها و تعزيز السيطرة عليها . إن هذه الإرادة الإمبريالية الرجعية هي التي تجسدت في اتفاقيات مدريد الخيانية التي أمضيت تحت إشراف الإمبرياليتين الفرنسية و الأمريكية , و هي التي يعبر عنها الحسن عندما يتكلم عن محور باريس – مدريد – الرباط – نواكشوط .

2- إن الحكم العميل في المغرب الذي أوكلت إليه الإمبريالية الدور الأساسي في تنفيذ مخططاتها في الغرب العربي , يتضح يوما بعد يوم أنه عاجز عن تحقيق أهداف أسياده و أولها تصفية الكفاح المسلح الذي فجره الشعب الصحراوي في سنة 1973 في وجه الاستعمار الإسباني و الذي لا زال يخوضه إلى اليوم بصمود أكبر , بعد اتفاقيات مدريد , ضد القوات الملكية و الموريطانية .

إن عجز الحكم العميل في المغرب عن القيام بذلك الدور يرجع أيضا و يبرز كذلك في عدم قدرته أكثر فأكثر على توقيف نضالات الشعب المغربي المتصاعدة بالرغم من تقوية أجهزة القمع و الإرهاب البوليسي , و بالرغم من مهزلة البرلمان و ديماغوجية الأحزاب البرجوازية المساندة للمخطط الإمبريالي – الرجعي .

3-إن الإمبريالية أمام عجز عملائها في الغرب العربي و تعمق أزمتهم , و خطر توسع المد التحرري في المغرب و موريطانيا , تجد نفسها مضطرة إلى التدخل مباشرة في الصحراء الغربية إلى جانب القوات الملكية و الموريطانية . و أن هدفها الراهن هو تصفية قوات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب , بل و إبادة الشعب الصحراوي كشرط لحسم الصراع لصالح المخطط الذي رسمته في مدريد . و إنه لضمن هذا المنظور الوحشي تأتي الغارات الجوية التي نظمها الطيران الفرنسي في 5 ماي ضد خيام عدد من الصحراويين المدنيين داخل الصحراء الغربية , يومين بعد اصطدامه بمقاتلي الجبهة الشعبية يوم 3 ماي .كما أن في هذا الاتجاه أيضا تتكرر التهديدات بقنبلة مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف , و من هنا إعلان حرب ثانية ضد الجزائر .

4-إن التدخل الفرنسي الأخير في الصحراء الغربية, ليس إلا جزءا من سياسة عدوانية تنهجها الإمبريالية الفرنسية , بدعم من باقي الإمبرياليات في الوطن العربي و في إفريقيا , و تتولى الإعلان عنها أمام العالم أجمع : " إن الحكومة الفرنسية مستعدة للتدخل أينما كان و حيث مصالحها مهددة " إن هذا التصريح الاستفزازي هو لوزير الخارجية الفرنسية . و إنه ليفصح عن الدور العدواني الذي تقوم به الإمبريالية الفرنسية اليوم ضد العديد من حركات التحرر العربية و الإفريقية : في التشاد حيث يقاتل أكثر من 5000 جندي و ضابط فرنسي ضد الوطنيين التشاديين , و في لبنان حيث تتخطى القوات الفرنسية قرار الأمم المتحدة و تقف بقوة السلاح في وجه المقاومة الفلسطينية , و في جنوب إفريقيا حيث تمد النظام العنصري بأحدث أسلحتها و معداتها العسكرية , وفي الزايير حيث تتحرك طائرات " الترانزال " و تتدخل قواتها العدوانية لإنقاذ موبوتو من جديد , و تستعمل أبناء الشعب المغربي المرغمين تحت حكم الحسن العميل إلى دخول حروب امبريالية سواء في إفريقيا أو ضد أشقائهم في الصحراء الغربية , كما كان العهد أيام الحماية .و في هذا المجال نذكر بأنه بقي في الزايير ما يقرب عن 500 جندي مغربي لم يرجعوا إلى المغرب منذ السنة الماضية , ليقاتلوا إلى جانب موبوتو تحت أوامر الضباط الفرنسيين .

و من الواضح ان الإمبريالية الفرنسية قد أصبحت في ظل التطورات الجديدة التي عرفها المعسكر الإمبريالي , تحتل الصدارة في جبهة الدفاع عن مصالح الرأسمالية العالمية . و إنها لتلقى في قيامها بهذا الدور دعم مختلف القوى الإمبريالية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية . و نكتفي بمثال على ذلك التنسيق الجاري الآن بين اركان الحرب الفرنسية و الأمريكية لإنقاذ موبوتو , و الذي قد يدفعون بأبناء شعبنا مرة أخرى و بأعداد أكبر إلى جبهة الزايير , و كذلك برقيات التهاني التي تلقاها الحكم الفرنسي من طرف الدولة الأمريكية على تدخله في التشاد . إنه دور وسخ تقوم به فرنسا ضمن مواجهة عامة تخوضها مختلف القوى الإمبريالية , كل حسب وضعه الخاص لحصر و إجهاض المد التحرري في إفريقيا و الوطن العربي , و حماية الأنظمة الرجعية من ضربات الشعوب المناضلة . و بالفعل , خدمة لهذه السياسة العدوانية , تدفع الإمبريالية الفرنسية العديد من الأنظمة الرجعية إلى إمضاء اتفاقات عسكرية معها لوضعها تحت الحماية الإمبريالية , و تبرير التدخلات العسكرية المباشرة .

إن نظام الحسن العميل أمام الأخطار التي تحدق منذ سنوات قد أمضى اتفاقيات سرية من هذا النوع مع الإمبريالية الفرنسية . إنه أمام تصاعد نضالات الشعب المغربي, و صمود الشعب الصحراوي, و و بمقدار ما تتعمق أزمته بمقدار ما يزداد قهره و تجويعه للشعب المغربي , و تبعيته للمصالح الأجنبية . و سواء باتفاقيات مدريد التي لازالت عديد من بنودها سرية , و باتفاقياته العسكرية السرية كذلك مع الإمبريالية الفرنسية قد دفع ببلادنا خطوات أخرى تحت السيطرة الأجنبية اقتصاديا , سياسيا و عسكريا . و بصدد التبعية العسكرية يجب ان نعرف أنه يوجد ببلادنا رسميا أزيد من 450 فني عسكري فرنسي يعملون على تدريب الجيش الملكي على الأسلحة المستوردة , كما أنه في العيون ضمن أركان الحرب المغربية الموريطانية المشتركة يساهم ضباط فرنسيون في توجيه المعارك مباشرة . أما بخصوص التسليح فنورد مثالا له دلالته و هو صفقة صواريخ "كروتال "الفرنسية التي تكفلت الإمبريالية الأمريكية بتسليم الحكم العميل طائرات " هرقل س. 130" لاستعمالها الفعال .

و إن الواضح اليوم هو أن الحسن العميل قد وضح حكمه المتعفن تحت الحماية الفرنسية, مجددا خيانات أجداده العلويين أمثال عبد الحفيظ و عبد العزيز .و إن طائرات " الجاغوار " التي تقف اليوم إلى جانب القوات الملكية لقنبلة الشعب الصحراوي الشقيق , ستتجه غدا ضد الشعب المغربي لإنقاذ مصالح الإمبريالية و مصالح حكم الحسن الكمبرادوري العميل .

لكن مهما تجبر العتاة فإنهم لن يفلتوا من نهايتهم المحتومة. و لنا من بطولات شعبنا الماضية و صموده الحاضر, و انتصار الشعب الفيتنامي و عديد من الشعوب على قوى الإمبريالية و عملاءها , و تصاعد المد التحرري في القارة الإفريقية, أكبر اليقين على النصر للشعوب , مهما اشتدت شراسة قوة التخلف و السيطرة . بل إن اشتداد شراسة هذه القوى دليل على تخبطها اليائس أمام قوى التحرر .

إن عدو الشعب المغربي , و عدو شعوب الغرب العربي واضح اليوم . إنه نفس العدو التاريخي الذي كافح ضده شعبنا منذ عشرات السنين , إنه حكم الحسن العميل و الإمبريالية . و إن كل وطني مخلص لا يمكنه إلا أن يقف إلى جانب كفاح الشعب المغربي و الشعوب العربية و على رأسها الشعب الصحراوي من أجل القضاء على السيطرة الإمبريالية و قهر عملائها في المغرب و في منطقة الغرب العربي و تحقيق التحرر الوطني الديموقراطي لشعوبها كخطوة نحو وحدتها على أسس ديموقراطية .
لقد اختارت الأحزاب البرجوازية في المغرب الوقوف إلى جانب الحكم و الإمبريالية لخدمة مصالح ضيقة مضادة لمصالح الشعب المغربي و كل شعوب الغرب العربي . لكن شعبنا بالرغم من التضليل و الديماغوجية الرجعية , يرى أكثر فأكثر جبهة العدو الحقيقي , و أنه انطلاقا من الواقع الملموس يصعد نضالاته و يكافح يوميا سواء في البوادي أو المدن , ضد السيطرة الكمبرادورية الإمبريالية .

إن منظمتنا" إلى الأمام " قد اختارت هذا الاختيار السديد . و أنها لتعمل مع كل الديموقراطيين و الوطنيين المخلصين لبلورة هذا الاختيار بصفة واعية , و تنظيم كل طاقات شعبنا دفاعا عن طموحاته القريبة و البعيدة , بغرض إفشال مخططات أعدائه , و مراكمة عوامل الانتصار عليه و تحقيق التحرر الوطني الديموقراطي الشعبي .

فلتعزز مسيرة النضال الوطني الشعبي !

و لتتحد كل القوى الوطنية المخلصة في بلادنا في هذا الطريق!

و لتتحد كل شعوب الغرب العربي في النضال ضد العدوانات و المخططات الإمبريالية الرجعية !

المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية "إلى الأمام"

19 – 5 - 1978



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن