لمحاكم الميدانية والعدالة الغائبة ...؟ا

مصطفى حقي
MESMAIE1OY@GMAIL.COM

2013 / 4 / 18

هي محاكم استثنائية تشكل ابان الحروب ، واحكامها مشوبة بالاجحاف وبعيدة كل البعد عن العدالة ، فالحروب بذاتها غير عادلة ، لان الجيوش القوية عدة وعددا تعلن انتصارها العسكري في النهاية بغض النظر عن إحقاق الحق والحقيقة ، ومن هو صاحب الحق ، فموسيقى الانتصار والمسيرات العسكرية تضفي على الواقع لافتات النصر وليس الحق ، ومن هو صاحب الحق المنتصر ام المنهزم ، وعليه فان المحاكم الحربية هي في حقيقتها شكل من اشكال العتاد الحربي ، ولها دورها القتالي ولكن من جهة الخلفية لمسرحية الحرب التي يقودها قادة هدفهم الأول والأخير الانتصار ومهما بلغت التضحيات وبكافة السبل حتى وان سميت بأسماء دينية ، فهي تحقق الهدف التي تسعى اليه القيادة ، بعض النظر عن التسميات ، فللوصول الى النصر والانتصار ، فكل الوسائل والمسميات تخدم القيادة الحربية ليلوع هدفها من الحرب القائمة على العدو .... وفي الآونة الأخيرة ، وفي مجريات ثورة ما يسمى بالربيع العربي ، راحت وكالات الأنباء المرئية والمسموعة ترينا وتحدثنا عن إقامة محاكم لفئة انتصرت جزئيا ، وتطلق عليها اسم المحاكم العادلة ، وفي حادثين منفصلين شاهدنا بالتلفاز رجالا يساقون الى ما يسمى بالمحاكم العادلة ، وخلال اقل من ساعة يصدر الحكم بإعدامهم ، وتوزع جثثهم على قارعة الطريق ، والجلادون يبتسمون فرحين لتحقيق العدالة ، والتي اصدرها قضاة عادلون في عودة الى البدائية المتوحشة ....! ونتساءل كيف تتم محاكمة عادلة لمتهم بدون محام يدافع عنه وكيف يصدر حكم بالاعدام اشد واخطر الأحكام وبشكل مبرم وقطعي ومن قبل قاض واحد ..!؟ والدول المتقدمة حضاريا تنادي الى الغاء عقوبة الاعدام نظرا لبشاعتها وتنافيها مع الانسانية الحضارية واستبدالها بعقوبة السجن المؤبد ‘. وما شاهدناه من حكم بالاعدام يتم ويصدر الحكم خلال دقائق ليفاجأ الجلاد عبء تنفيده بسرعة اصدار الحكم المخالف لمباديء العدالة ،لأنه في الاحوال العادية وفي ظل دولة قائمة بمؤسساتها ، يعرض او يحال المجرم المتهم بقضية جنائية الى محكمة الجنايا ت ولكن قبل ان يحال ، يجري التحقيق معه امام قاضي التحقيق الذي يضع يده على القضية بعد ان يحال اليه من النيابة العامة مزودا بالكشف على الجريمة ’ ويبدا قاضي التحقيق باستجوابه وسماع الشهود واجراء الخبرات والكشف على مكان الحادث وتمثيل الجريمة اذا اقتضى الحال وبعد جمع اطراف الجريمة والوصول الى الحقيقة المدعمة بالادلة طبعا ، وبوجود وحضور محام عن المتهم يصار الى الادعاء عليه بالجناية المنسوبة اليه ، وعن طريق قاضي الاحالة ، الذي بدوره يتحقق من الموضوع ، وأخيرا يمثل المتهم أمام محكمة الجنات التي تتألف من ثلاثة قضاة برتبة مستشار وتمثيل للنيابة العامة ، وحضور محامين يمثلون الاطراف كافة وبعد محاكمات طويلة وجلسات متعددة يصدر حكم بالإدانة او البراءة ، وايضا لايقف الأمر عند هذا الحد ، اذ يصدر الحكم قابلا للطعن بالنقض ، وتحكم محكمة النقض اما باعادة لاضبارة الى محكمة الجنايات بنقضها لتدارك نقص ما بالاجراءا ت واعادة المحاكمة او بتصديق الحكم .كل هذه المدة الطويلة والتحقيقات والمحاكمات فقط لتحقيق العدالة التي تسعى الانسانية والدول المتقدمة حضاريا لتحقيقها ، اما ما شاهدناه لا يمت بصلة الى العدالة ، فلا يجوز انشاء محكمة خارج دولة دستورية ديمقراطية بمؤسساتها ووفق الدستور والقوانين الداعمة له بالتعيين والمحاسبة وإن سميت بمحاكم شرعية ، فلا شرعية خارج أحكام العدالة الإنساية الشاملة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن