شعوب ليلها كنهارها وشعوب كل أيامها وهج!

زرواطي اليمين
ayoube.alyamine@yahoo.com

2013 / 4 / 18

شعوب ليلها كنهارها وشعوب كل أيامها وهج! بقلم زرواطي اليمين
هناك شعوب تعبت من التنفس ومن هواء الحرية واشتاقت إلى نسيم صباح يوم لا فرق بين نهاره وليله فهي في غياهب سجن الطاعة والولاء، وهناك الشعوب التي تعودت على شروق الشمس الدائم في سماء امبراطورية لا تغيب عنها الشمس، فشتان بينهما، إنها حقيقة تاريخية ومسلمة أبدية في تاريخ البشرية. لطالما عودت نفسي على كذبة اخترعها لنا الآخرين وصدقناها وأصبحت جزء منا، لكن على الأقل أنا أعلم بأنها كذبة وأسعى لكشف الحقيقة وتجاوز ذلك الجدار وتخطي تلك الفجوات الإنسانية الموجودة فعلا في عمق مجتمعاتنا العربية حتى لا أقول مجتمعات الجنوب المعتاد على الإنارة الليلية! فشتان بين نور الشمس وضوء المصابيح، نور يوم يشرق على شعوب تأبى الرضوخ وتعودت على العودة إلى مصاف الأمم الكبرى رغم كافة انتكاساتها وفقرها لكافة المؤهلات الطبيعية والثروات الباطنية وحتى أن موقعها الجغرافي خانها أيضا، وبين شعوب تعودت على الخضوع وعلى الولاء والطاعة، تارة لمستعمر لم يرحل عنها حتى عقب إنزال أعلامه الوطنية، تعودت على العيش كما يراد لها دائما، إما من نفس تلك الدول المفترسة للآخر، أو حتى من قبل زعامات لبست ثوب الوطنية ولكنها لا تعدو شكلا جديد من الإستعمار والإخضاع لشعوبها.
حتى لا أكون متشاءما كثيرا، فأنا أعترف للشعوب "المتخلفة" أو أقول التي لا تريد أو لا تفكر حتى في إقامة أنظمة ودول متقدمة ومستقلة ومنتجة، لا تستطيع تحمل عبئ المسؤولية في النجاح والتفوق والتميز، فهناك لحظة تاريخية وحيدة كانت شعوب الجنوب المضطهد اليوم، شعوبا تصنع قادة العالم وتصدر العلم والنور لكافة أصقاع العالم الذي رضخ أمام جبروتها، تلك اللحظة الفريدة والوحيدة هي فترة الحكم الإسلامي والفتوحات الإسلامية لما يربو عن نصف المعمورة، لا علينا، فالحديث عن الماضي فيه حسرة لمن يتحدث وقهر لمن يستمع، فلنتحدث عن الحاضر، وكيف تحولنا كشعوب عربية حتى لا أتحمل وزر كافة شعوب العالم الجنوبي المستمر في السير نحو التخلف، إلى شعوب سهلة على الإستعمار حتى لا أقول شعوب تثير شهية المستعمرين وتحفز الغزاة على احتلالها وغزوها؟ الأنظمة التي حكمت وتحكم انطلاقا من فترة الرجل المريض وهي تقريبا أبشع مرحلة تاريخية للحضارة الإنسانية الإسلامية، ساهمت بشكل كبير في قهر كافة الحركات الفكرية والتنويرية والنهضوية في هذا العالم الجديد "المسلم" أدى بذلك في ما أدى إلى استعمار أغلب تلك الدول والشعوب، احتلال لم يتم اقتلاعه كليا لكن نجحت بعض الحركات الفكرية والوطنية لمثقفين ونخبة من الطراز الرفيع، في ضحده وضربه في العمق، لكن، ولأن تلك الحركات والنخب قد تراجعت لكي لا أقول قد تلاشت، فقد أصبحت الساحة مفتوحة أمام نخب ومثقفين من أشباه المثقفين من صنع الأنظمة المستبدة أحيانا، وأحيانا نخب ضعيفة غير قادرة لا على صنع الرأي العام، ولا على تنوير تلك الشعوب التي باتت تفضل السجن الإرادي والعيش في أنظمة حكم دكتاتورية شمولية أحيانا، على أن تخوض مغامرة التغيير تحت قيادة نخب ضعيفة الشخصية وغير قادرة على إنجاح تلك الحركات الثورية أو الإصلاحية في أحسن الأحوال، هذا يحدث طبعا للأسف في النصف الجنوبي للمعمورة نظرا لأن نفس تلك الخيبات وقعت فعلا في عديد من دول الشمال، من ذلك انتكاسات ألمانيا واليابان وحتى بريطانيا وفرنسا التي خرجت في عمومها من الحروب العالمية مدمرة عن بكرة أبيها، لكن، إرادة المثقف والنخبة، وتوفر البيئة الشعبية المحتضنة للقاح التقدم والتفوق، واعتادت على فكرة قيادة العالم، أو على الأقل استقلالها عن الآخر بشكل تام وجذري، شعوب تعودت على قيادة العالم، جعل مجمل تلك الدول المُدمرَة، تعود بشكل أخطر وفي زمن قياسي إلى نفس الدور التاريخي التي اعتادت عليه تماما، وهو قيادة العالم، بينما يستمر الجنوب وأقول العالم العربي، في تلك الحركة الدورانية حول نفسه، وللأسف نرى اليوم أن كل حركة ثورية أو إصلاحية لا تأتينا سوى بدكتاتور جديد مثلما يحدث في مصر وتونس واليمن، أو بأنظمة وشعوب استوردت الثورة مثل ليبيا ومثلما يراد أن يتم في سوريا للأسف، وشعوب نائمة ومُنومة أو أقول لا تريد الاستيقاظ من سبات الفشل والتخلف الدائم، مثل الجزائر والمغرب والأردن، شعوب تفضل استمرار الوضع على ما هو عليه، على أن تخوض ثورة أو حركة إصلاح تعيدها إلى المربع الأول عوض أن تشكل لها نقلة تاريخية نوعية وحضارية، لأن الشروط التاريخية للأسف غير متوفرة، من نخبة مثقفة قادرة على تحمل أعباء قيادة المشروع النهضوي، ومن شعب يعاني فيما يعانيه من أغلب الأمراض الإجتماعية والجهوية والعصبية التي حذر منها ابن خلدون وأكد على دورها في سقوط الحضارة وتقهقر الأمم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن