لا صوت ولا رائحة

امين يونس

2013 / 4 / 15

[" رجلٌ عجوز قال لطبيبهِ مُرتبِكاً : في الحقيقة .. أشكو من مُشكلة غريبة ، فأنا أضرط كثيراً .. لكن من حُسن الحظ ، أن ضراطي صامت بلا صوت ، وكذلك لا رائحة له على الإطلاق . عموماً اُريد يادكتور أن تجد لي علاجاً لهذه الغازات اللعينة ! " . بعد ان فحصه الطبيب جيداً ، قّدمَ له أقراصاً ليتناولها يوميا لمدة اسبوع ، ثم العودة . في الاسبوع التالي ، عاتبَ صاحبنا ، الدكتور قائلاً : ان حالتي لم تتحسَن ، فلا زلتُ اُعاني من الغازات كما في السابق ، والأدهى من ذلك ، انها أصبحت ذات صوت ويسمعها الجميع ، وذلك يحرجني ! . وصفَ له الطبيب أدوية اُخرى لمدة أسبوع . عادَ بعدها المريض غاضباً وقالَ للطبيب : يا سيدي ، أنني أسوأ من السابق ، فلا زلتُ أضرط كثيراً كالعادة ، والمصيبة انه فوقَ صوتها القبيح ، فأن رائحة كريهة تنبعث منها ! . فماذا أفعل يادكتور ؟ . أجابَ الدكتور بهدوء : ياعزيزي كُنتَ مُصاباً بالصَمَم وفاقداً لِحاسة الشَم .. ولقد عالجتًكَ منهما .. والآن سوف نرى مالذي نستطيع فعله بالنسبة للغازات ! ] .
رئيس الحكومة ، السيد " نوري المالكي " ، يشبه كثيراً ، العجوز أعلاه .. فهو يُقْنِع نفسه ، بأن لا أحد " يسمع " خطاباته الطائفية ، أو رسائله العشائرية أو توجهاته الإنفرادية ، ولا أحد يسمع ، تهديداته المُستمرة ، حول إمتلاكهِ ل " ملفات " ضخمة ، ضد جميع خصومهِ ، ملفات متعلقة بالإرهاب والفساد ، إذا أعلنها فأن [ الدُنيا ستنقلب ] حسب تعبيرهِ بالضبط ! . المالكي ، يعتقد بأن ضراطه هذا ، بلا صوت وليس فيه أي إحراج .. لكن الحقيقة غير ذلك تماماً : فأن صمت المالكي عن كشف هذه الملفات الضخمة ، هو تواطؤٌ مع أصحاب هذه الملفات ، وتستره على ذلك ، يُفقده أي قدرٍ من المصداقية .
أما توهمه بأن كُل الفساد الموجود ، ليس له " رائحة " ، فذلك منتهى الغباء .. لأنه بإعتباره الرجل الأول في الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة وصاحب بدعة " وزير بالوكالة " ، حيث انه ماعدا وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني ، التي يديرها أزلامه " بالوكالة " منذ سنين ، فلقد زاد عليها وزارة المالية والزراعة و ... الخ . أن المالكي ، هو المسؤول الرئيسي ، عن الفساد المستشري في أوصال الدولة " ثم يتبعه الآخرون من تحالفه والاطراف الاخرى من الطبقة السياسية أيضاً " .
ان الروائح الكريهة ، المنبعثة من الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة ، ولاسيما من المواقع العُليا من الطبقة الحاكمة .. أزكمتْ أنوف الشعب العراقي ، بل ان تأثيرها المُدّوِخ ، تجاوز الحدود ووصل الى العالم الخارجي !.
السنوات الثلاث الماضية ، كانتْ بمثابة " مُعالجة المالكي من الصَمَم وفقدان حاسة الشَم " .. ففي حين كان يظُن في السابق ، أن ضراطه ، غير مسموع وليس له رائحة .. فلقد أظهرتْ الأزمات المُتلاحقة ، والإحتجاجات الشعبية والمظاهرات ، والإنقسامات في الكُتل السياسية ، وتنامي توجهاته الدكتاتورية يوماً بعد يوم .. أظهرتْ بوضوح ان كُل " الآخرين " يسمعون الاصوات القبيحة بوضوح ، ويشمون الرائحة الكريهة أيضاً ..
حانَ الوقت فعلاً .. لِمُعالجة الإنتفاخ والغازات ! .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن