الشحاذ... هل أعطيه حينما يسألني؟!

توماس برنابا
tomasbarnaba@gmail.com

2013 / 4 / 9

يقول الكتاب المقدس (من سألك فاعطه و من اراد ان يقترض منك فلا ترده (مت 5 : 42) ) فهل كل من يسألني أعطيه أيّ كان: شاب أو كهل؛ طفل أم إمراءة! الاية تؤكد على إعطاء الجميع والتاريخ الكنسي يحكي عن الكثير من الكرماء الذين كانوا يستغلون من كثيرين لاعطائهم المال وغيره وعلى رأسهم المعلم أبراهيم الجوهري! والاية تؤكد أيضا أن نعطي دون أن ننظر لجنس أو لون أو دين المُعطى له!

وما لاحظته بين المسيحيين أن أعينهم واياديهم عزيزة جداً ولا يمكن أن يمدوا أيديهم لأحد الا من خلال الكنيسة! وقد عشت للعقد الرابع من عمري ولم أرى شحاذاً مسيحياً في الشارع! كل المحتاجين والمعوذين يدخلون في برنامج أخوة الرب الاصاغر، وهو برنامج مخصص لتخصيص مبلغ مالي لكل أسرة محتاجة يُؤخذ من صندوق العشور بالكنيسة. أما عن العشور فهذا وصية كتابية بدفع عُشر دخل الفرد للرب ؛ سواء للكنيسة أم لأوجه خير كثيرة أخرى، ولكن الناس تحب السهولة وتعطي عشورها بالكامل للكنيسة المحلية الذين هم أعضاء فيها. (ايسلب الانسان الله فانكم سلبتموني فقلتم بم سلبناك في العشور و التقدمة (ملا 3 : 8) ) ، (هاتوا جميع العشور الى الخزنة ليكون في بيتي طعام و جربوني بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوى السماوات و افيض عليكم بركة حتى لا توسع (ملا 3 : 10) )!

ولكن لنكن واقعيين ألم تصبح الشحاذة والتسول مهنة مربحة هذه الايام! حينما كنت في مصر، كان دخلي اليومي يقل عن الخمس دولارات! وكنت أرى الشحاذ يدخل الاتوبيس ليخرج منه ومعه ما لا يقل عن خمس أو ست جنيهات أي دولاراً واحداً في غضون أربع أو خمس دقائق! والتي كنت أعمل مقابلها ساعتين كاملتين! وهذا معناه أن المتسول كان دخله أكبر مني بالرغم من الشهادات العليا التى أنا حاصل عليها والتى يمكن عدها على أصابع خمس في اليد الواحدة! أهذا عدل إجتماعي؟! وهل أشجع الشحاذين والمتسولين في التمادي بالامر عن طريق إستقطاع القليل الذي أتحصل عليه لأعطيه له؟! لقد تعلمت أن المحتاج بالفعل دائماً وأبداً يده عزيزة أن يمدها،وعنده إستعداد أن ينام جوعان ولا يمد يده، وهناك الكثيرين منهم رأيتهم بعيني وقد قدمت المساعدة بطريقة لا تهينهم. وكل من يمتهن التسول وخاصة من يقدر على العمل ، هو يساهم في التلاعب بمشاعر الشعب المصري وأبتزاز مالهم اليسير، ليعيشوا ويأكلوا على ( قفا) الناس!!!

ولماذا أُعطي ؟! هل تلبية لوصية الهية؟! أم تضامن و مشاركة مجتمعية ؟! أم طمعاً في دعوات؟! أما عن الوصية الالهية فأنا أستغرب لماذا يؤكد الاله على وجود الفقراء ويشرع مساعدتهم من خلال عشور وزكاة؟! لماذا لا يُقضى على الفقر تماماً بنظم إجتماعية شبيهة بنظم الدول الاسكندنافية بزيادة الدخل القومي وتوزيعه بعدل على الافراد! وبذلك لا نجد شئ أسمه فقر بمعنى عدم المقدرة على تلبية حاجات الفرد في المأكل والمشرب والملبس! أتسائل وسؤالي مشروع لماذا يؤكد الاله على الفقر دون القضاء عليه؟! وإن كان هدفك فى العطاء التضامن الاجتماعي فياليتنا نستفيق أن هذا الامر لا يأتي من خلال أفراد بل هي جهود أحزاب وجمعيات بل جهود قومية. فلننضم لأحزاب تتخذ من هذه الامور مدخلاً لها وسنستطيع أن نصلح من مجتماعاتنا! أما إن كان هناك طمع في دعوات ، فيا عزيزي أن كانت دعوات هؤلاء الشحاذين والمتسولين ذات فعالية حتى تتسبب فى تحويل حالك الأني او المستقبلي أو الأخروي الى الأفضل ، فأنت واهم لأن إن كانت لها فعالية لكانت نفعت المتسولين أنفسهم في تحويل حالهم للأفضل!!

فيجب من فضلكم أن لا نؤكد على الفقر فى مجتمعاتنا بل نفعل كل ما في وسعنا على المستوى الجمعي القومي ، أن نلاشيه من جذوره! لا نريد أي فقير يمد يده لأي أحد! نريد من الدولة أن تعطي نصيب الفرد في الدخل القومي لكافة الافراد بطريقة عادلة وحتى ولو كان الحد الادني! نريد توفير السلع الاساسية بمبالغ زهيدة يقوى عليها الجميع!! ليكن شعارناً لا للفقر نعم للعدالة الاجتماعية!! وأنا لا أريد أن أشجع على العطاء من قبل الاغنياء للفقراء ، لأن هذا يساهم في توسيع الفجوة بينهم مما يزيد في تفاقم مشكلة الفقر ، لا في حلها!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن