كوريا الشمالية و خطر المواجهة

الديماني مصطفى
eddimani.must@gmail.com

2013 / 4 / 9

جاءت التصريحات الخطيرة للجهات الرسمية لكوريا الشمالية . في كونها على استعداد لشن الحرب على الولايات المتحدة الامريكية , لتؤكد مدى خطورة التسلح النووي على مستقبل السلم و الامن الدوليين .
هذا السيناريو في السياسة الدولية الراهنة , يذكر باحداث الحرب الباردة التي تميزت بالردع النووي المتبادل المتناهي الحساسية و التعقيد . الذي كان من اسبابه امتلاك العظميين- الاتحاد السوفيتي سابقا و الولايات المتحدة - للسلاح النووي في تلك الفترة من تاريخ العلاقات الدولية...

ان اجواء التوتر بين الولايات المتحدة الامريكية و كوريا الشمالية , هو في حقيقة الامر استمرار للحرب الباردة التي دارت رحاها ما بين 1945-1990. فعند نهاية الحرب العالمية الثانية , قام الحلفاء بتحرير كوريا من اليابان , ليتم تقسيمها في ما بعد بين الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدى الامريكية.

فإذا كان الاتحاد السوفيتي قد تفكك و حذف من خريطة السياسة الدولية الا ان حليفته – كوريا الشمالية – لازالت قائما بل اصبحت قادرة على التهديد باستخدام القوة لحل خلافاتها مع الولايات المتحدة.
فالخوض في حرب نووية هو من من الخطورة بمكان . على كلا الجانبين .بل على النظام الدولي كله . و منه فكوريا الشمالية تحاول نزع الظغوط الدولية - الامريكية - المفروضة عليها بصورة او باخرى و, التخفيف من العزلة الدولية التي تعيشها....
السؤال هنا لماذا لما يعرف العالم خلال الحرب الباردة حرب نووية ؟؟؟ لان العظميين كان مدركين مدى خطورة خوض تلك الحرب....فالنتيجة لمثل هذه الصراعات الدولية تدميرية الاطراف المتصارعة .خاصة في العلاقات الدولية الراهنة المتميزة بكثافة الاعتماد المتبادل و تشابك المصالح و التي اصبح العالم معها قرية صغيرة.... فكل ازمة دولية لها تداعياتها على مختلف الفاعليين الدوليين .
.
ان اكتساب الترسانة النووية ليس هدفه الحقيقي هو الدخول في الحرب . بل لكي تحمي الدول امنها القومي من كافة التهديدات الخارجية , اضافة الى تحقيق اهداف السياسات الخارجية التي تنهجها تلك الدول النووية.
و التصريح الكوري يحمل في طياته انتهاكا صريحا لمبادئ القانون الدولي , حيث تنص المادة الثانية في الفقرة الرابعة من ميثاق الامم المتحدة على مايلي " يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة".
فالمادة الثانية المذكورة لم تنص فقط على تحريم اللجوء الى استخدام القوة فقط , بل جاءت لتمنع ايضا من التهديد باستعمالها , ومنه فالتصريح الرسمي و التهديدات الكورية – الشمالية – باللجوء الى القوة هو مخالف للميثاق الأممي..
لكن يطرح التساؤل , لماذا يسمح للولايات المتحدة امتلاك السلاح النووي , خلافا لذلك لا يسمح لبلد اخر مثل كوريا الشمالية ؟؟؟
بعد نهاية الحرب الباردة والتي كان العالم معها مقسما الى كتلتين , و قيام ما اطلق عليه " النظام العالمي الجديد " – الذي جاء به جورج بوش الأب - و الذي دشن باندلاع ازمة الخليج الثانية . تم تقسيم العالم مرة اخرى الى محوريين محور الشر المتمثل في ايران و العراق و كوريا الشمالية , و الى محور الخير بزعامة الولايات المتحدة ...و منه فسياسة منع انتشار الاسلحة النووية و الحد منها تخضع للسياسة المعايير المزدوجة و اعتبارات سياسية اكثر مما هي انسانية , و إلا كيف يتم السماح لإسرائيل – التي تمتنع من المصادقة على اتفاقية حظر الاسلحة النووية - من امتلاك اسلحة نووية متطورة و اكثر فتكا...؟؟؟؟ خلافا لذلك يتم احتلال العراق في سنة 2003 على اساس احتمال امتلاكه للأسلحة الدمار الشامل , و الاطاحة بنظام صدام حسين و اعدامه امام المحكمة الوطنية --- لان المحكمة الجنائية الدولية لا تصدر احكام الاعدام --.
واحتمال و قوع مثل هذه الحرب , ليس امرا مستحيلا في السياسة الدولية التي لا تحكمها العواطف و الاخلاقيات و الضوابط الدينية , فكل شيء ممكن في سياسة لا تعرف اليأس ....و مع ذلك تبقى الجهود التي تقوم بها الدبلوماسية الدولية , كفيلة بتلافي وقوع هذا النوع الخطير من الصراعات الدولية على مستقبل السلم و الامن الدوليين .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن