ترسيم الأمازيغية.. نبل الهدف وتردى الوسيلة

فاضل عزيز
az_fadhel77@yahoo.com

2013 / 3 / 31

نكبر في الأمازيغ سعيهم المستجد على الساحة الليبية لتطوير لغتهم لتكون معبرا إضافيا عن ثقافتهم وخصوصيتهم، وذلك رغم إيماننا بأن فرص نقل هذه اللغة من لغة محكية الى لغة مكتوبة قادرة على مواكبة التطورات العلمية في عصر العولمة تبدو ضعيفة، وإن تحقق ذلك فلن يكون إلا بعد عقود شريطة ولوج هذا الطيف من المجتمع عصر العلوم بقوة وإبداعه فيها من خلال لغته، وهو ما يتطلب قرونا من العطاء الحضاري والعقلاني، بعيدا عما تتبعه طليعة أمازيغية منفلة تنطلق في مشروعها اللغوي من حقد وكراهية لمحيطها العربي الذي يسجل لنا التاريخ أنه كان خير حاضن لتعايش حضاري لم تشهده هذه المنطقة إلا في ظل الاسلام..

وأرى خلافا لما يراه الكثيرون، أن إعطاء الفرصة للمتحدثين بهذه اللغة لبعثها كلغة مكتوبة ومساعدتهم على تطويرها سيضعهم أمام الواقع ويجعلهم يتخذون القرار المناسب والصحيح وعن اقتناع حول الاستمرار في مشروعهم والوصول به الى نهايته، أو التراجع عنه وقصر عملية تطويرها على ما يلبي احتياجاتهم لابراز ثقافتهم وخصوصيتهم، ودونما أي انسلاخ عن ثقافتهم العربية التي كان لهم دورا بارزا في بلورتها وإغنائها ولم تكن يوما عائقا أمامهم في التعبير عن خصوصيتهم الثقافية وتميزهم.

والمأخذ الذي نسجله على مشروع النهوض بالأمازيغية المطروح على الساحة الليبية هذه الايام هو سعي طليعة من المتطرفين الأمازيع الليبيين المشحونين بالكراهية للعربية والعرب من المتأثرين بالتيار الامازيغي المتطرف والمعزول عن مجتمعه الأمازيغي في المغرب والجزائر، سعيهم لدسترة هذه اللغة، وفرضها كلغة رسمية في الدستور الى جانب العربية، وهي كما نعرف ويعرف الأمازيغ وهؤلاء المتطرفين أنفسهم أنها لغة لم تصل بعد الى مستوى اللغة المتكاملة والقادرة على مواكبة الحضارة الانسانية، ومنظمة اليونيسكو المعنية برعاية ثقافة الشعوب سجلت ذلك رسميا في تقييمها لهذه اللغة. بل ذهب الحماس ببعض هؤلاء الذين يعتقدون أن الأمازيغية لا يمكن أن تقوم إلا على انقاض العربية، الى الدعوة الى فرض الأمازيغية بالقوة وإعلان العصيان المدني ورفضهم لخيارات الشعب الليبي، علما بأن نسبتهم في تعداد سكان ليبيا لا تتجاوز الـ 4%..

من حق الأمازيغ ان يدرسوا لغتهم لأبنائهم ، ومن حقهم أن يجتهدوا لتطويرها وكتابتها بأي حرف يختارونه حتى ولو كان الحرف العبري، ولكن ان يذهب بهم خيالهم الى فرضها كلغة رسمية عبر الدستور ولو بالقوة فذلك لا يمكن تصنيفه إلا على أنه سفه قول وغياب للعقل؛ إذ لا يعقل ان يفرض 4% من السكان لغتهم على بقية السكان، حتى ولو أخذنا في الاعتبار ما يروج له هؤلاء من أن نسبة كبيرة من سكان ليبيا هم أمازيغ غير الناطقين بالامازيغية؛ إذ من غير المعقول والمقبول أن يضيع هؤلاء وقتهم وجهدهم وامكاناتهم في تعلم لغة لا تضيف للحضارة الانسانية اي جديد و لاتعينهم على الخروج من دائرة التخلف، بل من المؤكد أنها لن تكون إلا عبئا ثقيلا يبقيهم اسرى لمشاعر وعواطف لا معنى لها في مسار حياتهم .

وهكذا يتكشف لنا من خلال هذه الطروح المتطرفة الداعية لدسترة الأمازيغية في ليبيا وفرضها بالقوة والتهجم على العربية وتحميلها مسؤولية التخلف الذي نعيشه، مدى وضاعة وانحطاط الآلية التي تتبعها النخبة الأمازيغية المتطرفة في سعيها للنهوض بهذه اللغة والرفع من مكانتها، وهي آليات ستشكل عقبة كأداة أمام تطور هذه اللغة، ومن شأنها أن تلغم طريقها بالرفض وعدم القبول حتى من قبل الناطقين بها من سواد الأمازيغ الناطقين الذين يدركون عمق ارتباطهم بالعربية والمحيط العربي ويعون عبثية هذه المشاريع المتطرفة وعواقبها الوخيمة على التعايش والتعاون الذي يربطهم بمحيطهم والذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، ولا يمكن أن يتجاوزوه من أجل شعارات رنانة لا قيمة لها في صنع الحياة..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن