الذكرى الثانية للثورة السورية

محيي الدين محروس

2013 / 3 / 16

الذكرى الثانية للثورة السورية العظيمة
تطل علينا الذكرى الثانية لانطلاقة ثورة الشعب السوري ضد النظام الاستبدادي اللأسدي المجرم.
فما هي أهم خصائص هذه الثورة؟ و إلى أين تسير؟
- العديد من المتحدثين عن الثورة السورية ينسى أو يتناسى بأنها تزامنت و انطلقت ضمن ثورات الربيع العربي في : تونس و مصر و ليبيا و اليمن ... و الباب لا يزال مفتوحاً.
و هذا ما يُعطيها بعض الخصائص المشتركة، كما أنها تنفرد بخصوصيتها.
- انطلقت الثورة السورية من الشارع السوري دون قيادة من أي حزبٍ أو تنظيمٍ سياسي (لا بل تجاوزت كل الأحزاب السياسية التقليدية)، وهذا ما أعطاها الطابع العفوي، الذي ترك أثاره عليها إلى يومنا هذا. و هو الافتقار إلى القيادة السياسية ذات البرنامج السياسي الواضح و المتفق عليه للثورة.
- نتيجة لحكم استبدادي – لحكم أمنوقراطي - لأكثر من 40 عاماً، فإن قوى المعارضة السياسية، هزيلة و مشتتة. إن كان على مستو الوطن أو الخارج. أكثرهم تنظيماً و على مستو الخارج هو تنظيم: الأخوان المسلمين. وهذا ما نلحظه في قوتهم ضمن المجلس الوطني السوري و الائتلاف الوطني.
- استغل رأس النظام السوري - عائلة الأسد - انتماءهم الطائفي بأبشع صوره. و ذلك بإعطاء المواقع القيادية والمفتاحية في الدولة من مؤسسات عسكرية و مدنية و أمنية لأبناء الطائفة العلوية. و أراد بذلك جر الطائفة إلى المشاركة في حكم الفساد و الاستبداد. و اليوم، يستغل ذلك، بخطابه للطائفة: بأنكم مستهدفون من قبل الثورة!
و في حال انتصار الثورة ... سيتم القضاء عليكم!! و للأسف، بعض الجهاديين و المتعصبين في تصريحاتهم و شعاراتهم يساعدون النظام في هذا الخطاب الطائفي!
- الأقليات القومية في سوريا و خاصةً:الاستبداد المنهجي من قبل النظام للأخوة الأكراد. من حرمان قسم منهم من حق المواطنة، إلى سياسة التعريب لأسماء المناطق و الأحياء – حتى أسماء أطفالهم - ، إلى منع تعليم اللغة الكردية..!! هذه الأقليات تشارك و تسهم في الثورة السورية و تريد أن تحصل على حقوقها المشروعة في الدولة الجديدة. و من هنا نجد، بان المعارضة في الداخل و الخارج، لم تستطع بعد التوصل إلى برنامج سياسي، يُرضي و ينال القبول لدى أخوتنا من الأقليات القومية.
- الموقع الجيوسياسي لسوريا، من جهةٍ إسرائيل، و من جهة أخرى: لبنان و العراق و ايران، بالإضافة إلى تركيا. و من المتفق عليه في التحليل بأن تغيير النظام في سوريا و انتصار الثورة السورية، سيكون له عواقبه على هذه الدول. و من هنا، نرى اهتمامها في مسيرة الثورة و تدخلها باشكال مختلفة: سياسياً و عسكرياً و حتى بإرسال المسلحين. و كذلك اهتمام الدول الكبرى، التي لها مصالحها في الشرق الأوسط.
- اعتبر النظام السوري نفسه علمانياً، و هو أبعد ما يكون عن العلمانية! بدءاً من لعبه على الورقة الطائفية، في التعيينات الإدارية العسكري و.. غيرها كما ورد سابقاً. إلى البيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس الفتوى.. و فرض الجهاد إلى جانب الأسد المجرم. و تستغل القوى الجهادية و الإسلامية المتعصبة هذه الصبغة " العلمانية" و تناضل ضدها لإقامة دولة الخلافة أو الدولة الإسلامية. و من نتائج هذه الشعارات الإسلامية المتعصبة: تقف أوروبا و امريكا و روسيا و الصين و... غيرها، مكتوفة الأيدي. كيف لها أن تؤيد هذه الجماعات الجهادية المسلحة؟ و لا تزال في مخيلتهم " تنظيم القاعدة الإرهابي ".
- قام النظام السوري من انقلاب آذار عام 1963 بإدخال السياسة إلى الجيش و تحويله إلى " جيش عقائدي" .
أي تحويله عن مهمته الأساسية كجيش وطني يحمي الوطن إلى جيش يحمي النظام! و هذا ما شاهدناه، مع انطلاقة الثورة و إلى يومنا هذا. كيف يتم قصف المدن و القرى السورية بالمدفعية و الطيران الحربي السوري!
طبعاً، قسم كبير من الضباط و الأفراد رفضوا تنفيذ الأوامر، و انضموا لصفوف الثورة، ليشكلوا الجناح العسكري لها – الجيش الحر-. بالإضافة إلى تشكيل مجموعات مسلحة من السوريين و دخول مجموعات و أفراد من دولٍ أخرى لتحمل السلاح في سوريا. هذه الخاصية للثورة السورية لها مضاعفاتها، و تشكل نقطة خلاف بين المعارضات السورية، و كذلك بين قسم من المعارضة التي تطالب بالتسليح و مواقف معظم الدول التي ترفض التسليح، لأنها تسعى للحل السياسي، و لا تخفي – أيضاً- خشيتها من أن تقع هذه الأسلحة بأيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة.

بعد هذا الاستعراض السريع و المختصر، لا بد من الإحابة عن تساؤل: إلى أين تسير الثورة؟
و للإجابة علينا أن نتحلى بالموضوعية أي الابتعاد عن الرغبات و التمنيات.
بسبب تعقيدات هذا الوضع – من خلال هذه الخصائص للثورة السورية – توجد عدة احتمالات:
- التوصل إلى اتفاق دولي و بالتالي اتفاق بين المعارضات السياسية ( في الداخل و الخارج) مع قيادة الجيش الحر على الحوار السياسي مع ممثلين للنظام بهدف تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات واسعة مهمتها نقل السلطة بشكل سلمي.
- تغيير الموقف الروسي بخصوص دعمه للأسد، وهذا ربما يكون قريباً جداً. و عندها، يتم تسريع تنفيذ الاحتمال الأول.
- لا يزال احتمال استمرار هذه المعارك بين الجيش الحر و الجيش الأسدي. و عندها سيتم تسليح الجيش الحر،
و تقديم المساعدات العسكرية من خبراء و اتصالات و حماية جوية و... و هذا سيساعد على الحسم العسكري.
ولكنه سيحتاج إلى وقت. و سيكلفنا مزيداً من الدماء و الخراب، وهو أسوأ الاحتمالات.

على كل الأحوال تسير الثورة نحو الانتصار المجيد!

محيي الدين محروس 14.03.2013



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن