نظرة نقدية في الصياغة القانونية لقانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاته

زهير جمعة المالكي
zuhair66us@yahoo.com

2013 / 3 / 11

تتكون القاعدة القانونية من عنصرين: عنصر العلم وعنصر الصياغة. يتعلق عنصر العلم بجوهر القانون وموضوعه، أي بالمادة الأولية التي يتكون منها القانون . أما عنصر الصياغة فيتمثل في إخراج هذا المضمون إلى حيز العمل من خلال الوسائل الفنية اللازمة لإنشاء القاعدة القانونية والتعبير عنها، وتسمى بأساليب صناعة أو صياغة القانون. وعلى هذا فالصياغة القانونية هي بمثابة تحويل المادة الأولية التي يتكون منها القانون إلى قواعد عملية صالحة للتطبيق الفعلي على نحو يحقق الغاية التي يفصح عنها جوهرها، ويتم ذلك عن طريق اختيار الوسائل والأدوات الكفيلة بالترجمة الصادقة لمضمون القاعدة وإعطائها الشكل العملي الذي تصلح به للتطبيق.وتعد الصياغة القانونية عنصرا هاما من عناصر تكوين القاعدة القانونية، فهي التي تخرجها إلى حيز الوجود ويتوقف نجاح تلك القاعدة على دقة الصياغة ومدى ملائمة أدواتها. لهذا ينبغي مراعاة الدقة في صياغة القاعدة القانونية من خلال اختيار التعبير الفني العملي وأقرب السبل وأفضل الأدوات لتحقيق الغاية المقصودة منها.
العنصر الاساسي في صياغة القاعدة القانونية ان تكون قاطعه جامعة ومانعة وبعيده عن العناصر التي يقصد منها التزويق اللغوي والبلاغي اي ان تكون قطعية الدلالة في الفكرة التي تريد ان تعبر عنها جامعة لكافة المقاصد التي ارادها الشارع ومانعة لاي نوغ من التضارب في التفسيرات من هذا المنطلق بالاضافة الى ابتعادها عن التكرار والحشو واللغو الذي قد يؤدي الى ضياع المعنى وتضارب التفسيرات .
وبالنظر لاهمية الاستثمار في النهوض بواقع الاقتصاد العراقي ساحاول في عجالة ان استعرض قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاته لنرى مقدار تطابق الصياغة القانونية لهذا القانون الحيوي مع المعايير الاساسية للصياغة القانونية .
يعتبر الاسم هو المرأة التي تعكس موضوع التشريع باعتباره المدخل الاساسي لنصوص التشريع لذلك يجب ان يتم اختيار الاسم بما يعكس موضوع التشريع واذا اتينا الى القانون موضوع البحث نرى بان الاسم هو ( قانون الاستثمار ) ولكن في قرأة عامة للنصوص نرى بان التشريع خصص فقط خمسة مواد فقرات فقط للتحدث عن الامتيازات التي تمنح للمستثمرين واللالتزامات المفروضه عليهم في حين ان بقية فقرات القانون تتحدث عن اسلوب تنظيم عمل الهيئة الوطنية للاستثمار التي تم تشكيلها ها وفقا لنفس القانون لذلك كان من الاجدر تسمية القانون ب( قانون تنظيم الاستثمار ) وخصوصا ان القانون ذكر في الاسباب الموجبه (من اجل دفع عملية التنمية اﻻقتصادية واﻻجتماعية وتطويرها وجلب الخبرات التقنية والعلمية وتنمية الموارد البشرية وإيجاد فرصعمل للعراقيين بتشجيع اﻻستثمارات ودعم عملية تأسيس مشاريع اﻻستثمار في العراق وتوسيعها وتطويرها على مختلف اﻷصعدة اﻻقتصادية ومنح اﻻمتيازات واﻹعفاءات لهذه المشاريع ، شرع هذا القانون . ) ومن هذا النص يبدو واضحا بان المقصود هو تنظيم الاستثمار وليس الاستثمار .

تم تخصيص الفصل الاول من القانون في المادة 1 للتعاريف والتعريف كما هز معروف تخصيص للمعنى الذي رمى إليه المشرع لفهم دلالة العبارة،وانطلاقا من هذا يجب استخدام التعريفات فقط عندما يكون معنى المصطلح مهماً لفهم وتطبيق التشريع المقترح أو إذا تم استخدام المصطلح بشكل متكرر في التشريع. كما يفترض أيضاً عند وضع التعريفات مراعاة المعاني التي خصصت لها العبارة المُعرّفة في القوانين القائمة .في حين نرى ان المشرع قد اورد مصطلحات قد تناولتها قوانين اخرى واعادة تعريفها في هذا القانون يعتبر من قبيل التكرار والحشو مثال ذلك مصطلح ( الموجودات ) كذلك تم ادراج مصطلح ( الطاقة التصميمية ) وهو مصطلح يدخل في مجال الهندسه وكان من الافضل تركها لذوي الاختصاص لان هناك المئات من المصطلحات المشابهه التي يؤدي ادراجها الى الاطالة التي لامحل لها وخصوصا ان هذه المصطلحات تتغير بتطور العلوم الهندسية .
جاء في الفقره ن من نفس المادة فيما يلي تعريف الاستثمار (اﻻستثمار : هو توظيف المال في أي نشاط او مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد.) وبمراجعة هذا النص وعرضه على المعايير العالمية نرى ان اعمال هذا النص يؤدي الى استثناء اي مشروع يعود بالمنفعه على المستثمر ويختص فقط بالمشاريع التي تعود بالنفع على البلد دون التطرق للمستثمر في حين ان الغرض من القانون هو تشجيع المستثمر على الاستثمار وليس استثمار اموال البلد, فالاستثمار كما هو معروف يعني التخلي عن أموال يمتلكها الفرد في لحظة زمنية معينة ولفترة من الزمن بقصد الحصول على تدفقات مالية مستقبلية تعوضه عن القيمة الحالية للأموال المستثمرة وكذلك عن النقص المتوقع في قيمتها الشرائية بفعل عامل التضخم وذلك مع توفير عائد معقول مقابل تحمل عنصر المخاطرة المتمثل باحتمال عدم تحقق هذه التدفقات.باختصار الاستثمار هو التضحية المؤقتة بأموال حالية من اجل أموال مستقبلية وهو التعريف الذي يتطابق مع المعايير الدولية التي تنص على ان الاستثمار هو ( أصل تحتفظ به المنشأة بهدف زيادة الثروة من خلال التوزيعات (أرباح ، إيجار ، عوائد) أو الزيادة الرأسمالية أو لمنافع أخرى تعود للمنشأة المستثمرة ؛ مثل تلك التي تحصل عليها من خلال العلاقات التجارية. وقد عرف مشروع المعيار البريطاني الاستثمار بشكل عام بأنه أصل له خاصية القدرة على توليد المنفعة الاقتصادية في شكل توزيعات و/أو زيادة في القيمة

ينتقل المشرع في المادة 2 من القانون الى اهداف القانون في فقراتها الثلاثة نرى انها تكرار لما ورد في الاسباب الموجبه وبهذا يكون قد وقع في فخ التكرار والحشو الذي يؤشر ضعفا في الصياغة القانونية التي يجب ان تبتعد عن التكرار والحشو . ثم ينتقل القانون الى الهيكل التنظيمي واسلوب عمل الهيئة الوطنية للاستثمار والهيئات الفرعية في المحافظات وهذا يعيدنا الى ماذكرناه في عنوان القانون بانه قانون تنظيم الاستثمار وليس قانون الاستثمار .
انتقل المشرع في المادة 10 من القانون الى المزايا والضمانات وقد ركزت على منح المستثمر العراقي او الاجنبي الحق في تملك الارض للمشاريع الاسكانية حصرا وقد وقع المشرع في فخ ذكر مصطلح ( التملك ) لان الملكية وفقا للمادة 1048 من القانون المدني العراقي هو ( الملك التام من شأنه ان يتصرف به المالك ,تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغلالا فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها زقكترها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزه . ) . ومن هذا التعريف نرى ان حق الملكية يتميز بخصائص يجب مراعاتها في التشريعات وهي : ان حق الملكية
1. حق جامع : فهي حق يجمع كل السلطات المتصورة على شيء من استغلال وتصرف واستعمال وهذا دون قيود سوي التي أوردها المشرع على كل حق ويترتب على هذا أنه إذا جاء شخص وأدعى حق متفرع عن حق الملكية عليه الإتيان بدليل لأنه مدعي بخلاف الأصل .
2. حق استئثاري مانع : فهو حق مقصور على صاحبه دون أن يشاركه أحد فيه فليس متصور وجود مالكين لشيء ملكية تامة وهذه الخاصية لا تمس الملكية فقط بل جميع الحقوق العينية الأصلية
3. حق دائم : ما معني هذا المبدأ وما هو الفارق بين هذا وبين أن الملكية تقبل التأقيت ؟ لا يقصد بكون الملكية حق دائم أنها دائمة بالنسبة لشخص المالك للأبد لأن هذا ليس منطقي لان الشخص قد يتنازل عن الشيء المحمل لملكيته لغيره ومن هنا يؤول الشيء لغيره وإنما تقصد بهذه الخاصية أن الملكية تدوم بدوام الشيء باقيا وتنقضي بهلاك الشيء وبناء على ذلك تتفرع عن مبدأ دوام الملكية هذه النتائج الآتية : الملكية لا تقبل التأقيت بخلاف الحقوق الأخرى والحقوق المتفرعة عن حق الملكية وقد التأقيت وأن كانت الملكية لا تقبل التأقيت فلا يمكن أن تتعلق على شرط فاسخ أو واقف
4. حق الملكية لا يسقط بعدم استعمال
ونرى بان هذه الخصائص تتعارض مع النصوص التي اوردها المشرع في المادة 10 . من وضع اشارة عدم تصرف على سند الملكية وربط الملكية بانجاز المالك الجديد لالتزاماته وفقا ليس لعقد البيع بل لاجازة الاستثمار الممنوحه من قبل الهيئة الوطنية للاستثمار والتي هي ليست طرفا في عقد البيع كونها ليست مالكة للارض .
ينتقل المشرع بعد ذلك الى تنظيم العلاقة بين المستثمر وبين الهيئة الوطنية للاستثمار والتزامات كل من الطرفين وفقا لاجازة الاستثمار الممنوحة من قبل الهيئة والهيئات الفرعية .
مما تقدم نرى بان المشرع في هذا القانون مع تقديرنا العالي لكل من ساهم في الصياغة والتشريع بحاجة الى اعادة النظر في القانون وتلافي نقاط الضعف في الصياغه .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن