حكومة صنع الازمات - 1

حميد غني جعفر
hameed_gido@yahoo.com

2013 / 3 / 2

بداية : العذر كل العذر للأخوة الأعزاء من زوار موقعنا – الفرعي – وقراء مقالاتنا في انقطاعنا عن الكتابة طيلة هذا الشهر – شباط – بسبب خلل فني أو عطل في الجهاز وسنواصل من جديد في كتاباتنا بما تعتلج به صدورنا من هموم ومرارات وهي هموم شعبنا ومراراته ، ولن نصمت أو نتوقف عن الكتابة والتعبير عن رأينا وموقفنا فهو سلاحنا – الفكري – بوجه الظلم والاستبداد والقهر ، ومهما ادلهمت الخطوب والمحن – كما هي اليوم – حيث ليس هناك من بصيص أمل في خروج بلادنا من عنق الزجاجة التي دفع شعبنا وبلادنا إليها ساسة الصدفة هؤلاء ، وفي كتاباتنا أيضا بعض عزاء للنفس فهي المنفذ الوحيد لنا بل هي الثمرة الوحيدة من ثمار التغيير التي حصل عليها العراقيون في عام 2003 وليس غيرها ، حرية التعبير والكتابة عن هموم شعبنا ومعاناته و عن آماله وتطلعاته ، فهناك الكثير من الكتاب الوطنيين من حملة الأقلام الشريفة يكتبون في صحافتنا الوطنية ، لكني – شخصيا – آثرت النشر عبر الصحافة الالكترونية ففيها فسحة أكبر من الحرية في التعبير ، فالصحافة الوطنية لا تنشر كل ما يرد لها من مقالات كون أن لكل منها سياستها أو خطها العام الذي تلتزم به فلا تنشر ما يتعارض مع التزاماتها – مع أني كنت أكتب في الصحف الوطنية – الملتزمة – لكن ومنذ سنوات بدأت النشر في الصحافة الالكترونية التقدمية واليسارية وتحديدا صحيفة الحوار المتمدن الالكترونية المنبر الحر الشريف لكل الأقلام الشريفة من ديمقراطيين تقدميين ويساريين ، ولها كل الشكر والعرفان لدورها المرموق – والمسئول – في نشر الفكر التقدمي العلمي اليساري النير والرصين الذي يشكل الحل الجذري لكل مشكلات المجتمعات الإنسانية وما تعانيه من ظلم وجور واضطهاد واستغلال طبقي بشع في ظل هيمنة الرأسمالية المتوحشة وخصوصا شعوب منطقتنا العربية وشعبنا العراقي الجريح ، ومن هنا كان التشويه والتشهير ضد موقع الحوار المتمدن فقد أثار حفيظة الغرب الرأسمالي وكل صنائعه .
أحداث كثيرة مرّت خلال فترة انقطاعنا عن الكتابة ، أحداث ووقائع محزنة ومقلقة لكل العراقيين على المصير المجهول الذي يقود بلادنا إليه هؤلاء الطائفيون و دعاة الديمقراطية الليبرالية والعلمانية المزعومة وجميع هؤلاء لا صلة لهم بتربة هذا الوطن الطاهرة أو بمصالح شعبه المبتلى والممتحن ، لكن أهم وأبرز الأحداث المقلقة والخطيرة هي زيارة النجيفي إلى قطر ، واستمرار التظاهرات المريبة المشبوهة في المحافظات الغربية .
أن صناعة الأزمات وافتعالها باتت من السمات المميزة لحكومة المحاصصة الطائفية أو ما تسمى بحكومة الشراكة الوطنية المزعومة التي يتصارع كل أطرافها على المصالح الذاتية الأنانية لكل طرف منها بعيدا عن مصالح الشعب والوطن ، حكومة اعتمدت المحاصصة الطائفية والقومية والأثنية وليس لها من برنامج وطني واضح ومحدد وليس لها من آلية عمل منضبطة أو ضوابط محددة وملزمة ، لابد أن تنخرها الفوضى وحالة التشتت في مواقفها اتجاه أي من القضايا التي تخص بلادنا أو علاقاتها وسياستها الخارجية مع الدول الأخرى وأيضا في محيطها الإقليمي ،ومن هنا ، فإننا لم نرى ولم نسمع عن حكومة رصينة ومتزنة في بلدان العالم – حتى الضعيفة منها – بهذه الحالة من الفوضى والتشتت كما هي حكومتنا العتيدة - فحتى الحكومات الضعيفة منها تحاول الظهور بمظهر الرصانة والاتزان أمام المحافل الدولية وأمام شعبها فلا تكشف عن ضعفها ، احتراما لهيبتها وهيبة الدولة وأيضا لكي لا يستغل الأعداء ضعف وهزال الحكومة كثغرات يمكن أن ينفذ منها العدو ، وذالك من البديهيات – كما نرى – للسياسيين مهما احتدمت الصراعات والتناقضات بين الأطراف المكونة للحكومة ، إلا حكومة المحاصصة الطائفية أو كما تسمى حكومة الشراكة الوطنية ، وهي في واقع الحال – شركة مساهمة – وليس حكومة شراكة وطنية ، إذ أن كل طرف مساهم فيها يسعى لجني الأرباح والمكاسب لشخصه أو كتلته أو حزبه أو طائفته وعشيرته وكل منهم يرى نفسه حكومة بذاته ، تماما كما هو التعامل – التجاري – بين كبريات الشركات الرأسمالية العالمية وفق مبدأ – الركض وراء الأرباح – وتجيير الأمر لحسابه على حساب المساهمين الآخرين وبالتالي على حساب الشعب . فهذه الحكومة كشفت عن كل عوراتها وضعفها وهزالها أمام كل العالم ، فليس غريبا بعد كل هذا العيب أن ينفذ الأعداء من كل صنف ولون – عربا وأجانب – بالتدخل في شؤون بلادنا الداخلية وممارسة شتى الضغوطات – بكل أشكالها – على هذه الشركة الهزيلة وفرض الإملاءات عليها لخدمة مصالحهم من خلال تعميق وتأجيج الصراعات ، وهذه بطبيعة الحال نتيجة طبيعية لمثل هذه التشكيلة التي قامت عليها منذ البداية ، ولابد أن يتذكر العراقيين جيدا كيف تشكلت هذه الحكومة ، بعد مرور تسعة أشهر على الانتخابات – الأخيرة – وذالك بفعل الصراعات بين الكتل الكبيرة على المناصب والمغانم ، حتى تشكلت عبر اتفاقات بين الكتل النافذة – خلف الكواليس – ومن وراء ظهر الشعب العراقي – الذي هو صاحب المصلحة الحقيقية في تقرير مصير ومستقبل بلاده – لكنها جرت عبر مساومات وصفقات لم تعلن إلى اليوم على الشعب وقواه السياسية الوطنية وهذا أول المؤشرات على ضعفها وهزالها .
وكان ذالك هو السبب في كل معاناة شعبنا و في كل هذه التدخلات والضغوطات الناجمة أساسا عن عدم وضع آلية عمل منضبطة تحدد عمل الدولة والحكومة بكل مفاصلها – المتشعبة – ومن بينها موضوع سفر المسئولين بحيث تلزم المسئول أي كان – وزيرا أو نائبا أو رئيس كتلة – بضوابط محددة عند تجواله وترحاله للدول التي يروم السيد المسئول زيارتها ولأي الأغراض يقوم بهذه الجولات ومع من يلتقي هناك ، فإذا كان موفدا من الحكومة – بصفة رسمية – فلابد أن يكون بصحبته وفد ، وعليه أن يقدم تقريرا مفصلا عند عودته عن سير محادثاته ونتائجها ، لكن حكومتنا العتيدة تركت الأبواب مفتوحة – سايبة– ولاية بطيخ – لكل المسئولين كبارا وصغارا في السفر إلى أي بلد متى شاءوا ولأي غرض كان واللقاءات هناك مع من يشاءون – ويحسب سفره على خزينة الدولة – وكان السيد علاوي خصوصا من أول الفائزين اللامعين بهذه الجولات المريبة والمشبوهة ولقاءاته مع من شاء من عتاة البعثيين والإرهابيين القتلة أو مع ملوك وأمراء الدول الإقليمية ، والله وحده العالم بما كان يبيته علاوي من صفقات ومساومات مريبة – خلف الكواليس – ومثل هذه الآلية هي من البديهيات والأولويات الأساسية الضرورية التي توجبها مصالح أمن البلاد ومواطنيها ، وهذا ما قلناه وغيرنا الكثيرون من الكتاب ومنذ سنوات ، لكن القضية ظلت بلا ضوابط – لا رقيب ولا حسيب – وجاءت زيارة النجيفي مؤخرا إلى قطر وبلا دعوة رسمية من حكومتها بل كانت من فضائية الجزيرة المسمومة ، تاركا واجبه الرسمي والأهم ، في هذا الظرف الدقيق الذي ينتظر فيه الشعب إقرار الموازنة لعام 2013 لما لها من أهمية قصوى في حياة الشعب والبلاد ، رغم فشل مجلس النواب المخجل طيلة أكثر من شهر في إقراره للميزانية العامة ... ترى أين هو الحرص على المصلحة الوطنية والواجب الرسمي ؟ لكن النجيفي فضل الظهور على شاشة الجزيرة ليشكو أمره إلى أشقاءه ويبث سمومه – هو الآخر – وحقده الطائفي من هناك على أن طائفته مهمشة ويدعو أيضا إلى تغيير النظام ، انه أمر عجيب وغريب رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد يدعو لتغيير النظام ،ويتباكى على أن طائفته مهمشة ، فأين هو التهميش يا سيد نجيفي ، لقد قلنا في مقالة سابقة أن ليس هناك من طائفة مهمشة ، وأن المهمش الحقيقي والفعلي هو الشعب العراقي بكل مكوناته وكل قواه الوطنية الديمقراطية الحية والأصيلة هذه القوى المناضلة صاحبة التأريخ هي المهمشة وليس غيرها ، لكن النجيفي وأقطاب قائمته – العراقية التي تضم في ثناياها عتاة البعثيين المجرمين وعتاة السفاحين من تنظيم القاعدة وأيضا عتاة اللصوص والمختلسين وباختصار قائمة – مخلط يا لوز من كل صنف ولون – هذه القائمة اتخذت من مسألة الطائفية مبررا سقيما – قميص عثمان – لتمرير غاياتهم ونواياهم المشبوهة في تقسيم العراق إلى دويلات أو أقاليم – سنة وشيعة وأكراد وربما تركمان أيضا ، والنجيفي – على ما يبدو – يسير على قاعدة – ضربني وبكى – سبقني واشتكى – و الذي واجهت زيارته المشبوهة إلى قطر انتقادات من كل الأطراف ، لكنه رغم كل ذالك فهو يدافع – بصفاقة – عن تلك الزيارة على أنه يقول الحق ولا يمكن اسكات صوت الحق – بحسب قوله – ونتساءل مع سيد نجيفي هل هذا هو فهمك للحق بأن تصطف مع أعداء العراق وتلتقي بأمير قطر وتطعن بوطنك وشعبك ؟ الحق يا سيد نجيفي الذي يفهمه العراقيون الشرفاء هو أن تقوله بكل جرأة وشجاعة أمام كتلتك التي تنتسب إليها أو في داخل مجلس النواب وأنت رئيسه أو مع الحكومة أي في إطار الحكومة التي تسمونها حكومة شراكة وطنية حفاظا على وحدة الشعب والبلاد وهذا ما يفهمه الوطني الحقيقي ، أما الاصطفاف مع العدو وصب الزيت على النار لتأجيج الفتنة الطائفية بالوقوف إلى جانب تظاهرات الرمادي والمحافظات الأخرى على أنها تظاهرات سلمية ومطالب مشروعة ومن منطلق التعصب الطائفي المقيت فليس ذالك من الوطنية في شيء ، ذالك لأن هذه التظاهرات تتضح وتتأكد يوما بعد يوم نواياها وأهدافها ومن يقف وراءها ، وكما قلنا في مقالة سابقة ومنذ اليوم الأول لانطلاقها بأنها تظاهرات مريبة ومشبوهة وبعثية بامتياز ، وتأكدت لكل أبناء شعبنا اليوم وبعد مرور أكثر من شهرين على أنها طائفية وبعثية ومعها تنظيم القاعدة ودول إقليمية تمدها وتمولها هذه هي الحقيقة يا سيد نجيفي ويا سيد علاوي والمطلك والعيساوي وظافر العاني ومن على شاكلتهم .
وفي الحلقة القادمة سنتناول بالدليل القاطع كونها تظاهرات مشبوهة وخطيرة تهدد الأمن والسلم الاجتماعي .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن