اللهم قد بلغت المغرب: مازال الوضع يدعو إلى القلق

إدريس ولد القابلة
saharaokd@gmail.com

2013 / 2 / 12

كل يوم تقريبا يخرج مئات العاطلين من خريجي الجامعات والشباب العاطل إلى الشوارع والساحات العمومية للتنديد بواقع حال المرّ. وقد تقطع الاحتجاجات شوطا أكبر وتتجاوز الخطوط الحمراء عندما تصب غضبها على الحكومة بسبب عدم الوفاء بعهودها. ولا زال الجواب الرسمي هو تفعيل الهروات الأمنية في كل وقت وحين.
هذا في وقت مازالت محاولة إصلاح المالية العامة المتدهورة للبلاد تبدو مهمة صعبة على السلطات دون إثارة المزيد من الاحتجاجات التي من المرجح أن تتضمن مطالب سياسية . ولربما هذا ما يجعل حكومة بنكيران تحجم إلى حد الآن عن الإذعان لمطالب صندوق النقد الدولي الرامية إلى خفض دعم السلع الأساسية في منظومة الاستهلاك بالغرب ويدفعها للبحث عن مصادر جديدة للأموال العامة.
نعم، تواجه ماليتنا العامة ظروفا صعبة حقا بسبب الأزمة المالية في منطقة اليورو الشريك التجاري الرئيسي للبلاد وبعد أن زادت الحكومة الإنفاق الاجتماعي للمساعدة في احتواء الاحتجاجات بعد الربيع العربي. وقد ارتفع دعم المواد الغذائية والطاقة إلى 52.3 مليار درهم. وبلغ العجز التجاري مستويات لم تشهدها البلاد منذ أن نفذت برامج ما سمي بالإصلاح الهيكلي في ثمانينات القرن الماضي والتي أدخلت البلاد في متاهة تؤدي اليوم ثمنها باهظا جدا.
و تحاول الحكومة جاهدة إيجاد سيولة لتجنب الاضطرار لخفض الدعم الذي يمثل 15 بالمائة من إجمالي الانفاق العام. ومن بين الحلول التي توصلت إليها الحكومة إصدار أول سندات دولية مقومة بالدولار بقيمة مليار دولار وأجل عشر سنوات. إلا أن الماليين والاقتصاديين مازالوا يقرّون أن هذا لن يحل الضعف المالي الهيكلي وأن الوضع أسوأ مما كان يعتقد، باعتبار أنها من باب الحلول الترقيعية ليس إلا.
ويبدو أن الحكومة تراهن على أن بإمكانها سد العجز بأموال من مصادر تمويل جديدة مثل أموال من حكام في دول الخليج من مصلحتهم دعم المغرب، إلا أن هذا مازال في مقام خبر كان.
وقاد الملك محمد السادس وفدا في جولة خليجية الشهر الماضي. ورغم أنه لم يعلن عن أي صفقات أو قروض كبيرة قال مستشار للملك خلال الجولة أن المغرب يتوقع تلقي الدفعة الأولى من مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار من دول خليجية في أوائل العام المقبل.
وتعتزم الحكومة بعد أن تدعم ماليتها خفض الإنفاق على الدعم وذلك بتوجيهه بدرجة أكبر لمحدودي الدخل في العام المقبل وان ذلك سيكون كافيا للحفاظ على ثقة المستثمرين في المغرب. إلا أن هذا يستوجب إصلاح صندوق المقاصة وهو كذلك مازال في خبر كان.
ويتوقع الكثيرون استمرار ارتفاع العجز المالي للمغرب مما سيزيد الطين بلة. هذا في وقت مازالت بلادنا تفتقد للشروط الكافية لتحقيق نسبة نمو كفيلة بإنتاج ثروات مضافة قادرة حقا على خلق فرص شغل جديدة دائمة.
كما بلغ مستوى مديونية المغرب الخارجية سقف 60 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي مما سيضطره إلى سد هذا النقص في التمويل عبر استنزاف رصيده من العملات الصعبة، إذا أراد أن يحافظ على معدل المديونية في نسبة 60 في المائة. علما أن الواردات المغربية تنمو بوتيرة أسرع من وتيرة نمو صادراته، مما سيدفع إلى المزيد من لجوء الحكومة إلى الاقتراض الخارجي من أجل تمويل العجز الأولي للموازنة الحكومية، أي الاقتراض والمزيد من الاقتراض ليس لتحسين الأوضاع ولكن لمجرد القدرة على أداء الديون المتراكمة
فمتى سيتم ووضع برامج ومخططات للنهوض بقطاعات الصناعة والسياحة والزراعة ودعوة القطاع الخاص إلى الانخراط أكثر وبروح وطنية ومواطنة في عجلة التنمية من خلال الاستثمار، وكذا إلى إصلاح السياسة النقدية وجعلها أداة لتمويل الاقتصاد، والتصدي لمعوقات حصول المشاريع الصغرى قصد التقليل من وطأة البطالة المستشرية حاليا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن