وزير الثقافة الألماني وقرينهُ العراقي..!

نعيم عبد مهلهل

2013 / 2 / 6

وزير الثقافة الألماني وقرينهُ العراقي..!
نعيم عبد مهلهل
طوال أقامتي هنا في ألمانيا لم أرَ وزير ثقافة ولم أرَ مقرا لوزارة الثقافة الألمانية بالرغم أن المانيا لديها وزيرا للثقافة يدعى بيرند نويمان ولكن ليس بالضرورة ان يكون واجهة لكل حدث ثقافي الماني وربما القسم الاعلامي في وزارة الخارجية الالمانية يؤدي دورا اكبر في هذا الامر ، لأن المانيا ومنذ قرون هو البلد المنتج للثقافة الرصينة وخصوصا في الفلسفة والموسيقى والشعر منذ حروف مطبعة كوتنبرغ وبتهوفن وماركس وغوته وحتى هنريش بول وغونتر غراس الحاصلين على جائزة نوبل في الرواية .
والشعب الألماني قارئ نهم لكل ما تقع عليه يديه ومطبوعا باللغة الالمانية ، والراكب في أي قطار سيشاهد الروايات ( الجيب ) والاخرى الكبيرة متروكة في اماكن الجلوس لقارئ آخر يقرأها ويكمل فيها الطريق.
وفي 16 ولاية المانية من كيل حتى بايرن هناك مئات البلديات والحكومات المحلية التي تدير المدن .الكبيرة منها والصغيرة بحجم قرية تصدر في كل واحدة منها صحفا يومية واسبوعية .فمثلا انا اعيش في مدينة تعدادها مائة وخمسين الف نسمة في بلد تعداده 90 مليون نسمة وتصدر فيها ثلاثة صحف .واحدة يومية واخرى تأتيك مجانا في البريد لمرتين في الاسبوع واخرى اسبوعية توزع مجانا ايضا . وحين تزور أي مكتبة في أي مكان في المانيا يذهلك هذا العدد الهائل من المجلات وعناوينها واختصاصها من مجلات الموضة والنجوم والسينما الى مجلات الاعتناء بالنحل.
وفي الاحصائيات الاخيرة فأن الألمان يطبعون في كل عام عشرات الاف من العناوين بين فكر وروايات وتراجم ودواوين واقل كتاب يطبع منه 5 الاف نسخة والبعض في اغلبيته يصل الى العشرة الاف نسخة لانهم في اصدار أي كتاب يعتبرونه عيدا لثقافتهم الوطنية وان لديهم العشرات من المؤسسات الخيرية الداعمة للتأليف والمانحة للمولفين مع عشرات الجوائز الادبية . كما انها في بعض من مؤسساتها تمنح الدعم لكتاب من غير الالمان وتوفر لهم فرصا وامكنة واجواء غير اعتيادية في اماكن طبيعية فائقة الجمال لاجل انجاز اعامالهم الادبية واعتقد ان اكثر من كاتب عربي حصل على هذه المنحة والفرصة ومنهم كما اظن الشاعر البحريني قاسم حداد.
كما أن معرض فرانكفورت للكتاب الذي يقام في اكتوبر من كل عام يعد من اكبر اسواق ومعارض الكتب في العالم.
نحن في العراق الذي في محصلة الحضارية والتاريخية ينبغي ان يكون اكثر عراقة من أي ثقافة اخرى في العالم كوننا نتشأ الحرف وبدء خليقة الفكر دينا واسطورة وملاحم . ويكفي ان مياه الرافدين شرب عشرات الانبياء والقديسيين كما روي في الكتب والتناقل الشفاهي .
لكننا في هذه العراقة لا نملك لثقافتنا ووزارتها وزيرا بمستوى الذائقة الثقافية لهذه المساحة الكبيرة من الارث ، ولا أدري لماذا لاتريد الدولة ان تضع لثقافة هذا الوطن وزيرا يرتقي بمنجزه وتجربته الثقافية الى مستوى وعي ومنجز الشريحة الهائلة من مثقفي هذا البلد ، ويتركوا هذه الوزارة المهمة مبتعدة عن المحاصصة والتفكير بها كوزارة هامشية وغير سيادية وتعطى لكل من يريدها من اصحاب المهن التي ليس لها علا قة بالحداثة وثقافتها فجميع وزارء ثقافة العراق عدا السيد مفيد الجزائري ليس لهم أي علاقة بالثقافة ( تاجر حبوب ، خطيب جامع متشدد ، جنرال في الجيش ) ولااعرف لماذا الاصرار على جعل الثقافة العراقية مرتهنة بالمهن الحرة والوزراء الذين ليس لهم أي علاقة بالثقافة .
اليس من الغريب عندما يأتي الالماني ( الصحفي ، الشاعر ، الروائي ، المفكر ) مدعوا الى بغداد عاصمة الثقافة ويقولون له ان وزير الثقافة هو ذاته وزيرا للدفاع ..
ماذا سيفعل ..حتما سيقول لنا : الثقافة ليست مدفع ايها العراقيون.......!

دوسلدورف في 6 فبراير 2013
Noor21949@windowslive.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن