زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر- 15 - فى مسألة الحوار والعنف

محمود حافظ
mahmoudishafiz@gmail.com

2013 / 2 / 3

لاتزال سلطة الرئيس الإخوانى وجماعته تتصرف بأن الرعية التى تحكمها تتمتع بغباء فبعدما تمكنت جماعة الإخوان المسلمون من شطر من أجهزة الدولة بواسطة إستيلائها على السلطة بواسطة الرئيس الإخوانى وبعدما قامت الجماعة بالكشف عن مليشياتها والتى مارست العنف أمام قصر الإتحادية يوم 5 ديسمبر 2012 م بقيام المليشيات بدور رجل الشرطة بالقبض على المواطنين والقيام بدور النيابة بالتحقيق مع من تم القبض عليهم وإعتماد رئيسهم هذه التحقيقات هذه المليشيات التى قامت بمحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى والهجوم على مقر حزب الوفد وجريدته والهجوم على قسم شرطة الدقى وتهديد أحد زعماء الجناح العسكرى المليشاوى المدعو حازم أبو إسماعيل لوزير الداخلية آنذاك وعندما نفذ التهديد بتغيير وزير الداخلية فى تغيير وزارى يعمل على زيادة إحكام الجماعة على مفاصل الدولة للتجهيز للإنتخابات البرلمانية الآتية طبقا لدستور دولة الإخوان بعد كل هذه الممارسات من تمكين نظام الدولة بواسطة الدستور وظهور الجماعة ومن يناصرها من جماعات الإسلام السياسى بإستبدادها الفاشى بواسطة تنظيمها العسكرى خارج نطاق الدولة وقدرته على إخضاع جهاز الدولة الأمنى لسيطرته كما حدث فى تهديد أبو إسماعيل خرجت من عباءة الدولة الإخوانية دعوات للحوار خاصة لنبذ العنف .
فى مسألة الحوار تقوم الجماعة ورئيسها بنفس ما قامت به مع المجلس العسكرى عندما قامت بعملية توريطه بقتل المتظاهرين أمام ماسبيرو وفى أحداث مجلس الوزراء تمارس الجماعة نفس الطريقة مع المعارضة المصرية عندما تدعوها للحوار لصالح الوطن ووقف نزيف الدماء وكأن المعارضة هى التى تقوم بعملية قتل المتظاهرين وكأن المعارضة هى التى تسيطر على السلطة وتحتكر أدوات القمع فالجماعة ورئيسها يقومون بالدعوة إلى الحوار وفى نفس الوقت يقيمون الجدران الفاصلة لمنع الحوار والسؤال هنا ماهى الغاية التى تريدها الجماعة من الدعوة للحوار ؟ .
الغاية من الدعوة للحوار هى فى الأساس أن تظهر الجماعة التى تسيطر على السلطة أمام وليها المهيمن أنها تتبع الأساليب الديموقراطية فى ممارسة حكمها وهاهى تدعو المعارضة إلى حوار مجتمعى والمعارضة هى التى ترفض الحوار وعلى المجتمع الدولى أن يدرك من يمارس الديموقراطية الحكم أو المعارضة .
الغاية من الدعوة إلى الحوار أيضا أن تتقاطع هذه الدعوة مع الرأى العام المصرى فكما تم طرحها على المجتمع الدولى يتم طرحها على المجتمع المصرى والذى هو وحده القابض على الصندوق وطالما كان الصندوق ( صندوق الإنتخابات ) هو الفيصل فعلى المجتمع المصرى أن يعرف أن حاكمه الذى جاء بالصندوق يعمل لصالح شعبه ويطالب من يعارضونه بالحوار وأن قصر الرئاسة مفتوحا لمن يريد أن يتحاور .
كأن الرئيس الإخوانى وجماعته قد حشروا المعارضة المصرية فى حارة مزنوقة طبقا لتعبيرات الرئيس الإخوانى وأن الرئيس وجماعته لايقيمون وزنا لقواعد الحوار التى يطالبون به .
إن أهم قاعدة وهى الرئيسية لإجراء حوار هو إزالة المتاريس وحوائط الصد أمام المتحاورين بمعنى لكى يكون هناك حوارا فاعلا فلابد من تنحية أسباب الصدام جانبا أما أن يدعو طرف الطرف الآخر للحوار وهو متمسك وساندا للجدران التى أمامها أمام الطرف الآخر فالحوار هنا يكون حوارا معدوما ويصبح حديثا لطرف يوضح فيه لمن تلاقى معه مزايا ما إتخذه من قرارات وهذا ما حدث مما سمى بحوار الطرشان أن تدعو الرئاسة من يوالونها لتوضح لهم مزايا قراراتها طرف منفرداًيملى على الآخر قراراته ويدعون أنه حواراً فهل هذا غريباً عن الرئيس وجماعته أم أن هذا هو صحيح منهجهم الفكرى المبنى على السمع والطاعة فهم الحاكمون وعلى الرعية هنا أن تسمع وتطيع ولا سبيل هنا للمواطنة والذى أهم شرط لها أن يعترف المواطن بالمواطن الآخر .
القاعدة الأخرى للحوار هى قاعدة التنازل وهى قاعدة بناء المفاهيم وتبادل هذه المفاهيم مع الآخر فلا حواراً بشروط مسبقة ولكن يقام الحوار عندما تتنازل الأطراف التمسك بمفاهيمها وتطرحها لتبادل الرأى والحجة ومن يملك الحجة التى تؤدى إلى مصلحة الوطن ويتفق عليها من الأطراف المتحاورة تكون النتيجة المثمرة للحوار ,
أما القاعدة الثالثة للحوار هى فتح الطرق للمصلحة العامة للوطن والتى تشمل أمنه وحياته ومستقبله وتحقيق التوافق الوطنى وحماية هذا التوافق طبقا لشوط تضمن الحياة الكريمة للمواطن وتحقق له الحد الأدنى للعدل الإجتماعى وفقا للحقوق المتفق عليها للإنسان والمجتمع .
فعلى ماذا تطرح الجماعة وتدعو للحوار كطرف متناقض لطرف آخر فلدى الجماعة دستورا صاغته منفردة يلبى طموحات الجماعة وتيارها من الإسلام السياسى فى طموحاتها نحو تحقيق ما تصبوا إليه فى إقامة دولة الخلافة الإسلامية وإرجاع هذه الخلافة من غياهب التاريخ نجد أن النسيج المصرى لايسير فى هذا الإتجاه فغالبية الشعب المصرى يريد أن يتوافق مع مجتمعه وحضارته الحديثة ولايريد العودة للخلف وينقلب على ماتحقق فى مسيرته التقدمية خاصة منذ أن صاغ هذا الشعب أول دستورا حضاريا عام 1923 م , وعندما يتم فرض دستورا يخالف التطور الحضارى للشعب المصرى قسرا فعلى الشعب متمثلا فى نخبته الواعية أن يرفض هذا الدستور وفى حالة الرفض المجتمعى الذى يستدعى حالة الحوار حول هذا الدستور فعلى الأطراف التى يشملها الحوار أن توقف العمل بهذا الدستور حتى يتم التوافق عليه أما أن يطلب الطرف المعتمد لدستوره الحوار فى ظل دستوراً معتمداً فعلى أى مفهوم يقام الحوار ؟ .
عندما تطرح الجماعة وسلطتها فى دستورها قانون للإنتخابات يتيح لها وحدها خوض الإنتخابات بناءاً عليه كما حدث فى السابق وقامت المحكمة الدستورية بإلغاء هذا القانون وما ترتب عليه نجد أن الجماعة ورئيسها تقوم بإحياء هذا القانون وتحصينه بالدستور ومجلس شورتها المعيب الغير دستورى فعلى أى قانون يتم الحوار إن لم ينحى جانبا .
عندما يطغى الرئيس وجماعته ويخالف الدستور الذى أنتخب بموجبه ويصدر إعلاناً دستورياً يفقده شرعيته وبموجب هذا الإعلان يطغى على السلطة القضائية ويعين نائبا عاما خاصا له ولجماعته دون الأمة ويتمسك بهذا النائب الذى قدم إستقالته ورجع فيها بأمر الجماعة طبقا لمبدأ السمع والطاعة بصفته أحد أعضاء الجماعة فإن لم تقبل إستقالة هذا النائب فعلى أى حوار ممكن أن تتحاور فى وجود هذا النائب العام الذى طلب من المحامى العام لمص2ر الجديدة فى أحداث 5 ديسمبر الشهيرة أمام الإتحادية أن يوجه الإتهام ظلما وعدوانا على نفر من المقبوض عليهم حتى تظهر الجماعة ورئيسها فى مظهر الصدق ففى أى سلطة يتم تحويل نائب الشعب العام إلى نائب خاص للرئيس وعلى أى منقلب ينقلبون ليتحول النائب العام من نائب يحمى مصالح الشعب ومدعى عام للشعب إلى نائب خاص للرئيس وجماعته .
حتى للحوار طرفته وفكاهته والحوار الذى يجريه الرئيس وجماعته قد فاق جحا فى طرفته فعندما يقام الحوار فى قصر الرئاسه تحت رعاية ومشاركة الرئيس وطبعا من قبل حضور الحوار هم من قبلوا الإستمرار فى الجمعية التأسيسية للدستور من رجال التيار الإسلامى ومناصريه وعندما يتفق المتحاورون على أمر ما ويذهب هذا الإتفاق إلى مجلس الشورى الذى يلعب دور مجلس النواب الآن ثم تخرج علينا قيادة هذا المجلس المعجزة بأنهم نواب الشعب ولا يعترفون بأى حوار فى قصر الرئاسه ( طبعا الرئيس إخوانى والمجلس أغلبيته الساحقة من الإخوان والحلفاء من تيار الإسلام السياسى ) ثم يخرج علينا المتحدث الرسمى للرئاسة ليعطينا دروساً فى الديموقراطية وإحترام مؤسسات الدولة وأن الرئيس الذى طالب بالحوار لإنقاذ البلاد لايملك التأثير على مجلس الشورى لأن الرئاسة مؤسسة والمجلس الذى يرأسه صهر الرئيس مؤسسة مختلفة فهل هناك أطرف من هذا وكأن فى دولة الرئيس الإخوانى ومنهجه إحترام للديموقراطية التى هى بالنسبة لهم رجس من عمل الشيطان لأنها بدعة من الحضارة الغربية والتى تتناقض كما قلنا سابقا مع الشريعة الإسلامية .
فى مسألة العنف وهنا وبعيداً عن الإستعراض التاريخى للإخوان وحرسهم الخاص فإن ما يهمنا هو العنف فيما بعد ثورة 25 يناير 2011 م وطبقاً لما خرج من عظمة لسانهم ومن أحد قيادتهم المسئولة وهو القيادى وزير الشباب فى حديثه مع قناة الجزيرة وذكر الفرقة 95 إخوان التى إعتلت ( ويجب ألا ننسى هذا اللفظ إعتلت ) أسطح العمارات فى حادثة الجمل والحديث هنا أن الفرقة كانت تحمى المتظاهرين من قناصة الداخلية وطبعاً بقنصهم وهذا يفهم من السياق .
بعيدا عن المساهمات الغير موثقة للجماعة ومناصريها فى إعمال القتل والقنص فى أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء فى فترة حكم المجلس العسكرى هل من قاموا بالإعتداء على المتظاهرين فى ه ديسمبر وقاموا بيانا عياناً بالإعتداء على المعتصمين وخيامهم وفى السياق للطرافة نذكر أن أحد أفراد المليشيا الإخوانية عندما وجد فى خيام المعتصمين معلبات الفول والجبنة النستو أظهرها للكاميرا التى تصوره فى مقولته الشهيرة جبنة نستو يامعفنين وقيمة هذه الطرفة والحكمة من ورائها هى فى المفهوم الذى تروجه الجماعة لمريديها وأنصارها أن المعتصمون كأنصار الجماعة يتقوتون على الكنتاكى وكانت المفاجأة أنها فول أمريكانا وجبنة نستوهذا العنف الذى مارسته الجماعة فى القبض على المتظاهرين والتحقيق معهم بل وقتلهم وخاصة قتل أمثال الحسينى أبو ضيف الصحفى الذى إلتقطت كاميرته لقطات لايصح له إلتقاطها فذهب الحسينى وذهبت معه الكاميرا ألم يكن هذا عنفاً ومن برره ؟ .
إن ما حدث بعد ذلك من مهاجمة المحكمة الدستورية ومنع قضاتها من ممارسة عملهم ماذا نطلق عليه هل هو عنف أم مجرد شياكة وما حدث أمام مدينة الإنتاج الإعلامى لإقصاء الإعلام الحر وإرهاب ومهاجمة من يدخل المدينة هل كان هذا عنف أم أن المكان كان ساحة للتريض وإقامة الولائم التى تذبح فيها الخرفان والأبقار لتغذية فريق المعتصمين وهذا هو الفرق فى التغذية للمعتصمين فهناك من يتغذى على الفول والجبنة النستو وهناك من يتغذى على اللحم الضأن واللحم البقرى وكله على حساب صاحب المحل .
والآن خرجت علينا الجماعة ورئيسها وحكومته بعنف أشد قسوة وهو عنف المؤسسات الأمنية وهو إعادة إنتاج عنف الدولة البوليسية للنظام السابق ولكنه الآن على الطريقة الإخوانية فعنف الدولة البوليسية الإخوانية يمارس على قارعة الطريق حتى يرهب المواطنون وليس عنفا فى الأماكن المغلقة كسجن الإستئناف وسجن القلعة فى مصر حتى وسجن أبوعريب فى العراق الذى مورس فيه العنف ضد آدمية الإنسان وإنتهاك عرضه لقد تم ممارسة هذا العنف فى الشارع وأمام كاميرات الإعلام إنتهاك فاضح مرفوض ومجرم على كافة الأصعدة سواء دينية أو مدنية ليس للرجل الذى يتم سحله وتكسير عظامه وهو عارياً فى ليلة قارصة البرودة بل للمرأة أيضا التى تسحب من شعرها هذا العنف الذى وعدنا به الرئيس عندما أشار بأصبعه بأن لديه وسائل أخرى بخلاف قانون الطوارئ الذى فرضه على مدن القناة الثلاث حائط الصد والمقاومة الباسلة تاريخيا ولا ننسى عندما سحلت ست البنات فى أحداث مجلس الوزراء خرج علينا أنصار تيار الإسلام السياسى يقولون لماذا ذهبت هناك ولماذا لم تمكث فى منزلها , ولماذا لبست عباية بكباسين ؟ وكأن هذه الفتاة الشريفة النقية التى خرجت من بيتها لكى تساعد وتساهم فى إنقاذ المصابين من إختناقات الغاز المسيل للدموع والخانق قد إرتكبت جرما فاضخا فى منهجية وفكر الجماعة ومناصريها وفى هذا الصدد نذكرهم ولعل التذكير يفيدهم أن الغزوات التى كان يشارك فيها الرسول كانت تخرج معه أمهات المؤمنين وكذا كل حروب المسلمين كانت تشارك فيها المرأة المسلمة وتقوم بدورها خلف الخطوط سواء للتمريض أو للمساعدة الإدارية وكان دور المرأة فى الحروب دورا عظيما يامحتكرى الحقيقة المطلقة وتتحدثون بإسم الدين لماذا تخشون المرأة حتى تريدون إقصائها من المشاركة المدنية سواء فى العمل أو المظاهرات لماذا تحاولون التحرش بها وإمتهان كرامتها وآدميتها وعلى ذكر المرأة والعنف الذى يمارس ضدها ومحاولة إقصائها من الحياة السياسية والنيابية نقول حتى مبتدعى الوهابية قد سمحوا للمرأة بالتمثيل فى مجالسهم بنسبة 20% ونحن هنا خارج البيئة الصحراوية البدوية فى البلد التى أقامت فيها المرأة حضارة تاريخية نمارس ضدها العنف ونقصيها فهل للمرأة دورا فى الحوار ؟ ربما فالسيدة باكينام تقوم يتمثيل دور المراة خير تمثيل .
فى النهاية هل مازال باب الحوار مفتوحا مع كل هذا العنف والتسلط ؟ نأمل لإقامة حواراً صحيحاً لصالح هذا البلد الآمن أن تحرك السلطة حائط صدامها يمينا ً أو يساراً قليلا وكذا المعارضة حتى تكون هناك فرصة حقيقية لإجراء حوار ينبذ العنف .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن