عذرا أيتها الالهة

حسين الصالح
husseinsaleh79@hotmail.se

2013 / 1 / 18

شهرزاد لم تمت مادامت الارض حبلى بالحكايات , ودجلة لم يجف مادامت السماء تمطر دموعا على اخربة السلاطين , هكذا رايته لكنه لم يراني هذه المرة .. كان مشغولا بغير عادته بجبابة المال من جيوش الفاتحين التي تعسكر في كل مكان ..
جباته يجولون الشوارع ويتسللون بين دفاتر الاطفال , ويختبئون تحت جلباب قاضي القضاة , واخيرا عزلوا خازن بيت المال بعد ان فاحت رائحة الفساد وعادوا من جديد للعبة القط والفأر ليكسبوا رضى الجباة ...
كنت عندما اشاهد جيوش المشاة وقنوات السلاطين الناطقة باسم الالهة وكتائب المخدرين مغناطيسيا تحت منابر الوعاظ ,اسرح بخيالي الى وطن يدار كذبا باسم الله, لكن اليوم وبعد ثلاثة اسابيع عشتها بين جيش الجباة اكتشفت ان كل ماحدث كان بفعل سلاطين المال.

فالمجتمع العراقي اليوم يمر في مرحلة تحول فوضوية من شانها تقوية الطبقية في المجتمع والفوضية تكمن في ان فرصة القفز من طبقة الى اخرى اعلى منها (متاحة للجميع) ففي المجتمعات الطبقية نلاحظ توازن وحالة ثبات لطبقات المجتمع والقفز فيها مرتبط بالجهد الطبيعي ضمن اطار القانون , لكن في عراق اليوم التحولات سريعة وغير مدروسة بالمرة , فاي موظف بسيط ممكن ان يقفز الى الطبقة الغنية عن طريق استغلال المنصب !! وممكن للعامل الأمي ان يقفز للطبقة المتوسطة بقدرة الاحزاب القادرة والمحاصصة ..
المال اليوم يتسيد المجالس والثرثرات العامة تدور حول مئة متر مربع وسيارة حديثة وجهاز نقال ذكي , واحيانا نسمع عن ارقام تعادل ميزانيات دول صغيرة وعن رجال لايكتفون بزوجة واحدة بعد مافتحت لهم خزائن السماء .. وعن شباب يتفاخرون بمعاشرة الزوجات .. وفي خضم فوضى المال تختفي الالهة ويقتل القانون ويضيع الانسان.
الشعب ابعد مايكون عن طريق الله , وكل مانراه من مظاهر الأسلمة وجيوش المشاة وتلك الرثائيات ماهي الا ركوب لموجة المال , فسادة المال يتسترون بالدين والمذهب وما على الجباة الا تقديم فروض الطاعة باشاعة مظاهر التدين تقربا لحماة بيت المال .. ولو كان الحماة بوذيون لشهدت شوارع بغداد تمثالا لبوذا في كل حارة وزقاق ..

بالتاكيد الشحن الطائفي هو الغاز الذي يملأ تلك الفقاعة الدينية ويزيد من تمسك الافراد بمظاهر الأسلمة والرزخون والتراث, لكن في واقع الامر ان هذا الشعب نفسه تواق للحياة ويعشق الطرب وينتشي بسكرة الخمر وعطر النساء ..
شخصيا ارى ان رغم كل تلك السلبيات ورغم قرف الطبقية وحديث السلطة والمال وضياع الانسان بين فوضى جمع الثروة والجاه وبعد عشرة اعوام من التغيير لم يمت هذا الجسد بعد ..
واننا قد خرجنا من الاستاتيكية اي ( الركود) الذي كنا نعيشه ايام الدكتاتور ونجحنا بالوصول للديناميكية رغم تقلباتنا السلبية لكن العراق اليوم ساحة مفتوحة للتغيير وهذا جل مايمكن ان نمني به انفسنا على الاقل في الاعوام القريبة القادمة والتي ستكون بالتاكيد حبلى بالاحداث والصراعات ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن