من أجل ضبط علم جغرافي أمازيغي ضبطا سليما (-إفْرانْ- و-يَفْرنْ- نموذجا)

الحسين أيت باحسين

2013 / 1 / 8

من أجل ضبط علم جغرافي أمازيغي ضبطا سليما
("إفْرانْ" و"يَفْرنْ" نموذجا)

حين "اختليت" بكتابات الفقيه والأديب والمؤرخ الاجتماعي الأمازيغي العلامة محمد المختار السوسي من أجل القيام بجرد لكل ما يتعلق في تآليفه بالأعلام الجغرافية الأمازيغية، سواء منها الواردة في صيغتها الأصلية (أي الأمازيغية) أو المترجمة (أي المعربة) استرعت انتباهي مساهمتان مهمتان جدا، ساهم بهما العلامة هو ومن سار في مثل دربه قبله وبعده.
الأولى تتجلى في كونه قام بتعريب سليم لتلك الأعلام الجغرافية وبذلك حافظ على المعنى الدقيق لها؛ الشيء الذي لم يعد قائما عند "المتداولين الطبيعيين للأمازيغية" (أي الذين لا يتحدثون إلا بالأمازيغية في التداول اليومي ولا يعرفون غيرها من اللغات الأخرى؛ وحين تسألهم عن معنى عَلَم جغرافي مّا، يجيبونك: "لا ندري، هذا ما وجدنا أسلافنا يقولونه". وبذلك تكون عملية التعريب لدى هؤلاء الفقهاء قد حافظت على معاني تلك الأعلام الجغرافية لكونهم يتقنون، على حد السواء، اللغتين الأمازيغية والعربية. لكن المهمة لن تستكمل مشروعها غير المعلن إلا إذا استطعنا استرجاع الصيغة الأصلية للعلم المعرب، ما دام أؤلئك الفقهاء لا يوردونه إلا ناذرا. وهذه العملية تستلزم العودة إلى الميدان للتعرف في المكان على الصيغ الأمازيغية لتلك الأعلام المعربة، أو الاستعانة بفقهاء يتقنون آليات ترجمة الأعلام الجغرافية الأمازيغية إلى العربية.
الثانية، وهي التي اكتشفت من خلالها بُعدا آخر لثقافة الفقيه والأديب والمؤرخ الاجتماعي العلامة محمد المختار السوسي المتعلقة بالجدال القائم حول علاقته الجدلية بين الأمازيغية والعربية وما بينهما من اتصال وانفصال. وقد تجلت لي هذه العلاقة الجدلية في موقفه، أو لنقول في غضبته المشهورة، تجاه كتابة العلم الجغرافي "إفران" بصيغة: "يفرن". فقامت قائمته اللغوية والأدبية والتاريخية والثقافية والهوياتية والحضارية لينبري لضبط العلم الجغرافي "إفران" ضبطا سليما لغة وتاريخا وثقافة وهوياتيا وحضارة. ولقد استدعت لدي غضبته تلك قولة لأرسطو، لم أقف عندها بشكل معمق حين اطلعت عليها لأول وهلة أثناء قراءاتي لبعض مؤلفات أرسطو؛ فأدركت مدى أهميتها حين امتثلت أمامي غضبة العلامة محمد المختار السوسي.
أما غضبة أرسطو فتتجلى في قوله:
"أن يغضب أي إنسان أمر سهل، ولكن أن يغضب الإنسان المناسب، ومن الشخص المناسب وبصدد القضية المناسبة وبالأسلوب المناسب فهذا ليس في متناول أي إنسان".
وأما غضبة الفقيه والمؤرخ الاجتماعي العلامة محمد المختار السوسي، فتتمثل في قوله:
"إيفْرانْ" !!! هذا نطقه الحقيقي، لا ("أفْرانْ" كأحمد) ولا ( "يَفْرًنْ" كيحمد) كما يضبط به اقتداء بصاحب القاموس. كأننا مكتوب علينا كتابة مسجلة. ومحكوم علينا مسمطا أن يكون أولنا وآخرنا إمعات للمشارقة حتى فيما بين أسماعنا وأبصارنا، كأن أهل مكة ليسوا أدرى بشعابها. فالحق في هذه الكلمة مطلقا لا اسم هذه القبيلة. ولا عَلَم القبيلة الأخرى التي مضت لها الدولة في أواخر القرن الرابع وأول القرن الخامس سكان سلا، أن نضبط هكذا. والأصل في ذلك - كما لا يخفى - أن "إفران" جمع "إفري" بكسر الراء و هي جمع كما نرى بهذا الضبط، ومعناه : "الغيران" جمع "غار" والكلمة "شلحية" وتبا للتقليد و ذويه".
المرجع: محمد المختار السوسي، كتاب من أفواه الرجال،ج.2، المطبعة المهدية، تطوان، المغرب، 1963، ص.39

ملحوظة: (مناسبة موقف فقيهنا تعود إلى القيام بكتابة اسم "إفران" في علامات التشوير بصيغة "يفرن". أما كل ما يتعلق بتفخيم الكلمات أو بعض الجمل أو وضع الأقواس وبعض الفواصل والنقط، فهو من وضعنا لإبراز تمفصلات فكرة الأديب والفقيه والمؤرخ الاجتماعي العلامة محمد المختار السوسي؛ الذي طالما وصف خصومه غير الأمازيغ كتابه "المعسول" ب "المغسول" ووصفه خصومه الأمازيغ بالفقيه الذي أسدى خدمة كبيرة للعربية ولم يهتم بالأمازيغية التي "عرب" كل أعلامها).

الحسين أيت باحسن

للاطلاع على بعض علامات التشوير وما تمت الإشارة إليه من ملاحظات بصدد بعض التعديلات الشكلية التي أدخلت على قولة المختار السوسي، يمكن العودة إلى موقع مجموعة "أسّاغن ئمازيغن" من خلال الرابط التالي: https://www.facebook.com/groups/112451555524004



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن