جماعير غزة تقول كلمتها..... وتقود ذاتها نحو المستقبل....!!!

بسام جودة
buniancenter@yahoo.com

2013 / 1 / 6

جماهير غزة تقول كلمتها..... وتقود ذاتها نحو المستقبل ....!!!

لقد كان للحشد الجماهيري الكبير الذي زحف لاحياء الذكرى 48 لأنطلاقة حركة فتح في ساحة السرايا، الوقع المفاجىء لكل القراءات لما يحدث في غزة هاشم منذ حوالي ستة سنوات مرت على حالة الانقسام الفلسطيني السياسي ، على ضوء الاستيلاء الكلي لحركة حماس على مقاليد السلطة والنفوذ في قطاع غزة بقوة السلاح ، هذا الواقع الانقسامي الذي تحول الى محاولة حثيثة لاعادة صياغة كل طبيعة الحياة في قطاع غزة بشكل يخضع لمتطلبات فصيل واحد هيمن على كل مجريات الأمور وتصرف بفوقية دون أي اعتبار لطبيعة الواقع الفلسطيني ومكوناته عبر حقبة طويلة من التاريخ كانت فيها التعددية السياسية والفكرية هي سيد الموقف بغض النظر عن حجم هذا الفصيل أو ذاك ، حيث كانت منظمة التحرير الفلسطينية الناظم لهذه العلاقات السياسية ، التي حاولت الحركة في نشوة سيطرتها على غزة البحث عن بدائل لهذا التمثيل الفلسطيني المتجذر في وجدان شعبنا باعتباره رمزا" لقوته ووحدته ، بالطبع فشلت كل هذه الدعاوى والتحركات لأن المستهدف عنوان جامع لشعب يتوق الى الحرية والاستقلال ، قدم تحت هذه المظلة الألاف من الشهداء ومئات اللألاف من الجرحي والأسرى والمعتقلين ، بل يمكن أن نقول أن هذا العنوان سابق لكل الفصائل والتنظيمات في عصر الثورة الفلسطينية المعاصرة ، وان كان هذا لايغير من طبيعة الحاجة لتطوير وتصحيح الكثير من المسارات في هذا الاطار الجامع.
لم تكن هذه الجماهير الحاشدة التي خرجت في يوم الانطلاقة الفتحاوية بعد السنوات العجاف من الوضع الفلسطيني السياسي وسياسات التهميش والاقصاء والملاحقة ، الا دليل حالة من الرفض والتحدي لهذا الواقع المفروض فرضا" من الانقسام القهري ، كما شكل تعبيرا" عن حالة الرفض والغضب الشعبي من التمادي الحادث في التمترس وراء أضاليل وأكاذيب ومصالح فئوية حزبية وشخصية ضيقة للأبقاء على حالة الانقسام الفلسطيني في أجواء من المعاناة والبؤس التي يمر بها شعبنا ، رغم كل دعاوي الانتصارات الطنانة والوعود المختلقة عن رفع المظالم والحصار، قيادات تتحدث عن انتصارات ومن الناحية الأخرى شعب يعاني من الفقر والجوع والاستيطان والاستيلاء على أرضه والعبث المتواصل من قبل المستوطنين في ممتلكاته ومزروعاته ، قطع طرق وحواجز وحصار مدن من قبل جنود الاحتلال ، اعتقالات وتشريد عائلات من القدس بهدم بيوتها وممتلكاتها وتهويدها ومنع الوصول اليها. ان هذه الصورة لا تقلل مما جرى من صمود في غزة في مواجهة العدوان الاسرائيلي على شعبنا ونجاح المقاومة في ضرب عمق الأراضي المحتلة ، أو من نجاح فلسطين في نيل عضوية مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رغم ماتبع النجاح الأول من اتفاق سياسي هزيل على ما سمي وقف اطلاق النار المتبادل ، حيث لم يترجم النجاح في الصمود الى مواقف عملية لرفع الحصار وانهاء معاناة شعبنا في قطاع غزة وبقي الاحتلال يتحكم في كل منافذ قطاع غزة نحو الحرية والقدرة التامة على الحركة والتنقل ، وما منع قيادات من الجهاد الاسلامي من دخول قطاع غزة الا عنوان لهذا التحكم والسيطرة على منفذ يدعى البعض أنه جعله خارج نطاق سيطرة العدو ، كما أن الاستمرار في منع شعبنا في الضفة الغربية من استخدام كل وسائل النضال من أجل مواجهة المستوطنين وعربدتهم واعتداءتهم على السكان الفلسطينيين يشكل استمرارا" لسياسة الخنوع والاملاءات ويعيق العمل من أجل اجبار العدو على الاعتراف بحقوق شعبنا في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
ان غزة بجماهيرها المحتشدة في ساحة السرايا في الرابع من يناير أ احتفالا" بذكرى الانطلاقة 48 للثورة الفلسطينية ، أكدت مقولات كثيرة سبق أن تحدثنا فيها حول موضوعة القيادة الفلسطينية بكل ألوانها وتسمياتها ، هذه القيادة العاجزة فعلا" أن تكون عند طموحات الفلسطينيين وتطلعاتهم وتضحياتهم ، قيادات استشرت فيها حالة الفساد والافساد والخضوع والخنوع ، وغلبة المصالح الفئوية والشخصية على مصالح الوطن والشعب ، هذه قيادات انتهت صلاحياتها وفسدت بضعاتها وكثرت ملوثاتها لأسباب يطول الشرح فيها ولا مجال هنا للخوض فيها ، رغم ادراك شعبنا ومعرفته لها ولأن روائحها تزكم الأنوف.
ان نساء شعبنا ولادات للكثير من الرجال والقادة المخلصين لشعبهم ووطنهم القادرين على تحمل مسئوليات هذه الحقبة من تاريخ شعبنا والتي تحتاج الى قيادة شابة شريفة ، نزيهة ، مجربة ومخلصة تستطيع أن تكون بمستوى تطلعاته وتضحياته ، لا أولئك الذين فقدوا ثقة شعبهم واحترامه عبر تلك السنوات التي انحازوا فيها لمصالحهم والنجاة بأنفسهم عند الملمات ،كما فقدوا خياراتهم وقدراتهم على رسم خريطة الخلاص لشعبهم وتوقفت قلوبهم وعقولهم عن أن تكون مجسة لنبضات الغالبية العظمى من أبناء شعبنا وحاجاتهم ومتطلبات المستقبل للوصول الى حقهم التاريخي في الحرية والعودة والحقوق الانسانية في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ان جماهير غزة التي احتشدت في ساحة السرايا بشكل عفوي من كل حدب وصوب هي تعبير عن نداء خالص لأطلالة جديدة لشعب موحد يرفض القسمة ويرفض الأقصاء والتهميش ، ليس فقط لحركة فتح التي لها بصماتها وتاريخها الوطني والنضالي عبر عقود من الزمن ، قدمت من قادتها ومنضاليها وكوادرها الكثير عبر المسيرة التاريخية للكفاح الوطني ، بل أيضا" لكل الطاقات الفاعلة في المجتمع الفلسطيني وتفردت بالقرار الفلسطيني وكل أوجه العمل على ساحة قطاع غزة ، هذه الجماهير أعلنت بوضوح أنها مستعدة لخوض معركة التحرير بكل قوة وعطاء تحت لواء ونهج وحدوي يعترف بالآخر ويحترم كل مكونات الشعب الفلسطيني ،ووراء قيادة مخلصة واعية لا تعرف الهروب والنكوص الى الوراء الا متحفزة لقتال من أجل تحقيق طموحاته ، كما أنها ترفض التهميش والاقصاء على كل ساحات الوطن، فلا يظن أحد أن هذه الحشود كانت من أجل دعمه واعترافا" بصحة منهجة وشرعية قيادته ومنهجيته، انها الصحوة من أجل فلسطين تاريخا" وأرضا" وشعبا" واحدا" موحدا"، وهى من أجل اسدال الستار على حقبة تاريخية بغيضة من الفرقة والخلاف والانقسام .
هذه الحشود الشعبية قررت أنها فوق القيادات وأمامها ، بعد أن عجزت تلك القيادات عن فهم طبيعة المرحلة وحاجات شعبها ودفنت رأسها في التراب وبحثت عن مصالحها الشخصية وأمعنت في ذبح خصومها واقصائهم داخل تنظيماتها أو خارجهم ، باحثة عن مجد لها بين أطلال تلك المعارك الذاتية والداخلية التي لاتخدم الا المحتلين وتطلعاتهم في الاستمرار في السيطرة والتحكم بمستقبل شعبنا ووطنه ، انها علامة فارقة في التاريخ الفلسطيني لأنها أكدت أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الكلمة العليا وهو صانع التاريخ مهما كان جبروت المحتلين وحتى المتسلطين الاقصائيين من أبناء الجلدة والدم الواحد ، الا أن الكلمة الفصل اليوم وغدا" هي للمقهورين المتعطشين للحرية والعودة والعدالة الاجتماعية ، المؤمنين بشرعية نضالهم وحققوقهم وقدرتهم على صنع المستقبل .....!!!! فهل وصلت الرسالة....؟؟؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن