الفتنة

رحمن خضير عباس
rabbas@rogers.com

2013 / 1 / 1

الفتنة
رحمن خضير عباس
كم كنت اتمنى ان اتحدث عن نهاية عام وولادة عام جديد , بشيء من الأمل , او التفاؤل . لكن المشهد العراقي في هذه الأيام لايجعلنا - نحن العراقيين - نستبشر خيرا . وذالك لأننا نعيش ازمات مركبة ومتفاقمة ومستعرة . هذه الأزمات تعبر يشكل او بآخر, عن جروحنا الغائرة في العمق . وبدلا من ان نبدأ بمنهجية الأخوّة والمواطنة , وندير ظهورنا الى الماضي لأستشراف المستقبل , فاننا نؤكد – وبإصرار – اننا مازلنا نستنشق غبار معارك داحس والغبراء التي ماانفكت تعشعش في ادمغتنا . وكأننا لا ننتمي الى القرن الواحد والعشرين . قرن الأنجازات العلمية في المجالات الحضارية والأدبية والعلمية . لقد شهدنا ساسة لاخبرة لهم بقيادة البلد , واحزاب لاتنتمي الى البلد , وحزبيين يسابقون الزمن لنهب ما يمكن نهبه وتخريب ما يمكن تخريبه . وكيانات لاتنتمي الاّ الى نفسها , وقوميات لاتؤمن بالتعايش المشترك , ومذاهب يكفّر بعضها بعضا , ورجال دين يغرقون في السياسة , وسياسيين يجعلون من الدين وسيلة للحكم .
اذن نحن في أزمة حقيقية . وليس ثمة بصيص من الأمل مازلنا نتمترس بقناعاتنا الجاهزة , ونجعل منها بوصلة وحيدة لتحديد الصحيح من الخطأ . لقد كان اعتقال حماية العيساوي خطاً حكوميا , وذالك لأنه لم ينطلق من السلطة القضائية , وانما تم بوامر عسكرية من القائد العام للقوات المسلحة . كما ان ردة الفعل من قبل مدينة الأنبار وعشائرها كان خطاً اخر . لقد اتخذت المظاهرات مظهرا لايعادي رئيس الوزراء , بل يعادي الشيعة . وهنا نقع - كعراقيين - في اخطاء التشخيص , فلا المالكي يمثل الشيعة , ولا العيساوي ومن قبله الهاشمي يمثل السنة .
ان مظاهرات اهلنا في الأنبار حق طبيعي لهم , يعبرون من خلاله عن مطالبهم . ولكن هذه المظاهرات والأعتصامات اتخذت شكلا سلبيا وذالك من خلال رفع علم نظام صدام , ومن خلال الشعارات التي رفعت ومن خلال طبيعة الهتافات التي اتخذت منحى انفصاليا , وكأن الأنبار لاتنتمي الى العراق .
الذي جعل الفتنة تستعر في هذه الأيام هي بعض الأصوات الغارقة في ظلام الطائفية والذين ارادوا ومازالوا ان يصبوا الزيت على النار . من خلال اثارة الفتنة الطائفية . ففي مقابلة مع شخص يدعى الدكتور طه حامد الدليمي , تحدث بلغة سوقية حاقدة عن ( السرطان الشيعي ..وقذارة الشيعة .. وحثالات الشيعة , وعن قطع نهر الفرات عن الشيعة .. ) لقد كان خطابا طائفيا بامتياز . لقد كانت كلماته المسمومة تطمح الى إثارة الفتنة . وفي البداية يحق لي ان اتساءل , هل يستحق هذا الطائفي ان يتكلم بلسان اهل الأنبار , وهم من الناس الشرفاء الذين يذوبون في حب العراق والتفاني في سبيله . ثم كيف يمكن ان اقتنع بان هذا المخلوق الذي يريد منع الماء عن الشيعة في الجنوب هو حامل للدكتوراه . اي بؤس لهذه الشهادة العلمية ان يحملها مثل هؤلاء ؟ الآيعرف د. طه الدليمي ان هناك في جنوب الأنبار الكثير من السنة , ينتشرون مع اخوتهم الشيعة والمسيحيين والصابئة في كل بقعة من العراق .وان عطش الفرات الذي يدعو طه الدليمي الى قطعه لن يفرق بين اطياف العراقيين ومللهم . ثم هل يعتقد هذا الدكتور ! ان شيعتنا في الجنوب يعيشون رفاها وسعادة ؟ اذهب الى مدن الجنوب في عراقنا الجريح , ستجد الفقر والعوز وانعدام الخدمات . ستجد اكثرية الشيعة غير راضين عن أداء حكومتهم و يتمنون تغييرها .
إنّ صوت طه الدليمي حاقد ونشاز , ارجو من اخوتنا ان لا يعتبرونه لسانا ناطقا عن اخوتنا السنة .وان لاينجرفوا في الفخ الذي نصبه . انه صوت اعمى لاقيمة له . يجب ان نتعالى على الرد عليه بالمثل . وليعلم ان هناك الكثير من اخوتنا في الأنبار , سيسفهون افكاره الحاقدة
بعد قليل سينتهي هذا العام , ويبدا عام جديد . اتمنى ان يكون هذا العام هو عام الآخاء بين مكونات هذا الشعب , كما اتمنى ان تختفي هذه الأصوات التي تريد ان تشوه وجه الحياة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن