تجارب الاسلام السياسي في بلدان الربيع العربي - مصر نموذجاً -

حارث رسمي الهيتي
har88ith_2006@yahoo.com

2012 / 12 / 24

بداية اود الاشارة الى ان هذه السطور ما هي الا وجهة نظر ، سواء اتفق او اختلف البعض حولها ، الا ان المسألة التي لا خلاف عليها وهكذا اعتقد ، ان ما حدث خلال العامين المنصرمين ويحدث الآن يستدعي التوقف والدراسة .
من ناحية المفهوم اعتقد ان استخدام مفهوم " الربيع الاسلامي " فيه الكثير من المغالطة ، رغم وصول قوى الاسلام السياسي للحكم في اكثر من بلد ، وقراءة جيدة لما حدث تفصح عن ذلك . واذا اردنا معرفة " السر " ان جاز التعبير عن سبب وصولهم الى السلطة فهذا الأمر منوط بمعرفة تاريخ هذه الحركات ( كيف تشكلت ، ما هي قواعدها ، ماذا تريد ، والاهم هو على اي وتر تضرب ) بالاضافة الى معرفة القوى المعارضة الاخرى وما عانته على يد الانظمة السابقة ، نعم الاضطهاد والقمع نال الجميع ، الا ان القوى الاسلامية بشكل او بآخر كانت لها منابرها الاعلامية واذرعها الدعوية واموالها التي لا يعرف احد من أين تأتي واين تذهب !!...
الموضوع هنا يتحدث عن تجارب قوى الاسلام السياسي التي استفادت من احداث الربيع العربي ووصلت الى مقاليد السلطة ... الحديث عن الديمقراطية وعلى لسان اكثر من سياسي / داعية اسلامي تدل على كيفية فهم الاسلاميين للعبة الديمقراطية .
هم ما انفكوا وعلى مدى تاريخهم يتحدثون عن مؤامرات الغرب والقوى المعادية للمشروع الاسلامي واحدى تجليات تلك المؤمرات " وهذا ادعاءهم " هي الديمقراطية . بصفتها تمنح الشعب / الاغلبية حرية تقرير ما لها بنفسها وتكتب دستورها بيدها الى ما غير ذلك من حرية للرأي والتعبير والعقيدة . وباعتبارها - الديمقراطية - خروج عن شرع الله .
بعد هذا نجدهم وكما تحدث الدكتور كريم مروة ( في ان تغييرات مهمة بدأت تحصل في التنظيمات الاسلامية مثل النهضة والاخوان وهذه التغييرات تصب في الاتجاه الذي يقودها الى الانخراط في التحولات الجارية في بلداننا وفي العالم المعاصر ).
وهذا ما حصل فعلاً بعد ان اعترفت وثيقة الازهر الصادرة في حزيران / 2011 بان الديمقراطية " بديل معاصر " للشورى الاسلامية . وانا لا افترض هنا ان مثل تلك " الوثيقة " أتت لتحافظ على الدولة المصرية كما ادعت ، ولكن لتمهد الطريق لدور سياسي في الدولة الجديدة / بعد الاحداث .
المهم هنا هو الانتباه الى ان الوثيقة خلت من اي اشارة الى كيفية النظر / التعامل مع الديمقراطية وقواعدها ... ومنذ ان وصل مرسي / الجماعة الى سدة الحكم ومحاولة منح الحق للبرلمان بالانعقاد بعد ان قضت المحكمة ببطلان هذا المجلس ، واعلاناته " الدستورية " وعزله للنائب العام وتعيين آخر ودعوة المصريين للاستفتاء على الدستور بهذه الطريقة والاجواء بعد ان وعد اكثر من مرة انه سوف لن يدعوا المصريين للأستفتاء على دستور غير متفق عليه ، كل تلك الحركات تدل على ازدواجية مرسي / الجماعة بالتعامل مع الديمقراطية .
فهم يسمحوا لك بالتظاهر بحجة الديمقراطية ، ولا يستمعوا للرأي الآخر وفق نفس الحجة . ( وهذا نجده في المثال الصارخ للجمعية التأسيسية ) .
الخطير في الموضوع انهم يتعاملون مع الديمقراطية باعتبارها طريقة توصلهم الى مبتغاهم وبعدها تصبح " منتهية الصلاحية " بعد ان قال " الشعب كلمته " .
مبدأ التقية وان لم يصرحوا به ( الاسلاميين / السنة ) كما الطائفة الاخرى ، الا انهم يعملون بها بطريقة او غيرها . وتصريح المرشد السابق لجماعة الاخوان مهدي عاكف في لقاءه مع الاعلامي طوني خليفة يدل على ذلك حيث قال ( بامكاننا ارسال عشرة الآف مقاتل لنصرة المسلمين ، وسبق وان ارسلناهم الى افغانستان ، ولكننا لا نتصرف بعيداً عن الحكومة ) السؤال والاخوان في السلطة لماذا لم يرسلوا هؤلاء لنصرة غزة ؟ !! ( بالتعاون مع الحكومة الاخوانية ايضاً ؟ ) ...
والأمر الذي يثير الاستغراب رسالة مرسي / الجماعة الى رئيس اسرائيل ومخاطبته / مخاطبته شمعون بيريز بالــ " الصديق الوفي " !!!
شخصياً لا استطيع تفسير هذا التصريح الغيرمطايق لأفعال مرسي / الجماعة غير انه يحمل في ظاهره شئ ويخفي العكس . نحن امام تطبيق فعلي لمبدأ التقية اعترفوا به ام انكروه .
المشكلة الاخرى هي في الدستور الذي دعي المصريين للأستفتاء عليه ، رغم انه دستور كتب ليتماشى مع طموحات جهة واحدة وهي قوى الاسلام السياسي ممثلة بالاخوان وجيشهم الشعبي " السلفيين . الا ان الطامة الكبرى هي في انهم اتفقوا على ان الدستور سيمرر اذا وافقت عليه اغلبية بسيطة ( 50 + 1 ) ووضعوا فقرة فيه انه في حال اراد البرلمان القادم تعديل مادة من مواد الدستور يجب موافقة الثلثين .
المشكلة ايضاً في تصريحات التيار السلفي وحزب النور وعلى لسان اكثر من متحدث بأسمهم ، قالوا صراحة ان هذا الدستور لا يمثل طموحاتنا ، نحن نريد العودة الى كتاب الله وتطبيق شريعته بالمطلق .
واذا افترضنا جدلاً ان البرلمان القادم ستكون نسبة الثلثين فيه للتيارات الدينية فأنا على يقين بأن تغيرات جذرية ستطرأ على الدستور المصري بما يتماشى مع المشروع الاسلامي . فسنرى دستور يقسم البلاد الى مسلميين وكفار واهل ذمة ، ونرى اتاوى تفرض على المسيحيين باعتبارهم اهل ذمة ودفع الجزية واجبة عليهم ...
الى ماغير ذلك من تطبيق " للحدود " وتقييد للحريات ومشاكل جوهرية أخرى تكمن في اختلاف التيارات الاسلامية في كيفية تفسيرها لهذا النص الديني او ذاك ، ومرحبا بكم في جمهورية " شيوخستان " ...
قولا واحداً ، ان تيارات الاسلام السياسي التي تحكم اليوم في مصر ومنذ توليها ذلك ، لم نجد لها قراراً او معاهدة لتحسين ظروف الواقع المصري ، القيادات الاخوانية ، والحكومة نراها تتوسط لوقف الدم بين اسرائيل و غزة ، بينما تركوا الدم المصري يسيل في محمد محمود الثانية وقصر الاتحادية ، الملايين تتظاهر وتعتصم ضد حكومة مرسي / الجماعة وعصام العريان احد ابرز قيادات الاخوان في الولايات المتحدة محاولاً اقناع الغرب " الكافر " بأن الامور تسير على ما يرام .
نعم من صوت لمرسي / الجماعة هو جزء من الشعب المصري ، الا ان هناك قسماً آخر يلعب دور المعارضة . والرسالة التي اتمنى ان يسمعها الاخوان هي المثل المصري القائل ( اللي يجيب العفريت يعرف يصرفوا ) ....



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن