لا تعطوا الكلاب ما هو مقدس ولاترموا درركم الى الخنازير

صباح ابراهيم

2012 / 12 / 1

الوطن مقدس والشعب الذي يعيش فيه وينتم اليه هو قدس الاقداس ، فقدسية الوطن من قدسية وكرامة الشعب .
من يستلم قيادة الوطن ويسهر على خدمة شعبه ويدير اموره، يجب ان يكون أمينا نزيها طاهراً عفيفا ومخلصاً وعادلاً، يتصف بصفات القديس المؤتمن على اداء رسالته ودعوته الى الناس . والحاكم للبلد هو ربان سفينة الوطن ، يقودها وسط الجو الساكن والعاصف ، الممطر والمشمس ، يختار افضل الممرات الملاحية لقيادة سفينته ويجنبها الصخور الناتئة والمخفية التي قد تهشم سفينته وتهدد حياة ركابها .
ولابد للشعب ان يختار من هو الاكفأ لقيادة هذه السفينة لأنه قد يسير بها الى بر الامان او قد يغرقها بركابها اذا ما تهور وأخطأ بفن القيادة .
فلابد ان يكون الحاكم قائدا حكيما ، ذو يد نظيفة وقلب سليم ، ويحكم شعبه بدراية وحصافة ، ولا يفرق بين شعبه على اساس الدين او المذهب او العرق او الانتماء الطائفي او العرقي . ولهذا تضع الدول المتحضرة الدساتيروالقوانين التي تحدد مسار العملية السياسية وصلاحيات الرئيس والمؤسسات الدستورية ليتم التوازن الصحيح ويعرض الدستور للاستفتاء الشعبي لينال رضا ومباركة الشعب الذي هو مصدر التشريع والسلطات .
اما الحاكم المستبد الذي لايحترم دستوره ولا يهاب شعبه وينفرد في قراراته ويسيطر على مؤسساته ويعين اقرباءه واعوانه واعضاء حزبه في المناصب المهمة لقيادة الدولة، فذلك الحاكم او الرئيس يكون بحكم الديكتاتور الذي لابد ان يخضع لحساب الشعب ومحاكمته التاريخية التي لا ترحم الطغاة.
قال السيد المسيح بكل جراءة وحكمة : " لا تعطوا الكلاب ما هو مقدس ، ولا ترموا درركم الى الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت اليكم فتمزقكم " .
وهذه نصيحة حكيمة لمن يسئ اختيار حاكمه وينخدع باقواله قبل الانتخابات ولا يعرف ما ينوي وما يخطط بعد استيلاءه على السلطة، ان المقصود بالكلاب مجازا هم الذين يتولون الامور دون ان يستحقوها وليسوا اهلا لها . فلابد ان تعرف الشعوب من تختار بعناية وتدقيق ، ولاتفرط بقدسها لمن لا يقدر ان يحافظ على قداستها ، او لمن يستهين بكرامة الشعب ويهيمن على مؤسساته ويحتكر السلطات بيديه ويشرع قوانينه ودستوره الخاص بعيدا عن الشعب وممثليه ليضمن بقاءه في قمة هرم السلطة ويسكت معارضيه ويكمم افواه الشعب ويحتكر سن القوانين التي تخدمه وتخدم حزبه واعوانه.
ان سوء اختيار الحاكم والرئيس المناسب للدولة ينعكس سلبا على الشعب الذي اختاره وبهذا يكون الشعب قد فرط في درره ومقدساته ونثرها بين ارجل الخنازير التي بعد ان تسيطر على مقدرات الدولة ومؤسساتها وسلطاتها التنفيذية من جيش وشرطة وقوى الامن تلتفت وتمزق الشعب المنتفض ضد قوانينه الجائرة والمتخلفة، وتطلق عليه الرصاص وقنابل الغازات الخانقة والمسيلة للدموع ، وتلقي القبض على قادة الاحزاب المعارضة والوطنيين المناهضين للديكتاتورية وترميهم في المعتقلات وغياهب السجون .
أن ما يحدث في مصر وتونس والعراق واليمن والبحرين والسعودية والاردن ، لهو خير مثال على تصرف الحاكم الجائرمع شعبه .
الشعوب العربية والاسلامية تمر بمرحلة مخاض عسير سميت بالربيع العربي بينما هو شتاء قارس مظلم ، فالحكومات المتنفذة في العالم هي من يسيّر الامور وتختار الحكام بدسائس تحاك ليلا في السفارات ووزارات الخارجية وبتسهيلات من حكام عملاء في المنطقة، الذين يمولون الحركات المتطرفة والتيارات الدينية الرجعية المتخلفة بملايين الدولارات الملطخة بالنفط الاسود الخليجي لتحريك الرعاع والبلطجية والفقراء الجهلة لدعم التيارات الاسلامية ذات الطابع الموغل بالرجعية والتطرف من خلال توزيع المال والرز والزيت لرشوة اتباعهم وكسب اصواتهم الانتخابية لفوز مرشحهم ذو اللحية البيضاء والافكار السوداء، الذي يُظهر قولا جميلا ويُبطن فعلا شنيعا ، يستشهد بآيات السلم قولا وينفذ آيات العنف فعلا. يحفظ نصوصا علاها غبار الزمن ويتناسى مبادئ حقوق الانسان وقوانين الديمقراطية الحديثة ، يتمسك بمبادئ الشريعة التي يعتبرها المصدر الرئيس للتشريع بينما يُلغي سلطة الشعب الذي هو مصدر كل السلطات والشرائع . يتبع شريعة تنص على عقوبة الرجم والجلد وقطع اليد والرجل وحز الرقاب بالسيف امام الناس في الساحات ، ويلغي ميثاق حقوق الانسان والمراءة وحرية الراي والفكر .
التيارات السلفية والاخوانية والجهادية التكفيرية هي من تتقدم الصفوف في الربيع العربي بدعم من ملوك وامراء النفط ودسائس الحكومات الغربية وبتخطيط صهيوني لاهداف بعيدة، الغاية منها تمزيق وحدة الشعوب وتمرير سياسة فرق تسد، ليسهل لها الاستواذ على ثروات العرب والاستفادة من المواقع الاستراتيجية كقواعد متقدمة للسيطرة على العالم وحماية الحكام العملاء وضمان امن اسرائيل .

في مصر يجري الان مخاض جديد بعد انتكاس ثورة الشعب واستيلاء الاخوان المسلمين على السلطة بدعم ومباركة امريكية خليجية .
لقد خلع الذئب ثياب الحمل وكشر عن انيابه بعد ان تمكن من فرض سيطرته، واحال قادة المجلس العسكري على التقاعد وقلم اضافرهم الحديدية وجردهم من سلطاتهم الدستورية ، ثم تحول الى القضاء ليقضي بضربة غير دستورية على النائب العام ويحيله على المعاش لينصب صهر نائبه الاخواني بمنصب النائب العام بديلا له . وشرع قانون يمنع السلطة القضائية من الاعتراض او الغاء قراراته ليحصن الديكتاتورية بحصن منيع .
وهكذا تناثرت درر الشعب المصري تحت ارجل الخنازير واعطي المقدس للذئاب .
لقد التفتت الذئاب والخنازير لتمزق الشعب والمعارضة والقوى الوطنية واليبرالية وصدرت الاوامر للشرطة وقوى الامن والرعاع من اصحاب اللحى والجلابيب القصيرة لاطلاق الرصاص والغازات الخانقة على المواطنين المتظاهرين والمعترضين على الديكتاتورية التي جاء بها محمد مرسي (مبارك) فقد استبدل الاخوان الديكتاتور حسني بمرسي ، ولله في خلقه شؤون .


1/12/2012



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن