الهولوكوست .... والحقائق الغامضة.... (4)..

علي الأسدي
draliridha@hotmail.co.uk

2012 / 10 / 19

الحقبة التاريخية التي تلت الحرب العالمية الثانية شهدت حركة توثيق واسعة للجرائم التي ارتكبها النازيون ، ولأن النازيين على علم مسبق بما هو جريمة حرب او لا فقد حاولوا اخفاء الأدلة التي تدينهم ، لكن الوقت داهمهم وانتهى الحال بقادتهم الى محاكمات نورمبرغ وغيرها ، مخلفين ورائهم أسرارا ما تزال لم يكشف النقاب عنها حتى اليوم. الكثير من الكتب والمقالات والادلة التاريخية قد اشارت الى ما اعتبر حقيقة هو أن الألمان وحلفائهم شنوا الحرب العالمية الثانية من أجل الهيمنة على العالم واقتسام خيراته. لكن هل كان من أهدافهم أيضا القضاء على الجنس اليهودي الذي أقيمت مراكز الاعتقال الجماعي في بولندا وغيرها تمهيدا لتنفيذ ذلك الهدف؟
لم نسمع وجهة النظر الأخرى اجابة على هذا التساؤل المشروع ، ولم نرى الصورة الأخرى لمشعل الحرب العالمية الثانية التي كلفت العالم ضحايا بشرية واقتصادية واجتماعية يعجز علم المحاسبة عن تقييم تكلفتها الحقيقية. لقد انتحر هتلر وفي جعبته الكثير مما يتوق التاريخ لمعرفته عنه.
كنت أشرت في الجزء الثاني من هذا المقال الى كتاب " مناظرة حول الهولوكوست : نظرة جديدة نحو كلا الجانبين ", لمؤلفه الدكتور توماس ديلتون ، أذكر القارئ العزيز بما جاء فيها :
" لم تكن هناك ميزانية ، لم تكن هناك خطة ، ولم تكن هناك أوامر من هتلر بالقتل" ، وينقل المؤلف عن الخبير في الهولوكوست راؤول هيلبيرن ، قوله : " ان ما بدأ فيه عام 1941هو عملية اضطهاد وقمع من دون خطة موضوعة من قبل ، ولم تكن منظمة مركزيا من قبل مؤسسة ما ، ولم تكن هناك وثائق أو ميزانية مالية خاصة بذلك أو اجراءات بخصوصه." أما ديلتون نفسه فخرج كتابه بنتيجة أوجزها بالجمل التالية : " الأدلة المادية في العنبر الرئيسي غائبة. عملية القتل بالغاز التي أشيع عنها موضوع أسئلة هامة. وان الرقم "ستة ملايين " الذي يرمز الى عدد الضحايا يثير الحيرة. المشككون في ادعاءات الهولوكوست يقولون أن الرأي العام قد ضلل بدرجة خطيرة من قبل المؤرخين التقليديين." ومع المبالغة في رصد جرائم النازية وتصويرها وكأن ضحاياها هم اليهود فقط ظهرت ردود فعل تجاه هذا التوجه الأناني المفتعل.
لقد اطلق على ردود الفعل تلك بحركة الرفض deniers أو التشكيك revisionist في واقع الهولوكوست وفي كثير من ممارسات النازيين ، كاستخدام الغاز السام في قتل اليهود وغيرهم ، ومن ثم حرق جثثهم في أفران الغاز.غرف الغاز هي آلة الموت الرئيسة في مركز الاعتقال الرئيسي في مدينة أوشفينجين البولندية ذات الأكثرية اليهودية التي عرفت فيما بعد بأوشفيتز أو الهولوكوست في أوشفيتز.
المؤرخ البريطاني ديفيد إرفينغ هو واحد من القلائل الذين جازفوا بمراكزهم الوظيفية وسمعتهم من اجل كشف ما سموه " التزييف والمبالغة " اللتين وظفتا لخدمة أغراض سياسية خاصة. فوجهة نظر المشككين تقول أن ما روج عن الهولوكوست من معلومات وصور منشآت وخرائط ثبت بالدليل أن جزء كبيرا منها عار عن الصحة ، بما فيها أبراج المراقبة ومنشأت أخرى. إرفين كواحد من المؤرخين المشككين اتهم المدافعين عن قصص الهولوكوست " الملفقة " في رأيه بأنهم يزيفون التاريخ ، مدعيا بأن الكثير من منشآت الهولوكست قد تم بنائها وفبركتها بعد الحرب العالمية الثانية من قبل السوفييت والبولنديين. المدافعون عن حقيقة الهولوكوست يعترفون بأن بعض منشآته قد تم اعادة بنائها بعد الحرب ، لأن الألمان بعد أن تأكد لهم أنهم يخسرون الحرب أمام الاتحاد السوفييتي ، وأن الجيش الأحمر في طريقه اليهم فجروا العديد منها لاخفاء جرائمهم ، بما فيها غرف الغاز وأفران حرق الجثث وغير ذلك من وسائل الموت المزعومة.
لكن ذلك التفسير لم يقنع ولم يثن المشككين عن الاصرار على ادعاءاتهم. لقد جرم ديفيد إرفين بسبب ترويجه لتلك الادعاءات في النمسا عام 2005 وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، لكنه أفرج عنه بعد عشرة أشهر . وفي ميونيخ بألمانيا خاض مع الجهات التي اتهمته بمعاداة السامية معارك انتهت بمحاكمته ، وكان على وشك الحكم عليه بعقوبة طويلة بالسجن ، لكن المحاكمة انتهت بتغريمه( 22 ) ألف دولارا ومنع كتابه من النشر ، كما منع من دخول عدد من البلدان الغربية.
لكن ارفين لم يتراجع وما يزال يتحرى ويكتب لابراز وجهة نظره ، وقد استند ارفين في حججه الى خبراء وشهود ومقابلات مع قادة يهود ومسئولين من بولندا ومن الناجين من الهولوكوست. وكان الضحية الأخرى الكندي الجنسية أرنست زيندل الذي جمع ما يكفي من الأدلة لاثبات خطأ الروايات التي تروجها اسرائيل والمنظمات الموالية لها عن الهولوكوست. لقد استعان زيندل بالخبير الأمريكي Fred Leuchter المختص في تخطيط واقامة معدات ومنشآت تنفيذ أحكام الاعدام في السجون الأمريكية. وقد قام لوثر بزيارة الى بولندا ، وهناك تجول في مراكز الاعتقال في أوشفيتز ، وبيركيناو ، ومايدانك ، وجمع سرا عينات من تلك المواقع وأجرى عليها التحليل الكيماوي. وعند عودته نشر تقريره عما تحصل عليه بنتيجة التحليل ، أن المواقع التي زارها لم تكن مؤهلة أو ملائمة للقتل الجماعي بواسطة الغاز السام. ونفس الاستنتاج خرج به الخبير راؤول هيل بيرك الذي بين بوضوح زيف الكثير من الادعاءات حول الهولوكوست. لقد قدم أرنست زيندل للمحاكمة باعتباره مروجا لمعاداة وكراهية اليهود وحكم عليه بالسجن في كندا ، ثم بعد ذلك في ألمانيا بعد ان سلمته كندا اليها ، وقد حكم عليه بالسجن وما يزال لحد اليوم ، كما حكم أيضا على محاميه الألمانيين بالسجن لنفس التهمة.(8)
وقد نشرت قناة بي بي سي البريطانية مقالا عن المشككين بالهولوكوست بعنوان " Denying the Holocaust " تعليقا وتلخيصا لآراء مؤلفة كتاب " It Never Happened " للدكتور ديبورا ليبشتاد الاستاذة الجامعية والمؤرخة الأمريكية . جاء كتابها ردا ونفيا للآراء التي أوردها المؤرخ البريطاني السابق ذكره. لقد اعتمدت المؤرخة الأمريكية على اعترافات القادة العسكريين الألمان النازيين الذين تمت محاكماتهم واعدامهم. فمثلا اعتمدت على ما أورده أوتو أوهليندروف المسئول عن مجموعة تنفيذ احكام الموت بحق اليهود في مجمع الهولوكوست ، حيث اعترف بقتله ( 90 ) ألفا من المواطنين اليهود بين عام 1941-1942.(9)
المشككون بصحة هذه المعلومات يدعون بأن اعترافات القادة النازيين قد أخذت منهم تحت التعذيب ، وأن البعض منها قد تم فبركتها بعد تنفيذ احكام الموت بهم. وقد تم تجميع المعلومات وتصنيفها قبل توزيعها على ملفات ثم ارسالها الى عدد من الدول لتكون جزء من أرشيفهم ، كدليل على ما تعرض له اليهود على أيدي النازيين. وقد ضمنت الملفات المعلومات التي أدلى بها المدير العام لمجمع الهولوكوست في أوشفيتز رودولف هوس الذي أعترف بوجود الاعدام الجماعي في المجمع الذي كان مسئولا عنه. وكذلك ما ذكره أدولف آيخمان في مذكراته التي قيل أنه كتبها أثناء محاكمته ، حيث أعترف بقتل اليهود بالغاز. وقد تحول اولئك القادة النازيين بحسب ادعاء المؤرخ إرفين وآخرين الى ضحية للدعاية اليهودية الواسعة التي رافقت محاكمتهم بعد الحرب.
أما عن حقيقة القتل بغرف الغاز فمازالت الاراء متضاربة بخصوص الأغراض التي استخدم فيها نوعين من الغازات السامة التي تأكد من وجودها في مواقع من مجمع أوشفيتز وليس في الغرف التي قيل أن الغاز قد استخدم فيها لقتل السجناء. لقد تم التحقق بواسطة خبراء عن الغازات في عدة مواقع لتحديد طبيعتها. فمثلا الغاز الذي تردد عن استخدامه في غرف الغاز وهو السيانيد ، Zyklon B ، لم يعثر له أثر على جدران غرف الغاز المفترض أنه استخدم لقتل السجناء اليهود أو غيرهم فيها. وقد برر مدير المجمع البولندي الذي كان حاضرا وقت التحقق بأن الغاز المذكور لا يترك أثرا على الجدران ، لأنه يتطاير في الهواء ، مؤكدا أنه موجود في بقايا رماد الجثث المحترقة في أفران الهولوكوست في موقع أوشفيتز. وحتى هذا الادعاء قد رفض أيضا من قبل المشككين ، لأن غاز زيكلون ب يستخدم للتخلص من جثث الموتى بتحويلها الى رماد لمنع انتشار الأمراض السارية المنتشرة حينها بين المعتقلين الذين يتدفقون الى المجمع باعداد كبيرة من شتى انحاء أوربا. كما استخدم لقتل القوراض والحشرات في المجمع الذي شكل ما فيه من محتويات كالأثاث والأغذية والملابس بيئة ملائمة لنموها وتكاثرها.
علي الأسدي -يتبع



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن