فكرة العروبة

حميد المصباحي
hamid69elmes@gmail.com

2012 / 7 / 8

الإنسان العربي,ليس حالة خاصة كما يزعم الكثير من المحللون والمثقفون,إنه ينتمي للوجود الإنساني,بكل تعقيداته وملابسات هذا الإنتماء نفسه,فعلى طول الخريطة العربية,سنجد أن العروبة كانت محصورة نسبيا في شبه الجزيرة العربية,وربما محيطها القريب أو البعيد,وكل الحضارات التي وصل إليها العرب,لم تكن أرضا خلاء,ولا وطنا مواتا,بل كانت هناك حضارات,قديمة وربما عتيقة,تفاعل سكانها مع العرب المسلمين,واكتسبوا تركيبات ممزوجة بدرجات متفاوتة,لدرجة أن الإسلام نفسه لم يفرض في بداياته إرغام الملتحقين الجدد به على التنكر لكل طقوسهم,بل بقيت الكثير منها,تمارس في خفاء أو بتحايل على الرقابات الإجتماعية التي تشكلت هي الأخرى,من معتقد وأيضا عادات ظنها الكثير تنتمي لديانات أخرى,ينضاف إلى ذلك أن الحضارات المعاصرة لم تعد تؤكد على البعد العرقي في تكوينها التاريخي,فالأعراق من أصعب ما يمكن الإحتكام إليه,كما البدايات التاريخية للوجود الإنساني أو بعض الإثنيات,ومثل هذه القضايا,طرحها لم يعد يوجد حلولا بقدر ما يضيف تعقيدات لعالمنا العربي,لكن كيف يمكن تعريف هذه المنطقة ما دامت موزعة على قارات؟
ليس هذا مبررا,لأن تظل أمة ما تعرف بعرقها,فكل دولة عربية,لها إسمها التاريخي,قبل الفتوحات الإسلامية,فمصر مصر وسورية والعراق والمغرب,كلها تعريفات بعيدة عما هو عرقي,لكن بمجرد ما تبدأ السياسة,ويتم استحضار إسراءيل إلا وتنبعث العرقية العربية,في أكثر صورها رفضا للمغاير والمختلف,لدرجة,يعتبر فيها تقسيم العالم العربي,مرادف لكل دعوة,تنشد البحث عن تعريف آخر لهذا الإمتداد,الذي يقصي الكثير من الأقليات الثقافية التي امتزج وجودها الثقافي بالعرب,وقدموا الكثير له ثقافيا ومعرفيا وحتى دينيا,هذا الحرج التاريخي,بدأ يظهر في صور رافضة في قوتها لمثل هذه الممارسات,التي قبلت من قبل,لأنها كانت مغلفة بما هو ديني,وأما عندما ظهرت الإختلافات الدينية بين الدول العربية نفسها,وأخذ الأمر يظهر وكأنه تصفية حسابات طاءيفية,فإن الثقافات الأخرى,بدأت تتزحزح,وتظهر ما كانت تضمر,خصوصا وأن الأجيال عاشت انتقالات,وتحولات,وما قبل به الأجداد,قد يرفضه الأحفاد,بحجة الرغبة في التميز,والحفاظ على الذات كما كانت قبل التداخلات الحضارية,والتحديدات الدينية,على العالم العربي,إن كان فعلا,ينشد وحدته,ألا يؤسسها على العرقي,بل الحضاري,وأن يقدم نموذجا وحدويا في الفكر أولا قبل السياسة,أو يقيم التحدي الإقتصادي,بوحدة,تعترف بالتمايزات,اللغوية والتاريخية وحتى الدينية,ليؤسس صرحا حرا بمؤسسات حديثة تمتح من العلم وليس الأساطير العرقية والقدساتية,
من قبيل دولة الخلافة أو الدولة الدينية العتيقة,دون أن يجعل من ذاته خير الذوات,ولا حضارته خيرالحضارات,لتجاوزفكرة الأفضلية,لكن كل ذلك مشروط بتحقيق التنمية,والتقدم الثقافيين,كضمانة وأساس لما هو سياسي واقتصادي,فلا هوية كاملة,ولا هوية عرقية خالصة,بالتخلص من هذين الوهمين,يكون أمام الفكر العربيوتجاوزا فرصة لتحقيق التقدم والوحدة الحضارية العامة,بعيدا عن منطق التحريضات العرقية والدينية,وكل أشكال توظيف فكرة العروبة والوحدة لخدمة المشاريع الطاءيفية والإستبدادية العتيقة,في دينيتها المراد استغلالها لضرب الأقارب قبل الأعداء.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن