من مؤتمر جنيف إلى مؤتمر القاهرة: الحرب مفتوحة !!!

عبد الرزاق عيد
mr_glory@hotmail.com

2012 / 7 / 2

باعتبار أني على الأرجح لن أتمكن من حضور مؤتمر القاهرة غدا، وذلك بغض النظر عن قراري بالحضور أو الغياب، وذلك لأن (الأمن المصري) يستخف حتى بدعوة (الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي) فلا يعطيني (الفيزا) لزيارة مصر بعد أكثر من خمس مرات منذ قيام الثورة حتى الآن... رغم أني قد زرت مصر مرات عديدة في زمن ديكتاتورية مبارك، زيارات رسمية بدعوة وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة والفنون، وزيارات مدنية ودية أقامتها مراكز بحوث ودراسات أهلية : يسارية وليبرالية وإسلامية...
ولذلك وجدت لزاما علي أن أوصل رأيي للأصدقاء من المعارضين السوريين في هذا المؤتمر، بل وغير المعارضين –وفق تقديمهم وتعريفهم بأنفسهم- الذين أشرف بعضهم على تنظيم الدعوات لهذا المؤتمر... لا أعرف كيف ومتى ولماذا.. ؟؟!! على كل حال المهم الآن أن نهيكل إطارا وطنيا عاما لبلورة موقف معارض، بعد مؤتمر جنيف، وفي مؤتمر القاهرة.
كل أطراف المعارضة السورية قرأت في مؤتمر جنيف رخصة لتجديد قتل الشعب السوري، لكن هناك من قرأ أن نص الاتفاق متعدد القراءات والدلالات، بوصفه نصا مفتوحا على تعدد القراءة والفهم، وكما يقول السيميولجيون إن هذا النص هو (نص متشظ دلاليا)..
حيث تقرير مؤتمر جنيف طيّع ومطواع، يتكيف بوظائفه مع حاجة مستهلكة سياسيا، والخلفيات المرجعية التي يستند إليها فكريا واستراتيجيا.. بما فيها الانقسام بالرأي بين ممثلي المجلس الوطني السوري العتيد، فواحدة من أربابه الغامضات في ربوبيتهم، وكيفية توليهم هذا الموقع الرباني النفوذ والسيطرة الذي لا تهزه ريح، حتى ولو مست هذه الريح الثوابت الوطنية والقومية للقوميين واليساريين، أو حتى ولو مست (كبرى اليقينيات الكونية) للإسلامين! تقول هذه القائدة الملهمة وفق معايير الإلهام الأوربية: أن ثمة (إيجابيات في التقرير) رغم غموضه، والرأي الآخر، الرئيس السابق للمجلس يشن عليه (حملة ثورية شعواء) ليس على مألوف خطابه الوادع الموادع والوديع.. لا نعرف هذه الثورية المفاجئة إذا كانت بتأثير زيارته (الوطنية اللاهبة) (سرمدا :ادلب)، أم بتأثير توجهات جديدة لاهبة للخارجية الفرنسية، رسمت شكلا جديدا لعلاقة الثنائي في المجلس الوطني من مواطنيهما السوريين –الفرنسيين.
ما ينبغي الاهتمام به جديا، هي القراءة التي أوحى بها مبعوث عنان العربي الفلسطيني في الأمم المتحدة وهو الأخ الدكتور ناصر القدوة، حيث ردا على القول: بأن مبادرة عنان الجديدة لمؤتمر جنيف ستعطي النظام رخصة دموية جديدة لمدة سنة لقتل الشعب السوري، فإنه أجاب وبشكل ذكي موارب، بأن هذه الفرصة متاحة للطرفين (طرف جيش النظام، وطرف الجيش الحر)، وذلك في سياق رده على القائلين أن المبادرة كانت في خدمة النظام الأسدي، فقال أن الآخرين من أطراف النظام تتهم المبادرة بأنها تعطي فرصة للجيش الحر لتقوية مواقعه وتعزيز صفوفه، والحصول على مزيد من السلاح النوعي في تكنولوجياه الحديثة الذي بدأ يتدفق أخيرا على مقاتلي الثورة..
وعلينا هنا في هذا السياق أن نثق بصدق النوايا الفلسطينية في مدى تضامنها العميق مع الشعب السوري ومدى احتقارها وازدرائها الكاره باشمئزاز وقرف لعصابات النظام الأسدي التي عانوا منها ومعها أكثر مما عانوا من ومع اسرائيل، بل ليس أقل ما عانينا نحن كسوريين مع همجية وبربرية هذه العصابة الأسدية المتوحشة... وهذا التشخيص ينطبق حتى على المثقفين الذين نعتب عليهم بين الفترة والأخرى : حبا وتطلبا، لا عداوة وتجنبا، كالمفكر العزيز الدكتور عزمي بشارة، والأستاذ عبد الباري عطوان الضمير الفلسطيني والعربي الحي رغم عروبياته الشعبوية الضرورية مهنيا.. بل إنني أتعاطف مع الأخوة في حماس كيف يبحثون عن المخارج التي تجنبهم المجاهرة باحتقار هذا النظام البربري، ومن ثم إظهارهم تعاطفهم وحبهم للشعب السوري...
نحن هنا تجاه معادلة سياسية عقلانية محكمة الأطراف بلا مشاعر أو عواطف، لا يفيد معها التنديد أو التقريظ... ولهذا لن نعمد إلى خطابنا التعبوي الضروري في حالات كثيرة كعادتنا عند الحاجة، لكن ليس في مثل هذه الحالة، هذه المعادلة تضعنا على طرف مساو في الخيارات مع الجميع... أي لدينا فرصة مثل الجميع بأن نثقّل موازين قوانا... حيث (المعتوه) الأسدي الصغير يعلن أنه يعيش حالة حرب ويدعو للتعامل مع الحالة السياسية واليومية وفقا لرؤية الحرب هذه، وهذا الكلام يطلقه علنا وعلى مرأى ومسمع الإعلام وأمام الرأي العامل العالمي... وعلى هذا علينا أن نعتبر كل من لا ينظر للمرحلة المقبلة من المعارضة السورية على أنها مرحلة حرب واستنفار شامل للقوى يقر به حتى المجتمع الدولي ولو بشكل مضمر غير مباشر كما عبر عنه الصديق الدكتور ناصر القدوة...
إن كل من يراهن على ممكنات مصالحة وحوار ومشاركة في حكومات وحدة وطنية مع العصابات الأسدية الحاكمة، لن يكون أكثر معتوهية من هذا (الملتاث العصابي ذهانيا) وريث الطغمة الأسدية (الثأثاء الأسدي)، سيكون هذا المعارض المفترض لممكنات التسوية والمصالحة مع (الثأثاء الأسدي) من خلال المراهنة على ممكنات مرحلة قادمة قابلة للحوار والتسوية وليت مرحلة تصعيد مكثف وحشي وجنوني انطلاقا من توصيف (المعتوه الثأثاء) لمستقبل حربه مع شعبه الذي يجري له عملية جراحية على حد تعبيره..
إن كل مراهن على الحوار والمصالحة – من المعارضين القادمين من سوريا أو من الخارج- ليس معتوها فحسب، بل و مشبوها ومأجورا ليس للمخابرات فحسب السورية بل والروسية والإيرانية معا... بل وإنه من التواطؤ في الجريمة ضد دم الشعب السوري، وفي أحسن حالات النوايا الطيبة الساذجة التي لا تريد خلافا بين المعارضين السوريين، سيكون من الحمق اعتبار كشف مثل هؤلاء المتواطئين الإيرانيين والروس هو إثارة لخلافات غير مفيدة في هذا الظرف الصعب... بل نقول إن وجود بعض السوريين -مهما كان عددهم قليلا- ليكونوا جاهزين لتسويق المبادرات الروسية ومن ثم الإيرانية والأسدية بالضرورة، إن كان باللقاءات المباشرة أو على القنوات الفضائية الإيرانية (المنار-العالم –الميادين)، و الفضائية الروسية تعتبر خدمة مكشوفة وفاضحة للعصابات الأسدية وخيانة صريحة ومكشوفة وفاجرة لدم أطفالنا، ودماء العذارى من حرائرنا... حيث هؤلاء (المعارضون) يقدمون أمثلة لممكنات وجود ولو سوري واحد في العالم –معروف إعلاميا-يقبل بالخيانة لدم شعبه بالقبول بالحوار مع سفاح قاتل للأطفال، وذلك باسم الاعتدال ورفض العنف الذي يعلنه أمثال هؤلاء المعارضون المرتزقة المتعيشون على دماء وأشلاء شعبهم وشبابهم، وباسم سلمية الثورة من خطر الإرهاب... وهؤلاء الجواسيس الخنازير، يجب فضحهم والتنديد بهم ووضع حد لسلوكهم الخياني من قبل قوى الثورة في الداخل، بوصفهم عناصر مساهمة بهدر دماء شعبنا السوري وقتل أطفاله واستباحة أعراضه !!!
نحن الآن في حالة حرب مفتوحة مع العصبة المافيوية الميليشية الأسدية، وذلك وفق إعلان أعلى سلطة رمزية تشبيحية في الحكم الهمجي الأسدي، وهو (الثأثاء الأسدي) ذاته، حيث أعلنها المعتوه الجزار كحرب صريحة على مجتمعه وشعبه، وطالب بتطبيق قوانين الحرب على حياة البلاد... وعلى هذا يجب على قوى الثورة أن تواجهه وفق نظم الحرب التي أعلنها بنفسه، أي أن تطبق قوانين الحرب من خلال العودة إلى فقهاء القانون في صفوف الثورة، وليس للاعتباطية الغريزية والعاطفية... وذلك من أجل وضع حد لهؤلاء الخنازير الذين تحضرهم روسيا وايران، لتحويل سوريا إلى حظيرة خنازير للولي الفقية الإيراني والرفيق الطائفي العروبي البعثي الأسدي، أو الرفيق الأممي المافيوي البوتيني الكيجييبي...
أي ببساطة على المجلس الوطني، وكل قوى الثورة السورية، أن تنطلق من أن اللحظة الراهنة والقادمة، هي لحظة حرب كما يعلنها المالك الحصري (الثأثاء) لكل قوى التسلح والسلاح الرسمي المنظم في البلاد، ومن ثم شرعية احتكاره لوسائل العنف والقهر باسم شرعية تمثيله لبقايا دولة ! وبالتالي ما علينا سوى تحشيد قوانا لوضعها كلها تحت تصرف " إدارة الحرب الشعبية بقيادة الجيش الوطني الحر"... وهذا الأمر مشروع ومبرم، ولن نسمح في زمن إعلان الحرب لأي خنزير أو خنزيرة أن يتقيأ علينا بقراءات تجشؤية تشيد بايجابية قرارات دولية لم يدافع عنها أحد إلا بوصفها الحد الأدنى الممكن لتلاقي أطراف متنابذة، مما خلق انطباعا أجمع الكل عليه، وهي أن هذه المبادرة، ليست هي إلا مبادرة انتظار حسم المعركة بين النظام والشعب ما دام المجتمع الدولي حتى الآن لا يريد ولم يقرر لأسبابه أن يتدخل... وذلك لأنها بالأصل ليست إلا مبادرات مفتوحة للقراءة وقابلة للتأويل...
ولهذا لن نقبل بأي تأويل يعطي هذه المبادرات بعدا ايجابيا زائفا مع سفاح أعلن الحرب منذ اليوم الأول لقلع أظافر أطفال درعا، نعم لن نقبل تأويلات ذاتية مغرضة بعد إعلان المجتمع الدولي أنه غير قادر أن يفعل شيئا في سوريا سوى أن يحسم أحد الطرفين (السلطة والشعب) المعركة وذلك وفق مؤدى منطوق المبادرة... فنحن علينا أن لا نشتت قوانا وبرامجنا وقراءاتنا وتأويلاتنا إلا لبرنامج واحد، وهو كسب الحرب ضد عصابات القتل والإجرام الأسدي مهما كلف الثمن حتى نسقط هذا السفاح المجنون، أو يسقطنا بالسلاح الكيماوي أو النووي، إذا كان ضمير العالمي يتسع لمثل هذا الخيار... إن الشعب السوري الذي حطم مملكة الصمت وهدم جدار الخوف الأسدي قادر أن يتحدى حتى سلاحهم النووي.. لأنه لم يعد يخاف منهم ومن سلاحهم ووحشيتهم، لقد انكشفوا أمامه عن جبنهم ونذالتهم ووغادتهم بقتل الأطفال، وحقارتهم وصغارهم ودناءتهم عندما يعتدوا على شرف من يفترض أنهن شقيقاتهن وأخواتهن في الوطن... حيث اقتنع الشعب السوري أن من يمتلك في وعيه وضميره معنى للشرف لا يمكن أن يقترف ما اقترفه الجيش والشبيحة الأسدية من انتهاكات لشرف النساء... فهؤلاء أقوام همج لا يملكون أي معنى للمدنية البشرية والتحضر الإنساني ويتساءل المرء كيف يمكن لاحقا –مهما طال الزمن أو قصر – أن تتعايش أو تتساكن معهم شرائح أخرى من أبناء شعبهم... لأن هؤلاء يعتقدون أن إفلات الغرائز الهمجية العنفية بذبح أطفال أبناء إحدى الطوائف قطع لنسلهم المستقبلي، واغتصاب نسائهم هو إهانة وتحطيم لمعتقداتهم المتخلفة عن العرض والشرف الجنسي البائد... بل هو عنوان المدنية والحداثة ومواجهة الأصولية والتطرف.... وذلك اعتمادا على النهج الفكري والفلسفي لأحد قادتهم (الشبيح الأسدي الثاني بعد أخيه المقبور الطاغية الأول، صاحب مأثرة إبادة مساجين تدمر)، حيث أسس للحداثة الطائفية الهمجية تلك بنزع الحجاب عن رؤوس النساء في شوارع دمشق، وربما حسبت له مأثرة عند الرفاق الروس، خاصة عندما نبه (لافروف) إلى خطر طائفة السنة –طبعا الرجعية وربما "الأقلية" حسب معلومات الـ(ك ج ب) الروسية- بأنها تريد أن تستولي على الحكم !!! وأنها بالتالي ستطفئ مشاعل "التنوير الأسدي"... الذي يقدم له المافيات الروسية التسلطية الطائرات لمحاربة (الرجعية السنية : بذبح أطفالهم لتخليص البشرية من مستقبلهم الإرهابي وتحرير نسائهم باغتصابهن)!
لقد سلطت الضوء في كلمتي بمؤتمر المجلس الوطني لأصدقاء سوريا في اسطنبول: إذا كنا في المرحلة السلمية للثورة التي دامت أكثر من ستة شهور، لم نستطع أن نبلور موقفا صريحا وواضحا في مطالبة المجتمع الدولي بدعم ثورتنا المدنية السلمية الرائعة في مدنيتها ومطالبها الديموقراطية في الحرية والكرامة قبل أن يجبرها النظام بوحشيته على العسكرة، لكن مع الأسف فإن المجتمع الدولي ضيع الفرصة على شعبنا والمنطقة والعالم بخسارة البعد المدني الأرقى في ثورات الربيع العربي... فعلى الأقل ينبغي أن نستفيد من خطأنا في المرحلة الأولى: وهو خطأ التردد والتناقض في المواقف والتفاوت في درجة الحماس للوقوف إلى جانب الثورة... فإنه علينا الآن ما دامت الثورة فرضت على أبنائها حق الدفاع عن النفس والثورة عبر السلاح، فيجب أن تنصب كل جهودنا باتجاه دعم الثورة بالسياسة والمال والسلاح، وأن لا نشتت جهودنا في جدل بيزنطي حول (سلمية الثورة أو عسكريتها)، وذلك لأن شعبنا هو صاحب القرار في سلميتها في الشهور السبعة الأولى، لكن عصابات الأسد الميليشية التشبيحية هي صاحبة القرار في عسكرتها منذ بداية قلع أظافر أطفال درعا، وبتر قضيب الطفل حمزة الخطيب في الشهر الثاني للثورة... وشعبنا المتطلع بكل هذه الأشواق إلى الحرية والتي قدم لها الآلاف من الشهداء بالصدور العارية... سيكون بالتأكيد أكثر قدرة وصمودا ومواجهة على تقديم الشهداء وهم يدافعون عن أنفسهم على الأقل... بما فيها حتى توقعنا من نظام بربري همجي طائفي، مؤيد ومدعوم من نظام روسي مافيوي أكثر همجية يضع سلاح دولة عظمى في خدمة عصابة مافيوية تسلطية، وايراني يتقرب إلى الله بالقتل والخيانة والتزوير ما دامت في خدمة مصلحة الولي الفقيه وفق فتاويهم الشريفة، بشرف أموالهم التي يباركها ويتعطر بأريجها السيد حسن نصر الله... نقول إن شعبنا سيخوض المعركة رغم كل هؤلاء العتاولة الزنيمين الذين يمكن لموروثهم الوحشي (الستاليني) أن يدعم النظام الأسدي حتى ولو بالسلاح النووي... فشعبنا رغم كل هذه التهديدات حسم قراره بأنه سيسقط الجزار بيديه لا بيد عمرو، دون خشية من نووي أو كيماوي أو أي كلفة يتطلبها الأمر...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن