وداعا نبيل.. والى الابد

كفاح جمعة كنجي
kkunji@hotmail.com

2012 / 5 / 18



من عشار البصرة الى الى كه فرى وزير وقمم جبال كارة ومتين ، ومن مقاعد الكليّة وحمل الكتب في جامعة البصرة الى ساحات مقارعة أشرس دكتاتورية عرفها تاريخ بلدنا الذي يسمونه (عراق) .ومن منفى الى آخر يا(نبيل ) يكون قد إنقضى خمسون عاما من العمر.. نعم خمسون عاما مليئة بالعذاب والصبر والنجاح والفشل والفرح والحزن والموت والوداع والفراق واللقاء وأنين وبكاء وغربة وحنين.. بصداقات جديدة وأماكن جديدة، ومن لغتك العربية الى الكردية التي اتقنت منها لكنتها البروارية والمزورية والايزيدية وكنت محل احترام وإعجاب أهلها كونك لم تكن تخجل ابدا من التحدث بها حين تخطىء نطقها حتى تعلمتها.
وأخيرا حللت بعيدا عن الوطن الذي أحببته وأفنيت من أجله أجمل سنين شبابك.. حللت بعيدا عن بغداد والبصرة وبعيدا عن عين كلوك في قمة جبل خورزان وكرساف ومن ازوخ وارماش وكه لي رمان ومراني الى حيث الانجماد الدائم الى ابعد نقطة في شمال كرتنا الارضية كان المنفى الاخير في فنلندا .
لااعلم يانبيل هل عزلة القطب الشمالي المتجمد هي السبب الذي جعلك تنقطع عنا كل هذه السنين؟ مازلت في حيرة من أمري أبحث عن مبررات ذلك الانقطاع الطويل..
عرفتك ،نشطا، جريئا ،صادقا وأمينا ونبيلاً لكل الاهداف التي اخترتها لنفسك، بسيطا كبساطة عمال البناء في بلدنا حين يفترشون الارض ساعة الظهيرة لتناول غذاء الاستراحة على ورق الجرائد او قطعة قماش بالية وهم في غاية السعادة .
كتبت لك كثيراً. كتبت لك من سفوح جبل قنديل ومن نوكان ونوزنك لك ولكل الاصدقاء.. كانت رسائلي تصلهم جميعا، إلا رسائلك يا نبيل.. لم يصلني منك شيئاً..
حملنا هموم الناس. وتركنا هموم أهلنا وأحبتنا ومنازلنا وغدونا كما اعتقدنا ثواراُ من أجل غد جديد اردناه ان يختلف عن أيامنا التي عشناها يكون فيه الانسان في بلدنا اسمى قضية وهدف.. وضع كل منا (عليجة، جُهورك) على ظهره جاعلاً منها منزله الجديد، فيها كل شيء من إبرة الخياطة إلى الخبز.. كنا ننشد حياة كريمة للناس ولانفسنا. فقدنا في طريقنا الوعر ذاك أصدقاءً كُثراً.. مازلت اتذكر دمعتك على (روبرت) حين استشهد، أذكر كيف بكيته يانبيل بحرقة وألم، لن أنسى أبداً تلك الدموع الصادقة.. مثلما أذكر الروايات التي قرأناها معاً وكيف كنا نتابع بشغف كرة القدم من الراديو صوت بلا صورة وكيف كنا نتقافز فرحين حين يسجل منتخبنا نصره الكروي وأهدافه الجميلة.. لقد انطوت حياتنا يا نبيل برغم كل ما بذلنا من جهد دون أي انتصار شخصي سوى انتصار وحيد لا يحققه غيرنا هو انتصارنا على ذواتنا التي جعلناها في آخر سلم أولوياتنا.
وها أنت ترحل بحادث لا أدري شيئاً عنه سوى ما ذكرته برقية رفاقك في فنلندا أنه (حادث مؤسف) ما زلت أبحث عن تفاصيله دونما جدوى.. أنه رحيل مؤسف يا صديقي.. ستبقى منزلتك في القلب ولن ينساك كل من عرفك.. الصبر والسلوان لزوجتك وولديك..

18.05.2012

البطاقة الشخصية
عامر عبد الرحمن منصور الجويسر(نبيل)
مواليد البصرة 1960
التحق بقوات الانصارالشيوعيين في ثمانينيات القرن الماضي تاركا كليته ومدينته.. كان مثالاً للجدية والحماس في العمل، لحين قرارره النزول إلى الداخل لمواصلة العمل الحزبي عبر الصلات والعلاقات الحزبية التي كانت له أيام الجامعة.. وكغيره من الأنصار وبعد عمليات الأنفال غادر البلد لتتناقله المنافي حتى استقر في فنلندا منذ عام 1992



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن