الايدلوجية الفيسكية هي الحل

محمد شفيق
m_sh6861@yahoo.com

2012 / 5 / 11

سابقا رفع الاسلاميون شعار " الاسلام هو الحل " في تاكيد على ان الاسلام قادر على حل كافة مشاكل وازمات العالم ، قابله التيار العلماني برفع شعار " العلمانية هي الحل" في تأكيد على نفس المعنى اي ان حل المشاكل والازمات يكمن في الدولة المدنية. وسط الصراع القائم بين اثبات " الاسلام هو الحل " او " العلمانية هي الحل " يطل علينا الصحفي البريطاني الرائد روبرت فيسك الذي قام بزيارة العراق مؤخرا ليطلق شعارا ثالثا " التعليم هو الحل " وكأنه ينظر لايدلوجية جديدة وذلك بعد استعراضه مشاكل وازمات تمر بها البلاد. وفيسك لمن لايعرفه هو واحد من الصحفيين البريطانيين المخضرمين شهد العديد من الحوادث والتطورات والحروب في منطقة الشرق الاوسط . يؤكد فيسك في تصريحات اوردتها صحيفة "دلي ستار " البريطانية بأن الحل للمشاكل الرئيسة في البلاد في الوقت الحاضر يكمن في التعليم فمشكلة التعليم لا تخص العراق وحده بل ربما تكون من المشاكل الرئيسة في العالم العربي. في العراق حيث الصراع السياسي على اشده والمهاترات الاعلامية تبلغ ذروتها لن يجد حديث فيسك هذا صداه لدى الساسة وصناع القرار ، لان الحديث عن هكذا مواضيع هو نوع من البطر والنرجسية والتغريد خارج السرب!! وهي بالمناسبة ليست بالجديدة فقبله عندما اراد شارل ديغول الزعيم الفرنسي المعروف تحرير بلاده كان سؤاله الاول عن حال الجامعات الفرنسية فعندما اجيب بان حالها جيد قال اذن استطعنا تحرير فرنسا . بل والاغرب من ذلك ،ان المانيا عندما كلفت لجنة بدراسة اسباب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية قدمت اللجنة تقريرها المكون من ثمانية اسباب كان احد تلك الاسباب هو ضعف مستوى الطلاب في الرياضيات !! اذن فلاغرابة ولابطر فيما قاله فيسك بل ان استنتاجه ينم عن تفكير ستراتيجي ، ولشديد الاسف اننا لم نسمع رئيسا او مسؤولا عربيا واحدا من الذين تبوؤا السلطة بعد اسقاط الانظمة الدكتاتورية يتكلم عن اصلاح الواقع التعليمي ، كان التعليم بعيدا كل البعد عن خططهم وبرامجهم لنهضة بلدانهم فراحوا يتكلمون عن الحرية والعدالة والمساواة الى ازمة البنزين !! فيما لم يكلفوا انفسهم بالحديث عن المؤسسات التعليمية والتربوية.
ان ما تحتاجه البلاد اليوم هو " ثورة " حقيقية لاصلاح الواقع التعليمي والتربوي ليس في العراق فحسب بل في العالم العربي بأسره خصوصا اذا شاهدنا سباق العالم في تقديم الخطط والبرامج والستراتجيات المستقبلية لنهضة الواقع التعليمي والتربوي ، ولعل اشد ما أثر بي هو تصريح بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت العالمية الذي عقد مؤتمرا صحفيا في العام الماضي قال فيه: اننا في شركة مايكروسوفت نجد صعوبة في العثور على خريجين اكفاء لتعيينهم في الشركة ، كاشفا عن خطة، بأن يقوم بالتبرع بجزء كبير من ثروته ( غيتس هو ثاني اغنى رجل بعد المكسيكي من اصل لبناني كارلوس سليم ) من اجل اصلاح التعليم في الولايات المتحدة الامريكية . اذا كان غيتس يقول ان الولايات المتحدة التي اقل ما توصف انها "شرطية العالم" التعليم فيها ليس بالمستوى المطلوب، وانه يجد صعوبة في العثور على طلبة اكفاء ، ماذا علينا ان نقول وان نفعل نحن؟! وقد اصبحنا ننافس الجامعات الافريقية على ذيل التصنيفات العالمية للجامعات في العالم، والامر . تعليمنا فاشل وهي ربما كلمة لاتفي بوصف الواقع ولايمكن ان نعتمد على اصحاب شهادات اليوم ان يكونوا عناصر فعالة في المجتمع او ان يقدموا شيئا لاختصاصاتهم . ان فيسك دق جرس انذار جديد لحكومة العراق والعالم العربي ،بان مفتاح كافة المشاكل والازمات تكمن في ايدلوجية جديدة ، تعني باختصار التعليم هو الحل.

m_sh6861@yahoo.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن