قراءة في احصاءات وزارة حقوق الانسان

ابراهيم المشهداني
abu_andolus@yahoo.com

2012 / 5 / 2

بينما كنت أتفحص الأرقام الإحصائية المنشورة في الإصدار السنوي لوزارة حقوق الإنسان لعام 2011 الذي عمم إلى كافة الوزارات استوقفني بشكل خاص الرقم الإحصائي المتعلق بعدد المعتقلين خلال سني الحكم الديكتاتوري ألبعثي فتشير هذه الإحصاءات إلى إن العدد 3874 معتقلا مما اثأر لدي دهشة غير معتادة لغرابة الرقم وتواضعه وكان المختصين الذين توصلوا لهذا الرقم لم يكونوا من العراقيين أو عراقيون ولكنهم عاشوا خارج الوطن وفي غابة نائية لم يقرؤا جريدة أو تقريرا خاصا بحقوق الإنسان صادرا في الإعلام الأجنبي حول ما يجري في جمهورية الرعب .إذ لوكان هذا الرقم ولا نقول دقيقا ولكن قريبا من الدقة لكان الاستنتاج الوحيد الذي يمكن من خلاله وصف النظام السياسي آنذاك بكونه مثاليا في ديمقراطيته أذان هذا الرقم يقل كثيرا عما يجري في اعرق النظم الديمقراطية على فرض إن نصف هذا الرقم إن لم يكن أكثرهم معتقلون لأسباب غير سياسية وبالتالي إن مثل هذا الرقم المتواضع في اعتى ديكتاتورية عرفها تاريخ العراق وعلى مدى خمس وثلاثين عاما وحتى لواضفنا إلى الرقم عدد السجناء السياسيين المنشور في هذا الإصدار والبالغ 16765 سجينا لبلغ المجموع 20640مفترضا إن السجناء قد استهلوا مرحلة السجن بمرحلة الاعتقال وحتى قي هذه الحال هل يمكن تصديق صحة هذا الرقم؟
وفي موضع أخر تشير إحصاءات الوزارة المعنية إن عدد الموقوفين في وزارات الداخلية والدفاع والعدل والعمل والشؤون الاجتماعية قد بلغ 15916
دون إن توصف هؤلاء الموقوفين هل هم من السياسيين أم بقضايا أخرى أم هم خليط بين هؤلاء وأولئك إما عدد المحكومين في الوزارات ذاتها فقد بلغ عددهم 19289وهنا أيضا لم يجري التمييز بين إن يكون الموقوفون متهمون بجرائم الإرهاب أم بجرائم عادية مما يصعب التوصل إلى استنتاجات دقيقة بحجم نوع الجريمة وطبيعتها وهو الأمر المهم والحاسم بالنسبة لأصحاب القرار لتحديد وسائل مكافحة الجريمة وأدواتها وهذا هو جوهر الفائدة من الإحصاءات التي تنشرها الجهات الرسمية .
ومن الجدير بالإشارة إلى إن وزارة حقوق الإنسان أكدت وقوع حالات تعذيب في سجون الوزارات والقوات المشتركة وهذا الاعتراف من جهة ذات اختصاص يدحض التصريحات النافية لوجود حالات تعذيب صادرة عن مسئولين في وزارة الداخلية وبعض ممثلي الكتل السياسية في مجلس النواب على الرغم من تواضع عدد الحالات المنشورة التي تبلغ بحسب المصدر نفسه 467 حالة و تقدرها مصادر عديدة بإضعاف الرقم المنشور,ومن الثابت إن ممارسة التعذيب أمر مرفوض في كافة اللوائح القانونية المحلية واللوائح الدولية متمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان واللجوء إلى أساليب التعذيب تدلل إما على عدم توفر أدلة الإدانة وتحاول اللجان الحقيقية اكتشاف هذه الأدلة بأساليب التعذيب التي عفا عليها الزمن أو إنها تنساق وراء ما يعرف بالمخبر السري أو بسبب الاختلافات في الأجندات السياسية الأمر الذي يكون التعذيب وسيلة لإرهاب الطرف الأخر وتقييد حركته والتجاوز على الحريات العامة التي كفلها الدستور مما يتعين على مجلس النواب تشريع القوانين التي تشدد على معاقبة العناصر التي ترتكب جريمة التعذيب في بلد اختار الديمقراطية نظاما للحكم ويتعين على الأجهزة الأمنية الالتزام بروح هذا النظام ومعاقبة الأشخاص الذين يتبعون وسائل التعذيب .
وخلاصة القول إن وزارة حقوق الإنسان التي بادرت في خطوة تستحق الثناء بنشر إحصاءات تمتنع الوزارات المعنية من نشرها ،مدعوة لإعادة النظر بالتحقق من الأرقام المتعلقة بعدد المعتقلين في زمن النظام السابق الذي لم يكن بالآلاف وإنما بمئات الألوف إن لم تكن بالملايين وان ما تنشره مؤسسة السجناء السياسيين من أرقام إن كانت إحدى مصادر وزارة حقوق الإنسان لان النظام البائد قلما يترك أدلة تدينه في محاربة وقمع معارضيه وان المؤسسة المذكورة غالبا ما تعتمد على الأدلة والقرائن التحريرية بالإضافة إلى إن الآلاف من المعتقلين قد هجروا قسرا إلى مختلف دول العالم ولم يراجعوا المؤسسة المذكورة لإثبات الواقعة كما انه من الواضح إن حالات التعذيب المنشورة في إصدار وزارة حقوق الإنسان على تواضعها أخذة بالتزايد فعلى حين كانت هذه الحالات في عام 2005 اثنان فقط فإنها في عام 2011 وصلت إلى 161 حالة أي بنسبة زيادة مقدارها 8000% وهذه نسبة مرعبة مما يتوجب على الوزارة المذكورة انطلاقا من دورها الإنساني تحليل البيانات التي تنشرها واتخاذ الإجراءات القانونية للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت في عداد التاريخ بالنسبة للدول الديمقراطية أو التي أخذت تنتهج هذا الطريق.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن