المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة بالمحروسة

ميمد شعلان
al-bik@hotmail.com

2012 / 4 / 26

نجد ممالاشك فيه بأن الثورة العلمية والتكنولوجية تمثلت بمبدئها حول فكرة الأوتوماتية ودورها في اللقاء المباشر بين العمل والإنتاج.. والتي فرضت نفسها بشكل كبير عن البناء اليدوي العسير بإصطحابها لروح الميكنة والنظام الآلي، فبالنظر عن ثورة المعلوماتية وتأثيرها علي تركيبة الطبقة العاملة في مصر.. فقد لمسنا أبعادها ولو بشكل كيفي في نوعية الإفادة التي ستخرج من وراء إستخدامها في قطاعات عن قطاعات مازلت تعاني بمبتغاها الشكل التقليدي لها..! فقد يكون مرسوما بعقلية تبنت الماضي الذي ترسخ لديها بعدم القفز خارج النطاق المهمش لهم دائما وأبدا، فتولدت لديهم كعقيدة مهنية..! وقد يكون العامل المصري راضخ لسياسات النظام البائد الذي فرض طاعة المعلوماتية بقيود..! فخرج (وحش النظام) يساعده من أجل كسب منفعة شخصية وتحقيق ثروات طائلة تخدم شخصه، أما عن الجانب الآخر وبما يخدم صالح العام.. فأبلغ مايقال عنها في المحروسة ترسمت بألف باء حرمان!
نعي بأن مفهوم الطبقات الإجتماعية يرتبط وبشكل أعم وأشمل بمفهوم الإنتاج وخطط الإنتاجية، فتطورات بنية الطبقة العاملة المصرية مرت بعدة مراحل:
المرحلة الأولي..
وهي تلك المرحلة الي يقال مرحلة ماقبل التأهيل، حيث سيطرة الرأسمالية والنفوذ الأجنبي علي الإقتصاد.. ومنها علي النقيض إستخراج شهادة ميلاد بعمال عنابر السكة الحديد وعمال الترام وهؤلاء كانوا القلب النابض لتلك المرحلة من أجل إستعادة الروح المسلوبة من عنجهية البرجوازية في ظل وجود الإستعمار البريطاني في البلاد.
المرحلة الثانية..
وتميزت بالصدام الواقع بين الوفديين والنقابات العمالية في معركة لتكسير العظام من أجل إثبات الذات وحق تقرير المصير محاولة في تأسيس إتحاد عام للنقابات، فظهر عمال الغزل والنسيج كفئة تلعب دورا هاما في بنية الطبقة العاملة وخطط الإنتاجية المرجوة.
المرحلة الثالثة..
وبها تقلص النفوذ الأجنبي وزادت معها صعود الرأسمالية المصرية، ومنها تبلورت مراكز عمالية في بؤر جديد كشبرا الخيمة والمحلة الكبري.
المرحلة الرابعة..
وتميزت هذه المرحلة بصعود أكبر للرأسمالية وإسقاط الإقطاع وشكلت المؤسسة الإقتصادية كمنظومة هامة هائلة للبلاد في ذلك الوقت.. ولأول مرة تأخذ الطبقة العاملة كيانها ويصبح لها صوتها التشريعي في برلمان 1957.
المرحلة الخامسة..
فدخلت مصر حينها وبالسيتينيات عصر الصناعة وذلك بعد الإعلان عن الإنفتاح الإقتصادي ومواكبة حركات تصنيع كبري وظهور الصناعات الحربية والثقيلة.. وماتلي ذلك من نشأة القطاع العام والذي دعم المراكز الصناعية القديمة كشبرا الخيمة والمحلة الكبري.. مرورا بكفر الدوار وطنطا حتي مدينة حلوان الصناعية.. وليصب كل ذلك في مصلحة 300 شركة وأكثر.. مقابل 100 وأقرب من المائة شركة للقطاع الخاص.
المرحلة السادسة..
وشهدت هذه المرحلة إنقضاضا علي إشتراكية عبدالناصر بما شمل معها المكتسبات الإقتصادية والإجتماعية للبروليتاريا وتقلص دور القطاع العام.. وفتح الباب أمام رأس المال الأجنبي الأهوج مع التوسع في منحه المزيد من التسهيلات الهدامة.
المرحلة السابعة (مرحلة الهدوء قبل العاصفة)..
فقد أعلنت المرحلة عن نفسها بإنطلاقة هائلة للقطاع الخاص والإجهاز علي ماتبقي من القطاع العام، وماتوازي مع كل ذلك بموجات مدوية متعاقبة من البطالة وغلاء الأسعار توجتها الأزمة الإقتصادية العالمية.. أثناء ذلك أتضحت لنا الرؤية شبة كاملة بتراجع دور الطبقة العاملة التقليدية في عملية الإنتاج في مقابل ذلك تنامت دور شرائح إجتماعية وسطي ماقل منها وماكثر وتحلل الحدود الطبقية القديمة في حدود المسموح ودون إحداث أمر جلل قد يضر بالكم والكيف!
البطالة مشكلة إجتماعية وإقتصادية كبيرة جدا في العالم العربي، وتهتري مجتمعنا المصري بشكل أبعد مايكون آفة تصيب رونق محصولنا وهو قطاع الشباب.. فسوق العطالة يزداد عددا وظلما وعدوانا.. وأقرب ماوصل إليه الآن هو الكفاح من أجل التغيير، وما ثورات الربيع العربي إلا كنسيم الصباح الذي خرج يفتش عن نفسه من جوف الليل الغميق؛ من أجل عيش.. كرامة.. عدالة إجتماعية. فتشجيع الشباب علي فتح أفق جديدة في عالم المال والعمال ستكسبهم ثقة في تحقيق الأمل المنشود.. فلدينا المشروعات الصغيرة التي خلقت من أجلهم والحوالات والقروض البنكية التي ستلبي رجائهم في القضاء علي شبح البطالة.. هذه من جهة! أما من جهة أخري علينا مراعاة تبني مشروع الحدود الدنيا والقصوي للأجور.. فهذا ماسيولد نوعية جديدة من الثقة المتبادلة بين المواطن والجهة التنفيذية والتشريعية التي ستتولي دور المراقب في تنظيم المسائل بينهما.. أما الدور الرقابي فهي تلك المعايير التي تقتضيها الحاجة لتثبيت دعائم التنقيح المركزي لسوق العمل وضخ الشباب بها.
وبالرغم من حيثيات الموضوع التي التي ألقت بنا علي الربيع العربي ودورها البارز في إحداث نوعية التغيير المأمول إرساء أعمدتها، إلا أنها لم تحقق أهدافها لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي كانت القوة الرئيسية لتلك الثورات.. والسبب واضح وضوح الشمس في كبد السماء.. وهي تلك الإنهزامات طويلة الأمد التي أصابت الحركات والإئتلافات الثورية والتي جعلت من الحشود العمالية والشعبية عموما تشعر ببصيص مايستشعرها بالقلق من تحقيقها لغد مشرق، بل وتركزت الآمال أكثر من ذلك في ربوع المنظومة الإسلامية والتي يعتبرها الكثير والكثير الأكثر تنظيما.. الأكثر تكليفا وتشريفا.. والأقل تكلفا.. والأكثر إحتواء.. والأكثر تحقيقا للرغبات! فمن بعد سقوط الماركسية في أوربا الشرقية وقد تولد لدي الناس تحولا في إستنباط حلقة أخري من التوافق.. ليس توافقا أيديولوجيا وممنهجا، لكن توافقا عقائديا ومحتويا جوهريا بالغ الذكاء.. حتي جاء جاك أوستري وقال: أن طرق الإنماء الإقتصادي ليست محصورة في النظامين الرأسمالي والإشتراكي، بل هناك إقتصاد ثالث راجح.. وهو الإقتصاد الإسلامي! فهل حان الوقت؟! تحياتي. الكاتب والناقد السياسي/ ميمد شعلان.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن