يموت الرجال في بابا عمرو كالاشجار وسط عاصفة من الصمت

سهيل ابراهيم عيساوي

2012 / 3 / 4

ما يحدث في سوريا من مجازر في وضح النهار امام عيون العالم والكاميرات , عمل فظيع , وجرائم بحق الناس العزل المطالبين بتذوق نسيم الحريات والانفلات والانعتاق من كابوس الدكتاتورية والقمعية , كما يبدو ان الضمير العالمي في اجازة مفتوحة , يصم اذنيه عن صرخات الارامل والايتام ويفمض عينيه عن اشلاء الشهداء , النفاق العالمي والعربي وصل ذروته في الازمة السورية , ما حدث في مدينة حمص وتحديدا في حي بابا عمرو الاسطورة والشجاع والذي تعرض لشهر من الحصار والقصف والتجويع والترهيب والقتل , الحي يواجه وحيدا المدافع والدبابات والطائرات , العالم يترك جيش دولة ينفرد بحي اعزل وبصدور عارية تتصدى للقذائف المجنونة الرعناء , جيش جرار قوامه 7000 من الجنود المدججين بالات الموت والقتل وصدور متاججة بكتل من الحقد ,وخالية من مخافة الله وبقايا الانسانية , كل هذه الحشود لسحق حي وان كان يتحصن به بضع عشرات من الجيش الحر المنشقين عن الجيش النظامي , ما كان على العالم الحر ومن يتشدق بحقوق الانسان ان يسمح لجند بشار الاسد , ان ينفرد ويفتك بسكان عزل , ثم يستبيح الحي يقتل ويذبح الناس الابرياء وفق شهادات الناجين من الحي حدثت اعمال انتقام واسعة بعد نجاح قوات بشار الاسد من السيطرة على حي بابا عمرو من تصفية واعدام لعشرات الشباب واعمال اغتصاب للنساء وذبح للرجال وتشويه للجثث واهانتها , وحرق وتدمير لما تبقى من الحي المتهدم واعتقالات تعسفية , ثم الاصرار على منع فرق الاغاثة من دخول الحي لاخفاء اثار الجرائم التي ارتكلت بحق السكان , والجرائم طبعا لم تقتصر على حي بابا عمرو انما امتدت على احياء اخرى في مدينة حمص ليشمل العقاب كل المدينة الثائرة الصامدة , والتي لم تستلم لسقوط ركن من اركان الثورة , فالقذافي استمات ليدك مدينة الزاوية حتى نبشت كتائبه قبور الشهداء , لكن لهيب الثورة الليبية لم يخمد لسقوط الزاوية او اي مدينة بيد الطاغية , وفي سوريا لم يفهم بشار وشبيحته وزمرته ان حمام الدم لن يطفئ لهيب الثورة السورية بل العكس الدم وقود الثورة , وان خبا لهيب الثورة في حمص يشتعل في درعا والرستن وجسر الشغور وادلب وحماة واللاذقية , وان صمت حلب وغفلة دمشق لن تدوم طويلا , واللعب على وتر الطائقية من قبل النظام لن يدوم , يقينا ان اركان النظام يبثون الدعاية القاتلة ان الطائفة العلوية في خطر ان زال رأس النظام وان اعمال انتقامية واسعة سوف تحدث , وللاسف الشديد ان فئات واسعة من طائفة الرئيس تروج وتطبق هذه المقالة فتصمت عما يجري من ابادة للشعب السوري , او تشارك في نحر الشعب وجريان انهار من الدم , ولم تعد تنطلي الاوهام الاعلامية على الشعوب امام الثورة التكنولوجية فالعالم قرية صغيرة , اما حكاية الممانعة والقومية العربية فهي مادة لطالب رسب في المرحلة الابتدائية فما قيمة التشدق بالديمقراطية امام انتهاك حقوق الانسان وسحق المعارضين وقصف المتظاهرين بقذائف الهاون , وما معنى الممانعة امام استبسال الجيش النظامي بدباباته امام الشعب الاعزل من قصف وتدمير وتعذيب , اما الاستفتاء على الدستور الجديد امام ذبح الاطفال واعتقال وتعذيب واختطاف الناس وكم الافواه ؟ هذه قمة الوقاحة من يخرج ليقترع وعلى جثث الشهداء واهات الجرحى وصوت المدافع والرشاشات ؟ كيف تصوت حمص وهي تزف للعالم كل يوم عشرات وربما مئات الشهداء ؟ وفي كل بيت قتيل او جريح او معتقل او لاجئ او مغترب هارب من بطش النظام , الحل لم ولن يكن بدستور جديد وهمي لرش الرماد في العيون , الحل واضح هو تنحي وعزل ومحاكمة الرئيس بشار الاسد وكل من يلف بفلكه ويفتك بالشعب السوري الصابر , والذي ثار رغم معرفته رد فعل النظام البعثي الظلامي والذي يعامل شعبه بعقلية هولاكو حين كانت جيوشه تجتاح مدن الشام الصامدة والمناضلة , كانت تباد المدن عن بكرة ابيها وتقطع اجساد الرجال ويمثل بالجثث ويعذب الابطال وتصادر الاملاك , ان كان جيش هولاكو التتري وجد من يصون دماء المسسلمين ويدحره ويحطم احلامه . فكان الملك قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت 1260 ميلادي , من لاهل الشام اليوم ؟؟ تركيا تحذر وتحذر لها مصالحها الاستراتيجية في سوريا وخاصة ان اغلبية الشعب السوري من السنة المغلوبين على امرهم وتريد ان تضمن مصالها الاستراتيجية الامنية والاقتصادية مع الجماعة التي سوف تتولى السلطة بعد الاطاحة بالاسد , اما دول الخليج تود وتريد تسليح المعارضة لكنها لا تعرف من اين تبدأ من ناحية وكونها هي نفسها بعيدة عن الحريات هنالك ازدواجية معينة وهل حماسها لاسقاط النظام هو توجسها من الملف النووي الايراني ؟ ام خوفها على السنة في سوريا ؟ ام حرصها نابع من حب الاسلام والعروبة ولدوافع انسانية بحتة اما الغرب لا يسرع في حسم الامور كما في ليبيا بسبب عدم وجود ابار كثيرة من النفط كما الحال في ليبيا وبعد سوريا عن اوروبا النظام السوري لا يهدد امن اوروبا او حلفائها , اما الولايات المتحدة , ايضا لا تسارع للحلول خوفا من تعقيدات في المشهد السوري وخوفا من صعود اسلاميين ايضا في سوريا كما الحال في تونس ومصر وليبيا , اما الدول العربية التي اجتاحها الربيع العربي فهي مشغولة في لملمت جراحها , اما روسيا والصين , فهي حريصة على مصالحها الضيقة في سوريا , وبين كل هذه الحسابات يضيع الدم السوري , وكنت مع بداية الثورة السورية حذرت من مذابح بحق الشعب السوري تحصد عشرات الالاف من الشهداء وهاهي حمص لوحدها تودع نحو الف شهيد خلال شهر شباط فقط , التاريخ لا يرحم ولن يرحم صمت اهل العروبة ولن يرحم بشار الاسد وجنده , لان غضب الله قادم وبشار الاسد يحب ان يجلس على عرشه على جبل من الجماجم ونهر من الدماء ومحيط من الارواح السابحة في سماء الحرية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن