هل حان الوقت لتطبيق الشريعة .. لإنقاذ المجتمع المصري ..؟!

محمد الحسيني إسماعيل
m.e.ismaeel@gmail.com

2012 / 2 / 5

هل حان الوقت لتطبيق الشريعة .. لإنقاذ المجتمع المصري ..؟!

بداية لابد من العلم أن شأن الإسلام في العقوبات ، أنه يعمل أولا على وقاية المجتمع من دوافع الجريمة . ثم يدرأ الحدود بالشبهات زيادة في الاحتياط .
فعن حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً : " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " .
رواه الترمذي في سننه (2) والحاكم في مستدركه (2) والبيهقي في سننه الكبرى (4) والصغرى (5) .
فمثلا في جريمة الزنا فالإسلام يحتاط احتياطا شديدا في إثباتها ، فلا يقيم الحد إلا على من أقر بها إقرارا صريحا أربع مرات ، وطلب تطهيره بالحد . ولم يتراجع عن إقراره حتى وقت تنفيذ الحد عليه . أو أن يكون قد تبجح بارتكابها حتى ليراه أربعة شهود على هذه الحال .
ومثلا لا يقطع يد السارق إلا بعد توفير الوسائل التي تمنع من السرقة . فقد عمل الإسلام على توزيع الثروة توزيعا عادلا ، وجعل في أموال الأغنياء حقا معلوما للفقراء ، وأوجب النفقة على الزوج والأقارب ، وأمر بإكرام الضيف والإحسان إلى الجار، وجعل الدولة مسئولة عن كفالة أفرادها بتوفير تمام الكفاية لهم في الحاجات الضرورية من مطعم وملبس ومسكن بحيث يعيش الفرد حياة كريمة لائقة .
كما أن الشريعة تكفل أفرادها بفتح أبواب العمل الكريم لمن يستطيعه ، وتمكين كل قادر من أن يعمل بمقدار طاقته ، وتهيئة الفرص المتساوية للجميع . وبذلك يمنع الإسلام الدوافع المعقولة للسرقة ، فإن وقعت بعد ذلك ، فإنه يتحقق من ثبوتها ، وانتفاء موانعها ، وعدم وجود شبهة تسقطها ، كأن يرتكبها بدافعى الحاجة والاضطرار .

ويرى بعض العلمانيين المتطرفين أن قطع يد السارق من العقوبات المتخلفة البدائية الهمجية التي لا تليق بهذا العصر المتحضر . بينما يرى فريق آخر أن القطع عقوبة مرتبطة بظروفها التاريخية ، وأنه كان يحقق المصلحة في الظروف العربية البدوية حين نزل النص بسبب عدم وجود السجون ، وعدم إمكانية وجودها في بيئة يعيش أهلها على الحل والترحال . أما اليوم فلم يبق له ما يسوغه بسبب تغير الحال والظروف ، وتوفر السجون فلم يعد الحد ( أي القطع ) يحقق المصلحة المرجوة .

وهم مجمعون على أن العقوبة فيها قسوة وعنف من منظورنا المعاصر ، وأن هذه القسوة وهذا العنف إذا كان ملائما لذلك المجتمع البدوي القاسي ، فإنه لا يليق بالمجتمعات المتحضرة اليوم .

وفي الحقيقة ؛ أن العقوبات المنصوص عليها في الإسلام تتسم بقوة الزجر ، وسهولة التنفيذ . فهي زاجرة إلى أقصى الحدود للجناة ولغيرهم ، ومن حيث التنفيذ لا تكلف ميزانية ضخمة ولا جهازا بشريا واسعا ، ولا وقتا طويلا كما هو الشأن في عقوبة السجن .

فإذا جئنا إلى حد السرقة وهو القطع وجدناه محققا مقصوده ومصلحته بدرجة عالية ، والحق أن مجرد الإعلان عن إقرار عقوبة القطع يؤدي إلى زجر عدد واسع من السراق ، وإراحة المجتمع من سرقاتهم ومحاكمتهم وحراستهم وإطعامهم في سجونهم ، ويتحقق هذا بدرجة أوسع وأبلغ حين يشرع فعلا في تنفيذ العقوبة ولو على أفراد معدودين ، فإقرار عقوبة القطع والشروع في العمل بها قد يخفض جرائم السرقة إلى حد الاختفاء ، وهذا هو عين المصلحة وأرقى درجاتها في موضوعنا في تحقيق الأمن والأمان وصيانة الأموال وأصحاب الأموال من العدوان والخوف .

ومعنى ذلك أننا سنكون أمام مصالح عظمى سيجنيها الأفراد والمجتمع والدولة ومؤسساتها وميزانيتها ، مقابل أفراد قلائل سيتضررون بما كسبوه ظلما وعدوانا . وإذا كان قطع بعض الأيدي يسبب تعطيلا جزئيا لأصحابها في عملهم وإنتاجهم ، فإن سجن الألوف من السراق لشهور وسنوات تعطيلا لهم ، يضاف إلى ذلك أن السجن يشكل ـ في كثير من الحالات ـ مدرسة ممتازة لتعليم الإجرام ، وربط العلاقات بين المجرمين ، فهاتان مفسدتان لابد من أخذهما في الاعتبار .

والعلمانيون الذين يرفضون الحد بدعوى الرحمة يقدمون مصلحة الفرد على مصلحة المجتمع ، وينظرون إلى حال الشخص ويغفلون حال الأمة .

إن الطبيب قد يلجأ إلى قطع بعض الأعضاء المريضة ( كالمصابة بالسرطان مثلا ) من الجسم حتى يسلم الجسم كله من المرض . والقطع فيه رحمة ولكنه يُفعل رحمة بالجسم . وفي الحياة أمثلة كثيرة يستفاد منها ، أن الضرر الأشد يزال بالضرر الاخف والأخص ، ويُختار دائما أهون الشرين . ومثل ذلك حد السرقة يتضرر الفرد ـ بما جنت يداه ـ رحمة بالجموع .

والآن ماذا لو أخذت أمريكا ـ على سبيل المثال ـ بالشريعة وقطع يد السارق ، فأجزم أن هذه الجريمة سوف سرعان ما تختفي من المجتمع الأمريكي تماما .. وخصوصا بعد تفعيلها وتطبيقها على بعض الأفراد .

والآن ؛ يواجه مجتمعنا جرائم لم تعهدها مصر من قبل ، كالسطو المسلح على البنوك ، والقتل الجماعي الممنهج كالذي حدث في استاد مدينة بورسعيد ، وجرائم خطف الأطفال والأفراد وطلب الدية .. وسواء كانت دوافع هذه الجرائم ذاتية .. أو بمعرفة فلول النظام السابق .. فإن النتيجة واحدة .. هي غياب الأمن والأمان من المجتمع المصري ..!!

والآن ؛ ماذا لو أعلنا أننا سوف نطبق الحدود على مرتكبي هذه الجرائم .. وخصوصا الإعلان عن أن السطو المسلح والقتل الجماعي الممنهج يندرج تحت السعي في الارض فسادا .. وبأن العقوبة هو قطع أيدي المجرمين وأرجلهم من خلاف ..!! فأنا أؤكد أن هذه الجرائم سوف تختفي للحظتها .. وخصوص إذا أيقنت الفلول أن هذه العقوبة قد تطولهم أيضا ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن