الفيليون والمنابر الإعلامية

صادق المولائي

2012 / 1 / 17


لقد ارتكب نظام الطاغية المباد أبشع الجرائم بحق الكورد الفيليين، كما اضحى معروفا لدى القاصي والداني، وان كان ملفهم في ذيل الملفات التي قدمت الى المحكمة الجنائية العليا، على الرغم من ان وقائع قضيتهم قد سبقت احداثها جميع القضايا التي حسمتها المحكمة قبل ان تنظر في قضية الكورد الفيليين. السبب واضح لا غبار عليه، وهو عدم امتلاك الكورد الفيليين كيان مستقل يمثلهم بالشكل الصحيح، ويدافع عن حقوقهم أسوة بالكيانات السياسية التي تدافع كل واحدة منها عن احدى المكونات او لفئة معينة، وكذلك تشتت جهودهم لانخراط البعض منهم في صفوف الكتل والأحزاب الأخرى القومية والدينية والوطنية وغيرها، مما أثر سلبا في استرجاع حقوقهم وتغييب قضيتهم وتعطيل دورهم.

انا هنا لا اريد ان أحمل احدا التقصير بقدر ما اريد ان أشير الى ان قضيتنا بحاجة الى جهودنا جميعا، مهما اختلفت توجهاتنا العقائدية ومشاربنا الفكرية والسياسية ومصالحنا الشخصية، اريد من اخوتنا واخواتنا ان يتفهموا حقيقة واحدة، هي ان (خيرُ الفيليين من خيرهُ للفيليين) لا ان يقف بوجههم ويعرقل مسيرتهم التي تنشد تحقيق الكرامة والعزة والتحرر من سطوة الكيانات السياسية ووصاياهم وخطوطهم الحمراء امام الفيليين، ليبقوا تبعية لارادة تُعِـد صوت الفيلي الحر الشريف خصما لا يستحق العيش والحياة، وعليه ان يموت وعائلته جوعا وتشريدا وقتلا.

اليوم اصبح واضحا ان الكورد الفيليين لا يمتلكون منفذا اعلاميا حرا ومستقلا خارج قبضة الكيانات السياسية، يمثل ارادة الفيليين وصوتهم الوجداني والنزيه والحقيقي، الذي يدافع عن قضيتهم، لا من أجل نيل كرسي في البرلمان بالمحاصصة، ولا من أجل ان يكون أمينا عاما لأحدى منظمات المجتمع المدني الوهمية، او مسؤولا لنقابة مشلولة، او مديرا لمؤسسة إعلامية بائسة، او ان يكون من اصحاب القصور والحمايات والامتيازات المالية المستقطعة من المال العام للمواطنين. صوتا جريئا يُعري المفسدين والمنافقين ويتصدى لهم ولمن كان دوره حجر عثرة لعرقلة مسيرة الكورد الفيليين، ومنعهم من الاصطفاف في صف واحد وتحت خيمة واحدة لها صوت واحد وارادة واحدة، تهدف العزة والكرامة للفيليين اينما كانوا. بينما هناك من يسمح بدس السم في العسل غدرا ولؤما من خلال بعض الكتابات، التي تهدف الإساءة الى الشعب الفيلي والتطاول عليه والطعن بجذوره على منبرهم الإعلامي.

فهناك من تأمر علينا سرا وعلانية وبوقاحة، وسرق باسمنا وباسم شهدائنا وقضيتنا حتى التخمة، من دون ان يحاسبه احد ممن ولوه وأمثاله الأدوار باسم قضيتنا، فأمثال هؤلاء لا يجرأون الخروج الى الضوء، يختبئون عادة في كهوف مظلمة بعيدة ومحصنة بالسواتر الكونكريتية، ظنا منهم انها ستحميهم من غضب المظلومين، عندما تحين ساعة الحساب.

نعم لقد تم محاربة الأقلام الفيلية الحرة والمستقلة من فرسان الفكر والثقافة، وغـُلق الأبواب امامهم لمنعهم من توعية الفيليين عبر وسائل الإعلام عن الدسائس والمؤامرات التي تحاك من قبل بعض العقول العشائرية التي تسعى لجعل الفيليين عبيدا لهم وإلغاء وجودهم التاريخي.

لقد ولى زمن السكوت و(معلينه) او (كه ل مان نيه) كما يقال باللهجة الفيلية.. بلا رجعة، فاليوم ما عادت الشعوب تتحمل ظلم وجور وقهر الطغاة والمفسدين من أشباه الرجال ووعودهم الكاذبة ونفاقهم المستمر بلا خجل وحياء، ممن لا يجرأون التنفس إلا برخصة من أسيادهم، الذين منحوهم ادوارا ومناصبا لينالوا من خلالها الامتيازات، وفرصا للحصول على الأموال من خلال تأسيس منظمات وهمية والاستمرار بعقد الندوات الفاشلة والمهرجانات الفارغة والمؤتمرات التي اثبتت انها لا تحقق او تقدم شيئا للقضية الفيلية بتاتا.

لقد بدى واضحا على مر السنوات التي اعقبت سقوط نظام الطاغية انه لا توجد هناك جدية لمساندة الفيليين في استرجاع حقوقهم كأحد مكونات هذا البلد، الذين ضحوا من اجله بالغالي والنفيس، وكجزء من الأمة الكوردية تعرضت ربما اكثر الى الظلم والاضطهاد العرقي. لقد تيقنا جميعا ان اغلب من تولوا الأدوار لم يكونوا جديرين بأي منصب اداري وسياسي، وان هناك من تسللوا خلسة الى المناصب، لاشباع غرائزهم الحيوانية التي لا تشبع قط.

فرسان الفكر والثقافة اصحاب الأقلام الحرة الواعية لما يجري على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية هم من سيكتبون التاريخ بشكله الحقيقي والصحيح، لا الأقلام المأجورة من المنافقين ولا اية جهة إعلامية مرتبطة بعجلة ادارة تُعد الحلقات الأصغر والبسطاء عبيدا لهم وقاصرين في ادارة شؤونهم، وربما منهم من يظن انهم لا يستحقون العيش والحياة.

لذا بات ضروريا التصدي للادارات الفاسدة والمنافقين، وكشف ما ارتكبوه بحق الفيليين من اقصاء وتهميش وتغييب من اجل تعطيل دورهم كمكون أسوة ببقية المكونات العراقية.

ان امتناع اصحاب الصحف والمجلات العائدة الى الاحزاب والكيانات السياسية، واصحاب بعض المواقع الانترنيتية من نشر نتاجاتنا الفكرية او موضوعا يحكي عن همومنا ومشكلاتنا، أو رأيا يقف بوجه كل من يحاول ان يجعل من الفيلي مهمشا ومغييبا لا صوت له، لا يمكن لأي منهم ان يكُـتف ايدينا، فهناك صفحات الـ (فيس بوك) والـ (يوتيوب) والـ (تيوتر) فسحت المجال للجميع بغض النظر عن العرق واللون والدين والمذهب والاتجاه الفكري والسياسي، يمكننا ان ننشر ونتواصل اينما كنا للوقوف بوجه من يريد لنا الاقصاء والتهميش والتغييب.

ان قضيتنا تفرض علينا ان نرفع صوتنا عاليا، ونبذل ما بوسعنا حتى تفيق ضمائر تلك الادارات من سباتها العميق، وترجع الى رشدها والى طريق الصواب، وتدرك حجم الخطأ والظلم والجور الذي ألحقوه بنا كشعب لنا هويتنا وتاريخنا وخصوصيتنا التي نعتز بها، ولا نقبل ان نكون تبعية لأي إرادة كانت، كما اننا لن نترك الساحة للمنافقين وسنبقى نناضل من اجل هويتنا وخصوصيتنا ماحيينا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن