في التزكيات الانتخابية...مهازل الترشيح السياسي بالمغرب

رضا الهمادي
reda_lhoumadi@hotmail.fr

2012 / 1 / 13

السياسة تحتضر .هذا أول ما سيستشرفه القارئ للمشهد السياسي المغربي. الحزب الاشتراكي الفرنسي عاش عرسا ديمقراطي حقيقيا بانتخاب" فرانسوا هولاند" مرشحا للرئاسيات بفرنسا. حدث هذا بإتباع منهجية انتخابية دقيقة شارك فيها آلاف المناضلين السياسيين و النقابيين بل و حتى المتعاطفين مع الحزب في مجموع التراب الفرنسي ( حتى في فرنسا ما وراء البحار).
يحدث هذا في فرنسا بينما تزكي أحزابنا مرشحيها البرلمانيين بمنطق غريب عن الديمقراطية، في غياب تام لإشراك القواعد، و في غياب تام لمنهجية واضحة المعالم لاختيار المرشحين. كيف نريد لمرشح حزبي مفتقد للمشروعية الحزبية المفترض اكتسابها في القواعد أن يواجه الجماهير و يطالب بالديمقراطية؟
هذا الارتجال الذي مارسته أحزابنا لمنح التزكيات الانتخابية هو خير دليل على ضرورية إصلاح البيت الداخلي لهاته الأحزاب قبل الشروع في أي إصلاح سياسي. لأن مجرد التفكير في هذا الأمر سيضع الأحزاب كأكبر عائق في طريق مسلسل التطبيع السياسي المغربي . المخجل في الأمر أن الأحزاب نفسها ترفض الاعتراف بفشلها الذريع في إقناع مناضليها بضرورية الإصلاح، بل أكثر من ذلك أنها لا تضعه على رأس أجندتها المقبلة مما يهدد باستمرار نفس الممارسات في المحطات المقبلة. جميع الأحزاب تطالب بالتغيير ولا تقر بمسؤوليتها في الكوارث السياسية التي أغرقت بها الحقل السياسي رغم النداءات المتكررة للدوائر العليا للدفع قدما بالإصلاح السياسي .
وتبقى هيمنة الأعيان على مراكز القرار داخل الأحزاب أبرز الأمراض التي تنخر الجسم السياسي المغربي، فقد أدى إغراقه بالأعيان إلى إفراغه من النقاش السياسي و تحويل الخطاب السياسي إلى مجرد ترهات و تخاريف إنتخابوية نفّرت العامة من السياسة و ساهمت في ترسيخ و تكريس أفكار الموروث الشعبي المغربي الذي يعتبر السياسيين أشباه لصوص و انتهازيين.
لقد أعطى حزب العدالة و التنمية مثالا جيدا لباقي الأحزاب في الديمقراطية الداخلية و دبر عملية منح التزكيات بنجاح، نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة لتدبيره للإستوزار. فالأسماء التي عينت، أُفرزت بنسبة كبيرة من هياكل الحزب وفق مساطر واضحة. إذا ما قورن هذا العمل مع تدبير عباس الفاسي لملف الإستوزار الذي يُنتظر أن يجر على الحزب رجات تنظيمية كبرى في المستقبل القريب سيظهر أن حزب الاستقلال يُدبر من الداخل كما تُدبر الأمور في جمهوريات الموز، و أن سنوات ضوئية كبيرة تفصل الحزبين في الشأن التنظيمي الداخلي و تكافؤ الفرص بين المناضلين بغض النظر عن عائلاتهم وأصولهم العرقية.
عندما نرى أحزابا عصرية و مدنية تمارس السياسة بآليات جديدة حقا، و بثقافة وعقلية تساير التحولات الماكروسياسية التي يعرفها المغرب، و عندما تفرغ الأحزاب من أعيانها لصالح النخب الشابة و المتجددة يمكننا أن نناقش آليات منح التزكيات. المعضلة تكمن في أن الفاعلين السياسيين متفقون على منهجية "اللامنهجية" في تدبير الشأن الداخلي رغم ما تعانيه جل الأحزاب من وبالات تنظيمية و انسحابات بالجملة للغاضبين في كل موسم انتخابي. و هو ما يؤكد أن السياسي المغربي لا يهتم لصحة الحزب بقدر ما يهمه البقاء هو و حاشيته في مركز القرار..



- رضا الهمادي
- باحث في الاعلام و التواصل
- الكاتب العام لمنتدى الاطر الشابة الديموقراطية



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن