طريق اليسار - العدد 33- كانون ثاني 2012

تجمع اليسار الماركسي في سورية
sarrah256@gmail.com

2012 / 1 / 6


طريق اليســـــار
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد 33- كانون ثاني 2012 - sarrah256@gmail.com E-M: *

افتتاحية العدد
مستجدات سورية مع
توقيع بروتكول الجامعة

انتهت حكاية التوقيع، وأصبح واضحاً أن هذا التوقيع جاء بضغط روسي. الغريب في هذا الأمر أن بعض المعارضة السياسية والمعارضة الميدانية والنظام السوري انشغلت جميعاً بهذا البروتوكول وحيثياته وتفاصيله كأنه شيء قائم بذاته وليس جزءاً من كل هو المبادرة العربية. تقتضي المبادرة العربية إطلاق المعتقلين على خلفية الأحداث وكافة المعتقلين السياسيين ووقف العنف وسحب المظاهر المسلحة والسماح بالتظاهر السلمي والسماح بدخول وسائل الإعلام العربية والدولية ثم الشروع بعملية سياسية بين السلطة والمعارضة للاتفاق على قضايا الانتقال وشكل النظام السياسي الديمقراطي المقبل. لماذا غابت المبادرة العربية عن خطاب جزء من المعارضة السورية (المجلس الوطني وأوساطه) والنظام السوري في الوقت نفسه هل هو مجرد عمى سياسي أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
يستطيع أي مطلع على شؤون المعارضة السورية أن يكتشف بسرعة أن بنود المبادرة العربية ليست سوى بعضاً من البنود الواردة في بيان هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي الصادر عن مؤتمر حلبون في منتصف أيلول من العام الماضي. وهذه البنود تمثل رؤية
هيئة التنسيق للمرحلة الممهدة لأي مرحلة انتقالية ممكنة. مواد العدد
1- افتتاحية :................................................. 1
2- هيئة التنسيق الوطنية – مكتب الإعلام : ....... 4
3- تصريح لهيئة التنسيق بخصوص وحدة المعارضة السورية : ....
4
4- المكتب الإعلامي لهيئة التنسيق :........... 6
5- بيان صادر عن التجمع الماركسي الديمقراطي / تمد / : .................................
7
6- الجزر والمد في السياسة : الإسلاميون مثالاً – محمد سيد رصاص :......................................

8
7- عن الدولة الفاشية الكولونيالية العربية – عزيز سعيد : ...............
10
8- الثورة السورية : مشاكل وحلول وتصورات – أبو هادي : ..............................................

15
9- نصائح مجانية في السياسة الخارجية – هيثم مناع: ...........
18





الأمر الذي يفسر سبب قيام النظام والمجلس كل من زاويته ومصلحته بتغييب المبادرة من الجدال السياسي الدائر في البلاد وخارجها وحصره في بروتوكول بعثة المراقبين وتفصيلاتها.
مساع مختلفة، نتيجة واحدة
يسعى النظام الاستبدادي الأمني من جهته إلى تخطي الأزمة الاجتماعية السياسية بأقل قدر من الخسائر. فهو يحلم بإيقاف عجلة التاريخ أو إبطاءها على الأقل لتأخير القدر المحتوم والمتمثل في انتقال سوريا إلى الديمقراطية. ولذلك قال وزير خارجيته منذ البداية أن التوقيع على البروتوكول لا يعني الموافقة على المبادرة رغم أن البروتوكول ذاته يتضمن بنوداً أساسية من بنود المبادرة. إنه يريد تمريق شهر من الزمن وتضييع البعثة في تفاصيل الحياة الميدانية السورية وإغراقها بالمسيرات المؤيدة وقضايا الضحايا من أنصاره وعناصر الأمن والشرطة والجيش وكأن الضحايا الأخرى أي ضحايا الشعب السوري لا تدخل ضمن اهتمامه فهم ضحايا الجهة الأخرى المعادية. كما يريد أن يثبت لعناصر البعثة وجود العناصر المسلحة من المعارضة وتصوير الأحداث الجارية في سوريا على أنها مجرد أعمال إرهابية تدعمها أطراف خارجية ضمن المؤامرة الكونية الموجهة ضد نظامه، أما الحراك الشعبي السلمي في سبيل الديمقراطية فهم مجرد تفصيل بسيط ومتضائل بفعل تلبية مطالبه ضمن مسيرة الإصلاح، مع استمرار أسلوبه الأمني مع بعض التجميل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. وجلي أن هذا التعامل سيؤدي إلى عدم تحقيق الهدف الأساسي للبعثة وهو مراقبة التزام النظام السوري بتنفيذ بنود المبادرة. وبالتالي إلى إفشال المبادرة العربية لحل الأزمة السورية.
من جهة أخرى يسعى المجلس الوطني إلى التدويل جهاراً، ويتعامل مع المبادرة كممر إلى هذا التدويل لذلك رأيناه ينعي المبادرة والبعثة قبل وصولها حتى. ومنذ اليوم الأول لوصول المراقبين يطالب أعضاء المجلس بإعلان
فشل البعثة وإنهاء مهمتها وسحب مراقبيها .
لا يحفل هؤلاء بنتيجة واقعية إيجابية تتمثل في وجود طرف مستقل يستطيع مراقبة الأحداث وتقييمها وإرسال تقاريره إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية مساهماً في كشف الحقائق التي غالباً ما تضيع في زحمة التغطيات الإعلامية المتحيزة والبناء على هذه الحقائق من أجل اقتراح الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين العزل والمتظاهرين السلميين. كما لا يحفلون بأن وجود المراقبين يخفف من الاحتكاكات الطائفية وأعمال الخطف والثأر في بعض المناطق وهي ممارسات تؤثر سلباً على صورة الثورة وعلى سلامة المجتمع وتنعكس على امتداد وتوسع الحراك الديمقراطي عبر إحجام الفئات المترددة والخائفة عن الانضمام إلى الأنشطة الثورية. ولا يهمهم أن وجود المراقبين ودخول وسائل الإعلام يمثل شكلاً (وإن كان بسيطاً حتى الآن) من أشكال حماية المدنيين ما يساهم في تشجيع الناس على الانخراط في الحراك وتوسيع قاعدته الشعبية.
غني عن القول أن كلي الأسلوبين يسيران بسوريا إلى تفاقم الأزمة وإغلاق إمكانيات الحل العربي بعد أن عمد النظام ومنذ بدايات الحراك إلى إفشال الحل الداخلي بإصراره على الأساليب الأمنية العسكرية. الأمر الذي يفتح الباب وبعد الانكشاف السياسي والأمني في سورية إلى تدخلات خارجية لا يحكمها إلا مصالح وأجندات الأطراف المتدخلة ولا تأبه لطموحات الشعب السوري في بناء نظام ديمقراطي برلماني تعددي.
خطوة مضيئة ولكن!!
تقتضي المسؤولية السياسية من القوى الوطنية الديمقراطية تقديم رؤى وبرامج سياسية تعي تعقيدات الواقع السياسي وإمكانياته لتحقيق طموحات الشعب السوري. وفي هذا الصدد فإن المبادرة العربية تنص على عملية سياسية تتضمن إجراء حوار بين السلطة والمعارضة حول أطر وآليات الانتقال إلى الديمقراطية. ويرى النظام في هذا الحوار مجرد تحاور خطابي حول إجراءات جزئية لا هدف لها سوى إطالة وجوده وسيطرته فيما ترى المعارضة فيه مفاوضات على مرحلة انتقالية تتوج بنظام ديمقراطي برلماني

تعددي. ومن البديهي أن تحقق هذه الرؤية أو تلك مرهون بميزان القوى الداخلي والإقليمي والدولي ولكن الحاسم في ذلك ضمن الظروف الحالية هو ميزان القوى الاجتماعي السياسي الداخلي حصراً ولذلك لا بد من نفض أوهام التدخل العسكري الخارجي وإبراز صورة الثورة كثورة شعبية ديمقراطية سلمية والعمل على توسيعها لتشمل معظم الأراضي والفئات الاجتماعية السورية، ما يتطلب قطباً ديمقراطياً موحداً يتبنى خطاباً وطنياً جامعاً في ظل برنامج سياسي وعملي واضح ليقود دفة الثورة نحو الانتصار النهائي.
لقد توصل الفصيلان السياسيان الأهم في المعارضة السورية وهما هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والمجلس الوطني خلال المراحل السابقة من حوارات القاهرة إلى تفاهمات مهمة كان لها بالغ الأثر في بناء شيء من الثقة المتبادلة، وهنا نشير إلى موضوع وقف الاتهامات والفبركات والحملات الإعلامية وادعاءات التمثيل وإسهام ذلك في خلق مناخ حواري جاد وفعال أدى إلى الاتفاق على هدف إسقاط النظام ونبذ العنف والطائفية ورفض التدخل العسكري الخارجي، وذلك بعد مماطلات وتأجيلات عديدة لوفد (وفود) المجلس الوطني. ثم توج حوار المعارضة باتفاق بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني تناول العديد من مبادئ العمل الوطني الديمقراطي الأساسية في المرحلة الحالية، والمرحلة الانتقالية، والمرجعية السياسية والدستورية، على أن يقدم للأمانة العامة للجامعة العربية كوثيقة سياسية مشتركة تقدم إلى مؤتمر المعارضة السوري المنوي عقده تحت مظلة الجامعة العربية في يناير/كانون الثاني 2012، ووقع عليه السيدان برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري
وهيثم مناع رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر وأقر بحضور وليد البني، هيثم المالح، كاترين التلي، صالح مسلم محمد، محمد حجازي.
ويعد هذا الاتفاق خطوة نوعية في التوصل إلى قطب ديمقراطي يجمعه خطاب واحد وبرنامج واحد وعمل واحد. ولكن التجاذبات والمزايدات السياسية التي حصلت
ضمن أطراف المجلس الوطني نتيجة التنافس الداخلي والتأثيرات الخارجية والأوهام السياسية وضعف التقاليد التنظيمية والديمقراطية أدت إلى تنصله من الاتفاق وحتى إنكار طبيعته كاتفاق نهائي. ما يشير إلى صعوبة أي اتفاق كما يشير إلى عجز المجلس لحد كبير عن اتخاذ أية مبادرات سياسية فاعلة بخلاف ترداد المطالبات بالتدخل العسكري والحظر الجوي والمناطق العازلة على شاشات التلفزة.
إن الفشل في التوصل إلى مثل هذه الهيئة الموحدة للمعارضة السورية (سواء أخذت شكل قيادة ائتلاف أولجنة تنسيق )سيجعل من المؤتمر خطوة إعلامية فارغة لا تلبي طموحات شعبنا وضرورات تقدم الثورة وحقن دماء الثوار. ولذلك نشدد على رفض اليأس ومواصلة الجهود المبذولة وندعو المتحاورين وبوجه خاص رفاقنا في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي(كما عملت الهيئة طوال المرحلة الماضية فعلا) إلى الإصرار على هذا الهدف والتحلي بالصبر والمرونة وطول النفس حتى تحقيقه. كما ندعو جميع المعنيين بمصلحة الثورة إلى نبذ روح الفرقة والانقسام والتعالي على المصالح الحزبية والفئوية الأنانية والارتفاع إلى مستوى التضحيات التي يبذلها الشعب السوري في سبيل الحرية والكرامة.

عاش الشعب السوري ونضاله من أجل نظام ديمقراطي
هيئة التحرير






هيئة التنسيق الوطنية
لقوى التغيير الوطني والديمقراطي في سورية
مكتب الإعلام

تعرضت دمشق صباح اليوم ، الجمعة في 23/ 12/2011 لتفجير سيارات مفخخة في أكثر من موقع ، أدت إلى مصرع العشرات من المواطنين السوريين من أجهزة الأمن ومن غيرهم، وإلى إصابة أعداد أكبر من ذلك إصابات متنوعة.
وأن يتم هذا العمل الإجرامي البشع في اليوم الأول إثر وصول طليعة بعثة المراقبين العرب لتطبيق مبادرة الجامعة التي ينص أول بنودها على حقن دماء السوريين ووقف العنف وأعمال القتل هو امر يثير اشد الريب في نوايا وأهداف الجهات المجرمة التي نفذت هذا العمل، ويشير بوضوح إلى سعيها للتخريب على المبادرة وإفشالها.
من ناحية أخرى فإن استخدام أسلوب السيارات المفخخة يدل على ضلوع جهات محترفة ومتخصصة بهذا النوع من الإرهاب الذي يتطلب إمكانات فنية ومادية خاصة لا تتوفر إلا للدول وأجهزة المخابرات وبعض المنظمات الإرهابية الكبيرة التي تريد أن تدفع الوضع في البلاد إلى مستوى جديد من الرعب والخوف، للخلاص من
الطابع السلمي للثورة كليا، وتفريغ الساحة لأعمال العنف الدموي وحده، حيث تتفوق مثل تلك القوى وقد تنفرد وحدها بالصوت والشعار والحركة، بعيدا عن مشاركة الجماهير السلمية الواسعة، وبعيدا عن صوتها وشعاراتها ومطالبها المحقة في الحرية والكرامة والمواطنة.
إننا ندين هذا العمل الإجرامي البشع أشد الإدانة، ونرى في من ارتكبه عدوا مجرما بحق الشعب والوطن والثورة، وبحق أهدافها السامية في الحرية والكرامة ودولة المواطنة والقانون، ونناشد كل مواطن سوري أن يرفع صوته عاليا ضد هذا النوع من الأعمال الإرهابية، وضد كل من يرتكبها كائنا من كان، سواء كان جهات إرهابية من داخل بنية النظام، أو مجموعات إرهابية من خارجه .
فلترتفع أصوات كل الشرفاء من أبناء شعبنا ضد القتل والإرهاب والتخريب، وضد كل من يرتكبها أو يبررها أو يروج لها، تحت أية ذريعة كانت.

مكتب الإعلام في هيئة التنسيق الوطنية
دمشق في 23/12/2011




هيئة التنسيق الوطنية
تصريح بخصوص وحدة المعارضة السورية


مد ى اليومين الماضيين ،اجتمع في القاهرة وفدا هيئة التنسيق الوطنية والمجلس الوطني لمتابعة العمل من أجل توحيد المعارضة . جـرى العمـل بـروح إيجابية وتعاون بناء بين أعضاء الوفدين في الجلستين اللتين تمتا ، وخلص الوفدان بموجبهما إلى تفاهمات أساسية بشأن مهام وضوابط المرحلة الانتقالية المرتقبة، بجوانبها السياسية والإجرائية المتعددة.




وكان أهم ما تم الاتفاق عليه بين الوفدين بشأن ( المؤتمر السوري العام) المقرر عقده في الجامعة العربية هو أن يكون للمؤتمر صفة تمثيلية للمعارضة السورية بكتلتيها الداخلية والخارجية ، وسائر قواها وشخصياتها العامة. وأن تنبثق عنه لجنة أو هيئة تنطق باسم المعارضة ككل بصوت موحد، وتتولى تمثيلها الموحد أمام كافة المحافل والجهات السياسية الرسمية والشعبية.
وقد اعتبر الوفدان أن تفاهمهما على هذا الأمر إنجاز بالغ الأهمية للطرفين ،يلبي الحاجة الملحة للثورة والشعب في توحيد المعارضة بصورة ديمقراطية فعالة وعملية ،دون أن يلغي التنوع ولا خصوصية أي من المشاركين ، أو يلحق أحدهما بالآخر ( هذا الإلحاق الذي كان الطرفان متفاهمين منذ البداية على تجاوزه وعدم الخوض فيه لعبثية فكرته ولاواقعيتها) .وقد طلب رئيس وفد المجلس الوطني مهلة حتى اليوم التالي لمشاورة المكتب التنفيذي للمجلس في ما تم التفاهم بشأنه ، ليتم من بعد متابعة بحث بقية القضايا المتعلقة بالملامح الأساسية لسورية المستقبل .
وقد فوجئنا برفض قيادة المجلس الوطني لما توصل إليه الوفدان، وبالتحديد لفكرة أن يكون المؤتمر المزمع ممثلا ومرجعية للمعارضة ككل ، وأن تنبثق عنه لجنة أو هيئة موحدة تنطق باسم المعارضة وتمثلها بصورة موحدة أمام الشعب وأمام العالم . كما فوجئنا باقتراحها خفض صلاحيات اللجنة المذكورة إلى مجرد ( متابعة ؟) ما يتم الاتفاق عليه في المؤتمر ، دون أن يكون لها حق تمثيل المعارضة بصورة موحدة ، ولا حتى النطق باسمها !
كنا ولا نزال نعلم أن في قيادة المجلس الوطني أصوات ترفض بصورة قطعية فكرة توحيد المعارضة، ، ولا سيما الهيئة والمجلس, وقد أعلنت جهارا نهارا أنها لن تسمح بتوحيد الصفوف ولا حتى بتكوين قيادة مشتركة توحد صوت الطرفين ونشاطاتهما ، مع احتفاظ كل طرف بخصوصياته الفكرية والتنظيمية. كما نعلم بوجود أصوات أخرى تحرص مثل حرص الهيئة على رص الصفوف وتوحيدها قدر الإمكان. ومن الواضح أن الأصوات المعيقة لجهود التوحيد مازالت تمارس دورها في تخريب مساعي التوحيد وعرقلتها رغم مرور أكثر من شهر ونصف على بدء تلك المساعي، ورغم الجهود العنيدة والحريصة التي بذلتها الهيئة مع الوفود المتعاقبة للمجلس لتحقيق هذا الهدف .
وقد أعلمنا رئيس وفد المجلس بأنه طلب من الدكتور برهان غليون الحضور بالسرعة القصوى إلى القاهرة لمعالجة الأمر، ومن المفترض أن يصل خلال يوم الثلاثاء /27 / 12 ، لا سيما أن وثيقة التفاهمات يجب أن يتم توقيعها النهائي من قبل الجهات ذات الصلاحية في الهيئة والمجلس قبل نهاية العام الجاري ، لتسلم إلى الأمانة العامة للجامعة العربية وفق اتفاق مسبق معها بهذا الشأن.
يهم وفد هيئة التنسيق الوطنية أن يؤكد أنه كان و سيظل متمسكا بالوصول إلى أعلى مستوى ممكن من توحيد المعارضة سياسيا وتنظيميا، ومتمسكا بشكل خاص بان يكون المؤتمر السوري العام المقرر عقده تحت قبة الجامعة العربية في الشهر القادم محطة أساسية لتوحيد القوى بين كافة تكوينات المعارضة وشخصياتها، ولا سيما منها هيئة التنسيق والمجلس الوطني وقوى الشباب والشخصيات الوطنية العامة، وأن تنبثق عن ذلك المؤتمر لجنة أو هيئة تمثل المعارضة بصورة موحدة وتنطق باسمها . كما يهم الوفد أن يؤكد أنه لن يقبل بأي مؤتمر شكلي لا تلبي نتائجه تطلعات شعبنا وضرورات الثورة التي تنزف دماء أبطالها كل يوم و هي تستصرخ أصحاب الضمائر لتوحيد الصفوف وبلورة قيادة فاعلة وموحدة تنهض بأعباء المرحلة بكفاءة واقتدار.
فلنعمل معا لرص وتوحيد الصفوف بين قوى المعارضة وشخصياتها، وعزل المتشبثين بالانقسامات والتشتت لمنافع ضيقة وأنانية على حساب مصلحة الثورة والشعب ودماء الشهداء .

وفد هيئة التنسيق الوطنية إلى القاهرة
فجر الثلاثاء في 27122011




هيئة التنسيق الوطنية
المكتب الإعلامي



بين هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والمجلس الوطني السوري المقدم للأمانة العامة للجامعة العربية كوثيقة سياسية مشتركة تقدم إلى مؤتمر المعارضة السوري المنوي عقده تحت مظلة الجامعة العربية في يناير/كانون الثاني 2012.
إثر مباحثات امتدت لأكثر من شهر وتخللها تواصل مع قيادة الهيئة والمجلس، اتفق الطرفان على ما يلي:
١- رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد ولا يعتبر التدخل العربي أجنبيا.
٢- حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان.
٣- التأكيد على صون وتعزيز الوحدة الوطنية للشعب السوري بكل أطيافه ورفض وإدانة الطائفية والتجييش الطائفي وكل ما يؤدي إلى ذلك.
٤- نعتز بمواقف الضباط والجنود السوريين الذين رفضوا الانصياع لأوامر النظام بقتل المدنيين المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية ونتفهم أزمة الضمير الإنساني والوطني التي زج بها النظام أفراد القوات المسلحة ونحمل النظام كامل المسؤولية في ذلك.
في المرحلة الانتقالية:
أولا: تبدأ المرحلة الإنتقالية بسقوط النظام القائم بكافة أركانه ورموزه الأمر الذي يعني سقوط السلطة السياسية القائمة مع الحفاظ على مؤسسات الدولة ووظائفها الأساسية، وتنتهي بإقرار دستور جديد للبلاد يضمن النظام البرلماني الديمقراطي المدني التعددي والتداولي وانتخاب برلمان ورئيس جمهورية على أساس هذا الدستور.
ثانيا: المرحلة الانتقالية بهذا المعنى هي الفترة التي تقع بين قيام سلطة ائتلافية اثر سقوط النظام وقيام مؤسسات الدولة وفق دستور دائم يقره الشعب ولا تتجاوز السنة من تاريخ قيامها قابلة للتجديد مرة واحدة.
ثالثا: تلتزم مؤسسات الدولة والسلطة السياسية في المرحلة الانتقالية بالمبادئ الأساسية التالية:
أ ـ الشعب مصدر السلطات وأساس الشرعية.
ب ـ استقلال سورية وسيادتها ووحدتها، شعباً وأرضاً.
ج ـ تأصيل فصل السلطات الثلاثة: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.
د ـ حماية أسس الديمقراطية المدنية (وبشكل أساسي حرية التعبير والتنظيم والتجمهر والتعددية السياسية والتداول على السلطة، واللا مركزية الإدارية.
هـ ـ التأكيد على أن الوجود القومي الكردي جزء أساسي وتاريخي من النسيج الوطني السوري، وهو ما يقتضي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا، الأمر الذي لا يتناقض البتة مع كون سورية جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي.
و ـ المواطنون متساوون أمام القانون في الواجبات والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. حرية الدين والاعتقاد مكفولة في الدستور، وتحترم الشعائر والطقوس الدينية والمذهبية، مع نزع القداسة عن العمل السياسي والمدني.
ز ـ نبذ العنف والتمييز القومي والطائفي والديني والجنسي، والوقوف ضد الإرهاب والاستئصال والفساد، وإلغاء القوانين والقرارات الاستثنائية الصادرة في ظل الدكتاتورية ومباشرة العمل لمعالجة آثارها.
ح- مباشرة مشاريع تنمية مستدامة على الصعيد الوطني وبشكل خاص المناطق الأكثر حرماناً .
ط ـ التمسك بالتراب الوطني وتحرير الأرض السورية، وإقامة علاقات أخوة وتعاون مع الدول العربية وعــلاقات

متينة ومتكافئة مع الدول الإقليمية، وتعاون واحترام متبادل مع دول العالم، لتأخذ سورية الديمقراطية موقعها الفاعل في المجتمع العربي والإقليمي والدولي، بما يخدم المصالح الوطنية العليا والأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
ي ـ الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان .
ك- الإستفادة من كافة الأطر والطاقات السورية، داخل وخارج البلاد، من أجل إنجاح المرحلة الإنتفالية وبناء الديمقراطية في الجمهورية السورية. بشأن المرجعية القانونية والدستورية: ينبثق عن مؤتمر المعارضة لجنة مشتركة للعمل الوطني تنسق مواقف المعارضة وتوحد نشاطاتها السياسية والحقوقية والإعلامية والدبلوماسية والإغاثية وتحترم قراراتها الأطراف المشاركة.

برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري هيثم مناع رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر
القاهرة في 30/12/2011
أقر الاتفاق بحضور: وليد البني، هيثم المالح، كاترين التلي، صالح مسلم محمد، محمد حجازي.




بيان صادر عن
التجمع الماركسي الديمقراطي في سوريا ( تمد ) :
9 / 12 / 2011

أتون انفجار الأزمة السورية الراهنة التي بدأت في 18 آذار 2011 تداعت مجموعة من القوى والشخصيات السياسية الوطنية السورية إلى اللقاء والتعاون من أجل إيجاد صيغة سياسية و ديمقراطية جامعة لحشد طاقاتها ، وأسست ما بات يعرف بهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الوطني الديمقراطي في سوريا ، وكان من ضمن هذه القوى السياسية التجمع الماركسي الديمقراطي في سوريا (تمد) وهو جزء من تجمع اليسار الماركسي في سوريا ( تيم ) ، وعلى أثر تلك اللقاءات توافقت الهيئة على رفع اللاءات الأربعة :
1- لا للتدخل الخارجي 2- لا للعنف 3- لا للطائفية 4- لا للنظام الأمني الاستبدادي .
و التزاماً منا بالاستمرار في العمل ضمن هيئة التنسيق الوطنية ، ومع تصاعد الأزمة الخطيرة التي تعصف بسوريا و دخول الهيئة في مباحثات وحوارات تهدف للم ِ شمل المعارضة السورية في الداخل والخارج ، وفي الوقت الذي خرج للعلن جملة من الممارســـات والتصريحات الخطيرة والتي باتت واضحة وجليّة ومصرحاً فيها من قبل رئيس وأعضاء "المجلس الوطني السوري" ( اسطنبول ) مؤخرا, فإننا نؤكد في( تمد) أن هذه الأفعال والتصريحات والتحركات لا تخدم قضية الشعب السوري في بناء دولة الحقوق والمواطنة والاستقرار لجميع أبناء شعبنا العظيم .
و نشدد على أن هذه التصريحات تقوض ما اتفقت هيئة التنسيق الوطنية على المتابعة في العمل عليه ألا وهو وحدة المعارضة كمهمة مرحلية ملحة ، ولذلك فإننا نؤكد على أن معارضة ً كهذه تريد وتعلن عن أن التدخل الخارجي ( ممرات إنسانية – حماية دولية للمدنيين – حظر جوي – مناطق عازلة – تدخل عسكري – جيش لحماية المتظاهرين (الجيش الحر )) يشكل الحل والملاذ الوحيد لحقن دماء السوريين وإنهاء احتكار السلطة في سورية, لا يساعد إطلاقاً وبأي حال من الأحوال على حل مشكلات جماهير شعبنا السوري وقواه السياسية التي هي بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الالتزام بالمبادئ الوطنية الجامعة والمحافظة على وحدة سـوريا أرضاً وشـعباً وحماية أرواح المواطنين كما

نحذر أن هذه التوجهات الأخيرة "للمجلس الوطني السوري" (اسطنبول ) تٌفجر الجهود المخلصة والدؤوبة لتوحيد المعارضة السورية .
إن هذه التطورات تضع التزامات هيئة التنسيق الوطنية على المحك الوطني لجهة التزاماتها بلاءاتها المعلنة -الآنفة الذكر- واستقرار الأوضاع الداخلية المتفجرة سلفاً.
وإيمانا ًمن التجمع الماركسي الديمقراطي (تمد) في استمرار الجهود الصادقة لهيئة التنسيق فإننا نعلن تحفظنا على استمرار لقاءات هيئة التنسيق مع "المجلس الوطني" (اسطنبول) ونطالب بإيجاد نهاية واضحة وفاصلة لهذه الجهود التي أضحت تشــكل خروجا على الثوابت التي جمعتنا تحت مظلة هيئة التنسيق الوطنية في سوريا .
إننا في التجمع الماركسي الديمقراطي ندعو الرفاق في هيئة التنسيق الوطنية إلى تغيير وجهة الحوارات واللقاءات السياسية باتجاه القوى السياسية الوطنية الأخرى غير "المجلس" التي نرى أنها أجدر بالحوار والتنسيق وأقرب إلى الخط الوطني للهيئة المعلن ونلفت النظر إلى أنه بالإضافة إلى هذه القوى السياسية هناك قطاعات جماهيرية واسعة تتسم بالسلبية السياسية يجب أن تكون مستهدفة في انفتاحنا وحواراتنا بغية إشراكها في عملية التغيير الوطني الديمقراطي .
9122011


الجزر والمد في السياسة : الإسلاميون مثالاً

محمد سيد رصاص

(الإخوان المسلمون) من الصراع بين الملك فاروق وحزب الوفد، البادئ منذ أن فرضت الدبابات البريطانية المقتحمة لقصر عابدين حكومة الزعيم الوفدي مصطفى النحاس باشا في يوم4فبراير1942، لكي يتحولوا إلى القوة المنظمة رقم واحد ، بعضوية قاربت المليون، في منتصف الأربعينيات:أتى هذا من اتفاقية جنتلمان أقامها النحاس باشا وحسن البنا بتأييد الحكومة الوفدية مقابل إطلاق حرية العمل لـ (الإخوان) . خلال الفترة الممتدة من شباط1945وحتى اغتيال المستشار أحمد الخزندار من قبل (التنظيم الخاص ) لـ (الإخوان) 22آذار1948 اقترب البنا من حكومات القصر وابتعد عن (الوفد)،قبل أن تُحل الجماعة (8كانون أول) ويغتال البنا بعد شهرين في12شياط1949.في فترة ما بعد انتخاب حسن الهضيبي مرشداً (19أوكتوبر1951)وحتى انقلاب23يوليو1952اقترب الهضيبي مـن القصـر فيما كـان الجناح المضاد له في التنظيم الإخواني، بزعامة صالح عشماوي، قريباً من (الوفد).
لم يؤد هذا النمو التنظيمي الإخواني إلى حالة مد سياسي يكسر الجزر السياسي الذي عاشه تنظيمهم منذ تأسيسه في آذار1928 ،والذي – أي هذا الجزر- كان انعكاساً لحالة المد السياسي التي عاشها التيار الليبرالي الحداثي عقب ثورة1919 بمصر التي قادها (الوفد)وأيضاً في عموم البلدان العربية إثر انهيار الدولة العثمانية في 1918،ولو أن هذه الحداثوية السياسية،والفكرية،لم تصل إلى علمانية كمال أتاتورك،إلا أنها قد عبرت عن موجة تغريب اجتاحت المجتمعات الإسلامية بعقد العشرينيات ،شملت أيضاً آل بهلوي الحاكمون في طهران منذ1925وملك الأفغان،ليكون ظهور ونشوء (الإخوان المسلمون)أحد ردود الفعل الأيديولوجية- السياسية المضادة لها.
كان هذا المد التغريبي، الذي كانت حتى منتصف الخمسينيات أحد أقوى تعبيراته هي الليبرالية ثم النزعة القومية وبعدها الماركسية،لا يقتصر على الشكل الأيديولوجي


السياسي وإنما يمتد إلى الفكر والثقافة والفن و السلوك الاجتماعي والأزياء، وكادت تأثيراته أن تمتد إلى الفكر الإسلامي من خلال شخص مثل علي عبد الرازق بكتابه:"الإسلام وأصول الحكم"(1924).من هنا، فإن المد التنظيمي الإخواني لم يكن له مفاعيل قوية موازية في البنية الاجتماعية العامة لكي يتحول إلى مد سياسي.هذا الأمر استمر في المرحلة الناصرية منذ صدام (الإخوان)مع عبد الناصر عقب حادثة المنشية(26أوكتوبر1954) لما كان المد القومي العروبي يملك غالبية اجتماعية كاسحة في البلاد العربية كرد فعل على نكبة فلسطين في عام1948.
منذ هزيمة5حزيران1967دخل المد القومي العروبي في حالة الجزر السياسي لصالح موجة إسلامية بدأت معالم نموها التنظيمي بالظهور طوال عقد السبعينيات في عموم البلدان العربية،ثم منذ عام1978في إيران،وفي باكستان الثمانينيات،وفي تركية التسعينيات:في إيران مابعد11شباط1979استطاع الخميني ترسيخ جمهورية إسلامية،وفي باكستان كان نمو(الجماعة الإسلامية)معتمداً على التحالف مع النظام العسكري للجنرال ضياء الحق(1977-1988) قبل أن تتحول إلى رقم سياسي باكستاني صعب طوال عقدين تاليين، فيما وصل (حزب الرفاه) للمرتبة الأولى في انتخابات البرلمان التركي لعام1995قبل أن يتحول هذا المد التنظيمي- السياسي للإسلاميين الأتراك إلى موجة كبرى،أيديولوجية- سياسية- ثقافية- اجتماعية،كنست الكثير من الأتاتوركية منذ فوز حزب (العدالة والتنمية)ببرلمان2002.
لم يستطع الإسلاميون العرب تحويل نموهم التنظيمي إلى مكاسب سياسية،رغم تنامي النفوذ للتيار الإسلامي في الفكر والثقافة والسلوك الاجتماعي والأزياء وفي بعض قطاعات الفن مثل المسلسلات التي عكست منذ أواخر السبعينيات الكثير من المظاهر المحافظة بعكس سينما الستينيات:في سوريا واجه (الإخوان المسلمون)النظام الحاكم في مواجهة دامية بأعوام 1979-1982انتهت بهزيمتهم،وفي تونس 1991كان الأمر كذلك مع (حركة النهضة)،ثم بالجزائر مع (الجبهة الإسلامية للإنقاذ)إثر انقلاب11كانون ثاني 1992 الآتي عقب فوز الإسلاميين بالجولة الأولى من الانتخابات قبل أن ينتصر عسكر الجزائر على (الجماعة الإسلامية المسلحة)بين عامي1994و1998،الشيء الذي حققه الرئيس المصري حسني مبارك خلال عقد التسعينيات ضد إسلاميي(الإخوان)و(الجهاد)و(الجماعة).
بين عامي1999و2001كان هناك بداية لتراجع النمو التنظيمي - السياسي للإسلاميين في عموم العالم العربي ، حتى أتى (11أيلول2001بنيويورك)و(احتلال العراق-2003)لكي يعيد هذا النمو ويعطيه زخماً قوياً،وذك بعد أن أعطى رد الفعل الأميركي على ما جرى لبرجي نيويورك من خلال مثالي كابول وبغداد الكثير من القوة الفكرية لأطروحة(صدام الحضارات)عند الكثير من المسلمين.كان التعبير الأبرز عن هذا هو انتخابات البرلمان المصري عام2005 التي فاز فيها(الإخوان) بخمس المقاعد رغم كل التضييقات،وهو العام الذي شهد بداية الاتصالات بين(التنظيم العالمي الإخواني)وواشنطن بعد قطيعة استمرت منذ انتهاء تحالف الإسلاميين مع الأميركان عقب انتهاء الحرب الباردة1947-1989ضد السوفيات ، لما اختارت واشنطن الأنظمة العسكرية في مصر مبارك وتونس بن علي وجزائر ما بعد انقلاب 1992ووقفت معها في عملية مجابهتها للإسلاميين.
في تونس17كانون أول2010-14كانون الثاني2011أيام الانتفاضة التونسية ضد بن علي ظلت واشنطن (ومعها الفرنسيون)في حالة اضطراب وتردد . انكسر هذا التردد الأميركي في قاهرة25يناير-11فبراير2011لماوقفت واشنطن مع(ميدان التحرير)ضد حليفها القديم مبارك وبالذات في الأسبوع الأخير رغم وضوح أن مليونية جمعة28يناير بالميدان كان محركها هو الإسلاميون:منذ سقوط مبارك وضح أن هناك اتجاهاً عند واشنطن لملاقاة تداعي بنى النظم الجمهورية في العالم العربي، أمام مد اجتماعي ضدها،بنموذج هو موجود منذ عام 2002 فـي تـركيـة رجب طيـب أردوغان يقـوم على

ثالوث(الجيش- الإدارة- الإسلاميون). في انتخابات23تشرين أول2011بتونس تم تدشين هذا الاتجاه نحو هذا النموذج،الذي يبدو أن انتخابات28نوفمبر المصرية تتجه لبنائه أيضاً ، وكذلك الحال في ليبيا ، وفي يمن ما بعد تنحي علي عبد الله صالح.
خلال مجرى عام2011الدراماتيكي العربي،ظهرت الحدود الواسعة لحالة المد السياسي التي بدأ الإسلاميون يعيشونها في مرحلة تداعي بنى النظم الجمهورية التي استلهم معظمها نموذج نظام 23يوليو1952، بالترافق مع نمو تنظيمي ومع مكاسب انتخابية،وفي ظل غطاء دولي غربي أميركي- أوروبي،ومع نموذج مثلما كان يدعوه المرحوم نديم البيطار ب(الاقليم- القاعدة) هو موجود في بلاد الأناضول، حيث ما كان بدون هذين الأخيرين أن يتحول ذلك النمو التنظيمي،والمكاسب الانتخابية،المترافقان مع نفوذ فكري-ثقافي- اجتماعي واسع،إلى مد سياسي من الواضح أنه بقوة ماعاشته ليبرالية سعد زغلول والنحاس باشا بين عامي1919و1952وعبد الناصر1956-1967.



عن دولة الفاشية الكولونيالية العربية!!
*عزيز سعيد *

البعض يتخيل الدولة " حارس ليلي ضد اللصوص " والبعض يعتبرها"جابي ضرائب"، وموضوعتي عبادة الدولة و حياديتها ما تزالان ساريتا المفعول ولهما أنصار كثر،ربما يفوقون أنصار نقادها، و الذين يناضلون لكشف دورها القمعي و انحيازها الطبقي ،وفي حالات أخرى إستملاكها_ وإفقادها أي ميزة تظهرها في موقع الاستقلال النسبي_ لطبقة اجتماعية أو أجنحة منها ،ويمكن أن تحمل الدولة الرأسمالية الكولونيالية سمات بعض أجهزتها القمعية أو الأيديولوجية و تضغط لتعميمها على كل الدولة.
وتعبير "دولة المخابرات"أو " "دولة آل س"أو "دولة مافيا"أو"دولة البعث "تحمل الكثير من مقاربة شكل الحكم ،وتؤكد في الآن نفسه على عجز البورجوازية الكولونيالية عن فرض سيطرتها الطبقية والسياسية إلا بأشكال الحكم القمعية المباشرة "الفاشية بتنويعاتها الكولونيالية"،و التفلّت من أي أغطية أيديولوجية أو التزامات حقوقية يمكن أن تشكل إعاقة لمصالحها الضيقة التي تأخذ في أحيان عديدة طابعاً عائلياً و قرابات دموية عشائرية،وهي من العناصر المشتركة مع التنظيمات المافياوية،والتي تكرس من خلال دعمها وتمتين مرجعيتها البديل الوظيفي للدولة ،أو،صنع دولة "حقيقية حية" داخل الدولة " المزيفة الميتة".
ويلاحظ في كثير من التجارب العربية مدى تهميش البورجوازية الكولونيالية الحاكمة لدور الوسائط السياسية و الأيديولوجية،الأحزاب،البرلمان،النقابات....و إدارة مصالحها الطبقية ببدائل وأطر تشتق من الاقتحام المباشر للمجال الاقتصادي والسياسي بدعم الوسائل الحمائية الجيش والأمن لانتزاع"الريع البيروقراطي"*وتوسيع مجالها الاستثماري عبر احتلال المجالات الاقتصادية الأكثر ربحية و اقتسامها مع المجموعات البورجوازية، والتناغم مع المتطلبات الإمبريالية المتجددة ،قبل وبعد سقوط التجربة السوفيتية،لأخذ حصتها من"الريع الوطني"** و توفير الغطاء السياسي والقانوني والأمني لديمومة سيطرتها الطبقية.
تأخذ العلاقة بالشعب شكل إكراه عبودي،تُلزم الطبقات الشعبية على احتماله،بواسطة العنف المباشر أو التهديد باستخدامه،أو الأيديولوجيا"التي تشكل خلطة من عناصر متناقضة"أشبه بالخلطات المنحفة للشعور الوطني والوجدان الإنساني،والمنشــطة لغدد الأنانية والتباغض الأهلي والحقد



الطائفي،و تحقق وظيفياً حالة من "الإكراه الأبكم" تتسلل فيه لغة الإشارة والرمز التي توطنت دلالاتها الردعية في أعماق الشعور الشعبي العام.....
سيجد الشعب نفسه مقيداً كيفما تحرك،ومكرهاً في كل مسلكه،مناوراً على قرار إحتجاجي-إعتراضي مؤجل على الدوام بفعل الخوف والتردد والحصاد الدوري لسنابل الطلائع الثورية،لكن لابد من أن يحرر نفسه من العقد الفاوستي(الشيطاني)الذي تورط وأبرمه يوماً مع شيطان الاستبداد و"ملائكته" كذلك .
بالدم كتب هذا العقد وبالدم يزول!!
ما يجب تأكيده أن الدولة الرأسمالية الكولونيالية ومؤسساتها الحديثة:الإدارات العامة _الجيش_ الأمن،تكّونت في المرحلة الاستعمارية،وإن انتقال هذه المستعمرات إلى دول"ذات سيادة" هو ما يعنينا،رغم أنهما مرحلتين متعاقبتين زمنياً إلا أنهما مترابطتين وظيفياً، حيث تكوّن دولة الرأسمالية الكولونيالية يأخذ نسقاً خاصاً يختلف عن دولة الرأسمالية في أوروبا والمراكز الرأسمالية الأخرى، ونجد من أبرز سماتها:
1)إعادة إنتاج التبعية للسوق الرأسمالي العالمي.
2)استكمال تعميم العلاقات الرأسمالية في الاقتصاد، المؤسس على نهب فائض القيمة،ودعمه سياسياً وحقوقياً وحمايته،وضمان آليات إعادة إنتاج علاقات الإنتاج التبعي.....
3)ساهم الحضور السوفييتي،بعد نهاية الحرب العالمية الثانية،في تعديل شروط التبعية الاقتصادية لصالح التنمية الشعبية وتخفيف أعباء التراكم الأولي لرأس المال،وتفكيك ومواجهة الضغوطات السياسية والعسكرية،مما ساعد على تحسين شروط التبعية،وتخفيف النتائج العنيفة التي تسببها اقتحامات المؤسسات الاقتصادية الإمبريالية،عبر القروض المالية المشروطة،وأفضلية الاستثمار للشركات الأمريكية والأوروبية...
4)إعادة إنتاج عدم التجانس البنيوي في البنية الاجتماعية:تفاوت التطور اقتصادياً، و دعم البنى الأيديولوجية، ما قبل رأسمالية كولونيالية. 5)التسوية الدائمة مع المجالات التي تحتلها العوامل غير الاقتصادية....الثقافية_الدينية-الطائفية-العشائرية.....
يجد المتابع لموضوعة دولة الرأسمالية الكولونيالية نفسه أمام حالة من التشويش الإيديولوجي،وفي أحسن الأحوال "رقيم مسماري" يقوده إلى الارتباك أمام مقاربة هذا الموضوع والسيطرة عليه معرفياً، أهمها العلاقة المعقدة،والتي تحوي عدداً ضخماً من المجاهيل ،بين البنية التحتية(الاقتصادية) والبنية الفوقية(السياسية الحقوقية) والتي تشكل الأداة المفتاحية للتحليل المادي الكلاسيكي،ويكتشف عدم كفايتها للإحاطة بالموضوع المطلوب مقاربته وفهمه.
تتسرب الشخصنة وتتقوى في حيثيات الدولة الرأسمالية الكولونيالية،ويفقد المجلس العسكري-الانقلابي بعضاً من صلاحياته،وتتحول إلى قائد المجلس،ويبدأ التمحور حول القائد الملهم تارةً"دون التمحيص بمن يلهمه"والفذ و العظيم تارةً أخرى، والأول:الأول في كل شئ،القاضي الأول ،والمهندس الأول ،والطبيب الأول،والرياضي الأول.....وتحوّله جوقة"المثقفين "والمخبرين إلى:"قائداً أعلى للزلازل الأرضية،وللكسوف وللخسوف وللسنوات الكبيسة...."وفق غبريال ماركيز في –خريف البطريرك. نرتكب أخطاء كبيرة تاريخية ومعرفية عندما نؤسس فهم التجربة على الوثائق الفكرية والعقائدية،كيف تنظر البورجوازية الكولونيالية إلى دولتها ونمط حكمها وتتخيلها ورقياً، كأن نحيل ممارسات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري و فرق الموت "الشبيحة" إلى كتابات ميشيل عفلق ومنيف الرزاز وياسين الحافظ، وممارسات كتائب القذافي إلى صفحات الكتاب الأخضر،لأنه من الصعوبة أن نجد في كتاباتهم تفسيراً لآليات بناء هذه المؤسسات العسكرية وتبريراً لجرائمها،وكأن السردية البعثية هي ذاتها،من الأربعينات"التأسيس"إلى اليوم،ومشروع البورجوازية الصغيرة"المدينية والريفية" الحامل التاريخي لهذا الفكر هو ذاته،لم يأتيه التغيير والتحول السياسي والطبقي.
عجزت البورجوازية الكولونيالية عن إنتاج تصورات فكرية عن مشروع"ها"........،وهذا ناتج عن عجز بنيوي تاريخي لم تستطع منه فكاكاً،واستبدلته بمنتج إعلامي تبريري لعمـوم


مساراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية،يتأسس على مرويات لا تنتهي من الأكاذيب والتلفيقات،تتشابه عناصرها مع الحالات الناتجة عن "خرف" الشيخوخة،ونلمس هذا بشكل واضح عندما يتحدث ممثلوها عن إنجازاتها وانتصاراتها وتصوراتها ومعاركها،وعن بول "الأعداء" في سراويلهم بمجرد ذكر اسمها،أو كيف تحسب دول العالم لمواقفها ألف حساب في "لعبة المحبوسة"،أو كيف يأتي قادة الدول الكبرى ليتعلموا من خبراتها في "إقناع" الناس بأن حياتهم ومعيشتهم هي الأفضل ضمن المجموعة الشمسية.
لا بديل عن: قراءة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والآليات المتبعة في إعادة تشكيل الدولة وتوزيع مناسيب القوى داخل مؤسساتها،ودور الجيش القوة الأشد تنظيماً ومبادرة،وفهمه للشروط الإمبريالية والرجعية العربية التي مكنته من فرض خياره على البورجوازية وحسم قيادتها وقطرها على سكة مشروعه،وحقق بقدراته قوة تدخل دائم لحسم الصراعات وتعديل أي تفاوت في علاقات القوة التي تنتجها السيرورة التاريخية للبورجوازية وميولها للاستقلال النسبي ،وتذكيراً بدوره لمن ينسى ،و الثقافة المعلنة وغير المعلنة التي يؤمن بها والتي تحقق ولاؤه وتعيد إنتاجه، للإجابة عن أسئلتنا؛تتوهم البورجوازية السورية أو بعضها ،ويتوهم مثقفوها أو بعضهم كذلك،أن بإمكانهم إنتاج نظام ودولة الرأسمالية الكولونيالية، بطريقة مختلفة عن النظام السياسي السائد.
يتأسس هذا الوهم السياسي-الطبقي على الاتجاه الليبرالي الذي تبنته الفئة المهيمنة من البورجوازية الكولونيالية منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي،وضرورة أن يلازمه تغيرات ليبرالية في البنى السياسية-الحقوقية،دون معرفة أن حتمية الاتجاه الليبرالي أتى تعبيراً عن الفشل في السياسات الاقتصادية لرأسمالية الدولة،وعجزها عن إصلاحها،و سيرورة نمو وتطور البورجوازية البيروقراطية(المدنية-العسكرية)الذي أفضى إلى توسيع نشاطها الاقتصادي خارج الأطر الاقتصادية لمنشآت الدولة الرأســمالية ، بل ، في حالات متطرفة لليبرالية الكولونيالية،على أنقاض هذه المنشآت التي باتت"تتعفن وهي حية"حسب ماركيز-خريف البطريرك!!
وليس في تجارب التاريخ ما يؤكد ضرورة هذا التلازم،بين الاتجاه الاقتصادي الليبرالي،وشرطه السياسي-الحقوقي،بل على النقيض،معظم تجارب الليبرالية الكولونيالية أتت متلازمة مع الفاشية والأنظمة الاستبدادية،ويمكن أن نؤكد أن الاتجاه الليبرالي الإمبريالي المتطرف،الذي بدأ يتوسع منذ أواخر السبعينات(تاتشر-ريغان-كول) من القرن العشرين ويفرض مقولاته وبرامجه، تلازم مع نمو الاتجاهات الاستبدادية والفاشية الجديدة في هذه البلدان(تصفيات وحشية للإضرابات العمالية-تحجيم دور النقابات-قضم المكتسبات الاجتماعية......)،وعدوانية عسكرية تجاه الشعوب والأمم المضطهدة.
هل يمكن اعتبار الجيش حزب البورجوازية السورية،أو جناحها المهيمن؟
إن الحتميات الفاشية وليدة ضعف وتبعية البورجوازية الكولونيالية اقتصاديا،وعجزها عن إنتاج قاعدة اجتماعية واسعة وثابتة وصلبة،تقتنع دون إكراه بمشروعها ،وعجزها التاريخي عن حل القضية الوطنية،.......من هذا الأساس التكويني،يمكن أن نفهم الإصرار العنيد عند الطغمة العسكرية،كممثل لرأس المال الأكثر تبعية وطفيلية ووحشية،على الرفض المطلق لأي تسويات سياسية وعلى احتكارها التمثيل الطبقي للبورجوازية،وتحويل علم السياسية إلى علم عسكري-حربي،حيث الخطة و المهارة للاستيلاء على السلطة و التحصّن داخل قلعتها وتحويلها إلى ملكية خاصة،ورصد الأعداء وتعقبهم في كل الجغرافيا التي تركتها له أوراق سايكس-بيكو،والذين سيصيرون،بكل خفة عقل المستبد ومرتزقته، أعداء للوطن والشعب والأمة وعملاء للشرق والغرب والشمال والجنوب وفق اللحظة السياسية التي ينتجها المستبد وأعوانه،وسيكون الديناميت هو المصل الوحيد التي سيجبر على تناوله كل من لم يستطع هضم حساء الاستبداد!!
كيف لنا أن نفهم دور البورجوازية الاقتصادي والسياسي،ضمن ممكنات الاستقلال النسـبي، ونحن نقرأ عن


رموز بارزين منها" رفيق الحريري- ميشيل المر.." وهم يقفون طائعين كتلاميذ، أمام ضباط مخابرات"عنجر"، عراة من أي قوة حماية سياسية أو حقوقية،أو عن رأسماليين نافذين ومعروفين"عملوها تحتهم"وهم ينتظرون دورهم في تلك الممرات المظلمة،لاحتساء "فنجان القهوة"،قبل توقيع عقود الشراكات الاقتصادية القسرية،الذي بات من أشهر فناجين القهوة على مر تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوّي السلطان الأكبر!!
و المرويات عن العلاقة الشائكة بين البورجوازية بتنوع مواقعها وبين البيروقراطية"المدنية والعسكرية"يمكن أن تفيد في الفهم الجزئي لهذه الحالة التاريخية،وعلاقة التمثيل الطبقي،وهذا يشمل كل آليات التمثيل الطبقي والسياسي، الشغيلة-الفلاحين.... والبيروقراطية النقابية......الخ
ودور الريع النفطي الخليجي والليبي يضئ جزءً من العلاقة،التحول الطبقي للبورجوازية البيروقراطية"المدنية والعسكرية"واستحواذها"الريع البيروقراطي"واندفاعها للاستثمار من خلف الستار يضئ جزءً آخر،دور المؤسسات الوقفية وتقوية مواقعها الاقتصادية،بشكل خاص في الاستثمار العقاري يمكن أن يضئ جانباً من مجاهيل العلاقة.......
كأنما تأسست علاقة "لاإنعكاسية" بين السياسة و الاقتصاد،تسمح لبيروقراطية الدولة"المدنية والعسكرية"بالتدخل في كل المجالات الاقتصادية وانتزاع حصتها من "الريع البيروقراطي"دون أن يكون لهذه الفئات أي حقوق للتدخل في شؤون البيروقراطية وانتزاع أي مكاسب سياسية منها،باستثناء طرق التسول وعقود الشراكات اللا متكافئة،كذلك لاتقف تراتبياً على الدرجة ذاتها البيروقراطية المدنية والعسكرية،و البيروقراطي غير المحمي عسكرياً أو أمنياً،غير قادر على المبادرة،أو الترقي الطبقي.
و لنا أن نفهم الحتمية الأمنية ودورها الاقتحامي في حيثيات ثانوية،كتعيين مختار ضيعة،و مذيعة تلفزيون،وعميد كلية جامعية،ورئيس جمعية خيرية،وأستاذ موسيقى، والمنتخبات الوطنية للألعاب الكروية.....ونلاحظ في شق آخر عدم الاكتراث بالولاء "الأيديولوجي-الحزبي"غير المعلن لكثير من الذين واللواتي يشغلون مناصب مهمة،يكفي أن تحقق الولاء للسلطة،أو لبعضها،كأنهم يعتمدون قول باسكال:اذهب إلى الكنيسة،ارسم شارة الصليب،و إبدء التمتمة بالصلوات ،ستغدو مؤمناً،ويلاحظ تحول حزب الفئة المهيمنة من البورجوازية الكولونيالية إلى ما يشبه وعاء كبير"زنبيل" يحوي داخله كل العقائد الفكرية والو لاءات السياسية التي أوجدها النشاط الفكري والحركي من نصف قرن،ولا يكترث بتناقضاتها التي تغدو شكلية طالما هي متوحدة في إعادة إنتاج مصالح تلك الفئة السياسية والدفاع عنها.....
أمامه مؤسسات تشريعية ولكن التشريعات تأتي من خارجها وتملى عليها وبات طبيعي"أي جعلته الفاشية طبيعياً" أن تعرف أسماء أعضاء مجلس الشعب قبل البدء بالانتخابات،ومؤسسات رقابية تتفعّل عند الضرورة وينظم عملها الفعل الكيّدي ويأتي تفعيلها الموسمي لتصفية الحسابات بين مراكز القوى الأمنية،وأحزاب لها دور رقابي ونقدي(افتراضي) لكنها تعمل مثل جوقة كورال تقول كلاماً واحداً موحداً،عندما يطلب منها،كأنها حزباً واحداً،وهي كذلك ،ومؤسسات قضائية تتحول إلى حالة نموذجية لانتهاك القوانين،و الانتقائية في تطبيقها.نفترض أن هذه كلها مظاهر حضور الدولة الكولونيالية وأجهزتها ،كيف لنا بالتوصل إلى تحديد سماتها العامة وخصائصها؟
....كيف تؤطر، البورجوازية الكولونيالية أو الفئة المهيمنة منها،عملها و تدير مصالحها وتحميها؟
و ما دور أجهزة دولتها في الحفاظ على موقعها المهيمن وكيف يتحقق ذلك؟
أين يتحقق الاستقلال النسبي للدولة،حيث تحضر قوة القوانين العامة ،التي تتكفل بحجب المصالح الطبقية، بدلاً عن المسدس والكرباج والسجن؟
كذلك بقدر ما تُظهر دولة البورجوازية الكولونيالية من قوة وعنف وعنجهية نحو الداخل،العلاقة بالشعب، تظهر الضعف والوضاعة والخنوع تجاه الخارج الإمبريالي.


كيف نشأت الاتجاهات المتعاكسة،مثل:سيادة القانون وانتهاكه،وتمدد الأشكال التسلطية السافرة فوق الالتزامات الحقوقية _القانونية المحدودة،لدرجة إلغائها والحلول مكانها،وتمكنها من تثبيت حالة طوارئ بورجوازية دائمة، وقابلة للتجدد إلى مالا نهاية،وهو بمثابة شرط نموذجي ووحيد لسيطرة الفئة المهيمنة من البورجوازية الكولونيالية العربية،يمكنها من انتزاع "فائض القيمة"الذي يأخذ بدوره شكلاً مميزاً، ويتوسع خارج عملية الإنتاج الرأسمالي التي توّصل إلى تحديده وكشف آلياته والبرهنة عليها ماركس وإنجلز.
1)ففائض القيمة في الأنماط الاقتصادية الطرفية أو التبعية،يتوسع -خارج آليات عملية الإنتاج الرأسمالية وشروطها التاريخية ،لكن هل يمكن أن نطلق عليه الاسم ذاته،ليشمل النهب المباشر للثروات الوطنية:البترول ،الغاز،الأراضي الزراعية المصنفة كأملاك عامة، الآثار،عمولات من صفقات لا وطنية و لا أخلاقية:صفقات أسلحة لا لزوم لها،مواد كيماوية مدمرة للبيئة والوسط الحيوي للبشر والكائنات الحية، أغذية منتهية الصلاحية،بذور فاسدة لمحاصيل زراعية أساسية ،مبيدات للآفات الزراعية مسرّطنة ومدمرة للخلايا الحية،دفن نفايات نووية ومواد مشعة...............الخ يضاف الأرباح الجنونية للسوق السواء التي تديرها مجموعات منظمة لتهريب البضائع والأسلحة والمخدرات من البلاد وإليها.......الخ وعمليات تبييض الأموال المتأتية من سرقات المال العام "التجربة العراقية،قبل العدوان الإمبريالي_ الحصار الاقتصادي ومرحلة النفط مقابل الغذاء _وبعده عبر تهريب المسروقات من العملات الصعبة والمعادن الثمينة والأدوات المشتراة حديثاً للمعامل و المشافي والمعاهد العلمية والجامعات....الخ
كذلك الأموال المستعادة من المصارف اللبنانية بعد انسحاب القوات العسكرية والأمنية،الناتجة عن زراعة وتجارة المخدرات و تجارة الأسلحة و الريع البيروقراطي.....الخ .
2) إخراج تراكم الرأســمال من العمـلية الإنتـاجية أو الاستثمارية وإيداعه في مصارف أو مشاريع الرأسمالية في دول المتروبول، يؤدي إلى إعاقة عملية الإنتاج الموسعة وتعطيلها ،وجعل مرحلة التراكم الأولي لرأس المال عملية مستمرة وبلا نهاية،مما يرفع الكلف الحياتية على الطبقات الشعبية،وتراجع في تأمين الحاجات المتنامية(السكن،التعليم ،الطبابة،فرص العمل الجديدة،الأمن الغذائي،.....)،إضعاف موقع الدولة الرأسمالية الاقتصادي،و اختلال دورها التوسطي في ضبط المتطلبات المتنامية للسكان،وعجز القوى الليبرالية المتطرفة على الحلول مكانها،وتقديم خدماتها ووظائفها،وهي قوى عملت في شروط رأسمالية لا تتحقق إلا في الأحلام البورجوازية:إعفاءات ضريبية قابلة للتجديد،و تهرب ضريبي ،قروض ضخمة طويلة الأمد"وغالباً لا تُسدد" من ودائع الفئات الشعبية المتوسطة والصغيرة في المصارف المحلية،عقود عمل إذعانية تجعل الشغيلة عراة حقوقياً أمام رأس المال، احتكار إنتاج بعض السلع وتحديد أسعارها،وغالباً ما تكون أضعاف سعرها في الأسواق العالمية،عدم مراقبة نوعية المنتوج الذي تقدمه هذه المعامل ،وتطابق مواصفاته مع المواصفات العالمية أو حتى المحلية..........
3)نزعة تدخليه دائمة للدولة،في الاقتصاد من أجل ضبط توترات السوق والسيطرة على احتياطي العملات الصعبة....،تجعلها دولة أزمة دائمة،ومادام مشروعها الاقتصادي التبعي في حالة أزمة متجددة،فإنها تفتش لنفسها عن حلول من خارج العملية الاقتصادية.....
4)تتوضع داخل دولة الرأسمالية الكولونيالية جغرافيا الصراع السياسي والطبقي،حيث تتشكل عقدة التناقضات برمتها،فالصراع يأخذ شكلاً محدداً كصراع في وعلى الدولة ،إما لامتلاكها"تخصيصها" أو إخضاعها لشرط رقابي شعبي"تعميمها"،مع بروز في كل مرحلة تتجدد فيها الأزمة حالة التسويات بالقوة.
إن التكون التاريخي ،الذي أنتجه الغزو الاستعماري، لشكل دولة الرأسمالية الكولونيالية واحد،لكن أشكال السيطرة البورجوازية توجد في أشكال لا حصر لها.
*الريع البيروقراطي:تحويل المركز البيروقراطي"المدني أو


العسكري"إلى موقع طبقي لإنتزاع الربح ،الذي يأخذ أشكاله المحلية:الابتزاز-الخوة –الرشوة-السرقة،وأشياء أخرى تأتي كتحصيل حاصل ،باستغلال مجموع الصلاحيات التي تمنحها قوانين الأنظمة الاستبدادية،والنفوذ والحصانة التي يتمتع بها من يشغل هذه المواقع......... **الريع الوطني:تحويل الموقع الجغرافي المتاخم للكيان الصهيوني،إلى موقع إنتاجي،الثبات على العداء اللفظي للكيان ودعم "المقاومة"،وابتزاز الإتحاد السوفيتي وليبيا ودول الخليج ،إلى تبادل المنافع مع الفاشية الإيرانية،عبر بناء شبكة مافياوية من تنظيمات فلسطينية-لبنانية-عراقية- كردية-خليجية والاستثمار عبرها....الخ
تموز- آب2011


الثورة السورية : مشاكل وحلول وتصورات
* أبو هادي *

الكثير من المشاكل العملية و المفاهيم الملتبسة التي تعترض المسار الانتقالي للثورة السورية لابد من توضيحها، ونبدأ بالمشكلة الأولى والتي تعد الأبرز في هذه المرحلة الانتقالية وتدور حول سر قوة النظام وصلفه طوال الشهور الثمانية من عمر الأزمة، وإصراره على رفض كل الحلول السياسية للأزمة، وهل تكمن في قوة الدولة التي تسانده؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فهل تستوجب الهدم مثله إذا ما أنقلب النظام؟ وإذا كانت الدولة السورية قوية فعلاً لهذا الحد، فهل نيل الشعب لحريته يقتضي أضعاف الدولة بالمستقبل؟
جدل الدولة والحرية في سورية:
من حيث الجوهر هناك تضاد بين الحرية والدولة، وهذا في صلب موقف ماركس من مسألة الدولة، فهي عقبة بطريق بلوغ الإنسان مرتبة الحرية المطلقة، لذلك يجب أن تزول. فالدولة هي التكثيف الشديد لاحتكار الثروة والسلطة في المجتمع. ولكن إلى ذلك الحين يبقى مشروع زوال الدولة مجرد يوتوبيا للتغيير الاجتماعي متروك للمستقبل.
فالدولة مازالت حاجة إنسانية راهنة مجتمعياً داخل المنطقة العربية وخارجها، وإن إرهاصات العولمة ذهبت بغير ذلك الاتجاه. فمن شبه المؤكد في هذه المرحلة، أن وجود دولة راسخة الأركان يعني وجود قانون يحمي الأفراد من عسف الدولة، كما يحمي المجتمع من تعديات الأفراد وتجاوزاتهم. وغياب القانون عن الدولة يجعل العنف يسكن شرايينها، ولتصبح شكلاً للعنف العاري لسبب بسيط، هو أن وجودها غير شرعي وبالتالي هشاً.
فكل سلطة يكون طريقها للاستبداد، باغتيال فكرة القانون بالدولة وسلبها روحها الوثابة، بتعليق العمل بالدستور ولجم يد القضاء الحر المستقل. فالدستور والقوانين الخاضعة له والقضاء المستقل، هما سياج حرية المجتمع، والأساس المتين الذي تستند إليه الدولة لكي تحمي نفسها من عسف السلطة والتحرر من هيمنتها. من كل ما سبق يمكننا القول، أن وجود الدولة في التاريخ والسياسة السوريين، كان وما زال وجودا ضعيفا وهشاً، بسبب هيمنة السلطة عليها. من هنا أصبح مشروع الحرية سورياً وعربياً، يلاقي مشروع الدولة القوية دولة القانون والمؤسسات وينسجم معه، وهما متضادين بالجوهر مع سلطة الاستبداد. فالعنف يشكل إحدى وظائف الدولة القوية وليست وظيفتها الوحيدة والأبرز. لذلك الدولة القوية تغدو في ضوء الواقع السوري، هي المدخل العملي لسحب سلطة الاستبداد من حياة المجتمع والقطع معها. كما يوجد في هذه المرحلة تماهي وليس تضاد بين حرية الشعب السوري ومشروع الدولة القوية.


و قوة الدولة تكمن بمتانة مؤسساتها واستعصائها على الشخصنه، و صلابة إرادتها في بسط سلطة القانون على كل من يعمل بداخلها أو يخضع لها. وهذا الجدل بين الحرية والدولة القوية في سورية يدخلنا في صلب إشكالية فكر هيغل، وينأى بنا مؤقتاً عن جدل الحرية عند ماركس، متوقفين عند تلك اللحظة التي تصبح فيه الدولة القوية، المدخل لاسترجاع وحدة الأمة و تجاوز حالة التأخر التاريخي التي أدخلها به الاستبداد الخارجي و لاحقاً الداخلي، ولتصبح التجسيد الفعلي لحضور العقل الكلي بالتاريخ. و الدولة القوية أيضاً هي القوية في شرعيتها و شرعية السلطة التي تمثلها وليس بما تفيض به أجهزتها القمعية من عنف عاري أو مستتر على كيان المجتمع، عندها ستكون في لحظة تماهي مع حرية المجتمع، بينما عندما تكون سلطة الدولة ناقصة الشرعية تقوم باللجوء إلى الطغيان لتعويض ذلك النقص، عندها يحدث صدع سياسي بينها وبين الدولة والمجتمع في آن واحد. والدولة حتى تصبح شرعية يجب أن تكون مؤسسة على عقد اجتماعي أو دستور موضع أجماع وطني واسع، بينما يكفي السلطة التي تتولى إدارة الدولة حتى تصبح شرعية أن تكون موضع أجماع أكثري، وهذا يعني أن الطعن في شرعية السلطة لا يسحب نفسه بشكل تلقائي على شرعية الدولة، الأمر الذي يرتب على الفقه الدستوري الفصل بين متطلبات شرعية الدولة و متطلبات شرعية السلطة، فالدولة دائمة أما السلطة فمتغيرة، وبالتالي يجب أن تكون تابعة للأولى وليس العكس، وأن استخدام السلطة لمؤسسات الدولة لا يعني وحدتها، وأن ترك لبسٌ بذلك. ومن مقتضيات تلك التبعية الفصل بين مؤسسات الدولة والأشخاص الذين يتولون إدارتها، وإخضاعهم لرقابة الرأي العام أولاً، والقضاء ثانياً، والسلطة التشريعية ثالثاً. وهذا يوجب التأسيس لنظام سياسي يسمح بالتداول السلمي للسلطة، و هو بقدر ما يكون نظاماً سياسياً منفتحاً على أوسع الشرائح والطبقات الاجتماعية ويتيح لها فرصة المشاركة الفعلية بالسلطة، بقدر ما يكون نظاماً مرناً وديمقراطياً ومنفتحاً على الحرية، و بالتالي أكثــر قدرة على تحمل الضغوط الاجتماعية، وأكثر صموداً في مواجهة الأزمات، وأكثر استجابة للتحديات التاريخية، وبحسب درجة تلك المرونة التي يتمتع بها النظام السياسي، تتفاوت الأنظمة الديمقراطية وتختلف في العالم.
في قوة النظام السوري وضعفه لا يوجد شك بأن النظام لديه من القوة ما يكفي لتدمير الدولة والمجتمع السوريين، ولكن بالرغم من كل ذلك فهو ضعيف في شرعية وجوده وبجبهته الداخلية، لذلك نجده مضطرا لممارسة العنف العاري في سياساته الداخلية، ونجاحه بالبقاء على مدار أربعة عقود من الزمن، لا يغير من حقيقة هذا الأمر شيئاً. ترى ما سر صمود نظام الاستبداد طوال تلك الفترة؟ هل نذهب مذهباً استشراقياً ونقول: بأن الدولة المستبدة تراث شرقيٌ؟ إن كل دولة سواء كانت مستبدة أم ديمقراطية، فهي تمارس شكلا من أشكال العنف الذي يأخذ الشكلً العاري في فترات متقطعة، ولكن بشكل دائم، هي تمارس العنف المستتر لاسيما عندما تكون شرعية. وبالتالي الدولة في مبدأ وجودها، تقوم على القهر والغلبة. لذلك من غير الممكن تصور أن يكون الداخل مصدر قوة للنظام خصوصاً في فترة الأزمات، ولكن إذا تعمقنا أكثر في سياسات النظام، فسوف نجد انه يستمد قوته في اللعب على التناقضات الإقليمية بالمنطقة، وفي براعته بعقد التحالفات الدولية، التي عظمت من دوره في إدارة أزماتها، مستفيداً للدرجة القصوى من الموقع الجو سياسي لسورية المفتاحي. فتحالفه مع إيران وروسيا اليوم، هو بمثابة الأوكسجين الذي يمده بقوة البقاء، وإذا ما نجحت المعارضة السورية في الأيام المقبلة، باختراق جدار ذلك التحالف، فسيضعف النظام، ويكون مضطراً لقبول الحل التفاوضي بالداخل والتراجع عن خياره الانتحاري ( أنا أو الفوضى)، بحيث نستطيع القول: إن كل تاريخ النظام، هو تاريخ الاستقواء بالخارج على الداخل.
في خصوصية الثورة السورية
وهناك تساؤل آخر عن مغزى صمود الثورة السورية في وجه الحملة العسكرية للنظام، وإمكانية انتصارها بفعل قواها الذاتية فقط؟ بالحقيقة أن قوة الثورة السورية تكمن في خصوصيتها المتمثلة بعفويتها أولاً وفي ريفيتها ثانياً.


– فخلال العقود التي خلت، أتبع النظام كل الأساليب القمعية الممكنة لهدم بنية الأحزاب داخل المجتمع السوري، سواء منها المعارض أو الداخلة معه في تحالف سياسي، بغية نزع السياسة من المجتمع. وذلك على اعتبار أنه لا ثورة اجتماعية بدون حزب سياسي يقودها، تكون مهمته الأساسية أنتاج الفكر النقيض لفكر الطبقة المسيطرة، وبالتالي زعزعة سيطرتها. وبعد نجاح المجتمع السوري في أحداث ذلك الاختراق في جدار الاستبداد، كان الأمر مفاجئاً حقاً للنظام كما لأشد المتفائلين في المعارضة، أن تنطلق شرارة ثورة اجتماعية عفوية في سورية، وبدون حزب سياسي يقودها !! . لقد أحدث ذلك التحول انقلاباً في علم السياسة ومفهوم الحزب السياسي، كما ساهم بخلق واقع اجتماعي جديد تماماً، جدير بالتأمل والدراسة والإعجاب. ولكن نجاح الثورة الشعبية في سورية، بالنيل من مفهوم الحزب في زمن القطع و الثورة، يجب أن يستمر في زمن الاستقرار السياسي، هذا وان عاود الصعود والازدهار مؤقتاً بعد انتصارها، فهو يبقى الرمز لنخبوية العمل السياسي داخل المجتمع، وهي صفة من صفات الاحتكار الذي يجب أن ينتهي في ظل النظام الديمقراطي.
– ليست فقط بنية الأحزاب السياسية كانت مستهدفه من النظام، بل مجمل مكونات المجتمع المدني السوري، حيث شاهدنا سعي حثيث من قبله لتفكيك جميع أخلاقيات التضامن الاجتماعي المتماهية مع قيم الحداثة، ولانجاز تلك المهمة الخطيرة لم يكن استخدام أجهزة الدولة القمعية وسيلته الوحيدة أو الأخطر، بل كانت وسيلته الفضلة استخدام الأرياف والأيديولوجية الريفية، كخزان ضخ اجتماعي ضد المجتمع السوري الحديث، والأخذ بالتكون عملياً مع فجر النهضة العربية، حيث قام باللعب على التكوين السكاني للمدن السورية الكبرى، بتشجيع الهجرة الريفية إليها بغية تريفها، وردها عقوداً إلى الوراء أي لعلاقات المجتمع التقليدي، الذي تحكمه العصبيات القبلية والدينية والطائفية والإثنية. وباختصار هو سعى إلى تدمير جميع مكونات المجتمع المدني، منعاً لتحوله إلى مجتمع سياسي، ولكنه بالمقابل هو أبقى على المجتمع الأهلي (الأبوي)، لأنه محكوم بقيم المجتمع التقليدي.
ولكن كم كانت مفاجئة النظام كبيرة، بانطلاق الثورة الشعبية ضده هذه المرة من حيث لم يتوقع أو يحتسب، حين أتته من مأمنه (الريف) الذي طالما استخدمه ظهيراً له في محاصرة المدن وتركعيها وفي رفد أجهزته القمعية بالدماء الجديدة. نعم أن استثارة العصبيات التقليدية واللعب على التناقض الاجتماعي بين مجتمع الريف ومجتمع المدينة، سلاح ذو حدين كان ممكن أن ينقلب ضد النظام ويلعب ضده وهذا ما حدث. هل الثورة السورية قوية في عفويتها وريفيتها؟ هذا الأمر صحيح الآن فقط، ولكن العفوية أيضاً سلاح ذو حدين يمكن أن ينقلب إلى مقتل للثورة السورية لأنها المدخل الطبيعي لعسكره الثورة، أن طال أمد الأزمة ولم يسقط النظام، وهو خطر داهم يجب التنبه له الآن، من أجل عقلنه الثورة وتهيئة الرأي العام لقبول الحل الداخلي، الذي يسقط نظام الاستبداد بآليات عمل سلمية، والحذر من خطر سرقة الثورة من قبل قوى الخارج، الرافضة لانتصار ثورة ديمقراطية في سورية . وأحدى مظاهر العفوية في الثورة والتي تحمل أخطاراً راهنة، هي الانشقاقات التي تحدث بالجيش وتدفع الجميع نحو الفوضى و الحرب الأهلية.وهذا يؤكد ضرورة توفر قيادة داخلية للثورة، تضع تلك الانشقاقات تحت أمرتها كشرط لانتصارها.
وهذا يعني أن عوامل انتصار الثورة، هي بالأساس داخلية مثل عوامل هزيمتها وليست مستوردة من الخارج، ويجب البناء على تلك العوامل وتطويرها. ومن أهم تلك العوامل التي تمنع سرقة الثورة السورية: هي المحافظة على سلميتها ومنع انزلاق الصراع مع النظام، نحو الحرب الأهلية.
والعامل الثاني: هو توافق معارضة الداخل والخارج على التمسك بالإستراتيجية السلمية للثورة السورية، وتكثيف الضغوط الخارجية على مفاصل النظام السوري بغية تفكيكه بأقل الخسائر الممكنة ودون أن تصل لدرجة التدخل العسكري المباشر، بحيث يكون الخارج مساعداً للداخل، وليس بديلاً له في انجاز مهام التحول الديمقراطي.



ومثلما أن المبالغة بالاتكاء على العامل الخارجي، لانجاز مهام الثورة، يقود إلى سرقة الثورة من قبل القوى المضادة للديمقراطية، فأن انزلاقها باتجاه الحرب الأهلية، يفقد قوى الثورة، القدرة على التحكم بمسارها، ويفتح الباب واسعاً، أمام التدخلات الخارجية، لسرقة ليس فقط الثورة بل أيضاً الوطن، ونكون كمن هرب من الرمضاء ليقع في النار، فهروبنا من الاستبداد يجب أن لا يرجعنا إلى حيث لا نريد، أي لمرحلة الاستعمار. إن ثورة غير قادرة على تحمل أثمان انتصارها على الظلم و الاستبداد، ثورة غير جديرة بالحياة. و ما قدمه الشعب السوري اليوم من تضحيات كبيرة، ستحفر عميقاً في وجدان السوريين جميعاً، قيم الحرية التي لن تذبل أزهارها، لتبقى منارةً تهتدي بها الأجيال القادمة.
أبو هادي


نصائح مجانية في السياسة الخارجية :
لا تجوز التضحية بوحدة الثوار في سورية لطمأنة كلينتون
هيثم مناع*
السفير 12 – 12 - 2011

مشاعر السلطة بطبعها عنصر اضطراب للأشخاص، حتى لو كانت ابنة عملية تعويم إعلامية ودبلوماسية خارجية تتطلبها الأوضاع السورية. ورغم ثقتنا بأن أحدا من شركائنا في المعارضة السورية يتعاطى حبوب الهلوسة، لم يعد بعض إخوتنا في المواطنة يقفون على الأرض، وإن لم ينجحوا كذلك في اعتلاء العرش، فقد صار القوم مثل آلهة أبيقور، معلقين بين السماء والماء، يعتقدون أن معاملات الاستلام والتسليم من آل الأسد قد تمت بنجاح. وكون دورهم في الثورة لم يتعد اللقاءات الإعلامية والدبلوماسية وتلقي المدائح والمساعدات السخية وإرسال رسائل غزل للشبيبة الثائرة، لا يستغرب أن يتبسموا أحيانا وهم يتحدثون عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى، قبل أن يوزعوا صكوك الغفران لهذا المعارض أو تلك التنسيقية، ولهيب النيران لذاك الطرف الإقليمي أو الحزبي. أليسوا الممثل الشرعي والوحيد للثورة والشعب وقريبا الدولة؟
شعور كبير بالسعادة يتملك «المسؤول» القادم عندما يعلم بأن يافطة قد رفعت في غفلة عن المتظاهرين تذم وتمدح. أليس من يقرر أيام الجمع يقرر أسماء الوزراء في الحكومة الانتقالية؟ أليس المثقف المطالِب بكوريدور إنساني صدى لصوت الشعب والثورة؟ ألم يتحدث أحد أشاوس العلمانية السورية في الهلال الشيعي؟ ألم يطالب أحد المعارضين بالقطع المنهجي مع نهج المقاومة «المدمر»؟ ألم يلتحق بقدرة قادر من طالب برنار هنري ليفي بالابتعاد عن الملف السوري، بأهم أطروحاته حول المقاومتين الفلسطينية واللبنانية مع «كوكتيل كوشنر» في الكوريدور الإنساني؟ ألم يصل الابتذال إلى تغييب القضايا المركزية للثورة كالعودة من الانتشار الأفقي إلى البؤرية ومن الحراك الواسع إلى الفئوية مع تعامل غير واضح خجول مع التسلح والتطيف؟ ما معنى الركون لأسماء في يوم الجمعة تشكل موضوع تفرقة وخلاف وزراعة وهمٍ في صفوف المجتمع الأهلي الحامي والمشارك في الثورة (من أحرار الجيش والجيش الحر والحـظر الجوي وتجميد العضوية وطرد السفراء والمنطقة العازلة... إلخ). ثم هل أنجزنا مهامنا الداخلية من تحديد معالم الجمهورية السورية الثانية والعـقد المؤسس للدولة المدنية الديموقراطية إلى أشكال ضمان حقوق المواطنة والأقليات والموقف الوطني الواضح من قضية الجولان وقرابة مليون نازح ونصف مليون لاجئ لنتحدث في الأمن والاستقرار لتركيا والويل والثبور لإيران وتحديد موقع حماس في الخارطة الفلسطينية؟ إلى غير ذلك من أوراق مجانية للقوى الخارجية، باستعارة تعبير سمير عيطة.
يمكن القول ان السياسة الخارجية مرآة لصحة الجسد، أي الذات السياسية أو السيادة. وهي تعبير جوهري عن فكرة الدور، وترجمة النظرة للنفس والآخر. السيادة هنا، باعتبارها الشرط النظري لسيرورة تسلم الناس مصائر حياتهم بأنفسهم، أي السلاح الحقوقي والاستراتيجي المشبع بالقدرة على التعبئة الداخلية التي تسمح بسياسة خارجية فاعلة: الثقة بالذات التي تنبع عادة من شرعية سياسية - ثقافية وشعور بالأصالة المجتمعية، تمنح السياسة الخارجية الكبيرة دورا كاريزمياً لا يتطابق بالضرورة مع الحجم الفعلي للقوة المعبرة عنه كما تمسخ السياسة الصغيرة أصحابها مع ما يترتب على ذلك لمستقبل الوطن. وأخيرا، لا يمكن أن نترك أساسيات العلاقات الخارجية لرغبات بعض المتظاهرين في مقاطعة دولة منديلا أو البرازيل أو الهند وحمل أعلام دول غير ديموقراطية؟ العلاقات الخارجية لأي ثورة أو دولة تقوم على وعي عميق للعلاقة بين النحن والآخر، بمعنى التصور السياسي والاقتصادي والثقافي لطبيعة العلاقات بين الدول والشعوب وثنائيات التفاعل بين الإنساني: العزلة - التدخل، العمل الفردي - العمل الجماعي، القيم - المصالح، الحياد - الانحياز، المثالية


- البراغماتية، المشاركة - الهيمنة، التعاون - السيطرة .. وما من شك في أن المساحات الرمادية بين هذه الثنائيات تحتل الهامش الأكبر في حقيقة السياسة الخارجية لدولة أو حزب أو منظمة غير حكومية. وفي السياسة الخارجية، كما في المجتمع، لا يغتفر للمرأة بيع شرفها لأول عابر سبيل.
نقرأ في صفحة الويب الرسمية للخارجية الفرنسية الجملة التالية: «ترتكز السياسة الخارجية الفرنسية على تقليد دبلوماسي قائم منذ عدة قرون، وعلى بعض المبادئ الأساسية: حق الشعوب في تقرير مصيرها، واحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية، واحترام دولة القانون والتعاون بين الأمم. وفي هذا الإطار، حرصت فرنسا على الحفاظ على استقلالها الوطني دون أن تكف عن العمل على تنمية أشكال من التضامن الإقليمي والدولي». بالطبع لا يمكن لأي باحث في العلوم السياسية أن يأخذ على محمل الجد هذا المقطع. فالثورة الفرنسية التي حملت بضعاً من هذه المبادئ لا يزيد عمرها على قرنين وعقدين تخللتها ردات وانقلابات ونظم عسكرية واحتلال ألماني. ومن الصعب القول ان فرنسا بكل مكوناتها السياسية التي وصلت الحكم عملت بهذه المبادئ. فقد خسر الشعب الجزائري أكثر من مليون من أجل استقلاله، وآثرت معظم الحكومات الفرنسية العلاقة مع الحكومات التي تربطها بها علاقات استراتيجية ومصلحة قومية عليا، بغض النظر عن طبيعتها الديموقراطية. وقد امتنعت الحكومة الفرنسية عن إدانة ضم إسرائيل لأراض سورية محتلة كما دعمت عسكريا عدة حكومات موالية لها في افريقيا لا تمثل شعوبها بحال. وفي حين يتحدث آلان جوبيه عن أيام بقيت في عمر الدكتاتورية السورية، ويحدد من يمثل الشعب ومن لا يمثله في صفوف ثورة الكرامة، لم يجرؤ وزير الخارجية الفرنسي في حياته السياسية على أن يوجه نقدا للسياسة السعودية ولو تعلق الأمر بقيادة المرأة للسيارة في مملكة الصمت؟ فما معنى أن نتحدث عن ثوابت عمرها قرون؟
لكن ثمة بالتأكيد منطقا مرجعيا قد يكون قراءة المصلحة القومية العليا عند رجل الدولة، أو مراعاة خلفيات الوعي الجمعي، كذلك استنباط التوجهات الأساسية في المجتمع السياسي والمدني وترجمتها في سياسة خارجية تعبر عن الهموم الرئيسية للناس. لكن هناك أيضا بالتأكيد لغة تجمعات الضغط والمصالح الاقتصادية التي تترجم حاجياتها في خطاب للسياسة الخارجية يتحدث عن الحكم الرشيد والديموقراطية من دون أن ينوه بحال للخلفية الحقيقية للموقف السياسي المعلن.
صحيح أن العولمة قد عززت نسبية السيادة وحددت من نطاق سيادة الأصغر وتعبيرات أشكال ممارستها في السياسة الخارجية خاصة في السياسات الإقليمية، ووضعت الهيمنة الغربية قواعد تحدد أوليات الدول الغنية في القانون الدولي. فحركة البضاعة لا تجوز مراقبتها، أما حق البشر في التنقل فهو مقيد بكل المعاني. إعلان الحليف حالة الطوارئ جزء من ضرورات دولة القانون، وقيام دولة مارقة بهكذاإجراء هو انتهاك لحقوق الإنسان..إلخ.إلا أن هذه
النسبية لا تنسينا الدرس الكبير في أن من ينطلق من موقع دوني لا يمكن أن يرفع رأسه عاجلا أو آجلا، ومن يبدأ صغيرا لا يمكن أن يكبر.
حتى اليوم، الدولة الحديثة، التي بنيت على مفهوم الأمن، أكثر منه على أساس إقامة العدل، وبكل أحجامها، ما زالت ضرورية لعملية حفظ التوازن الشكلي للعلاقات الخارجية بين الدول. ويمكن القول اليوم ان من النتائج المباشرة للحرب على الإرهاب والعدوان على العراق، تعزز مفهوم السيادة الافتراضية virtual للدول الضعيفة على حساب نظرية السيادة المباشرة للدولة العظمى. فقد أدى ضرب السيادة العراقية (إلغاء الجيش وحل المؤسسات الأساسية للدولة) إلى خلق وضع كارثي غير قابل للسيطرة، عزز فكرة أميركية بديلة تقول بضرورة تحديد معالم الدور والنطاق والتصور للسياسة الخارجية للبلدان الحليفة كما للبلدان الخارجة عن المنظومة، مع بقاء المفهوم التقليدي للأمن الداخلي للدولة. وهكذا تغير أسلوب الخارجية الأميركية في الحديث مع الحكومات أو المعارضات المعدة من الخارج بحيث تعطي الضوء الأخضر لمساعدتها ماديا وإعلامية ودبلوماسيا أو تحجب عنها النعم. وتعتبر من واجبها أن توجه لها الملاحظات سواء تعلق الأمر بهياكلها الداخلية أو العامة أو بسياساتها المزمعة. في غياب الشرعية السياسية الداخلية، شكلت السياسة الخارجية أحد مصادر الشرعية للسلطة التنفيذية. فالصراع العربي الإسرائيلي والتوازن الاستراتيجي العربي الفارسي والجهاد ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان أصبحت في أوقات مختلفة مصدر التعبئة الوطنية وبديل الدولة المواطنية. الأمر الذي أدى إلى كوارث كبيرة عندما نسيت الدول الأطراف أنها لا تتمتع بقوة داخلية (شرعية سياسية داخلية) تسمح لها بدور خارجي إلا ضمن رضا القوى العظمى. ما نراه جليا في اطمئنان الرئيس العراقي صدام لاحتلال الكويت بعد حربه مع إيران، أو غياب أي مبرر لاستمرار الوجود العسكري السوري في لبنان بعد تحرير الجنوب. مع ما حققت هذه التصرفات من نتائج كارثية على صعيد سيادة دول المنطقة، نتائج توضح مدى خطورة غياب الشرعية السياسية الداخلية على هوامش السياسة الخارجية. لكنها أيضا تحمل كل مخاطر الجنوح المقابل: أي شعور من استقوى من الضحايا بأنه قوي بالفعل. أي أن تتصرف مثلا إمارة الكويت كقوة إقليمية لمجرد قيام تحالف دولي واسع لإعادتها للوجود، أو يتحدث بعض المعارضين السوريين في الخارج بوصفهم راسمي معالم الشرق الأوسط الجديد. هنا تتم ولادة سيادة افتراضية مضخمة تحمل كل مخاطر التحطيم الذاتي.لا يمكن أن نتعامل مع السياسة الدولية والإقليمية بمستوى القذافي أو عبد الجليل عندما نكون في دولة مواجهة مباشرة مع الإسرائيلي، وليس بالإمكان التضحية بوحدة الثوار لإرضاء الباب العالي أو طمأنة السيدة كلينتون. هناك صورتنا عن أنفسنا كمشروع ثورة ديموقراطية لا مجرد سماسرة إقليميين، وهناك الزمان والمكان والحاجة الوطنية الفعلية وقوة الموضوع في الوعي الجماعي أو قدرته على الاستقطاب الشعبي وقدرة أعدائه على تحجيمه أو ضربه كعناصر متحركة من الضروري أخذها بعين الاعتبار عند كل موقف استراتيجي هام في العلاقات الخارجية لسوريا الغد الديموقراطية.
* رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر .











تجمع اليسار الماركسي " تيم "

تجمع لأحزاب وتنظيمات ماركسية . صدرت وثيقته الـتأسيسية في 20 نيسان2007.
يضم (تيم) في عضويته:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا .
2- الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي .
3- الحزب اليساري الكردي في سوريا .
4- هيئة الشيوعيين السوريين .
5- التجمع الماركسي – الديمقراطي في سوريا ( تمد ).

الموقع الفرعي في الحوار المتمدن:
htt://ww.ahewar.org/m.asp?i=1715



موقع(هيئة التنسيق الوطنية)على الإنترنت:
www.ncsyria.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن