المعنى السلوكي للثقافة !

فليحة حسن
d.fh88@yahoo.com

2011 / 12 / 21

المعنى السلوكي للثقافة !
يوجد "مائة وستون "تعريفاً للثقافة هكذا تقول كتب البحث والدراسات التي تعنى بالثقافة والمثقف ولكن مايعنيني هنا هو الجذر اللغوي لهذه الكلمة والتي إنضوت عليه كتب اللغة العربية ومعاجمها والمقصود منه (تثقيف العود لإزالة مايبس منه) ،
لإنتاج مايسمى بالمثقف ،الكلمة التي صارت تطلق كصفة جاهزة على كلّ من يحمل شهادة دراسية أو حتى على من يمكنه التشدق ببعض الكلمات الفصيحة بل إننا صرنا نسمعها صفة لمن له القدرة على استعمال بعض الكلمات أو مقاطع من الكلمات الأجنبية ودسها بمهارة في حديثه اليومي،
بمعنى أصبح إدعاء المعرفة علامة على كلمة المثقف فإذا ما حاولنا الإقتراب من مثقف ما لنرى مدى تحليه بهذه الصفة سيتبين لنا حينها إنعدام إتصافه بها بل فراغه سلوكياً من هذه الكلمة.
فليس المثقف اليوم من نراه ملتزماً أمام مجتمعه أخلاقياً وإنما نرى في غالبية مدعي الثقافة ، التعالي وتصاعد الأنا والنظرة الدونية للأخر ومحاولة الإستحواذ والسيطرة على ما لايملك بدعوى القدرة والتمكن ، بمقابل الإدعاء بعجز الأخر عن القيام بنفس تلك المهام لعدم إتصافهم بالثقافة؛
ولا نخطأ إذا ما قلنا إن غالبية هؤلاء تكاد تنعدم الأخلاق لديهم فهم إذا ما سنحت لهم الفرصة لنزع جلباب ثقافتهم تلك وهذا ما يحدث غالباً نراهم ينحدرون إلى عمق سحيق من الرذيلة وتسقط عنهم أقنعة الثقافة التي تخفي نواياهم، متناسين بأنهم بعملهم هذا سوف يسهمون في تخلف مجتمعهم ، فمن الصعب على مجتمع ما تغيب عن مثقفه الأخلاق أن يتقدم،
نعم إن عدم القدرة على الفهم لهذه الكلمة تولّد عدم الاستطاعة المؤدية الى تحجيم الدور المطلوب للمثقف أن يلعبه كنموذج قابل لأن يقتدى به من قبل الآخر الذي يحيا معه،والمراقب له،
فالثقافة إذا لم تبتعد عن المعنى التعليمي المجرد المنتج بالشهادة الأكاديمية ، والمثقف إذا لم يضف لها وعياً تعاملياً مجسداً بشكل يومي على شكل أخلاق ملموسة من قبل مجتمعه بطبقاته المختلفة ، وتصبح سلوكاً محسوساً يرضاه منّا المجتمع الذي نحن جزء فعال منه تحوّل مدعي الثقافة هذا أو المحسوب عليها إلى أحد أهم المعوقات لحركة التنمية البشرية ،بمظاهرها الحضارية ، والفكرية ، بل يصبح هو من يسهم بشكل أو بآخر في إعادة عجلة الثقافة الى الوراء ،
وبدلاً من ذلك ليكن المثقف كائناً إنسانياً وأيديولوجياً معاً ليتسنى له تسلم زمام الفعل القيادي والتحلي بالعقلانية النقدية القادرة على الفرز والتأشير وترك الأثر النافع في الحراك الاجتماعي وديموته .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن