نداء إلى تأسيس تنظيم شرق أوسطي عام

هيبت بافي حلبجة

2011 / 12 / 5


بداءة أحبذ أن أقدم للحوار المتمدن أسمى وأجل التعابير بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسه ، وأن أقدم للقائمين عليها كل أنواع التقدير والمحبة والود والصداقة ، وغني عن البيان إن الحوار المتمدن وهؤلاء السادة أنجزوا من الخطوات الرائعة على عدة مستويات مما نوسمها بالتاريخية .. كما أشكر الحوار على فتح هكذا ملف يخص أشد التفاعلات الجتماعية والسياسية في منطقتنا ، وأرتأيت أن ألخص الأمر في عدة مستويات :
المستوى الأول : بعيداُ عن مفهوم التعليل والتحليل الذي لم يعد له ذلك الرونق التاريخي المطلوب ، أقول وأعتماداُ على جملة حيثيات باتت صارخة وجدية وملحة : لامندوحة من الذهاب إلى مؤتمر عام لمنطقة الشرق الأوسط لكافة القوى الديمقراطية والمحبة للسلام واليسارية تشمل شعوب وقوميات وفئات وطوائف المنطقة برمتها ، بهدف تأسيس تنظيم محدد الصفات ، معين الأبعاد ، واضح الأهداف ، لماذا ؟
أولاُ : لقد ولجنا في عصر جديد ، في تاريخانية تختلف كلياُ عن التي سبقتها ، في مرحلة لم تعد تقاس أمورها بنفس المعايير السابقة . فلقد أنتهى الأنسان القديم ، وولد أنسان جديد ، أنسان بحاجة إلى إعادة التفكير في منطقه ، في عقله ، في توازنه ، في أسباب مستقبله ..( أنسان جديد ) .
ثانياُ : لقد ولجنا في عصر جديد ، في فكر حديث تتلخص أبعاده في مرتكزات جديدة تتغاير كلياُ عن تلك التي لم تحتسب بعد حية وفعالة وذات مصداقية ، فما كان يسيطر على عقلنا وفكرنا قبل هذه المرحلة ، أمسى بحكم الضرورة والتطور من مخلفات لم تعد ذات أهمية ، فالفكر القادم سيبذ بالقطع كل أنواع الفكر القبلي .. ( فكر جديد ) .
ثالثاُ : لقد ولجنا في عصر جديد ، مستخدمين علل جديدة في منطق جديد لايحتمل أي رضوخ أو سيطرة من أسباب المنطق القديم الذي فقد كل أشكال الصلاحية في التعامل مع مشاكل وخصوصيات هذه المرحلة والمستقبل ، فالمنطق القادم سوف يركز على خاصية جديدة في العقل البشري ، وعلى رؤية حديثة جداُ في المعرفة البشرية .. ( منطق ، وعقل ، ومعرفة جديدة ) .
رابعاُ : لقد ولجنا في عصر جديد ، عصر لم تعد تنفع فيه الماركسية التقليدية ، ولا مفهوم ( الثورة العامة ) ، ولا التمرد اللاتجانسي ، ولا هذه المقالات الموزعة على المعرفة السطحية ، و لاتلك الآراء التي لاتتجاوز ذاتها وخصوصيات معينة ، ولا هذا التشدق والتباكي على أطلال لم تعد سوى أطلالاُ ، فلو أستفاق ماركس للحظات معينة وشاهد حقيقة ( التحليلات ) بأسمه لأندهش وتمنى الوفاة من جديد ، ولصرخ : كيف يمكن تطبيق مقولات قديمة على عصر أستجدت فيه حيثيات بهذه القطعية والجذرية والراديكالية .. ( ماركسية جديدة ) ..
خامساُ : لقد ولجنا في عصر جديد ، عصر مغاير بطبيعته من زاوية أنتاج معطياته ، فالنظام العالمي الحالي ، ومهما كان أسمه الآن ، سيتغير نحو فرضيات جديدة لن تتشابه مع تلك التي كانت سائدة حتى الآن .. ( رؤية جديدة ، وعلاقات جديدة ) ..
بأختصار أنا أدعو الحوار المتمدن إلى القيام بخطوة تاريخية رائدة في مستقبل الشرق الأوسط بالدعوة إلى مؤتمر عام لأنشاء تنظيم شرق أوسطي مدني أجتماعي حقوقي يتصف بالصفات التالية ( ومهامه ) :
أولاُ : يتخطى حدود الجغرافيا والقومية ، إلى مجتمع شرق أوسط جديد يناسب روح وجوهر المرحلة القادمة في نزع فتيل كافة أنواع التمايز أو الأقصاء أوالتخالف ..
ثانياُ : يلتزم بروح الفكر التحليلي الماركسي الجديد شريطة ألا يتقوقع عتد أي طرح مهما كان ..
ثالثاُ : يلتزم بمفهوم وحدة المضمون وليس وحدة الشكل ..
رابعاُ : يعتمد مبدأ التخمر وتأصيل القواعد الأساسية في المجتمعات بعيداُ عن مفهوم المكاسب من أي نوع كان سيما المكاسب السياسية ..
خامساُ : البحث الدؤوب عن مفاهيم جديدة في الفكر ، في العلاقات ، في السوسيولوجيا ، ومحاولة وضع ذلك ضمن مواد الدستور كي يثبت الأمر إلى الأبد ..
سادساُ : منح الشرق الوسط محتوى جديداُ في ( شكل الدول ، نوعية الحكم ، جوهر التنظيمات ، حقيقة الأهداف النبيلة السامية ، الصراع الطبيعي ما بين القوى الجديدة ) ..
سابعاُ : فتح المجال على مصراعيه أمام الجيل الجديد ليلعب دوره الأساسي في تحريك مقومات التاريخ وتفعيل العملية السياسية ..
ثامناُ : منح المرأة الدور الأول في قيادة التنظيم المقبل ، ومعظم التنظيمات القادمة ..
علاوة على ذلك ، ثمت آراء خاصة يمكن الحديث عنها في الموقع المناسب ..
المستوى الثاني : إن الصراع القادم المستقبلي سيكون ما بين – مثل هذا التنظيم – والنظام الدولي القادم الذي هو الآن في قيد التكوين ، هو الآخر . فالصراعات التقليدية أنتهت كمحتوى تاريخي ، لنوضح :
أولاُ : من الغباء السياسي والتاريخي والمجتمعي أن نتصور وكأن التاريخ الآن يسا ند – الجماعات الأسلامية – بكافة أشكالها ، فهذه الجماعات أنتهت تاريخياُ من ثلاثة زوايا مختلفة :
الزاوية الأولى : إن النظام الدولي القادم مع الرأسمال المالي لن يقبل الحروب والعنف حسب الصيغ القديمة .
الزاوية الثانية : إن المعرفة الحقيقية تظهر الآن وهي لن تقبل أبداُ ولا أي شكل من أشكال الغيبيات .
الزاوية الثالثة : إن هذه الجماعات غير قابلة للتطور والآن أتى عصر أن تتجمد وتتجلد وتوضع في سلة التنحيط .
ثانياُ : من الغباء المعرفي التركيز على مفهوم السياسة الصرفة كعامل وحيد يجذب الشرائح المثقفة ، فلقد أنتهت السياسة كمفهوم تقليدي ، وبرز الآن محتوى السياسة القادمة وهو – المعرفة والأقتصاد - .
ثالثاُ : ليس بعده غباء ، الأعتقاد بوجوب جماعات مسلحة كعناصر محركة للتاريخ ، فحزب الله وعشرات مثله سوف يذهبون مباشرة إلى مزبلة – مزبلة التاريخ –
رابعاُ : عنوان المرحلة القادمة في مفهوم الصراع سيكون بصورة جزئية ، تنظيمات حقوق الأنسان والمجتمع المدني ، وليس هذه التنظيمات الصورية الشكلية الحالية ..
خامساُ : لقد أنتهى عهد الديناصورات السياسية الشكلية اللامعرفية التي أقتات ولا زالت – للأسف – على سخافة التناقضات الشكلية هنا وهناك ، والتي لازالت تسيطر على حيز – وهمي – من الحراك السياسي الديمقراطي ، وتدعي أنها أصحابها الفعليين ..
سادساُ : الجيل الجديد ( الذكر والأنثى ) سوف يقود المرحلة القادمة من حيث محتوى الصراع ، وسيتسلح بالعلمانية ، بالمعرفانية ، بالبيانية ، والبرهانية ، والذهنية الجماعية المشتركة ، ووحدة الفعل العام ..
المستوى الثالث : لقد أنقسم التاريخ إلى قسمين ، تاريخ ما قبل الربيع العربي ، وتاريخ ما بعده ، ففي التاريخ الأولي بأستثناء مرحلة تأسيس الدولة الهاشمية ( دولة الرسول عليه الصلاة والسلام ) ، كانت منطقة الشرق الأوسط خارج مفهوم التاريخ ، بمعنى ما كان تنطبق عليه مفهوم السمة السائدة ، وكان عبارة عن ملحق للأصل ، أما في المرحلة القادمة فسوف يشارك في تأصيل السمة السائدة ويمنحها مقوماتها التاريخية الأصلية ..
المستوى الرابع : لقد حان الوقت التاريخي أن يتجاوز المفكر مفاهيم كثيرة ، منها محتوى الليبرالية البليدة ، وكتاباتها المقيتة السطحية ، وأنتقاداتها الخجولة العفنة ، ومنها فحوى القوى التقدمية التي ساهمت بصورة فظيعة في تأصيل النظم الديكتاتورية التوتاليتارية ، والتي ما كانت إلا أداة ساذجة في أطروحات لازالت غبية ، كالوطنية ، والمعاداة غير الحقيقية للنظام الرأسمالي ..
المستوى الرابع والأخير : لقد أصبح القرار السيادي بيد الشعب القادم ، والعملية السياسية ما بين الدول القادمة ، بما فيها أسرائيل ، ستتكون بيد شعوب المنطقة ، فمهوم الدول والوطنية والسيادة وغيرها ستذهب إلى ما وراء مزبلة التاريخ ، وكما إن الصراع العربي الأسرائيلي لم يكن ألا أكذوبة ضد شعوب المنطقة بما فيها الشعب الأسرائيلي ..
وشكراُ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن