عدما يطرح النائب السؤال ...!!!

خالد قمبر
khalidbahrain@yahoo.com

2011 / 11 / 14

اعتاد غالبية أعضاء مجلس النواب طرح الأسئلة علي السادة الوزراء… مجرد سؤال .. يصاغ من قبل بعض المسترزقين المأجورين يعد .. و يصاغ و بعده يتم إرساله إلي الصحف المحلية للنشر.. بالطبع مصحوبا بصورة النائب ..ّ!!! سيطرح السؤال علي الوزير المختص .. فيفرح النائب بطرحه السؤال وبالتالي سيرضى النائب بالإجابة سواء كانت مقنعة أو غير ذلك.. فالمهم انه تعنى الجهد و طرح السؤال ..!! والذي تم نشره مسبقا في الصحف المحلية ..!!!! وقرأه الجميع ..!!! وبذلك فقد أدى النائب دوره من الرقابة و المحاسبة و المعاتبة ..بان طرح سؤالا علي سعادة الوزير المختص والذي اعد الإجابة ببيانات و أرقام و صور مزخرفة..!!! واغفل الموضوع ..باستثناء إن السؤال احتسب في قائمة الأسئلة الموجهة إلي الوزراء ..!!!!

اليوم أصبح طرح السؤال من قبل النواب مجرد ظهور ودعاية للاستهلاك المحلي.. تعنى السادة الوزراء الإجابة عليها .. حتى وان كانت غير مقنعة أو تحيط بها الشكوك و الغموض …!!!فغالبية الإجابات عادة ما تكون خارج الموضوع..ّّ!!! وقد تكون من ابرز الأسئلة التي يتم عرضها في الجلسات الكبيرة و الصاخبة والتي في العادة ما يكثر فيها التهديد و الوعيد عند المناقشة.. و هي الجلسات الخاصة بمناقشة تقارير ديوان الرقابة المالية و الإدارية..!!والتي كانت تدين الحكومة بالدليل القاطع.. .وعلي أثرها تعترف الحكومة نفسها بهذه التجاوزات و الاختراقات و ضياع المال العام .. ويليها مجرد توجهات حكومية لمحاولة تجنبها قدر الإمكان ..!!!! فالأسئلة الموجهة للوزراء والمستوحاة من التقارير فهي مكررة وعلى أثرها تأتي إجابة السادة الوزراء ضعيفة و تفتقد إلي المصداقية … !!! كانت هناك 7 تقارير مقدمة من ديوان الرقابة و هي تعكس مدى الفساد و مدى التجاوزات و الاختراقات ومدى ضياع المال العام .. وبالتالي ففساد اى وزارة تعكس فساد من يتولى إدارتها .. بغض النظر إذا كان يمتلك حق اخذ القرار في وزارته أو لا ..وهذا الأخير ينعكس علي الحكومة نفسها .. في إدارة الوطن وتطويره و تحقيق تطلعات الشعب امتثالا للقانون و الدستور…!!!!

قريبا سيتم نشر التقرير الثامن لديوان الرقابة المالي و الإداري … وستتوالي الأسئلة ..ويشتد الصراخ و العويل و الاحتجاجات من تحت قبة البرلمان.. ومن ستهدأ العاصفة بفعل كلمات ساحرة من قبل الحكومة ” عفا الله عما سلف ..وستصدر تصريحات إن الحكومة الموقرة ستتخذ الإجراءات اللازمة لتفادى هذه التجاوزات و الاختراقات و ضياع المال العام .. وسيتم قفل الملف ..!!!

لقد فقد مجلس النواب تلك المصداقية في الطرح والمناقشة و المراقبة و المحاسبة بعد أن تم تقليم أظافرة و تزينها بالمناكير الجذابة و المزخرفة الرسمية ” الحكومية ” ..!!! إن من أهم واجبات مجلس النواب هي التشريع .. ولكن حتى هذا الأخير قد تم تقليمه بطلاء قاتم من المناكير .فأصبح مجرد شعار ..!!! فالحقيقة الناصعة هي إن الحكومة اليوم هي صاحبة هذا التشريف في التشريع و تعديل الدستور …وليس مجلس النواب .. الفاقد للشرعية .. والمنقوص من إجراءات الرقابة و المحاسبة ..!!!
ونظرة إلي الوراء .. و المتتبع للدورة الأخير للانتخابات فقد كان يشوبها الكثير من الاختراقات و التجاوزات ..من قبل الجهات الرسمية ..البعض يعول إلى هذه الاختراقات سبب الأزمة السياسة و الأحداث المؤسفة التي مرت علي البحرين .. بلا شك إن التجربة الديمقراطية جديدة علي البحرين شعبيا و رسميا .. البعض لم يستوعب تداعياتها بسبب عدم القبول بالتغيير ..!!! وبالتالي فقدان الصلاحيات و الامتيازات .. شعبيا .. لم يكن هناك الوعي السياسي .. أما رسميا فلم يكن هناك تقبل الواقع المعاصر و استيعاب مبادئ الصراحة والشفافية والرغبة الصادقة للتطور ..و تحقيق العدالة و المساواة وتكافؤ الفرص .. ولعل عدم استقلالية القضاء كان الركن الأساسي لتحقيق الإصلاح.. الذي مازال مجرد شعارات رنانة ..

نحن في البحرين لسنا بعيدين عن تلك الأحداث العالمية و التجاذبات السياسية ..فالعالم بأسره يعيش الأزمات المتتالية سواء السياسية أو الاقتصادية ..ونحن نعيش في هذا الكوكب الصغير بفضل تلك التقنيات وأدوات الاتصالات إلي هدمت كافة الحواجز الأمنية و الأسوار العاتية ..!!! ولعل الخيار الوحيد هو بناء الإنسان من الداخل من الفكر و العقل وبناء الديمقراطية الصحيحة و التي تتمثل في الحرية و العدالة و المساواة وتكافؤ الفرص..
إن تشكيل مجلس النواب القوي الواعي المثقف والمبني علي أسس قوية و دستور واضح وصريح ..هو الحصن الواقي من كافة الأخطار المحيطة .. أم التشكيلات الوهمية من النواب والتي تتمتع بالأفق الضيقة و التي تحكمها المصالح الشخصية و الذاتية فهي ستترنح وتتلاشي ولو بعد حين ….!!! ولعل الطريف وحسب التجربة تبين ..إن اختيار النائب كان يعتمد علي حجم طاولة الطعام ومدى تنوع مأكولاتها و مشروباتها وكان يعتمد النائب علي فوزه علي العطايا و المكرومات للناخبين و توزيع الأدوات الالكترونية ..!!!

لذا فليس غريبا أن يطرح النائب سؤالا علي سعادة الوزير ليس من باب المراقبة أو المحاسبة أو تصحيح الأوضاع المشبوهة..فاحدهم يسأل عن المشاريع الإسكانية ..بالرغم إن الخطط الإسكانية الحكومية منذ البداية يشوبها الغموض والتناقض وضعف التخطيط ..!! ونائب آخر يسأل عن مكاتب الخدم وعن سبب زيادة الرسوم ..!!! ما علاقة النائب بالمكاتب و الرسوم .. ؟؟ فلماذا لا يقدم تشريعا لحل المشكلة للمراقبة و المحاسبة….!!! نائب آخر يسأل عن مدارس المستقبل ..وعن المناهج .. بالرغم إن الجواب يختص بالأمور التربوية و التعليمية ..!!! نائب آخر يسأل عن الأخطاء الطبية و التجاوزات ..بغرض تسليط الضوء ..فقط..!! لماذا لا يقدم مشروع قانون يحدد الأخطاء الطبية وتشريع تحديد المسئولية المهنية ونوعية العقاب أو الجزاء ..!!! نائب آخر يسأل لماذا لم يتم بناء دار المسنين ..؟؟ وآخر لماذا لا تقام مدرسة أو مركز صحي في هذه المنطقة ” الخاصة به ” او تلك ..؟؟!! حتى إن البعض يطالب بتبليط شارع أو ممر أو طريق..!!! و تتوالى الأسئلة .. الخاوية علي عروشها ..!!! وسيتم الإجابة عليها من قبل الوزراء .. سواء اقتنع النائب أو لم يقتنع .. فقد قام بدوره .. فقد تم كتابة السؤال من قبل البعض وتم إرساله للجرائد المحلية ونشرة صورة النائب .. وانتهى الموضوع ..!!!

إن من متطلبات اى مهنة أو وظيفة هي الخبرة والتأهيل وعليه فالنائب أيضا بحادة إلى كليهما .. بل من الواجب علي النائب في سبيل خدمة وطنه و المواطنين أن يكون له طاقم استشاري ملم بكافة الأمور الحياتية من سياسية و اقتصادية و قانونية و تربوية و طبية و محاسبية وما شابه ..فعند طرح السؤال أو المشكلة يجب أن يكون محصنا بالإجابة المتوقعة تقنيا و مهنيا لكي يكون الطرح ذو قيمة و ملم لكافة حيثيات السؤال ..و أن يكون معدا لتقديم تشريع سلفا تقنيا و مهنيا مفصلا مسنودا بحجج قانونية وأنظمة ثابتة..!!! إن مجلس النواب مسئولية كبيرة تعتمد علي المهنية و التخصص فهي ليست مجرد جواز سفر دبلوماسي أو خاص و سيارة فارهة وتعالي علي الناس .. إن المنصب النيابي تكليف و ليس تشريف..!!!

ويبقي السؤال هل سيكتفي النواب الأفاضل بطرح السؤال وارساله إلي الصحف المحلية مرفقا بصورة ..وهل سيكون طرح السؤال لأجل الطرح و الدعاية و البهرجة فقط..بغض النظر إذا كانت الإجابة المطلوبة مقنعة أو ذات قيمة أدبية أو تشريعية..؟؟!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن