كل القادة يريدون أن تخرج غزة منهم

طلال الشريف
talal.alsharif59@gmail.com

2011 / 10 / 30


هذا العنوان هو الجملة الأخيرة لأحدث مقال لناصر اللحام

" ويدعو بن يشاي الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية إلى البدء بوضع خطة لاجتياح قطاع غزة لان هذا هو الحل الوحيد .... وفي الحقيقة يبدو أن هذا هو الحل الوحيد ليصل الكاتب إلى نتيجة ، وهي مشكلته الشخصية فقط لان نتنياهو وقادة إسرائيل لا يريدون العودة إلى قطاع غزة أبدا، بل يتمنون مثل غيرهم من القادة أن تخرج غزة منهم .

"كل القادة يريدون أن تخرج غزة منهم" وسيان وصول ناصر اللحام أو غيره لهذه النتيجة بالتحليل، أم هو نطق بمكنونات الواقع الذي يعيشه في دائرة الرحلات المكوكية لبطانة المرحلة، فلا مندوحة عن القول التالي:

جيد أن تجدد الفصائل التأكيد على التنسيق بينها في أي رد على جرائم الاحتلال، والأكثر جودة على رأي مقاوم سابق، أن تشكل الضفة الغربية سندا لغزة في حالة العدوان العسكري أو الدفاع عن النفس على الأقل بعمل مقاوم من فصائل الضفة الغربية، وفيها من الجهاد وحماس ومن يرفعون شعار المقاومة الكثير .. ولكن لماذا لا يحدث ذلك؟

وكأننا فعلا أصبح كل منا في واد .. لم تعد تكفي البيانات والشجب والإدانة وانقسام مواقف التنظيم الواحد في حالة العدوان... كل هذا لا يفيد .. الصاروخ والشجب كليهما لن يحسما أمرا، ولا يحققان هدفا ما داما ينطلقان كرد فعل أو ينطلقان بقرارات نصف فصائلية أو نصف حزبية أو نصف فلسطينية ( غزة فقط) أو مزاجية أو استخدامية.

تباين المواقف قبل العدوان تعني أن الموقف في الحرب سيكون ارتجالي مهما حدث من تنسيق في لحظة التصدي للعدوان وحين حدوثه فقط رغم جوهرية رد الفعل، ولكن لدينا ارتباك واضح منذ زمن يزداد شرخا كلما واجهنا عدوان جديد.

بعد أن كان لدينا موقفين في كل شيء، موقف غزة وموقف رام الله. وها هو موقف ثالث بدأ يتكرس، وأصبح موقف غزة موقفين، الساعين إلى الهدنة وعدم المشاركة الحقيقية بالتصدي للعدوان بسلاح المقاومة وتمثله حماس، ولا ندري إن كانت توافق على ما يفعله الجهاد، أم مجبر أخاك لا بطل، أو أن قوة تنافس حقيقية أصبحت على أرض الواقع الغزاوي نتيجة تجاذبات المواقف الإقليمية وتصاعد استخدام قوة الجهاد المسلحة الكامنة.

موقف فصائل المقاومة الأخرى ويبرز فيه حركة الجهاد، وحتى لو بالتنسيق مع حماس، فهو موقف أصبح مختلفا عن موقف حماس وموقف رام الله بعد الإعلان عن رفض الجهاد للهدنة الجديدة أو القبول بها.

ومادام العنوان يتواصل بطلب الهدنة أو الموافقة عليها في كل انفلات نحو الحرب فالأولى أن لا نجرب حظوظنا منفردين في كل مرة، وأن نستوعب الدرس بأننا مرتبكين ومنقسمين في خطتنا الإستراتيجية في ماذا نريد، وكيف، والواقع على ما يبدو يتجه نحو مواقف جديدة قد تضيف للتشرذم والاختلاف والتباين الفلسطيني الفلسطيني أعباءً جديدة .

غياب الفعل المشترك والخطة المتفق عليها والرؤية الموحدة هي عناصر ضعف لن تؤدي إلا إلى معاناة جديدة وتراجع جديد وانقسامات جديدة، واستمرار حالة الانقسام حتما إن لم تكن أدت إلى انقسامات حقيقية جديدة فهي باستمرارها ستؤدي إلى تباين المواقف حتى على الصعيد العسكري والمقاوم.

السياسة والتصرفات الفلسطينية وحتى المقاومة، بشموليتها تصنع لوحة لمن يريد رؤيتها بتجرد، بأن نهايات كل خطوة يخطوها أي فلسطيني منفردا سواء شخصاً أو حزبا أو فصيلا أو رئيسا أو حكومة، فهي تعبر بعمق عن أن الصراع الأكبر والأساس أصبح بين الفلسطينيين أنفسهم وليس للأسف مع الاحتلال وإسرائيل. وهذا تأكيد على أن الانقسام قد دمر الاستراتيجي قبل التكتيكي إذا كان هناك من يفهم الاستراتيجي بحس فلسطيني خالص.

ولكي لا تتمنى غزة مثل القادة جميعهم أن تخرج منها غزة، نحتاج لماء البرد أن يقذف على وجوه من ناموا على أنين الانقسام البغيض لكي لا يصحون على شعب يفعل بهم ما فعله الليبيون في مؤخرة القذافي التي كانت أقوى من مقدماتهم وأسلحتهم.

ملاحظة: طز في كل القادة إذا كان هذا ما أوصلونا إليه فالغباء الاستراتيجي لا يحرر ولا يقيم دول .. على درس الغباء أن ينتهي، فهذا مصير شعب ووطن ومستقبل أجيال لا يجوز المقامرة فيه أو الأنانية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن