نزيهة الدليمي:كارزما المرأة العراقية في التاريخ الحديث

ستار عباس
sataralgouda@yahoo.com

2011 / 9 / 29

الرائدة النسوية والطبيبة الإنسانية والمناضلة الوطنية, لم يكن استأ زار الدكتورة نزيهة جودت الدليمي تجميلاُ ومجاملتاُ لتشكيلة الحكومة العراقية عام 1959 بل جاء عن وعي وإدراك رئيس الحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم بالكفاءات العراقية والخروج من عنق زجاجة العادات والتقاليد والأنظمة البالية التي تنتقص من شخصية المرأة العراقية وشوكة بعيون كل المتعصبين فكانت وبفخر احد القامات التي نقشت اسمها من خلال نضالها وعلمها وإنسانيتها وطنيتها على الحجر ليبقى شاهدا للمرأة نذرت نفسها في زمان كان العيب والحرام جزء لايتجزاء من ثقافة المجتمع العراقي وفي وقت كانت المرأة ماكنة تفريخ وجزء من الأثاث ومستودع للملذات الرجال ,وسط هذه التداعيات كانت الدكتورة نزيهة حاضرة وبقوة في المجتمع وكانت الجزء المهم والمتمم لثورة وطنية عادت للعراق هيبته وخروجه من نير الاستعمار,فهي إحدى رائدات الحركة النسوية وأول رئيسة لرابطة المرأة العراقية وأول وزيرة عراقية في تاريخ العراق الحديث وفي الدول العربية. كانت مناضلة سياسية واكبت النضال الوطني التحرري والديمقراطي طيلة أكثر من نصف قرن وكانت لا شيعية سنية مسيحية مندائية والايزيديةو كردية وتركمانية فكانت تجمع الطيف العراقي بهويتها الوطنية. ولدت الدكتورة نزيهة الدليمي في عام 1923 في بغداد، الأبنة البكر لعائلة مكونة من اربعة أخوة واختين، نشأت في اسرة ذات دخل متوسط حيث كان والدها يعمل في أسالة ماء بغداد، سعى والدها الى تنمية الاهتمامات الثقافية لدى بناته وأولاده عن طريق قرائاته للكتب التاريخية والأجتماعية، أذ كان يقرأ لهم الصحف اليومية في لقاءاتهم المسائية، أصبحوا متعلقين بجريدة (حبزبوز) الجريدة الساخرة التي كانت تصدر انذاك، ونقدها للاوضاع بأسلوبها الساخر .فنّمت لديهم القدرة على المناقشة والتساؤل وأزاداد حبهم للوطن والشعب. كانت طالبة في اعوام الحرب العالمية الثانية درست الأبتدائية والمتوسطة في مدرسة (تطبيقات دار المعلمات). اكملت الدراسة في الثانوية المركزية للبنات، كانت تتأثر بما تدرسه من علوم وتحاول ربطها بما تشهده من الاوضاع ومن المعاناة المريرة التي يعيشها الشعب خاصة بعد دخولها الكلية الطبية في عام 1941 فتاثرت بأراء صديقاتها وأصدقائها من الطلاب ذوي الاراء المتنورة والافكار الديمقراطية حيث توسعت مداركها عن طريق النقاش معهم الدليمي لم تخضع للضغوط، وأصرت على تطبيق القانون، خاصة وقد نالت تأييد عدد من رجال الدين المسلمين، ذوي التوجهات التنويرية، الذين أكدوا عدم تعارض القانون مع مبادئ الشريعة الإسلامية. يرى بعض المؤرخين، أن سقوط حكومة عبد الكريم قاسم في انقلاب عام 1963، لم يكن ممكناً لو لم يستفد الانقلابيون من الاعتراضات على قانون الأحوال الشخصية التقدّمي لتحشيد القوى الاجتماعية المحافظة إلى جانبهم. شهد التاريخ المتعاقب خلال عصر الدولة العباسية نموذج (الدكتورة نزيهة الدليمي)، تحقق في القهرمانة (ثمل) عندما اُسندت إليها إدارة (ديوان المظالم) كما ورد في (التنوخي، الفرج بعد الشدة). حيث أن الدولة آنذاك كانت في قبضة أم المقتدر (ت 320هـ)، لربما هي التي دفعت لهذا التعيين،). (الدكتورة نزيهة الدليمي) التي أغضبت قياديا في حزبها بعد رفضها تعينه كونه غير كفوء ,ولم تنجر خلف كتلتها او عرقها او مذهبها و مصالحها الشخصية, شاركت في كافة النشاطات التي تعقدها الجمعية كالندوات والمحاضرات التي تعمل من خلالها على تبيان خطر الحرب والأفكار السيئة, شاركت في إحدى اجتماعات الجمعية التي حضرتها (400 أمرأة) في هذا الاجتماع قررن تبديل اسم الجمعية الى (رابطة نساء العراق) اثر انتهاء الحرب وكان للجمعية مجلة ناطقة بأرائهن (تحرير المرأة) ، كانت (الدكتورة نزيهة الدليمي) عضوة في الهيئة الادارية للجمعية وهي لازالت طالبة في الكلية الطبية، أغلقت الجمعية ومجلتها في بداية حملة نوري السعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي المناهضة للحركات شبه اليسارية. بعد تخرجها من كلية الطب عملت في بغداد في المستشفى الملكي لقضاء فترة الاقامة ثم نقلت الى مستشفى الكرخ وفي هذه الفترة تعرضت الى الملاحقة من التحقيقات الجنائية، بعدها نقلت الى السليمانية. تميز عملها كطبيبة بصلات وعلاقات واسعة يومياً وتعرفت على معاناة الناس أكثر وكانت تقوم بعملها الوظيفي والتوعية بمختلف الاساليب. ثم نقلت بعد ذلك الى كربلاء وكانت تجربة جديدة تختلف عن بغداد حيث محيط كربلاء ومجتمعها المقيد والمحافظ جداً تجاه المرأة حيث أضطرت الى ارتداء العباءة والى مراعاة امور عديدة عندما كانت تذهب الى عيادة مريض في البيت. ثم نقلت (الدكتورة نزيهة الدليمي) الى عانة ثم النزول الى الاهوار وكل مناطقها وهي مناطق واسعة. هذه الجولات أتاحت لها فرصة الاحتكاك المباشر بالناس والتعرف على مشاكلهم واحوالهم التي لايمكن تصورها اجتماعياً وأقتصادياً، ومن خلال هذه الدراسة والتقصي تكونت لديها معلومات كثيرة تستند عليها لمتابعة الحالات المرضية، الا أن الفائدة الاكبر هي اعداد كراس خاص بأوضاع المرأة العراقية عموما. بعد انتهاء مهمة التقصي الميداني عادت الى بغداد عام 1951 للعمل في المستوصف التابع للمشروع لمتابعة المرضى المصابين بالبجل اي السفلس وكان الكراس الذي اعدتة بعنوان (المراة العراقية ). في هذه الفترة تبلورت لديها فكرة اعادة نشاط (رابطة النساء العراقيات) وشرعت بتجميع النساء حيث بلغ عددهن (30 أمرأة) منهن خريجات الكليات ومنهن من عوائل المناضلين وعدد من المناضلات. باشرت بمناقشة ورسم اهداف الرابطة وبرنامجها واستغرق هذا الاعداد من الاتصالات والزيارات والاجتماعات عاما كاملا حيث تقدمن بعدها بطلب الاجازة الرسمية باسم (جمعية تحرير المرأة) وخلال فترة انتظار الموافقة حصلت الجمعية على تأييد واسع من النساء في كل العراق، الا أن الطلب رفض (بناءً على مقتضيات المصلحة العامة) الكليشة المعروفة للرفض. رداً على الرفض جمعت الدكتورة النساء وناقشن الرفض وقررن بالاجماع مواصلة العمل لتحقيق الاهداف والبرنامج المتفق عليه بشكل سري وتغيير العنوان الى (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية) تم نشر الاهداف والبرنامج والنظام الداخلي لها واهدافها. ناضلت (الدكتورة نزيهة الدليمي) من اجل التحرر الوطني والسلام العالمي والدفاع عن حقوق المراة العراقية وحماية الطفولة العراقية. في عام 1960 قررت تبديل الاسم الى (الى رابطة المرأة العراقية ) مع مرور الوقت وبقيادة (الدكتورة نزيهة الدليمي) اصبحت الرابطة الوجه المشرق للحركة النسائية التقدمية وجماهيرهاً غدى عدد العضوات (42 الف عضوة) قدمت الرابطة للنساء خدمات كبيرة وفي مقدمتها قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 وغيرها من المكاسب فيما بعد. خلاصة الخلاصة لا يمكن جمع سيرة حياة (الدكتورة نزيهة الدليمي) في هذا الاطار لبساطتها عندما دعاها عبد الكريم قاسم لاعتلاء كرسي الوزارة ذهبت الى وزارة الدفاع راكبة الباص. كانت امرأة بارة صافية القلب عطوفة كالام تيريزا وطبيبة نبيلة السلوك في مهنتها لم يصبها الجشع كالكثير من اطباء عهدها اذ تداوي المرضى بحنان ومناضلة نسائية مارست نضالها في عهود العراق في ادوار العلو والانحدار دون كلل ولا ملل. كانت شفيعة الفقراء اذ حتى ايام العلو كان الكثير من العراقيين يعيشون في (الصرائف). (الدكتورة نزيهة الدليمي) عرفت كامراة مناضلة صرفت كل طاقتها في جمع النساء عملية جعلهم قوة سياسية اجتماعية ناصرها الكثير من رجال الدين التقدميين الشرفاء (الدكتورة نزيهة الدليمي) فارقت الحياة في برلين عام2007، ولم تتمكن من رؤية عراقها الحبيب الغالي على نفسها. وهذه من رحمت الله لكان الهم همان ان ترى النساء التي ناضلت من اجلهن في مناصب حكومية وتشريعية ياتمرن بامر اسيدهن واحزابهن متخندقات خلف المذهب والعرق ومصالحهن الشخصية, كانت (الدكتورة نزيهة الدليمي) المراة العراقية وكانت المراة العراقية (الدكتورة نزيهة الدليمي). الف رحمة على روحها الطاهرة.
المصادر:- توما شماني تورونتو
عضو اتحاد المؤرخين العرب, رشيد الخيون الكاتب العريق في شؤون التاريخ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن