الاسلام فقط وماذا عن بقية الاديان؟

مكارم ابراهيم
makarem.tehrani@gmail.com

2011 / 9 / 26

يكتب الكثير من الكتٌاب والكاتبات العرب مقالات ينتقدون فيها الدين الاسلامي وسلوك واخلاق نبي المسلمين محمد وكانه الدين الوحيد في الوجود ولاتوجد اية اديان اخرى يمكن انتقادها.
ويمكن القول بصورة أدق بان هؤلاء الكتٌاب تخصصوا في الهجوم وليس النقد على الدين الاسلامي . لانه من المفترض ان يكون النقد علميا وموضوعيا اي عدم إظهار مشاعر العداوة لدى الكاتب في نقد الدين الاسلامي. وللمصداقية يجب ان ينتقد الاديان الاخرى, وذلك لان جميع الاديان السماوية ذات منبع واحد وتتفرع من جذور واحدة وتتشابك فيما بينها بالشرائع والقصص.

هناك عدد كبير من الكتٌاب يعرفهم الجميع ولكن دعونا نتناول عدد من الكتٌاب الجدد فكثيرمنهم لايمتلك حتى ادنى المعلومات التاريخية عن مايكتبوه حيث احدى الكاتبات الهام مانع تطالب المراة المسلمة بنزع الحجاب في مقالة بعنوان "اخلعي الحجاب" . وهنا اود التوقف عند نقطتين في مقالة هذه الكاتبة. النقطة الاولى انها تفرض رايها ورغبتها الشخصية على انسان اخر بارتداء شئ تفضله هي شخصياٌ.وهنا تكون الكاتبة قد تجاوزت الحرية الشخصية للمراة المسلمة. واتساءل هنا : هل تقبل الكاتبة ان تاتي امراة محجبة وتطلب منها ان تلبس الحجاب؟. فلماذا لم تضع الكاتبة نفسها في موقف المراة المحجبة, فهل ستقبل ان يفرض عليها لبس شئ وتسكت؟ لا اعتقد بانها ستقبل ذلك, بل ستعتبر ذلك تعدي على حريتها الشخصية.

اما النقطة الثانية التي اود التوقف عندها في مقالة الكاتبة هي انها اعتبرت أن الحجاب ظهر بعد الثورة الايرانية. ومن الغريب ان تتناول الكاتبة موضوع الحجاب وليست لديها ابسط المعلومات عن تاريخ ظهور الحجاب الذي كان معروفا قبل الاسلام بزمن بعيد, بل اليهوديات كُن يرتدين غطاء الرأس ومنهن من تحلق راسها وتلبس الباروك في يومنا هذا. حتى ان الكاتبة تجاهلت الراهبات الكاثوليك اللواتي يرتدين الحجاب لماذا لم تطلب منهن نزع الحجاب أم الطلب مقتصر على المسلمات دون المسيحيات ؟

وهناك الكاتبة فينوس صفوري التي وضعت نبي المسلمين محمد الى جانب بوذا لاجراء مقارنة أخلاقية ثم اعتذرت كثيرا للقراء على هذه المقارنة المجحفة بحق بوذا وقد قرات مقالتها الاخيرة" تأملات ونقاط حول الإسلام والمسلمين" وفيها معلومات كثيرة مغلوطة اذ تقول " حين أصدرت الدولة الفرنسية القرار الذي ينص على منع النقاب ولاحظوا فقط النقاب" وهذا غير صحيح لان الحجاب ايضا ممنوع في المدارس الفرنسية وكثير من دول اوروبا الغربية يمنع تشغيل المراة المحجبة في مكان العمل. وتضيف الكاتبة " هل يحق للنصارى بناء الكنائس في بلاد المسلمين ؟؟ طبعاً لا يحق لهم أن يبنوا كنائس في بلاد المُسلمين ".
وبالتاكيد هذه المعلومة غير صحيحة ففي سوريا والعراق والعديد من الدول الاسلامية توجد كنائس يؤمها المسيحيون كل يوم احد وحتى المسلمون يزورون الكنائس في الدول الاسلامية وينذرون النذور للسيدة مريم العذراء .
في حين في الدنمارك حاول المسلمون منذ عشرين عاما بناء جامع حقيقي لم ينجحوا في اقناع الحكومة ولكن استطاعت السعودية اليوم ان تقنع الحكومة ببناء جامع في الدنمارك ولكن سيكون محاطا بابنية عالية ومجمعات سكنية بحيث لايبدوا مرئيا لبقية المناطق السكنية.

وفي مقالة للكاتب صلاح يوسف بعنوان "هل كان محمد على خلق عظيم حقاً ؟! اذ يبدا مقالته بالجملة التالية "جميع الفساد الأخلاقي لدى المسلمين سببه فساد أخلاق محمد،" واعتقد بانني لست بحاجة لقراءة بقية المقالة. وهذايعتبر تمييز عنصري بمعنى الكلمة لان الكاتب يعتبر طائفة كاملة فاسدة اخلاقية من كبيرهم الى صغيرهم من المرأة والرجل والطفل جميعهم فاسدون اخلاقيا.

اما تركيزهم على تعميم الاقصاء ورفض الاخر من قبل المسلمين وكانه لايوجد الاقصاء لدى المسيحيين واليهود . في الحقيقة لدي صديقة مسيحية انتقدت من قبل بعض المسيحيات لانها تخالط المسلمات , وعليناان لاننسى أن غالبية الطوائف الدينية ترفض الزواج من الاديان الاخرى. الا يعتبر هذا اقصاء للاديان الاخرى؟.

والمثير للسخرية في الواقع ان نفس الافراد الذين نراهم ينتقدون الدين الاسلامي يهاجمون أي مفكر وباحث يحاول تجديد فهم القرآن والشريعة الاسلامية بحيث يتناول الاسلام بطريقة عصرية كالكاتب عبدالله أبو شرخ في مقالة" في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام !" حيث هوجم من قبل بعض الكتٌاب لانهم يرون بان الاسلام غير قابل للتجديد بل يجب الغائه بشكل كامل . ولااعلم كيف يتصورون بانهم يمكن ان يلغوا دين من الوجود ربما بكتاباتهم (الممتعة)؟

ولكن الملفت للنظر والذي لم يلتفت اليه هؤلاء الكٌتاب, هو تعليقات القراء ولا اقصد طبعاٌ تعليقات المسيحيين المتطرفين لانهم بالتاكيد فرحين بهذه الكتابات لانها تعبرعن كرهم الشديد للمسلمين, ولكن اقصد تعليقات القارئ المسلم المؤمن بعقيدته والتي لا يستطيع اي كاتب ان يزحزح هذا الايمان ولو مقدار شعرة.

فهل يستطيع هؤلاء الكتاب ان يدركوا بان طريقتهم هذه في اهانة الاسلام لن تقنع المسلم المؤمن بالتخلي عن دينه بل على العكس تجعله يتمسك اكثر بالاسلام وربما تجعل الفرد الغير المسلم يعتنق الاسلام تآزرا مع المسلم!
أعتقد أذا اراد أي كاتب ان يحاول أن يوسع آفاق الوعي الديني والفكري للمسلم فعليه ان يكون ناقدا موضوعيا لايتعامل بالمشاعر وان ينتقد المسيحية واليهودية ايضا وقبل كل شئ عليه ان يعلم انه لن يستطيع ان يطلب من المسلم ان يترك دينه لان الاسلام دين سئ ولان محمد سئ فهذه طريقة امية وعنصرية وليست انسانية ولاعلمية البتة.

وعلينا ان ندرك بان الارهاب ليس له هوية دينية لان الارهابي النرويجي أندرس بريفيك لم يكن مسلماً ولم يتخفى تحت النقاب عندما قام بعمله الارهابي .

فالارهاب سلوك يسلكه الفرد العنصري الذي يريد الانتقام من فئة دينية او قومية معينة, ولكن احيانا فان الارهاب سلوك تسلكه اقلية مضطهدة تريد ان تحقق مصالح لها في ضرب عدوها.

علينا ان ندرك بان الدين للمؤمن هو حاجة روحية سواء للمسلم او المسيحي او اليهودي او البوذي وهذه الحاجة لايمكن لاي منا ان ينتزعها منه مهما انتقدنا دينه.

علينا ان ندرك بان حاجة بعض الافراد للاديان هي جوهرية لانها تجيب على اسئلتهم في خلق الكون واصله. فنحن مختلفون في التفكير والارادة والتربية والخبرات والتجارب حتى لو كنا اخوة من نفس الام والاب. فعلينا احترام هذا الاختلاف ولانكون عنصريين.
واذا اردنا التعايش بسلام مع الجميع الذين يختلفون عنا علينا اذن أن نحترم اختياراتهم العقائدية كما هو الحال في احترامنا للاخرين في عقائدهم وايديولوجياتهم المختلفة وانتمائاتهم الحزبية لان اختياراتهم متعلقة باسباب شخصية وهي حرية شخصية يجب احترامها سواء اكان دينا ام حزبا.

مكارم ابراهيم



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن