وصول ال سلول الى الحكم في السعوديا - الجزء الثالث

محمد السينو

2011 / 9 / 18

تولت بعض الاقلام النزيهة في مصر كشف العمالة السعودية للانكليز وأدوارهم القذرة في مذابح الآمنين في الجزيرة العربية، فحاول الانكليز تغطية أدوارهم فأعلن الانكليز في بعض الصحف في مصر في ١٠ سبتمبر ١٩٢٥ م "انهم عرضوا وساطتهم على ابن السعود لكنه أجاب، بأنني أعطي للعالم الإسلامي عهدا بأن يكون الحجاز ومكة ملكا
مشاعا للمسلمين وانه لن يعلن نفسه مليكا عليها" وانتهى!!!..
تولى الملك علي الامر وهو مدبر مشرف على الهاوية، ولو كان في مكانه أشجع الشجعان وأمهر السياسيين وأعظم الحكام عبقرية ودهاء وكفاءة لما كانت له الا هذا السبيل التي سلكها علي بن الحسين، فقد تضافرت بريطانيا التي رمت بكل ثقلها وأفكارها إلى جانب ابن السعود ولم يستطع الحسين وقيادته العسكرية أن يعملوا أكثر مما عملوا لتبييض الوجه حّتى النفي الاخير ولو كان خصمه غير بريطانيا المتفانية في دعم ابن السعود لتغلب عليها وعليه.
من وكيل خارجية بريطانيا العظمى:
"تبلغت حكومة جلالة ملك بريطانيا أن سلطان نجد هيأ قوة لمهاجمة العقبة وذلك لان حكومة جلالتكم بها، ولان حكومة الحجاز جعلت معان والعقبة بحالة عسكرية ضد ابن سعود فهي تدعوكم إلى مغادرة العقبة لكي لا تكونوا سببا لحصول مشاكل جديدة بين بريطانيا وسلطان نجد، وتصر بالحاج على وجوب مغادرتكم العقبة إذ لا يمكنها أن تسمح لكم بالبقاء أكثر من ثلاثة أسابيع"!.. كان هذا هو قرار النفي البريطاني للملك حسين وقد أوضحت به بريطانيا صراحة انحيازها وحمايتها لابن السعود… وكان هذا الانذار شديد الوقع على نفس الحسين، فثار ثورة المهزوم الذي لا مفر منها، فما معنى هذه الملاحقة أينما ذهب؟..
وما معنى هذه الخدمات غير المحدودة التي تقدمها بريطانيا لابن سعود؟… قالها الحسين وتساءل:" هل بريطانيا مهتمة باليهود إلى هذا الحد الذي جعلها تلاحقني وتبعدني من مكان إلى مكان خدمة لابن السعود لانني رفضت طلب بريطانيا في منحهم فلسطين بينما وافق عبد العزيز آل سعود على اعطاء فلسطين لليهود؟… ومن أجل ذلك أخذت بريطانيا الحليفة تحسب لابن سعود حسابا، ومن أجله تطلب الي أن أغادر أرضا حجازية".
وقد حاول أصدقاؤه وابنه الامير عبد الله على أن يقبل الانذار البريطاني، ولكنه ظل حّتى الدقيقة الاخيرة متمسكا برأيه يرفض التسليم ولا يرغب عن المقاومة، فهمس في أذنه ابنه عبد الله اّنه يجدر به ألا يكون سببا في ابعادنا من شرق الاردن ونفينا معه كما كان سببا في ابعادنا منا لحجاز لان مقاومته ستؤدي إلى ذلك حتما، فأذعن وهو يقول: "حّتى أنت يا عبد الله تقف مع الانكليز وابن سعود لتحافظ على مصلحتك الخاصة".
فاقتنعت المخابرات الانكليزية بمبررات التحريض السعودي… فعملت على تحطيم الحسين أدبيا ومعنويا… ومن ذلك أنها حرضت "السفرجي" على مضايقة الملك حسين وهو يوناني باقامة دعوى ضد زوجة الحسين في محكمة انكليزية في قبرص زاعما أن زوجة الملك حسين قد خصمت ربع جنيه من راتبه، وكانت الدعوى مستعجلة، وما علم الحسين إلا بالشرطي يبلغ زوجته الحضور، واضطر للحضور إلى المحكمة الانكليزية مع زوجته، وقالت زوجته ان هذا الادعاء غير صحيح، وقال الحسين للسفرجي ومع ذلك لو أخبرتني فسأدفع لك أكثر مما تزعمه من دين تافه علينا!..
وبعد صدور حكم المحكمة الانكليزية ضد الملك حسين بربع جنيه للمضايفي… حاول الحسين فصل هذا "السفرجي" الذي ثبت أنه يعمل في المخابرات البريطانية لمراقبة الحسين، لكن بريطانيا "العظمى!" رفضت فصله وفرضته عليه!!! وبعد فترة وجيزة وضعت المخابرات الانكليزية السم في طعام الحسين بواسطة هذا "السفرجي"… وتخلصت بريطانيا والسعودية واليهود من الحسين ودعوة الوحدة العربية!!!.
الدعوة التي كانت تغيظ الاستعمار والصهاينة وعبيدهم آل سعود، حّتى وان كانت "وحدة ملكية" لا تحمل أي مضمون تحرري اقتصادي، كالاشتراكية مثلا… ونقل جثمان الحسين إلى الاردن ليدفن بالقرب من ابنه عبد الله الذي سار في ركب الانكليز…
حشدت زمرة محمد نصيف شباب المدرسة للهتاف بحياة عبد العزيز.. فلقبوه بألقاب "مولانا الملك" و"صاحب الجلالة" قبل أن يلقب نفسه بها!.. وسمع عبد العزيز لاول مرة في حياته مثل هذا الهتاف من شباب المدارس الحجازية في جدة بتوجيه من المستوطنين في الحجاز وبعض التجار والمتاجرين بالدين إلى حد أن عبد العزيز قد استغرب الهتاف نفسه حينما هتف المعلم أمام عبد العزيز بقوله: "يعيش الاحتلال السعودي"!.. وردد التلاميذ من خلف معلمهم "يا. يا. يا." فقال المعلم: "تسقط الملكية الهاشمية"… فردد التلاميذ: "تا. تا. تا." فتعال الهتاف في مجلس نصيف "يعيش جلالة الملك سيدنا ومولانا عبد العزيز آل سعود".. "يا. يا. يا." مما جعل الامر يشتبه على عبد العزيز، خاصة، "تا. تا" و"يا.يا." فتساءل بازدراء وغضب "هل هؤلاء البزازين يضحكون عليّ؟.. الاوّلة فهمناها… لكن: ويش: معنى. تاتا. و.يا. يا؟." فأبلغوه: "ان هذا يا مولانا هو: اختصار حضاري لتكرار .. كلمات التسقيط للملك علي، والتعييش لجلالة سيدنا ومولانا الملك عبد العزيز المعظم".
يا عبد العزيز نراك تسلك أكثر مما سلكه الاشراف في الكفر… وتشارك الله في أسماءه وتترك هؤلاء المنافقين المشركين في جدة ومكة يبتدعون لك من أسماء الله الحسنى ما ليس لك وما لا تستحقه أو يستحقه أي بشر.
وبهذا بدأ الفصل الثاني من فصول مسرحية تتويج "ملك الحجاز" ومّثل فصولها بعض الذيول المتلبسين بزعامة الحجاز ليجعلوا من سلطان الموت عبد العزيز "ملكا" للحجاز"فقط" دون نجد.. و بالرغم من أن أداة القتال السعودية كانت أهل نجد بل جهلة من نجد، تحولوا إلى وحوش كاسرة خدمة لآل سعود اليهود. ورغم كل ما أبداه بعض أهل نجد من وحشية قتالية لصالح آل سعود فقد رفضوا إياهم هؤلاء الوحوش الذين قاتلوا مع آل سعود أنفسهم ورفضوا الملكية ورفضوا الرضوخ للملكية وحاربوها وثاروا ضدها وقاتلوا عبد العزيز بنفس السلاح الذي قاتلوا به أهلهم في الحجاز ونجد وغيرها بمجرد أن أعلن الانكليز اسم عبد العزيز ملكا على الحجاز… فكانوا بذلك أشرف من أولئك الذين تكلموا باسم الحجاز، والحجاز منهم براء…
وفوجئ الناس بعد أن أدوا في الحرم صلاة الجمعة يوم ٢٣ جمادى الثانية ١٣٤٤ ه ٨ يناير ١٩٢٦ يمنعون من الخروج من أي باب من أبواب مسجد الحرم الا من باب الصفا حيث تقام "حفلة تخريج وتهريج البيعة"… وأعد بلصق الحرم: مجلس "السلطان" المنوي ترفيعه انكليزيا إلى رتبة ملك!… ووضع إلى جانبه منبر للشيخ الخطيب المنافق… وفي الساعة السابعة والنصف أقبل موكب الطاغية عبد العزيز فضج
"المحشورون" بالهتاف، والويل لمن لا يردد مع الهّتاف من سيف السيّاف. فاختلط هتاف الحابل بالنابل، بعضهم يقول: "يعيش السلطان"، وبعضهم يقول "يعيش الملك إلى حد أن البعض أخذ من شدة الرعب: يعيّش ويهتف بحياة "سلطان بن بجاد" قائد الجيش السعودي الذي أوقع
الرعب في صدور الحجازيين. وصعد الشيخ عبد الملك مرداد إلى المنبر وألقى خطابا جاء فيه: "أحمد رب هذا البيت المعظم، وأشكر الله على ما أنعم به وتكرم بوجود هذا الملك المعظم، منّ علينا بنعم لا تحصى،
ومنن لا تستقصى، أبدل رعبنا بالامن… أحمده حمد عبد يعرف مقدار نعمته وأشكره شكر من تداركه بازالة نقمته… على تفضل عظمة السلطان المحبوب بقبول البيعة الملكية المشروعة بعد طلبنا اياه منه. وما أن انتهى المستوطن الشيخ عبد الملك مرداد من ترداد كلمات النفاق المسجوعة في مسرحية البيعة والترفيع، ترفيع "سلطان نجد" إلى ملك للحجاز، وما أن تلي النص المسرحي للبيعة، حّتى أخذت مدفعية قلعة أجياد تطلق قنابل "الخيش والبارود" مختتمة مهرجان المسرحية بالرماية… فأغمي على خطيب البيعة ظنا منه أن الاخوان المتوحشين
لم تعجبهم البيعة فهجموا ليدشنوا هذا المهرجان بمذبحة الطائف، فهرب البعض لكن الخدم أعادوهم لتقبيل يد الملك الملطخة بالدم الحجازي ومصافحته على القسم، وقسموا "المبايعين" إلى زمر متتالية.
والملاحظ أن كل هذه الزمر وكل الذين ساهموا في هذه المسرحية اما مرغمين أو مستوطنين، وليسوا من أصل حجازي، أو عربي أو قبلي، فالدين لهم أصول ضاربة في أرض الوطن لم يقدموا على فعل شئ من هذا المنكر، بالرغم من أنهم ساهموا بتحطيم الشريف حسين بن علي وأولاده بخدعة من جون فيلبي ووعود كاذبة سعودية. نعود الآن إلى مسرحية البيعة التي أشيد مهرجانها إلى جانب الحرم… لنرى جمع المنافقين يستفرغون ويستنجون كل ما في بطونهم من أفواههم المنتنة بأقوال النفاق، ومع ذلك فقد أرجف بالطاغية عبد العزيز حينما أوحى إليه أحد المخبرين أنه قد يحدث لك شئ في هذا المهرجان النفاقي يا عبد العزيز.
ونصحه بمغادرة المكان ما دامت مسرحية البيعة قد تمت!… فانتقل عبد العزيز إلى مكان آخر مع الاستمرار في تمثيل بقية أدوار المسرحية حينما دخل الحرم وخلفه بقية المهرجين يطوف جمعهم خلفه حول الكعبة سبع مرات كل منهم يدعو الله هراء وتمثيلا، ومن بعدها انتقل الطاغية إلى ما يسمى "دار الحكومة" أو "دار الحكم" ليكمل بقية المنافقين ما بقي
من أدوار الاستنجاء بالكلمات.. وما أن استقر في قصر "الحكم" حّتى وقف أحد المستوطنين من أغنياء جدة واسمه حسن قبال، وألقى خطابا غاية في النفاق استعرض فيه العهود السابقة فذمها، وأثنى على "بادرة الاحتلال السعودي وتمنى لو أنها تقدمت أوانها قبل الآن" وزعم " أن الملكية السعودية تختلف عن الملكية الهاشمية، فالملكية السعودية ملكية فاضلة والملك عبد العزيز ملك عادل"!.. كما زعم!. علما أن لم يمضعلى اعلان الملكية السعودية ساعتين!. لا شك أنه عرف عدله من مذابح الطائف وريعان مكة وجدة!.. ثم طلب "قابل" المنافق أو الجبان على الاصح الخائف طلب من مستوطن آخر اسمه عبد الله رضا "قائمقام جدة" أن يكرر مبايعته وعن أهل جدة هذه المرة.. فسارع للمبايعة علما أنه سبق له أن "يبايع" هذا العبد الله رضا للمرة الخامسة…
ولقد حاول الانكليز وعميلهم عبد العزيز بهذه التلميحات الديمقراطية: امتصاص النقمة العالمية التي أدانت الاحتلال السعودي للحجاز. وطالبت برقيات عديدة باقامة حكم في الحجاز ديمقراطي جمهوي عربي يشارك فيه أهل الحجاز ومندوبون عن جميع المسلمين في العالم… فأملى جون فيلبي على الذين حضروا من "المماسح" أن يخرج بيان باسمهم يزعمون فيه ما يلي:
" وبعد البحث والنقاش قرر الحاضرون ان يلقب رئيس حكومة الحجاز "ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها" واقترح بعضهم زيادة بعض الالقاب فلم يرض ابن سعود "!" ثم قرروا احالة الاشياء الاخرى إلى "الهيئة التأسيسية" وأصبح من ذلك الوقت لقب ابن سعود "ملك الحجاز وسلطان نجد ومحلقاتها" وأمر ابن سعود أن ينضم إلى الهيئة التأسيسية عن نجد: يوسف يس والدكتور عبد الله الدملوجي وعبد العزيز العتيقي. ثم انفض المجلس"!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن