واعظ الصحراء

علاء هاشم
alaahshm@yahoo.com

2011 / 9 / 17

واعظ الصحراء*
بقلم: طارق علي**
ترجمة: علاء هاشم

منذ القرن السادس عشر وما تلاه، كانت شبه الجزيرة العربية تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، حيث أصبحت القاهرة وبغداد والقدس ودمشق مدنا عثمانية-- عربية يحكمها نظام بيروقراطي معين من قبل اسطنبول. ورغم أن مكة والمدينة كانتا تحت الحماية المباشرة للخليفة في البسفور، إلا أن البنية القبلية البدائية لشبه الجزيرة العربية وجغرافية طرقها التجارية البرية المعزولة قد اختفت لفترة طويلة واستبدلت بقوافل التجار التي قللت بدورها من جاذبيتها الاقتصادية والإستراتيجية. لقد تم تجاهل تلك البنية التي لم تندمج إطلاقا وبشكل كامل بالإمبراطورية، لذا امتعضت القبائل واستغلت على حد سواء نقص السيطرة هذا.
كانت تلك القبائل معتمدة على التجارة، لكن التجارة كانت مقتصرة بشكل كبير على الحاجات المحلية، فكانت تستخدم طرق القوافل، بل كان الرحالة يستخدمون الطرق على نحو رئيسي في طريقهم للمدن المقدسة. وكانت ضرورة إطعام الرحالة وتزويدهم بالمساكن ذا فائدة، لكنها لم تقم بتعزيز الاقتصاد المحلي نهائيا. فبعض القبائل قامت بتأسيس أعمال حماية، لان طالما المال يملأ الأكياس فأن امن الرحالة يمكن له أن يكون مضمونا. لكن هذا المال كان محدودا. فسرعان ما نمت منافسات بين القبائل ، حيث كان هذا هو السياق الذي ولدت فيه طائفة إحيائية جديدة أذاعت تغيرا في المنطقة. كان مؤسسها محمد أبن عبد الوهاب (1703—1792) ، أبن للاهوتي محلي،ولد في مدينة صغيرة مزدهرة نسبيا تقع على واحة هي مدينة العيينة . ولقد فند عبد الوهاب، أبو محمد، التأويل الأرثوذكسي المتطرف في القرن الثامن للقانون الإسلامي . وكان سئما من الاعتناء بالنخيل ورعي الأغنام لما بدأ أبنه الشاب بالوعظ محليا داعيا إلى الرجوع للتعاليم القديمة للإسلام، حيث عارض عبادة النبي محمد وأدان المسلمين الذين كانوا يصلون في أضرحة الرجال المقدسين وانتقد إعادة بناء القبور مشددا على فكرة "وحدة الإله الواحد"، واتهم جميع المسلمين غير السنة وبعض المجاميع السنية (بما فيها السلطان- الخليفة في اسطنبول) كمهرطقين ومارقين. كل هذا أعطى تبريرا سياسيا- دينيا لجهاد طائفي متطرف ضد المسلمين الآخرين خاصة الشيعة منهم "المهرطقين" على حد قوله وأيضا الإمبراطورية العثمانية. لم تكن تلك الآراء أصيلة ، فالبيوريتانية (التزمت) في الإسلام لطالما كان لها مدافعين عنها عبروا من جانبهم عن استيائهم من آراء ابن وهاب الخطيرة والمؤذية جدا، فجاءت آراءه عبارة عن صياغة صارمة لتعاليمه الاجتماعية القديمة- الإيمان بالعقاب الإسلامي جلدا، الإصرار على رجم الزاني والزانية حتى الموت، بتر أيدي اللصوص وإعدام المجرمين العلني- حيث ساهمت تلك الآراء بخلق مشاكل حقيقية عام 1740. اعترض القادة الدينيون في المنطقة بشدة لما بدأ هو بتطبيق ما كان يعظ به ، وكانوا منزعجين جدا من هذه الثورة المخيفة والقاسية، مما دفع أمير العيينة بأن يأمره بترك المدينة.
لقد سافر ابن وهاب ، في السنوات الأربع المقبلة، خلال المنطقة وزار كل من البصرة ودمشق واستقى تجاربا مباشرة للانحلال والانحطاط اللذين جاء بهما العثمانيون للإسلام. فلم يحبط ابن وهاب. لقد كان يلاحظ الانحرافات أينما سافر عن العقيدة الحقيقية، ووجد أيضا مناصرين له ومشابهين لأفكاره شجعوه في المضي بمعتقداته. فأصبح أبن وهاب آنذاك أكثر تصميما على إعادة الإسلام (الرجوع به) إلى أصوله البدائية. وكان هذا الرجوع المستمر إلى العصر الذهبي أو "النقي" محض خيال، لكنه قام بخدمة وظيفة ما. فمن غير الممكن ابتداع حركة إحيائية بدون إشراك لإعادة بناء أصولي "بيوريتاني" لأي من معتقد أو دين.
"فللمتطرفين أحلامهم" قالها جون كيتس، "بماذا يشقون طريقهم إلى الجنان مراوغين من اجل طائفة". كان الشاعر الرومانسي الانكليزي يشير إلى الطوائف الدينية البيوريتانية (الأصولية) التي نشأت قبل وخلال وبعد الثورة الانكليزية في القرن السابع عشر، لكن تلك الكلمات تنطبق أيضا وبشكل كبير على واعظ الصحراء الذي سعى ليبني حركته في المنطقة التي كان يعرفها حق المعرفة. في عام 1744 وصل ابن وهاب الديرية، مدينة صغيرة أخرى تقع على واحة في مقاطعة بنجد. كانت التربة خصبة والناس فقراء وكانت المدينة معروفة ببساتينها ومزارع نخيلها وأميرها سيئ السمعة وقاطع الطرق محمد أبن سعود الذي كان جذلا باستقبال واعظ أبعده ملك آخر كان ينافسه. وقد فهم في الحال بأن تعاليم أبن وهاب قد تعزز طموحاته العسكرية الخاصة. فكانا مناسبين لكليهما، وكأن الرجلين خلقا لبعضهما البعض.أعطى ابن وهاب تبريرا لاهوتيا لكل شيء تقريبا أراد أبن سعود أن يفعله : جهاد متواصل اقتضى سلب مساكن ومدن المسلمين الآخرين كغنائم لهم، تجاهل أوامر الخليفة، فرض نظام صارم على أناسه وأخيرا فرض قانونه الخاص على القبائل المجاورة في محاولة لتوحيد شبه الجزيرة. وبعد محادثات مطولة، أتفق الأمير والواعظ على ميثاق، أتفاق ملزم للطرفين سيحترمه خلفائهم من بعدهم إلى الأبد. إن مادتي المعاهدة اللتان ادخلهما أبن سعود كانتا تشيران إلى ما كان يدور في خلده، الحماسة الروحية في خدمة الطموح السياسي، لكن ليس العكس.
ما لبث أن أدرك ابن سعود بأن كاريزما الواعظ قد أصبحت خطيرة، فقرر احتكار كل من الرجل وتعاليمه حيث طلب منه تعهدا شاملا : على أبن وهاب، ليس تحت أي ظرف، أن يقدم ولاءه الروحي وخدماته لأي أمير آخر في المنطقة. فجاء الجواب غير معقول بالنسبة لرجل دين مثل أبن وهاب، دافع عن كونية وشمولية الإسلام بقوة مجنونة، أن يقبل الالتزام بهذا القيد. أما طلب الأمير الثاني فكان ساخرا بكل ما في الكلمة من معنى : مهما يحدث من أمر سيء ، فأن الواعظ يجب أن لا يعارض أبدا حاكمه بفرض الضرائب القاسية الضرورية على رعاياه. وفيما يتعلق بهذه النقطة قام محمد أبن وهاب من جانبه بخدمة راعيه الجديد مؤكدا له بأن تلك الضرائب ستصبح قريبا غير ضرورية لأن " الله يعدهم بفوائد مادية أكثر على شكل غنائم يأخذونها من الكافرين". (1)
لقد تكلل هذا العقد بزواج. أصبحت ابنة أبن وهاب إحدى زوجات ابن سعود، وكان هذا هو الأساس لصداقة حميمة سياسية وطائفية ستشكل سياسة شبه الجزيرة. حيث إن اجتماع التعصب الديني هذا والقسوة العسكرية والقذارة السياسية وكتائب من النساء لتوطيد المصاهرات كان حجر الأساس للسلالة التي تحكم السعودية اليوم.
عام 1792 قامت القوات السعودية- الوهابية بقمع مقاومة حكام الجوار وأخضعت مدينتي الخرجي والقاسم للرياض. وبدأت القوة الجديدة بإحراز انتصارات في جميع الاتجاهات، حيث إن فشل القبائل المنافسة في الاتحاد ومقاومة الوهابيين قد سمح لخلفاء أبن سعود بأن يهددوا مدن الإسلام المقدسة. ولقد أغاروا عام 1801 على كربلاء، أقدس المدن بالنسبة للشيعة، وقتلوا خمسة آلاف من قاطنيها وأخذوا بيوت الناس والقبور المقدسة كغنائم لهم وعادوا لديارهم منتصرين.أما في عام 1802 فقد احتلوا الطائف وقاموا بمجزرة بحق أناسها. وفي السنة التالية اخذوا مكة وأعطوا أوامر لشريفها أن يدمر قبب القبور المقدسة للنبي والخلفاء. لقد تم ذلك (تدمير القبور) وكان ذلك فقط بعدما هزم العثمانيون الوهابيين الذين أعادوا بناء أنفسهم. فالعقيدة الوهابية كانت ترفض أحجار القبور الفخمة المتفاخرة.(2)
إلى متى ستسامح وتصبر اسطنبول على التمرد الوهابي؟ كانت قاعدة اسطنبول العسكرية الأكبر في مصر، لكن لطالما كانت سيطرتها هنا غير مستقرة. إن نخبة النيل الأدنى العرفية طرحت تحديا مستمرا، حيث غالبا ما كانت المحاولات لفصل الأحزاب الشركاسينية والبوسنية عن بعضها البعض ناجحة ، ولكن هذا لم يدع اسنطبول تأخذ نفسا قط. فطالما الإيجارات كانت تدفع بشكل منتظم إلى خزائن الإمبراطورية، فأن السلطان قد تجاهل التهديد. وكان هذا الأخير متقيد إلى حد كبير بالتطورات الجديدة التي حدثت في أوروبا الغربية، وكانت الرأسمالية آخذة بالنمو بقوة، وعصر الامبريالية الجديدة قد بدأ، فقاهرو العالم الجدد كانوا يتقدمون بسرعة.وربما كان اكبر مشروع في تاريخ الرأسمالية (التجارية) هو التهيؤ للتحرك باتجاه الشرق.
لقد تأسست شركة الهند الشرقية عام 1600 . وقبل مائة سنة ونيف تركنا مسافر أيبيري، دون مانويل غونزاليس، مع وصف لأول مركز للعولمة :

كذلك على جانب شارع ليدن هول الجنوبي ، وقليلا باتجاه شرق الشارع ، تقوم شركة East India House التي بنيت مؤخرا بشكل فاخر، مع واجهة حجرية تطل على الشارع، لكن تلك الواجهة التي بدت ضيقة جدا، لا تعطي مظهرا يليق بأبهة الشركة التي تشغل مساحة كبيرة من الأرض.

إن الأرباح المالية الاحتياطية الهائلة لسلع شركة East India كانت هي السبب في جعل آدم سميث يكتب مقالة لاذعة في صحيفة The Wealth of Nations حيث لاحظ بأن الناس الذين اشتروا السلع قد دفعوا ثمن احتكار تلك الشركة، لكنهم كانوا يدفعون أيضا ثمن التبديد الهائل الذي كان لابد للفساد وسوء الإدارة ، مفصولين عن إدارة شركة كبيرة جدا، أن يسبباه.
طالما منحت الدولتان الانكليزية والهولندية دولا ذات نصف سيادة (أي حق الاحتفاظ بجيوشها) لمجموعة من التجار، فأن الفساد وسوء الإدارة قد ينتقل إلى الهند، حيث لا يوجد تجار آسيويون يتمتعون بامتيازات مماثلة أكثر مما تمتعوا بها تجار الإمبراطورية العثمانية. وبما أن التجارة المسلحة كانت تتقدم بسرعة، فأن الشركة توسعت نحو الخارج من قاعدتها بكلكتا. فبعد معركة بلاسي عام 1757 أخذت الشركة جميع البنغال. وخلال سنوات قليلة تقاعد إمبراطور Mughal الاسمي في فورت بدلهي من الشركة التي تملك قوات انتشرت بسرعة غربا من بنغال. وكانت هولندا قد احتلت للتو أجزاء من سيلون وجزر من الأرخبيل الاندونيسي.
إن فتح نابليون لمصر عام 1798 كان معدا كخطوة أولى لقلب تقدمات بريطانيا ، عدوه الأول، في الهند. وحالما تعزز الفتح، قام الفرنسيون بالتخطيط للتحرك شرقا للاتحاد مع حكام Mysore المسلمين المناهضين للبريطانيين، لكن ذلك لم يكن ليحدث.فبعد حملة عسكرية حاسمة في سوريا، عاد نابليون لفرنسا تاركا وراءه جنرالين.اغتيل احدهم في السنة التالية، بينما اعتنق زميله الإسلام وأصبح اسمه عبد الله مينو. في عام 1801 تدخلت قوة بريطانية لدعم العثمانيين، وبعد احتلال دام ثلاث سنوات، انسحب الفرنسيون من مصر. حيث كانت الإمبراطوريات الأوربية الجديدة وقتئذ في طور النشوء، لكن وفي ذلك الحين أدرك موظفو الإمبراطورية العثمانية بعيدو النظر،انهيار عالمهم بالكامل. ومن بين هؤلاء الموظفين الحاذقين كان محمد علي، ضابط شاب من أبوين مختلفين عرقيا : كان أبوه ضابطا الباني في الجيش العثماني تزوج من امرأة مقدونية. وقد وصل مصر مع الجيش العثماني عام 1801 كقائد لكتيبة كانت على أهبة الاستعداد لمجابهة الفرنسيين.
لقد سمع، بعد ثورة في القاهرة، كيف أن الفرنسيين قد تجنبوا مقاتلة النخب، بل على العكس قاموا بتشجيع دور رجال الدين المحليين وترفيعهم لمنزلة ممثلي الناس وأخذوا يستشيرونهم بقضايا عديدة وتبنوا، على العموم، موقف خيري إزاء العامة أكثر مما فعل العثمانيون.
والاهم من ذلك، أن مبعوثي الثورة الفرنسية قد غرزوا خنجرا في القلب عبر نظام ضريبي مقيت ساهم في إفقار الأرياف.إن جباة الضرائب هؤلاء التابعين للإمبراطورية العثمانية كانوا الجناح غير الشعبي الأشد لبيروقراطية الدولة. فقد عينوا ليفرضوا الضرائب على الفلاحين الذين يعملون على الأرض، حيث كان أولئك الجباة يتصرفون وكأنهم طغاة ريفيون، معاملين الفلاحين كأقنان بينما كانوا هم يعيشون ببذخ عظيم. وقد ضمن نظام حكم الدولة هذا بأن الضرائب كانت تدفع بانتظام إلى خزينة الإمبراطورية ، ولا يهم أي شيء آخر. فبعد وصوله مباشرة، سن نابليون قانون 16 سبتمبر 1798 : اقر هذا القانون سعر الأرض، واقر للفلاح بحقه وأن يرث الأخير الأرض التي عمل عليها، واقر أيضا سجلات ملكية الأراضي. كانت البنى العثمانية والبنغالية متشابهة، لكن التناقض مع سياسات الأرض هو أن البريطانيين كانوا يتهيئون لتقديم تلك السياسات في بنغال التي لم يكن ممكنا لها أن تكون أكثر حزما ووضوحا. فساندت باريس الفلاح وخلقت لندن مالك الأرض.
لقد لاحظ محمد علي كذلك أن الانسحاب الفرنسي قد أصبح ممكنا فقط بسبب التصاهر العثماني مع البريطانيين. ولذلك بدأ بالتخطيط والتآمر للقيام بانقلاب. لقد انشأ علاقات حميمة مع رجلي دين قياديين كانا متعاونين مع الفرنسيين وكان هو بدوره ينتظر فرصته السانحة.وبعد بضع سنوات من المناورات الحاذقة، تسلم محمد علي مقاليد السلطة عام 1804. وقد قام السلطان بتعيينه على مضض واليا على مصر.وبعد زيارة صورية إلى اسطنبول، أصبح محمد علي حاكم مصر الفعلي. ولما اقتضت الضرورة ، دافع عن المصالح العثمانية بضبطه لعمليات السلب والنهب التي كانت تقوم بها قبائل الحجاز. بالمقابل، وتعبيرا عن الشكر، كانوا يتركونه يقوم بهذا الأمر لوحده.
لقد قام جنود محمد علي بإلحاق الهزيمة بالوهابيين عام 1811، حين استردوا مكة والمدينة وطردوهم من الحجاز. وفي عام 1818 قام ابنه ، إبراهيم باشا، بسحق القوات السعودية- الوهابية بعقر ديارهم- القاعدة في نجد- ودمروا عاصمتهم الديرية. وقد أعيد بناء الحكم العثماني، وكان على الوهابيين، حتى بالرغم من أنهم استردوا نجد، أن يتحالفوا مع الإمبراطورية الانكليزية العظيمة لشن حرب جهاد ضد المسلمين الخلافيين "المنافقين" لمائة سنة فيما بعد قبل أن يعيدوا بناء أنفسهم مرة أخرى كقوة إقليمية. إن ثمة دولة امبريالية أخرى اشد قوة ستأتمنهم على شبه الجزيرة كلها. إن الوهابية في شكلها الأصولي (البيوريتاني)- مزيج خالص من القسوة الطائفية والانتهازية السياسية- قد أصبحت أداة للتكفير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1. لقد رفض أبو أبن وهاب وأخوه هذه الدوغما الجديدة. وقد دحض أخوه سليمان التأويل الوهابي مبدئيا، مشيرا إلى أن قادة الإسلام الأوائل لم يتهموا قط المسلمين الآخرين كمصدر للشرك والكفر.
2. كان سبب هذا هو مبدأ المساواتية عند الوهابيين ، حيث إنهم يؤمنون بأن جميع المسلمين يفترض أن يكونوا متساوين أمام الله في الحياة وفي الممات.

* هذه الدراسة هي فصل من كتاب (صراع الأصوليات)
(The Clash of Fundamentalisms)

** كاتب يساري باكستاني الجذور بريطاني الجنسية



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن