البيئة في برنامج الحزب الشيوعي العراقي

كاظم المقدادي
kalmukdadi@hotmail.com

2011 / 9 / 15

لا نباغ إذا قلنا بان الحزب الشيوعي العراقي العريق بتأريخه وبنضاله المجيد على مدى سبعة عقود ونصف عقد في سبيل الشعب والوطن هو أول من إهتم بالصحة العامة وبالبيئة العراقية،ضمن إهتمامه وطموحه المشروع في سبيل الحياة الكريمة لكافة المواطنين، الآمنة إقتصادياً وإجتماعياً وصحياً وثقافياً، وبالتالي لعموم المجتمع العراقي.
ونجزم بأن الحزب الشيوعي العراقي هو الوحيد من الأحزاب العراقية الذي طرحت وثائقه وأدبياته وبرامجه المعلنة إشكاليات الحياة والصحة وحماية البيئة بإعتبارها من ابرز حقوق الأنسان، ولترابطها العضوي الوثيق، مواصلاً النضال في سبيل تحقيقها وتحسينها وحمايتها، مولياً إياها إهتماماً خاصاً إدراكاً منه لأهميتها وضرورتها للمواطن وللأسرة وللمجتمع العراقي برمته.

لأسباب صحية تأخرت في إكمال ملاحظاتي علي وثائق الحزب،وتقديمها في وقتها. ولضيق الوقت لتقديم المقترحات، اقتصر ملاحظاتي ومقترحاتي على البيئة في برنامج الحزب،راجياً ان يدرسها مندوبو المؤتمر الوطني التاسع،على أمل ان يتضمنها برنامج الحزب بالصيغة الجديدة المقترحة.

لقد ورد في حيثيات البرنامج المطروح للمناقشة ان الحزب يطرح وثيقته البرنامجية هذه" منطلقاً في وضعها من الواقع الموضوعي لبلادنا ومرحلة تطورها الراهنة واَفاقها".وهو طرح وجيه وسليم. والمعروف ان برنامج الحزب المقرور يبقى نافذ المفعول لفترة ما بين مؤتمرين- المؤتمر الذي يصيغه ويقره والمؤتمر الذي يعقبه. ولكل مؤتمر طبعاً حق إجراء التعديلات عليه، ومن ثم إقراره مع التعديلات، إن وجدت. وبذلك يتجسد الواقع الموضوعي والمرحلة الراهنة، التي أشار لها البرنامج..

من منطلق الواقع الموضوعي للبيئة العراقية الراهنة، أجد كباحث بيئي ان الوثيقة تحتاج الى مزيد من التدقيقات والتعديلات،ولذا أقترح ما يلي:
أولاً- من المعروف ان ان المياه هي أحد المكونات الرئيسة للبيئة ( الى جانب الهواء والتربة والكائنات الحية، وغيرها)، فلا داعي ان يخصص برنامج الحزب فقرة خاصة بها، وإنما الأصح ان تكون ضمن فقرات البيئة إسوة ببقية عناصرها .

ثانياً- البيئة العراقية تعاني- كما يشهد القاصي والداني- من مشكلات وخيمة كثيرة، ولها تداعيات صحية ونفسية وأقتصادية- إجتماعية خطيرة، سوف لن تقتصر على الجيل الحالي وإنما ستطال وتتنتقل للأجيال القادمة من العراقيين. من هذا الواقع الكارثي المرير لابد ان يطالب برنامج الحزب بما من شأنه التخفيف بكل جد وعاجلاً من وطأة المشكلات القائمة،وصولآ لمعالجتها كلياً والحد من تداعياتها..
وعليه أقترح ان يطالب برنامج حزبنا بما يلي:
1- ان تضع الدولة العراقية، ممثلة بالسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وكافة المؤسسات المعنية، المشكلات البيئية ضمن أولوياتها. وعلى مجلس النواب إلزام الحكومة بالأهتمام الجاد والسعي الفاعل لمعالجة المشكلات البيئية القائمة، وإعتبارها من المهمات الاَنية والعاجلة.
2- تأسيس هيئة وطنية عليا، تسمى " الهيئة الوطنية العليا للبيئة" تتشكل من ممثلي السلطة التشريعية والسلطة القضائية، ومن وزارات:البيئة، العلوم والتكنولوجيا، التعليم العالي والبحث العلمي، الصحة، الدفاع، الزراعة ، الصناعة والمعادن، الموارد المائية، وبقية المؤسسات الرسمية، وكذلك منظمات المجتمع المدني المعنية، ممثلة ( السلطات والمؤسسات والمنظمات) بعلماء وخبراء وكوادر متخصصة ومؤهلة وذات خبرة. وتكون للهيئة ممثليات في مجالس المحافظات.ويتوفر لها كل ما تحتاجه بشرياً ومادياً وفنياً ومالياً.
تأخذ الهيئة على عاتقها ما يلي:
أ‌- وضع أستراتيجية بيئية تتناسب وحجم المشكلات البيئية والمخاطر المرتبطة بتدهور الوضع البيئي في البلد،تتضمن برامج قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، تعالج المشكلات الساخنة وتؤسس لأدارة بيئية حديثة ترتكز على بنى تحتية مطلوبة للمؤسسات والأدارات البيئية، وأجهزة رقابة على المستويين الوطني والمحلي كفوءة وفاعلة، مكفولة بتشريعات بيئية وأجهزة تنفيذية قوية تحمي البيئة بقوة القانون.وتخطط لبناء القدرات وتأهيل الكوادر البشرية في مختلف مجالات البيئة، الى جانب التأسيس لغرس التربية البيئية، ونشر الوعي والثقافة البيئية في المجتمع العراقي.
ب‌- .تشكيل لجان متخصصة تقوم بدراسة المشكلات البيئية وتداعياتها، ووضع المعالجات العلمية الآنية، المحددة بفترات زمنية، والمعتمدة لمبادئ الأدارة البيئية الطارئة، والمساعدة للحكومة في وضع وتنفيذ خطط وبرامج وطنية عاجلة، مقرونة بسعي جاد ومثمر وطنياً، بما فيه الأفادة من دعم المجتمع الدولي ومساعدة الوكالات الدولية المتخصصة،لتحقيق المهمات التالية:
* التخلص عاجلاً من الملوثات البيئية الخطرة، وأخطرها –في المرحلة الراهنة- التلوث الأشعاعي، والقضاء على مصادره، وأولها: مخلفات الحرب الناجمة عن إستخدام أسلحة اليورانيوم ، والنفايات المشعة الأخرى الموجودة في المواقع العراقية، مثل التويثة وعداية وغيرهما.

* تنظيف البيئة العراقية من بقايا واَثار الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية /الجرثومية.

* التخلص نهائياً من الألغام المزروعة في مختلف مناطق البلاد،وكذلك المخلفات الحربية الأخرى وخاصة الذخائر غير المنفجرة، المطمور معظمها في التربة، ووضع حد لضحاياها.

* إدارة المخلفات بكافة أنواعها: المشعة والخطرة، الصناعية والزراعية والمنزلية، إدارة حديثة، بدءاً من عملية جمعها وفرزها وخزنها ونقلها، وإنتهاء بالتخلص منها، أو تدويرها أو أعادة إستخدامها.

* مكافحة التلوث بكل أنواعه وحماية الهواء والماء والتربة والمواد الغذائية من الملوثات، من خلال إستخدام اسلوب الأنتاج الأفضل- جودة الأنتاج بوصفها نظام عمل ومنظومة إدارية متكاملة- بما فيه تحسين ظروف أنشطة المنشأة، بهدف خفض معدلات التلوث، والحفاظ على الموارد الطبيعية، الى جانب الأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية.

* تأمين مياه الشرب النظيفة حالآ لكافة العراقيين في كافة أرجاء العراق.

* السعي لضمان حقوق العراق من موارد المياه، بالتنسيق مع دول الجوار،والحفاظ على الموارد المائية، من خلال حسن إستخدامها وفقاً لحاجات البلاد لمياه الشرب،وللأغراض المنزلية والزراعية والصناعية.والأهتمام الجدي بالمياه الجوفية والسطحية والمعدنية.

* حماية مصادر المياه عبر بناء السدود الاَمنة لجمعها وحفظها، وحماية مجاري الأنهار كافة، والحرص على نظافتها وإبعاد أسباب تلوثها، بما فيها المياه الثقيلة ومياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والزراعية والطبية، الكيميائية والفيزيائية والجرثومية، عبر إنشاء محطات معالجة متكاملة.والسعي لمكافحة ملوحة المياه وكافة أشكال تلوث المياه ومصادرها.

* معالجة التغيرات البنيوية الناجمة عن إهمال مستلزمات حماية الطبيعة ومواردها، بما فيها إزالة مخلفات سياسة تجفيف الأهوار وتدمير بيئتها الطبيعية، وإعادة تأهيلها ، وتطوير الافادة منها بيئياً وفي مجالات السياحة والصيد والتربية الحديثة للأسماك.

* وضع برنامج جدي للسيطرة على تلوث الهواء،ومكافحة أسباب التوث،وأولها عوادم السيارات والغازات السامة الأخرى،التي تطرحها الصناعات الأنشائية، كالطابوق والأسمنت، والبتروكيمياويات، والمناجم، والمولدات،وعمليات حرق النفايات،وإنتاج مواد الخدمات والأستهلاك، وغيرها، عبر السيطرة على هذه الأنشطة وردع المخالف قانونياً. والسعي الجدي للحد من إنتشار الدقائق العالقة، والعواصف الغبارية وغيرها من العوامل المناخية.

* حماية موارد الأرض من خلال تنمية إستعمالاتها بإتجاه تنمية مواردها. وتطوير الزراعة وفقاً لمتطلبات حماية البيئة، بما فيها الثروة النباتية والحيوانية،و استخدام وإدارة طرق الري بصورة أفضل بإعتماد التقنيات المائية والطرق العلمية.

* مكافحة التصحر جدياً، من خلال مكافحة الملوحة والتعرية وتكسر وإنجراف التربة،خاصة في المناطق التي دارت فيها عمليات حربية.والحد من تأثير الجفاف والمناخ الصحراوي والعواصف الغبارية، وتنفيذ مشروع الحزام الأخضر في أقصر وقت ممكن، وإيقاف تراجع الغابات،مع العناية بزراعة النخيل، وتشجيع إعادة أعدادها الى ما كانت عليه قبل الحرب وتحسين الموجود منها حالياً..

* تخطيط المدن والمستوطنات البشرية، ووضع خارطة لتوزيع المؤسسات الصناعية والزراعية وأماكن التوسع السكني، بما يكفل إبعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة السكان عن المدن ويمنع تلوث الأنهار.

ج- العمل على تطوير قانون البيئة النافذ، من خلال رفع الهيئة الوطنية العليا للبيئة المقترحات المطلوبة الى الحكومة والى مجلس النواب بغية إصدار القوانين والتشريعات اللازمة التي تكفل تطبيقه بما يضمن معالجة المشكلات الساخنة وتحسين الوضع البيئي الراهن، وحماية البيئة العراقية راهناً ومستقبلآ.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن