المسرح في لبنان

أحمد صقر
drahmedsaker@hotmail.com

2011 / 9 / 11

المسرح في لبنان (سلسلة محاضرات في المسرح العربي ) (2)
أ.د أحمد صقر – كلية الآداب- جامعة الإسكندرية

تكاد تجمع آراء الباحثين والنقاد على أن "مارون النقاش" (1817- 1855) هو أول من أدخل هذا الفن على نهضتنا الحديثة في القرن التاسع عشر، ذلك أنه تعرف على هذا الفن من أسفاره مع والده التي ساعدته دون شك في مشاهدة الفرق المسرحية الفرنسية والإيطالية ويحتمل أن يكون قد تعرف هنا على أعمال موليير وجولدوني وتحول به الدرب بعد ذلك إلى فرنسا وإيطاليا حيث قضى هناك عدة سنوات.
وبسبب حبه للفن والمسرح فنحن نؤكد على أنه تعرف عليه وعلى أعمال كتابه الكلاسيكيين في فرنسا وإيطاليا.

وقبل أن أمضي أود أن أوضح أن فن "النقاش" لم يأتي من فراغ، ذلك أننا حين نتحدث عن بداية المسرح العربي وننسبها إلى النقاش فنحن هنا لابد وأن نذكر أشكال الفرجة الشعبية المسرحية في البلاد، حيث كانت هناك روائع الأدب والفلكلور الفني والموسيقي المتميز، وفن الرواة والحكواتية والكوميديا الشعبية وخيال الظل والعرائس التي نذكرها ولا ننتقص بذلك نشاط "مارون النقاش".

قدم "مارون النقاش" أول مسرحية له وهي "البخيل" 1847 بخطبة بيًن فيها غاياته، وبرهن فيها على تمثله لهذا الفن تمثلا صحيحا واعيا وشرح رسالة المسرح كما تتراءى له. وقد تحدث في هذه الخطبة عن أسباب تأخر الشرقيين، وكشف عن عيوبهم وسبر أغوار نفوسهم وتحدث عن أخلاقهم وعاداتهم، حديث الواعي المتحضر، ثم تقدم إلى فن التمثيل، هذا الفن الجديد، الذي يقدمه إلى أبناء بلده لأول مرة في حياتهم، فيحتاج لهذا الشرح والتقديم.

أما عن مسرحية "البخيل" فهو يتألف من القناصل الأجانب ومن الضيوف المحببين المحترمين الذين تمت دعوتهم إلى فرجة غير عادية.
والغريب أن العرض الذي يعتبرونه أساس المسرح العربي المحترم ظل في مفهومنا عرضا من عروض الهواه، لأنه ظل في متناول الخاصة ولم يتحول إلى فرجة جماهيرية بسيطة، ومع ذلك فقد كان عرضا بالشكل الذي عرفه الأوروبيون، أي كانت هناك خشبة مسرح وديكورات يتحرك أمامها أحياء لا مجرد خيالات أو عرائس ولا يتوجهون إلى الحضور برواية السير الملحمية أو الحكايات والأشعار بل نبض درامي حقيقي.

على أننا نستطيع القول أن فضل "النقاش" كان عظيما إذن، ذلك أن عرضه ظل لسنوات كثيرة معيارا فريدا للمسرح العربي، سواء في النص الدرامي أو في مبادئ الإخراج، وأصبح التوجه نحو الأدب المسرحي والمصادر الأدبية للبلاد الأخرى أمرا معتادا بالنسبة لأغلب الأشخاص الذين جاءوا بعده. وقد تضمن هذا العرض الموسيقي، حتى أن بعض المعاصرين صنفوا هذا العمل على أساس أنه أوبرا، ذلك أن العمل يتضمن إلى جانب الموسيقى العربية ألحانا أوروبية وبالأخص النشيد الفرنسي المعروف باسم "الباريسيه".

أما عن لغة هذا العرض فكانت العربية الفصيحة، مما جعل تقبل العرض محدودا من قبل فئات المتفرجين العريضة التي تتحدث العامية المحلية فقط، لقد فهم "النقاش" هذا الأمر، ولكن إما أنه لم يستطيع، أو لم تتح له الفرصة بسبب قصر الحياه التي عاشها لحل هذه القضية الملحة المعقدة في العالم العربي.
وعن إرشاداته على مستوى النص فقد ضمن النص ذاته ملاحظات للممثلين عن طريقة الإلقاء وفترات الصمت والحالة النفسية للشخصية وزود النص بوضع الفواصل والنقاط حتى لا ينزعج الممثل وهو يؤدي كل هذا من أجل الحصول على أحسن ما عند الممثل.
وعلى ذلك نستطيع القول أن "النقاش" كان مؤلفا مسرحيا ومخرجا وممثلا في نفس الوقت.
بعد أن يتأكد "النقاش" من صحة مبادئه التي وضعها من خلال مسرحيته الأولى وقدرة هذه التجربة على أن تصمد، واصل هذا الفنان رحلته وفكر جديا في تشييد مسرح داخل منزله، قدم عروضه المسرحية عليه دون أن يشغل نفسه بالنفقات المادية التي سيتكلفها المشاهد، لذا وجدناه يتحمل عبء التكاليف معتمدا على عمله في شركة والده.

وفي عام 1850 قدم- البعض يرجع في بعض الأحيان نهاية 1849- مسرحيته الثانية "أبو الحسن المغفل" أو "هارون الرشيد" ويسميها بعض المتشددين مسرحية عربية أصيلة، على الرغم من تطابق أحد خطوطها مع مسرحية "الطائش" لـ"موليير".

ثم يكتب "النقاش" بعد ذلك مسرحيته الثالثة "الحسود السليط" سنة 1853، ولها أصل كذلك عند "موليير"، ولكنها في الوقت ذاته بعيدة عنه حتى قد اختلف النقاد، فبعضهم يربطها بمسرحية "طرطوف" والآخر وجد أن أحداثها وأبطالها الرئيسيين يذكروننا بمسرحية "البرجوازي النبيل"، والحسد المقصود هنا هو حسد البرجوازيين لممثلي الطبقات الحاكمة.

وبعد هذا المشوار القصير يُتَوَفًى "النقاش" وسنه ثمانية وثلاثون عاما، أثناء رحلة عمل إلى تركيا، وحُرِمَ المسرح العربي من موهبته وحماسته الإبداعية، ويتحول مسرحه إلى كنيسة مارونية، ومن هنا نجد أن المسرح في لبنان في أعقاب موته يصبح كسير الفؤاد محسورا ويتبين أن دوام هذا الفن في لبنان أمر بعيد الاحتمال.

وبالفعل نجد أن المسرح اللبناني الذي عرف الاقتباس والنقل والترجمة والتمثيل لم يترك اهتمامه بالمسرح يقف عند هذا الحد، بل صدر الجزء الأهم من الفن المسرحي إلى مصر، فجاءت وفود الفرق مثل فرقة "سليم النقاش" ومنها تكونت فرقة "يوسف الخياط" وفرقة "سليمان القرداحي" وفرقة "اسكندر فرح"، وإلى مصر قدم الكتاب والمترجمون المسرحيون وبرز من بينهم الكاتب المسرحي "فرح أنطون" الذي قدم أول مسرحية اجتماعية للمسرح المصري، هي "مصر القديمة ومصر الجديدة".

كما قدم إلى مصر الفنان والممثل العظيم "جورج أبيض" الذي هوى المسرح وأخذ يسعى للإنجاز فيه حتى أرسله خديوي مصر في بعثة إلى فرنسا عاد بعدها إلى مصر لينشئ أول فرقة تقدم التراث العالمي في المسرح على أسس ثابتة ومعروفة بعد أن أصبح "جورج أبيض" ذاته أول ممثل عربي يتلقى فنون التمثيل بطريقة علمية على يد فنان فرنسي كبير هو "سيلفان".

أما الساحة اللبنانية نفسها فقد دخلت من التمثيل العام الموجه إلى الناس وتعوقت حركة المسرح في أحضان المدارس وفي جمعيات الهواه، مثل مدرسة دير الشرفة والمدرسة الوطنية والمدرسة الإسرائيلية، وأصبحت في بعض الأحيان حركة مناسبات اجتماعية، فقام حفلاتها لدى ختان أولاد العثمانيين.
على أننا نستطيع مما سبق أن نصل إلى مقولة هامة تتمثل في أن المسرح اللبناني مر في طور تكوينه بعدة مراحل شهدت كل مرحلة ما جعلها تستقل:
1- المحاولات الأولى- في الاقتباس والنقل على يد "مارون النقاش".
2- المحاولة الثانية- من خلال الترجمات على يد "شبلي ملاط" و"أديب إسحق" و"فارس كلاب" و"ليشاع كرم".
3- مرحلة الإستلهام في الجهود المبذولة لاستخدام فن المسرح أداة لبعث الروح الوطنية والقومية وتعميق الشعور الديني والاعتداد بالسلف الصالح وتوجيه الناس إلى المثل العليا والبطولات.
4- مرحلة الواقعية الاجتماعية، ويمثلها "جبران خليل جبران" بمسرحية "الآباء والبنون".
قدم الأدب المسرحي اللبناني في بداية القرن العشرين سلسلة من الأسماء الهامة، وخاصة من بين ابتداع المدرسة المهجرية، ولكنهم في الواقع لم يخوضوا مجال التطبيق المسرحي المعملي، لذلك فإن تصنيفهم في تاريخ الأدب العربي يكون أصح من تصنيفهم في تاريخ المسرح العربي، منهم الكاتب والأديب الاجتماعي "أمين الريحاني" وكاتب المسرحيات الفلسفية "ميخائيل نعيمة" و"جبران خليل جبران".
ومن تتبعنا لأعمال هؤلاء نجد أدراك تام لقيمة الدراما كلون من ألوان الأدب، قادرة على التعبير عن واقعنا في سهولة ويسر، وكان ولابد لما ناشد وعظم هؤلاء الكتاب أن تتغير النظرة إلى المسرح وإلى العاملين بحقل الفن من اعتبار الممثل مجرد بهلوان والممثلة مجرد عاهرة، وأن التمثيل ضرب من العبث واللهو، وقد نجح هؤلاء الكتاب في محاولة النظرة من خلال أعمالهم إلى المجتمع وإلى تناول قضايا يومية حياتية لا تزال تقدم حتى يومنا هذا كما في مسرحية "الآباء والبنون" لـ"ميخائيل نعيمة" عن الصراع بين القديم والجديد.

ومن أهم الإنجازات التي تحققت في المسرح اللبناني بوجه خاص، والعربي بشكل عام" تمثل في قضية الصراع بين العامية والفصحى، وقد نجح "ميخائيل نعيمة" من خلال مسرحيته "الآباء والبنون" أن يجعل العامية لغير المتعلمين والفصحى لمن يملكون ناصيتها، وقد حفزت هذه المسرحية الكاتب "فريد مدور" في أن يقدم مسرحيته "فوق الإنتقام" التي قدمت عام 1931 في بيروت وهي تقدم شخصيات من أبناء الشعب هم موظف وفلاح وصاحب فندق وجندي من جنود الشرطة. وتتميز هذه المسرحية ومسرحية "الآباء والبنون" في أنهما استخدما معا اللهجة العامية في إدارة الحوار وجعلا الممثل أو الممثلة يختار اللهجة التي يفضلها، وتركا الأمور تسير سيرا طبيعيا بيد الرجال والنساء.

وبعد أن تظهر مسرحيات "أحمد شوقي" الشعرية يتأثر بها كتاب المسرح اللبناني، فيقدم "سعيد عقل" مسرحية شعرية بعنوان "بنت يفتاح" 1935 وهي متأثرة بـ"راسين"، ويستعين المؤلف في موضوع مسرحيته بموضوع من خارج البلاد ولا يعكس روح الشعب أو فكره، ويستمر هذا حتى في مسرحيته الثانية "قدموس"، وكل ما فعله هو سعيه لأن يطوع الشعر للمسرح.


العودة إلى الواقع المعيش
في أعقاب كتابة "سعيد عقل" نجد عودة إلى المجتمع اللبناني من خلال مسرحيات "سعيد تقي الدين" الذي قدم مسرحيته "لولا المحامي" وهي تصوير الحياة الاجتماعية اللبنانية تصويرا جيدا، ثم يتبعها بمسرحياته "نخب العدو" و"حفنة ريح" و"المنبوذ"، وإن كان النقاد لا يعدونه كاتبا مسرحيا وليس مفكر، بل هو قادر فقط على وصف شرائح من المجتمع.

أتبع هذا الكاتب أعمال الكاتب "أديب مروه" الذي عالج موضوعات مسرحياته بروح واقعية كما تمثل في مسرحياته التي ضمنها اسم "مجموعة مسارح وأبطال" وتأخذ حوادثها من الشارع والمتجر والمصعد والفندق.
كما كتب "يوسف الحايك" مسرحية "عاقبة الظلم"، وهي دراما نثرية إلا أن أبطالها من الأمراء والأميرات وما عانوه، ومسرحية "سيعودون"، ومسرحية "ديدون" لـ"أسطفان فرحات" وهي مأساة شعرية عن تاريخ لبنان القديم.

المسرح اللبناني القومي المستقل:
دار النقاش بين نقاد ودارسي المسرح عن وضعية المسرح في لبنان، وهل من المعقول القول بأن المسرح اللبناني توقف حين مات "النقاش" ورحلت البقية الباقية من هذا الفن إلى مصر، وكل ما ظهر في أعقاب هذه الفترة يتمثل في أعمال وعظية وأخلاقية تصلح لحفلات نهاية العام الدراسي، حتى الأعمال المسرحية التي استخدمت الشعر لغة لها نجدها حين نقرأها تستخدم لغة شديدة القدم، يظن من يقرأها أنه يواجه جنبا اختار أن يعبر عن نفسه في قالب فني لا يلائمه، بل هو يشوه قدراته.

وعلى ذلك يجمع النقاد ودارسي المسرح أن المسرح في لبنان- كمسرح قائم على أسس درامية صحيحة- لم يبدأ إلا في عام 1960 عندما أنشأ المسرح القومي اللبناني.
على أنني لا أنكر فضل الرواد الأوائل الذين قدموا أسهاماتهم من أجل إدخال هذا الفن على وطننا العربي، ولكن الذي يعيب هذه الأعمال المسرحية على طول الخط الصفة الأدبية التي تجعل هذه الأعمال قاصرة على القراءة في كتب وليست قابلة للتمثيل، وهذه هي الصفة التي يشترط تواجدها حتى نعترف بهذه المسرحية.

إن الساحة اللبنانية المسرحية منذ عام 1960 تأخذ سبيلا جديدا تمثل في قيام فريق من المغامرين المسرحيين الذين أخذوا يتجمعوا في فرقتين أو ثلاث كي يقضوا قضاءا مبرما على ظاهرة هواة المدارس ومحبي إلقاء المواعظ الأخلاقية في المسرح، ويحاولوا خلق لون فني جديد يمكن أن يتوافق مع ثقافة لم تعرف قط فن المسرح، وقد حول هؤلاء المهتمين بالحركة المسرحية كل ما استقدم من الغرب إلى أداة للتأكيد والتنوير. وقد برزت أسماء من درسوا في الخارج، ومنهم "أبو دبس" الذي التحق بفن "جروتوفسكي" و"أنطوان ملتقى" اقترض فنه من البرازيل وكوبا ورومانيا والصين.

أهم الفرق المسرحية التي تكونت في أعقاب الستينيات:
في أعقاب تكوين المسرح القومي في لبنان برزت إلى الوجود عدة فرق مسرحية اعتبرت العلم منهجا لها، وقد استفادت من العائدين الدارسين من أبناء البلاد الذين ساهموا في تشكيل وتكوين هذه الفرق.

أ. فرقة محترف (أو مختبر) بيروت للمسرح:
تكونت هذه الفرقة عام 1968 على يد "روجيه عساف" العائد من ستراسبورج، و"نضال الأشقر" العائد من لندن، وقد كانا هدفهما في البداية تقديم أعمال مسرحية كخدمة حقيقية لجمهور المشاهدين على أن الهدف المرجو قد تعثر قليلا وقدمت أعمال مسرحية اعتبرت نواة لتكوين المسرح السياسي في لبنان.
أهم أعمالهم المسرحية التي قدموها:
1- "المفتش" عن مسرحية "المفتش العام" لـ"جوجول" قدمت عام 1968.
2- "عدد خاص" سلسلة اسكتشات منوعة، عام 1968.
3- "ماجدايون" 1969- 1970.
4- "كارت بلانش" 1970.
5- إضراب اللصوص" 1971.
6- "مرجانة" و"ياقوت والتفاحة" 1972.
7- "أزار، أكتوبر" 1972.
وقد قدمت هذه الأعمال معتمدة على الارتجال الجماعي، وهو الإتجاه الفني الذي اتخذه المحترف وسيلة للخلق، غير أن هذه الفرقة سرعان ما أدركت أن التجريب قد استنفذ إمكاناته بالنسبة لهم، وهم بحاجة إلى صيغة جديدة تقوم على أساس من روح "الورشة" وتفيد من المصاعب والخلافات الداخلية الكثيرة التي نشبت في المختبر منذ الأيام الأولى لإنشائه.
ب. فرقة المسرح الاختباري:
أهم ما يميز هذه الفرقة التي تكونت على يد "أنطوان" و"لطيفة ملتقي" أن الفرقة توفر لها مكان على هيئة خشبة مسرح ومكان يتسع لحوالي ستين متفرجا قدمت هذه الفرقة عروضها المعدة عن أعمال كتاب مسرحيين عالميين متعددي الإتجاهات.
1- "يوم مشهود في حياة العالم الكبير يو" عن الصينية.
2- "زنجيان صغيران" عن رواية بوليسية لـ"أجاثا كريستي".
3- "وصية الكلب" مقتبسة من الكاتب البرازيلي "سوزونا".
4- "أناناخب" معدة عن مسرحية الكاتب الروماني "كاراجالي" "الخطاب المفقود"
5- "كاليجولا" لـ"ألبير كامو".

ج. فرقة المسرح المعاصر (مدرسة بيروت للمسرح المعاصر):
تكونت هذه الفرقة عام 1960، وفي عام 1970 تحول اسمها إلى مدرسة بيروت للمسرح المعاصر. أما مؤسسها ومخرج أعمالها فهو الفنان "منير أبو دبس" الذي يعتبر أبو المسرح اللبناني الحقيقي.
شارك هذا الفنان في نشاطات مدرسة باريس، ومنذ الخمسينيات أنفق جهودا ووقتا كبيرين في تقديم إعداداته المسرحية، وقرر أن يعرض أهم الأعمال التي قدمها:
1- "أوديب ملكا" لـ"سوفوكليس".
2- "مكبث" و"هاملت" لـ"شكسبير".
3- "الذباب" لـ"سارتر".
4- "الملك يموت" لـ"يوجين يونسكو".
5- "دكتور فاوست" لـ"جوته".
6- "مون دانتسون" لـ"جورج بوشتير".
7- "الاستثناء والقاعدة" لـ"بريخت".

وفي عام 1970 اتجه اتجاها صوفيا يشبه في ذلك "جروتوفسكي مترك" الإعداد المسرحي إلى نوع من الكتابة الشعرية متخذا إلهامه من أعمال مسرحية، مثل:
1- "الطوفان".
2- "جبران الشاهد" عن "النبي" لـ"جبران".
3- "يسوع".


د. المسرح الوطني (مسرح شوشو):
أسس هذا المسرح ومثل فيه "حسن علاء الدين" تحت اسمه الفني "شوشو" وهو يماثل "البوليفار" في باريس وإن كان يقوم على جهود ممثل واحد فقط هو في الحق عظيم الموهبة.
ولعل هذا من الأسباب التي جعلت هذا المسرح يتغير اسمه إلى مسرح "شوشو" وليس "المسرح الوطني".

قدم "شوشو" عددا من المسرحيات تتفاوت قيمتها الفنية من الواحدة إلى الأخرى، إلا أن "شوشو" لم يستطع الاستمرار في هذا المشوار فسرعان ما تدهورت قيمة المسرحيات، وانتقل "شوشو" من مسرح "البوليفار" إلى "المسرح التجاري".
وأهم المسرحيات التي قدمها "شوشو" ضمن المسرح التجاري مسرحيات "وراء البارفان" و"وصلت لتسعة وتسعين" و"حبل الكذب طويل" في موسم 72- 1973، إلا أنها- وكما يرى النقاد- أعمال عديمة القيمة الفنية إذا ما قيست من الناحية الفنية.

هـ. الفرقة الشعبية اللبنانية (الرحبانية):
وقد تخصصت هذه الفرقة التي تغير اسمها بعد ذلك إلى فرقة الرحبانية في الأعمال المسرحية الموسيقية من الأوبريتات، هذا إلى جانب المسرحيات الإذاعية.
من أهم أعمالها:
1- المحطة. 2- يعيش! يعيش!.
3- ناس من ورق. 4- بياع الخواتم.
5- جسر القمر. 6- الشخص (أخرجها جلال الشرقاوي).
وغيرها أعمال أخرى قدمتها الفرقة.

على أنه- وإن كنت أرى أن لبنان بلد صغير، إلا أن الحركة المسرحية الكبيرة التي شهدتها البلاد قد أتت بكثير من السلبيات والإيجابيات، أبرز هذه الإيجابيات تكوين عدد من الفرق المسرحية التي تقوم بإحياء واستمرار الحركة المسرحية في البلاد، إلا أنها قد أتت ببعض السلبيات التي تمثلت في:

1- أن النشاط المسرحي اللبناني منذ الستينيات موجه في الأساس إلى المثقفين وعلى ذلك فهو فن مؤقت لن يكتب له البقاء والاستمرار لأنه ليس فن شعبي جمهوره القاعدة العريضة من الناس.

2- صعًب الفنانون اللبنانيون من طبيعة الأعمال المسرحية التي قدموها، إذ أنهم اهتموا بتقديم التجارب الفنية والعقلية والفلسفية. كل هذا جعل الجمهور نخبة محدودة، وقد أدى هذا إلى حدوث الإنفصال بين الفنان المثقف وبين الصيغ والموضوعات الشعبية.

3- عجز المخرج المسرحي المثقف في التعامل مع موضوعات أو شخصيات شعبية نظرا لأنه اهتم بتكنيك المسرح العالمي المحلي الشعبي، بل يضع المخرج على رأسه قبعة فكرية ويعجز في أن يتعامل مع التراث الشعبي.

4- عجز المسرح اللبناني في هذه الفترة في أن يقدم أعمال مسرحية متكاملة بالمعنى الفني للكلمة، نظرا لأن المسرح في هذه الفترة- ومسرح "أنطون" و"لطيفة ملتقي"- نجده حائرا بين التجريب والإمتاع.

5- ركز الكتاب اللبنانيون المتجهين إلى التجريب إلى استغلال الأحداث السياسية التي تطرأ على الساحة العربية استغلالا يرعى مصالح الشباك ولا يأبه كثيرا بمقدرات الأمة العربية.

من الأشكال المسرحية الأخرى التي اعتبرت منتمية بحكم أسلوبها وطبيعة موضوعاتها إلى المسرح السياسي بصيغه المتعددة، منها مسرح الإسقاط السياسي أو المسرح التحريضي السياسي، نجد أيضا مسرح الشوك ومسرح الحكواتي، كشكلين من الأشكال المسرحية التي ظهرت في لبنان بدورهما في الحركة المسرحية في لبنان.

مســـرح الشـــــوك:
كما يتضح من التسمية فإن هذا المسرح يهتم بالنقد والتحريض الاجتماعي من خلال المباشرة في تناول القضايا وتعريتها مستخدما أسلوب الكشف وتعرية الحقائق دون أن يحتاج في ذلك إلى طبيعة فنية محددة ولا إلى مخرج ولا عوامل إبهار مساعدة، بل هو مسرح يعتمد على تقديم اللوحات الدرامية القصيرة والسريعة منفصلة، ولكن يجمعها في النهاية غرض واحد هو علاج هذه الأخطاء عن طريق التغيير نحو الأفضل.

تأسس هذا المسرح في سوريا ولبنان على يد الفنان المسرحي "عمر حجو" و"دريد لحام" و"نهاد قلعي" و"شوشو" (علاء كوكش) مرتبطين منذ البداية بأسلوب وتكنيك الجماعات المسرحية، والتي يشترك في عملية صنعها الجماهير المشاهدة، بالإضافة إلى مقترحاتهم حول العرض المسرحي والذي دوما يتحدد وفقا لرؤية المتلقي على أساس من روح الورشة المسرحية.

وما يعاب على هذا المسرح أنه يضخم الأخطاء التي يطرحها بشكل يثير النفور، إنها المهمة الأساسية التي يسعى إليها مسرح الشوك، أي فضح الأخطاء الموجودة في المجتمع وتسليط الأضواء عليها تسليطا يشتمل على التحريض ويعمل على محوها.
غير أن مسرح الشوك الذي استغل الأحداث السياسية التي تطرأ على الساحة العربية في سخرية مرة من أجل إشباع ذوق جمهوره النقدي حتى ولو كان على حساب التهكم على الأمة العربية، وسرعان ما عاد في أعقاب انتصار 1973 وبعد انتهاء هزيمة 1967، إلى توجيه النقد والسخرية من بلده لبنان.

مســــرح الحكــــواتــي:
يعتمد هذا المسرح بشكل أساسي في عرض أعماله على انتهاج نهج "بريخت"، أي محاولة تعبئة المشاهدين من أجل إيقاظ وعيهم ووعيه بالقضايا المصيرية التي تعنيه، وكسر الحائط الرابع، ويشعر المشاهد أنه مشارك في الحدث وأن ما يدور على خشبة المسرح لابد أن يتخذ موقفا منه، مما يحول المسرح في عديد من العروض العربية إلى آداة تعليمية، وأن القضايا الجادة المعروفة تتطلب من المشاهد التقييم والحكم والعمل على اتخاذ موقف بغية التغيير.

من ناحية أخرى فإن ما يميز البناء الدرامي للنص أنه مستمد من قصة أو حكاية شعبية من التراث أو التاريخ، وتدور المناقشات فيما بين فنانو مسرح الحكواتي من أجل وضع الخطوط الرئيسية للمسرحية ورسم الأفكار الجوهرية لكل مشهد على حدا، ضمن سياق مسرحي مترابط. لذلك فإن النص المسرحي للحكواتي قابل للإضافة والحذف والتعديل وفقا لتفاعل الممثلين والمشاهدين أثناء العرض البسيط وشبه العاري من الديكور والإكسسوارات المسرحية، مما يسهل نقله في أي مكان، ومما يوفر النفقات الاقتصادية لكي يصبح مسرح الحكواتي مسرحا شعبيا مستقلا عن أي سلطة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن