هل ستتحد قوى الشعب لترفض المحاصصة الطائفية والإرهاب والفساد؟

كاظم حبيب
khabib@t-online.de

2011 / 9 / 1

وإذا تكاتفت الأكف فأي كف يقطعون
وإذا تعانقت الشعوب فأي درب يسلكون
كاظم السماوي
نحن أمام وضع جديد ومعقد في العراق, نحن أمام منعطف حاد... إنها الحقيقة ومن لا يريد أن يعترف بها ويدرك أبعادها يبدو كمن يريد أن ينطح صخرة فيهشم رأسه, كما يقول المثل الإنجليزي. إليكم بعض تفاصيل أوضاعنا العراقية ودعونا من المنجزات التي يتحدث عنها البعض وكأنها ليست من واجبات كل حكم وحكومة ودولة وبعد مرور ثماني سنوات ونصف السنة على سقوط الدكتاتور المقبور وست سنوات على وجود نوري المالكي وحزبه وائتلافه وتحالفه الوطني و"شراكته الوطنية !" "اللي ما التمت" في الحكم:
** الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي لم تنجز حتى الآن الحد الأدنى من واجباتها في مجال الخدمات, بل تركت العائلات الفقيرة تئن تحت وطأة الحر أو البرد في الشتاء دون كهرباء رغم صرف عشرات المليارات التي ذهبت إلى جيوب من لا غيرة ولا ضمير له. البطالة واسعة جداً, والفقر أوسع, والنهب والفساد يفوقان كل تصور, وعقود الغاز والنفط يلفها ليس فقط الشك, بل الرفض من مئات المختصين في هذا المجال, والقوانين المقدمة وبعضها اقر, مثل قانون الصحافة وقانون الأحزاب في المناقشة وقانون الانتخابات وقانون النفط والغاز ..الخ, منافية لروح ومضمون الدستور العراقي, والتجاوز على حقوق الإنسان من جانب أجهزة الأمن التابعة لرئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة يومي وخاصة حين يتحرك الناس للتعبير عن رأيهم أو يمارسون التظاهر. ونوري المالكي لا يكتفي بذلك في العراق بل يؤيد النظام الدكتاتوري في سوريا ويسانده ومستعد لتقديم الخدمات له لكي يبقى في السلطة لأنه الحليف البائس للدولة الإسلامية الإيرانية الشريرة, والربيع العربي في رأي نوري المالكي فوضى ومخاطر جدية على وحدة العرب وتخدم إسرائيل. لو كان أعتى الحكام العرب موجوداً في العراق لما تحدث بهذه اللغة إزاء الانتفاضات الشعبية القائمة في عدد من الدول العربية. القائمة تطول حقاً.
** الحكومة العراقية التي التزمت أمام المتظاهرين وأمام مجلس النواب بوضع خطة وتنفيذ إصلاحات خلال مئة يوم لم تفعل شيئاً, بل نكثت بوعدها ومارست القمع والاعتقال والضرب والتعذيب ضد المتظاهرين والصحفيين والإعلاميين الآخرين وشوهت سمعة المتظاهرين وأهدافهم.
** الحكومة فشلت, بعد أن نجحت في البداية, في مكافحة الإرهاب وعاد الآن بقوة إلى ممارسة القتل بأبشع صوره. الحكومة لم تستكمل قوامها وهي تعيش فراغاً في أهم الوزارات العراقي في هذا الظرف, وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني, فالحكومة التي تسمى حكومة شراكة ليست فقط مختلفة في ما بين قواها وأحزابها السياسية بل متصارعة ومتنازعة ولولا وجود القوات الأجنبية في العراق لاقتتلت في ما بينها ولتحولت شوارع العراق إلى سيول من الدماء على أيدي الطائفيين السياسيين والمليشيات الطائفية المسلحة عملياً وغير المسلحة نظرياً. الموت يومي وبالجملة فقط في شهر رمضان سقط العشرات, بل زاد الموت على أكثر من العشرات. وتنظيم القاعدة المجرم عاد ليقطع رؤوس الناس ويساهم في تشديد الصراع الطائفي المحتدم أصلاً بين قوى الأحزاب الإسلامية والقومية ويجد الدعم والتأييد الداخلي والخارجي.
** وحكومة إيران حليفة الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية في العراق تقصف كردستان العراق يومياً براجماتها ومدافعها الثقيلة وتشرد الناس وتحرق الزرع والضرع وتقتل النساء والأطفال, وحكومة العراق لا تفعل شيئاً وكأن ليس هناك قاتل أجنبي ومقتول عراقي ولا تتحدث إلا عبر من لا يُسمع رأيه أو صوته.
** وحكومة تركيا حليفة الأحزاب الإسلامية السياسية السنية وبعض أطراف الحكومة العراقية القومية تقصف كردستان العراق يومياً بطائراتها العسكرية وتحقق نفس العواقب بالقتل والتشريد والتهجير للناس الأبرياء. وليس هناك من قوى الحكومة من يتحدث ويشجب هذه الضربات العسكرية أو الوجود التركي في الأراضي العراقية.

هل سيسكت الشعب العراقي أمام هذه الأوضاع البائسة والسيئة وغيرها كثير, أم سيتحرك ليعلن عن رفضه لها؟ لا يمكن لشعب أن يسكت على الظلم والإرهاب والفساد والضيم طويلاً وإلا فأنه سيفقد معنى الحياة وحريته وكرامته. لا بد للشعب أن يتحرك وأن يعلن عن رفضه لسياسات وإجراءات حكومة نوري المالكي, لا بد له أن يطالب بالإصلاح الفعلي, لا بد له أن يطالب بإنهاء المحاصصة الطائفية السياسية اللعينة, أن يطالب بانتخابات مبكرة لتعيد الاصطفاف في القوى وتعيد تشكيل حكومة أكثر حصافة وأكثر تصميماً على معالجة المشكلات ومكافحة الإرهاب والفساد, وأكثر إصراراً على مكافحة البطالة والفقر والفجوة المتسعة بين فئات المجتمع في الدخل والعيش والحياة, وأكثر استعداداً لمواجهة التدخل العسكري والقصف اليومي من جانب الحكومتين الإيرانية والتركية من خلال الذهاب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومحكمة حقوق الإنسان والمحكمة الدولية لوقف هذه الاعتداءات الغاشمة ضد سكان الريف الأبرياء في كردستان العراق.
إن الصمت لا يجلب لنا غير المزيد من الإرهاب والفساد والتمييز الديني والطائفي والحزبي الضيق, الصمت لا يجلب لنا غير البطالة والجوع والحرمان والعيش تحت خط الفقر الدولي لمزيد من العراقيات والعراقيين والمزيد من التشرد والتيتم والترمل في البلاد. إن الصمت على البلوى لن يجلب لنا غير الأذى الفردي والجمعي المجتمعي.
إن قاعدة صم, بكم, عمي هي ليست من طبيعة وسمات الشعوب, لهذا لا بد للشعب العراقي أن ينهض مدافعاً عن حقوقه المشروعة في الداخل وضد القوى والدول الأجنبية المعتدية. إن وحدة الشعوب تحقق المستحيل, وعلى شعبنا بكل مكوناته القومية أن يثق بقدرته على تحقيق التغيير الإيجابي لصالح الفرد والمجتمع. ولم يكن قول الشاعر كاظم السماوي عبثياً بل كان واعيا تماماً حين أكد:
وإذا تكاتفت الأكف فأي كف يقطعون
وإذا تعانقت الشعوب فأي درب يسلكون
لنلبي نداء شباب شباط في التظاهر في اليوم التاسع من شهر أيلول/تشرين الأول 2011 في ساحة التحرير وفي بقية ساحات العراق, في محافظاته ومدنه, لنلبي نداء شباب شباط في التظاهر في خارج العراق وحيث وجد عراقيون وعراقيات في مختلف دول العالم في ذات اليوم ولذات الأهداف ودعماً لشباب العراق الذين قدموا درساً وتجربة غالية ستكون طريقنا للتغيير صوب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني, وضد الطائفية السياسية والتمييز الديني والإرهاب والفساد والبطالة والفقر والمرض وضد نقص الخدمات ...الخ.
ليتحد الشعب في العراق ولتتحد قواه في الخارج وتتضافر الجهود من أجل وقف العدوان الإيراني – التركي العسكري على العراق في إقليم كردستان ولنتواصل في يوم الجمعة المصادف 9/9/2011 وما بعده.
لنجلب معنا عائلاتنا وأطفالنا لنعبر بذلك عن رفضنا لما يجري في العراق وبعكس ما كان يسعى إليه الشعب العراقي إلى تغييره من خلال إسقاط الدكتاتورية البعثية الصدَّامية.
في وحدة الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية قوة, وفي فرقته ضعف وتدهور ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن