دكتاتورية الثورة والثوار

عصام محمد عبدالصبور

2011 / 8 / 7

عندما ننظر الى تاريخ الثورات سنجد شيئا مشتركا بينها جميعًا .. كان الثوار دائما يقودون المرحلة الانتقالية للثورة بدكتاتورية لصالح مطالب الثورة وضد كل من يعاديها

بالعودة الى احداث الثورة الفرنسية
فقد كان المجتمع الفرنسي بشكل خاص والاوربي بشكل عام يتكون من عدة طبقات يأتي فى قمتها طبقة النبلاء والتي كانت تحصل على امتيازات لا حصر لها تليها الطبقة البرجوازية"الوسطى" والتي كان محرم عليها المشاركة فى الحياة السياسية ثم طبقة الكادحين وكانت تعاني من كثرة الضرائب التي تفرض عليها اضافة الى استخدامهم كعبيد لذلك كانوا من اول الثوار الذين طالبوا باسقاط النظام ، وقد مرت الثورة بعدة مراحل كانت بدايتها باعلان الملكية الدستورية وبعض الاصلاحات الاخرى بالنظام ولكن الثوار قد ادركوا انه لا بديل عن التغيير الجذري وتصاعد التيار الثوري وسيطر الثوريين على الحكم وقاموا باعدام الملك واعلان نظام جمهوري متشدد وعملت حكومات الثورة على الغاء الملكية المطلقة والامتيازات الاقطاعية للطبقة الارستقراطية والنفوذ الديني للكاثوليك

وعندما ننظر الى احداث الثورة البلشفية بروسيا
فكانت سياسات الحكومة الروسية المؤقتة - التي تولت الحكم بعد انتفاضة اطاحت بالقيصر - لا تختلف كثيرا عن سياسات القيصر وكانت تتجه بالبلاد نحو كارثة حيث انخفض اجمالي الانتاج الصناعي وارتفعت معدلات البطالة بعد اغلاق العديد من الشركات والمصانع كما ارتفعت مصاريف المعيشة بشكل حاد وزادت ديون الدولة وكانت روسيا فى تلك المرحلة معرضة لخطر الافلاس ومع ذلك قررت الحكومة الاستمرار فى حربها ضد قوات المحور فى الحرب العالمية الاولى ، فى ذلك الوقت تصاعدت حدة الاضرابات العمالية تحت قيادة الحزب البلشفي واستطاع البلاشفة السيطرة على الحكم فى ثورة شعبية قامت بعدها بسلسلة من الاعتقالات لقادة النظام السابق واسس لينين"قائد الحزب البلشفي" لجان من اجل مكافحة الثورة المضادة واستولوا على جميع اراضي الاقطاعيين واعادوا توزيعها على الفلاحيين واسقطوا كل ديون روسيا الخارجية بقرار فردي من جانبهم فقط وقاموا باعادة هيكلة الاجور لصالح العمال واوقات عمل اقل وامموا جميع البنوك الخاصة بروسيا

وعندما نأتي الى ثورة يوليو والتي كانت بالاساس انقلاب عسكري تحول الى ثورة بالتأييد الشعبي والاصلاحات الجذرية بالنظام حيث قام الثوار بحل جميع الاحزاب التي افسدت الحياة السياسية واعادوا توزيع الاراضي على الفلاحين وانهاء الملكية واعلان النظام الجمهوري كما اصدروا قانون استثنائي لمحاكمة كل من شارك فى افساد الحياة السياسية فى مرحلة ما قبل الثورة

وبالنظر الى ثورة 25 يناير سنجدها تعاني بكل ما عانت به الثورات على مر التاريخ من ثورة مضادة وانتهازية بعض القوى السياسية التي ليس من مصلحتها وجود اصلاحات جذرية بالنظام اضافة الى بدء عملية تشويه بعض قوى الثورة من اجل الوقيعة فيما بينهم وتوجيه الرأي العام نحو معاداة الثورة والثوار وفى هذه المرحلة الانتقالية - ومن اجل تحقيق اهداف الثورة - فإنه لا بديل عن دكتاتورية الثورة والثوار ، فإن مطالب الثورة واضحة لا تحتاج لعمل استفتاء شعبي عليها .. لا نحتاج لاستطلاع اراء ظلت طوال حياتها تتحدث عن ان:"اللى نعرفه احسن من اللى منعرفوش" .. لا نحتاج الى الدخول فى مهاترات عقيمة ومحاكمات اعقم من اجل معرفة ما اذا كان رموز النظام السابق اجرموا ام لا

فالمجد كل المجد للثوار الاحرار اينما وجدوا ولتستمر ثورتنا حتى تحقيق اهدافها فمازال لدينا الكثير من الدماء لنضحي بها ولا مكان للانتهازيين الا فى مزبلة التاريخ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن