حزبنا يحترم الدين والقناعات الدينية لشعبنا

الحزب الشيوعي العراقي
iraqicp@hotmail.com

2002 / 8 / 27

رد من الاعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي :

 

حزبنا يحترم الدين والقناعات الدينية لشعبنا

 

استرعى انتباهنا في مقال للسيد خالد صبيح عنوانه (الديمقراطية المشروطة - تطلعات ومفاهيم التيار الاسلامي), منشور في موقعي "الطريق" و "موسوعة النهرين" على شبكة انترنت, ما اورده الكاتب من كلام غير دقيق بالمرة, يقول ان السيد عمار الحكيم ادلى به في الندوة التي عقدها يوم 12 اب الجاري في غرفة البرلمان العراقي للحوار, على الانترنيت.

ووفقا لهذا الكلام, طلب السيد محمد باقر الحكيم من قيادة حزبنا الشيوعي, في لقاء جمعه بهم (المقصود كما يبدو لقاء شباط 1999 في طهران), اصدار بيان رسمي ؛يعبر فيه الحزب الشيوعي عن موقفه الجديد من الدين, بعدما اكدوا شفاهيا له بانهم نفضوا ايديهم عن قناعاتهم القديمة بهذا الشأن«!

نود ان نبين اولا اننا لم نقبل يوما التهمة المختلقة الموجهة الينا بالدعوة الى الالحاد وتشجيع الكفر وما الى ذلك من مزاعم. فنحن كنا دائما وسنبقى نحترم الاديان وقناعات شعبنا الدينية, وقناعات الناس ايا كانت, انطلاقا من الايمان بحق الانسان في يقينه ومعتقده.

وبما ان حزبنا حزب علماني ديمقراطي, لا يمثل ديانة معينة, فان اناسا من مختلف الديانات ينخرطون في صفوفه. انه حزب مفتوح للعراقيين جميعا, بصرف النظر عن دياناتهم وطوائفهم واصولهم القومية..الخ

لكننا في الوقت الذي احترمنا فيه ونحترم قناعات الناس الدينية, والدين كدين, وقفنا ونقف دائما ضد توظيف الدين لغايات سياسية وطبقية معينة, وبما يتعارض مع مصالح الشعب.

هكذا كنا ومازلنا وسنبقى.

وعلى هذا الاساس فان المؤمنين من رفاقنا, من اعضاء حزبنا, يمارسون طقوسهم الدينية بحرية كاملة, سواء كانوا مسلمين او مسيحيين او غيرهم.

والمؤسف حقا ان كاتب المقال يتقبل الكلام الذي سمعه في الندوة المشار اليها على الانترنيت, باعتباره حقيقة لا يرقى اليها شك, ويورده في مقاله كمسلّمة مؤكدة, دون ان يشعر بحاجة الى سؤال احد من ذوي العلاقة في حزبنا عن صحته, لمجرد قطع الشك باليقين, وحتى دون ان يعود الى وثائق حزبنا وتصريحات قادته حول الموضوع (ومنها على سبيل المثال ما قاله سكرتير اللجنة المركزية لحزبنا الرفيق حميد موسى, جوابا على سؤال اذاعة الحزب يوم اول اذار 1999, اي بعد حوالي اسبوع من لقائه في طهران على رأس وفد من قيادة الحزب مع السيد محمد باقر الحكيم وبقية الاخوة المسؤولين في المجلس الاعلى, ومع قياديين في حزب الدعوة - وهو ما نرفقه كملحق برسالتنا هذه) تفاديا للوقوع في خطأ.

والمؤسف اكثر ان الكاتب يذهب بعيدا, فينطلق من الكلام المذكور, غير الصحيح, للاستخفاف بحزبنا وموقفه, متحدثا عن "نكتة القرن البايخة!" فيما لو استجاب الحزب للطلب المزعوم, وعن "مطامح مشتركة لاقامة حزب شيوعي اسلامي"!!!

انها سخرية غير لائقة, وتعكس تعاملا غير موضوعي, وهي لا تخدم الحوار الهادف البناء, ولا السعي الى تأصيل الديمقراطية.

علما  ان الكاتب يصل في النهاية الى استنتاجات مطابقة لاستنتاجات حزبنا في شأن الدين والدولة, والاسلام السياسي والديمقراطية, وغير ذلك من القضايا ذات الاهمية.

 

الاعلام المركزي 

للحزب الشيوعي العراقي

23/8/2002

 

 

 

 

 

ملحق

سؤال : رأى البعض ان اللقاء بين حزبنا الشيوعي العراقي والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق كان مفاجئا, بل ان البعض كان يراهن على عدم حصوله, متذرعا بأن للشيوعيين موقفا غير واضح من الدين! ماهو تعليقك على ذلك?

الرفيق حميد موسى:   لم يكن اللقاء مفاجئا , لأننا سبق وان عملنا بشكل مشترك مع المجلس الاعلى وحزب الدعوة ومنظمة العمل الاسلامي في لجنة العمل المشترك اي قبل ثماني سنوات. وكانت تجربة ناجحة واثمرت عملا  مفيدا  لشعبنا وللمعارضة. ولكن للأسف, وبسبب تعقيدات عاشتها المعارضة وبسبب تأثيرات وضغوطات خارجية دولية واقليمية, فضلا عن عوامل ذاتية, تلكأ هذا العمل المشترك, وانفرط عقد التحالفات التي عقدت في ذلك الوقت. ثم تواصلت عند اجتماعات صلاح الدين وانفرطت ثانية, وكانت حصيلة هذا الوضع الحاق الاذى بشعبنا وادامة معاناته. والآن هناك احساس بعظم المسؤولية ارتباطا بتفاقم المأساة, وبالحاجة لموقف تاريخي من قبل الجميع لانقاذ شعبنا وانقاذ الوطن من الكارثة. فلابد من تجاوز الثانويات والصغائر, لابد من موقف اكثر واقعية واكثر رحابة ومرونة واكثر شعورا  بالمسؤولية, والعودة الى ادراك أنه لا يمكن الخلاص من الدكتاتورية الا بتوحيد كل قوى المعارضة الوطنية المعروفة, المشهود لها بالفعل والنضال البطولي من اجل مصالح الشعب, من اجل الخلاص من الدكتاتورية, من اجل الديمقراطية. هذا الاحساس كان المنطلق والاساس لطي  صفحة متأزمة, اتسمت ببرود العلاقة, وبالجفاء ان صح التعبير, لتخلي مكانها اولا  الى اللقاء, الى تبادل الرأي, الى تحديد المهمات, الى صياغة الاتجاهات التي يمكن بناء تعاون عميق وفعال من اجلها. فنحن اعتمدنا على ماهو ايجابي في علاقتنا مع القوى الاسلامية, واعتمدنا على ضرورة الانطلاق مما هو مشترك سياسيا وابقاء الخلاف الايديولوجي جانبا. وهذا الخلاف امر طبيعي, ولكن يجب ان لايفسد التعاون السياسي. فنحن نعيش كارثة ومأساة, والشعب يحتاج الى اعمال ملموسة للخلاص من هذا النظام. اما القضايا الايديولوجية, التصورات بشأن مستقبل العراق, التصورات الفلسفية العامة, الفكرية العامة, فهناك متسع من الوقت لتناولها لاحقا, وهي تحتاج الى مستلزمات وظروف واجواء انسب لحوار ديمقراطي, لحوار هادئ وموضوعي.

نعم نحن لانخشى النقاش والاختلاف الايديولوجي, ولكن في وقته, وفي اوانه وبدون افتعال وتشنج. هذا اولا . ثانيا الشيوعيون العراقيون عموما, وفي كل تأريخهم, تعاملوا مع قناعات الناس, مع ايمان الناس, مع قناعاتهم الفكرية والدينية, بكل احترام. الانسان حر فيما يعتقد, ونحن نحترم هذا الاعتقاد, بل ونكافح من اجل ان تصان حرية الانسان في الاختيار الفكري والسياسي. القناعات تغير بالجدل, بالحوار السلمي, بدون اكراه, بدون اجبار. لهذا كانت علاقة الشيوعيين دائما  مع جمهرة المتدينين علاقة احترام, علاقة دعم, علاقة تفهم لممارسة الطقوس, لممارسة الشعائر, دون ان تكون لنا اي رغبة او اي حاجة لممارسة ضغط فكري او مادي ازاء قناعات الناس. بالعكس كانت علاقة الحزب بجمهرة المتدينين طيبة على الدوام. الدين يخص الجميع, ومن حق المواطن سواء  كان مسلما او مسيحيا او من اي ديانة اخرى ان يعتقد بالطريقة وبالشكل الذي يراه مناسبا لممارسة شعائره, دون ان يضغط عليه احد او يهدده. ومن هذا المنطلق, نحن لا نجد انفسنا كحزب, في صراع او في تناقض مع جمهرة المتدينين. وثانيا نحن نفر ق بين الدين كمعتقد, كقناعة, وبين الاحزاب السياسية الدينية. فنحن نفهم كل حزب, بضمنه الحزب الشيوعي, كمعبر وممثل لمصالح فئات وطبقات اجتماعية, ممثل لمصالحها الاقتصادية. فالحزب ليس الدين, الدين شيء والحزب شيء ثان. يمكن للحزب السياسي ان يعتمد شعارات دينية, مقولات ومفاهيم دينية. ولكنه حين يمارس العمل على الارض بالملموس, يكون في علاقة مع الآخرين, مع مصالح فئات وطبقات اخرى. لذلك فهو معرض للخطأ وللصواب, معرض لارتكاب اخطاء واغلاط سياسية, وايضا يمكن ان يكون في موقف سياسي صحيح. نحن نتعامل مع الاحزاب السياسية من هذا المنطق, وليس باعتبارها دينا . فاذا كان لدينا موقف محدد ازاء حزب سياسي فهذا لايعني اننا ننقل نفس الموقف الى الدين والى القناعات الدينية. وثالثا هناك من يستغل الدين لاغراض ولمصالح ليست منسجمة بالضرورة مع مصالح الاغلبية الساحقة من الكادحين, من العمال والفلاحين. ونحن نزعم اننا ندافع عن حقوق العمال والفلاحين, نسعى لتمثيل هذه المصالح. وبالملموس حينما تصطدم هذه المواقف وهذه السياسات مع بعض من يرفعون شعارات دينية, ولكنهم يقفون في الخندق المقابل, فهذا لايعني اننا ضد المشاعر الدينية وضد تدين الناس وضد الاسلام. انما نحن ضد من يسخر الاسلام لمصالح طبقية معينة, ولمصالح سياسية محددة تتعارض مع مصالح الشعب. واعتقد ان التاريخ العراقي السياسي مليء بأمثلة من هذا النوع. فليس كل من اعلن الايمان بالدين الاسلامي يتبنى بالضرورة سياسات تتطابق مع مصالح الشعب العراقي, وليس كل موقف مضاد لمن يطرح شعارات سياسية تتعارض مع مصالح الجماهير, هو موقف ضد الدين بذاته. هذه قضايا يجب التمييز فيما بينها, ونحن على هذا الاساس ومن هذا المنطلق الواضح, نقيم علاقات مع احزاب الاسلام السياسي في العراق, التي تتمثل الآن ببعض الاحزاب المعروفة: المجلس الاسلامي الاعلى, حزب الدعوة, منظمة العمل الاسلامي وغيرها. هناك اذن مشترك كبير. وليس من الصحيح, بل من الضار للجميع طرح المسألة وكأن هناك الآن اختلاف او تناقض في الموقف من الدين. فهذه المسألة ليست في وارد النقاش الآن. وطرحها بهذا الشكل المغرض انما يقصد منه اشاعة الفرقة, اشاعة الاحتراب بين قوى معنية بالوحدة لتخليص شعبنا من المأساة التي يعيشها في الوقت الحاضر. لدينا حقا  وفعلا  مجال واسع للتعاون المشترك من اجل خلاص الشعب وبما يخدم الجميع, ويخدم المثل الدينية والمثل المدنية, القيم الاسلامية والقيم العلمانية. فليس هناك مايدعو للريبة او للخوف من تعاون الشيوعيين مع الاسلاميين, ما دام الهدف السياسي واضحا. وانه لمن سوء القصد ان يراد دمغ الشيوعيين بالموقف المعادي للدين او الموقف المستصغر او المستهين بمشاعر المواطنين الدينية. فنحن نحترم ايمان الناس وتقاليدهم, نحترم المشاعر ونحترم القناعات. وعلى هذا الاساس ننطلق في عملنا السياسي.

 

(من حديث بثه "صوت الشعب العراقي _ اذاعة الحزب الشيوعي العراقي" يوم 1 اذار 1999)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن