الإئتمان في رمضان

رعد الحافظ
abusaif57@yahoo.com

2011 / 7 / 29

الإئتمان : هو الإقراض والإقتراض
يعني جهة أولى ( دولة أو بنك أومؤسسة ) لديها فائض نقدي لا تدري كيف تستغلهُ بطريقة مُربحة , فتقوم بإقراضهِ ( بوجود ضمانات ) لجهة ثانية تُشغلّهُ بطريقتها وتدفع طبعاً فوائد للجهة الأولى .
وهذا ماتفعلهُ غالبية الناس في البنوك عن طريقة الإدخار أو التوفير .
حتى بين الناس العاديين ( خارج البنوك ) كانت تحدث هذهِ المظاهر , لكن غالباً تتحوّل الى عمليات نصب , لعدم وجود ضمانات كافية , آخرها حدث في العراق زمن صديّم , وكثير من معارفي فقدوا أموالهم فيها , وأظنّ حدث في مصر نفس الشيء , ماعلينا
******
التصنيف الإئتماني
هو مقياس لقدرة المُقترِض ( دولة أو مؤسسة أو مصرف ) , على سداد إلتزاماتهِ المستحقة من القروض وفوائدها .
والجهة التي تُصدِر التصنيف الإئتماني للدول والبنوك يجب أن تكون موثوقة كفاية , ليطمئن المُقرِضون , أين ولمن سيُقرضون أموالهم ؟
ولتقريب الفكرة , تذكروا مثلاً تصنيف الفيفا لدول العالم في كرة القدم , اليوم كما يلي { إسبانيا , هولندا , البرازيل , ألمانيا ,الارجنتين ..الخ }
لماذا نرضى ونعتمد تصنيف الفيفا ؟
لأنّهُ المسؤول عن تلك اللعبة وطوّرها خلال العقود الماضية حتى غدت الفيفا دولة غنيّة , وملايين في العالم تعيش من أموال كرة القدم ناهيك عن مليارات تتمتع باللعبة !
والفيفا كمنظمّة , مازالت موثوقة بالعموم , رغم فضائحهم الأخيرة التي كان القطري محمد بن همّام أحد أطرافها , ماعلينا .. رمضان قريب مايصير نغتاب الرجل , يجوز هذه عادة وراثية دخلت في جينات بعض الخليجيين , كما تحاول الكويت اليوم , مع بعض الكتّاب العراقيين لتضعهم تحت إبطها في القضايا المتنازع عليها كميناء مبارك الكبير .
تذكروا كذلك منظمة (( هيومان رايتس ووج )) التي تعني بتصنيف تجاوزات الدول لحقوق الإنسان , لماذا نهتم لكلامها ؟ ج : نظراً لمصداقيتها الكبيرة .
تذكروا أيضاً منظمة الشفافية العالمية ومقرّها برلين , برئاسة الألماني ( بيتر آيجن ) الذي كان مديراً للبنك الدولي لعقود طويلة كما عمل في أفريقيا وشاهد بنفسهِ الفساد عن كثب وشخّص أسباب تخلّف الدول عموماً , وأهمها بالطبع الفساد , سواءً الحكومي أو الشعبي .
{ العراق كان بطل العالم بالفساد ,قبل سنتين لكنهُ مع شديد الأسف تراجع الآن الى رقم 9 من بين 163 دولة في العالم تخضع لهذا المؤشر المهم }
وعودة الى قضية الإئتمان (كي لايتشتت ذهن العزيزة ليندا كابرييل هههه)
هناك بالطبع عدد من المؤسسات المالية الموثوقة هي التي تُصدِر التصنيف الإئتماني للدول والبنوك وتُجري إختبارات لهم في فترات مختلفة , ومن بين تلك المؤسسات (موديزوستاندرد أند بورز العالميتين)
وقبل أسبوعين تقريباً اُجريت إختبارات التحمّل ل 8000 بنك أوربي
ومن بين ال 80 بنك الأولى , فشل أربعة فقط في إجتياز الإختبار أظنّهم من إسبانيا والبرتغال واليونان .
حالياً مؤسسة موديز (1) للتصنيف الإئتماني تصنّف الولايات المتحدة الأمريكية بالتصنيف (( AAA )) , وهو أعلى تصنيف ممكن
حيث يوجد بعدهُ A1 , A2 ,A3 ثم B1 ,B2 ,B3 , وهكذا .
لماذا يصنفون أمريكا بتلك الدرجة المرتفعة ؟
ذلك لأنّها وقفت دائماً وراء ديونها ودفعت كل المستحقات عليها في الوقت المُحدّد , ولذلك فإن السندات الحكومية الأمريكية تُعتبر الأفضل إستثماراً في العالم , وأكثرها أماناً , وأقلّها خطورة على الإطلاق !
http://arabic.cnn.com/2011/business/7/14/moodys.us_debt/index.html
***********
تخفيض التصنيف الإئتماني !
لكن ماذا سيحدث لو لم تدفع أمريكا يوم الثلاثاء 2 أغسطس القادم ديونها المستحقة ؟
طبعاً مؤسسات التقييم التي تحدثنا عنها ستقوم بتخفيض صنف أمريكا الى ترتيب أقلّ , يعني لن تبقى بالقمّة كما اليوم , وهذا حقّ !
تذكروا كيف خسرت البرازيل تصنيفها الأوّل في الفيفا وإحتلته بدلها إسبانيا ,عام 2010 مع نهاية كأس العالم , طبعاً مع فارق التأثير في الحالتين , فحالة البرازيل وكرة القدم كانت التداعيات مجرد حزن بسيط لمحبيها من أمثال كاتب السطور , بينما في حالة خسارة أمريكا لتصنيفها الإئتماني الأوّل , الذي هو (( A A A )) فهذا يعني أزمات إقتصادية غير معروفة النتائج بالضبط (د. فؤاد النمري متشائم جداً بخصوصها )
بالمناسبة فإنّ عدداً من نواب الكونغرس عقدوا إجتماعاً مع أحد مُدراء وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الإئتماني , أخبرهم خلاله بأنّ الوكالة قد تخفّض تصنيف أمريكا (( حتى )) قبل إنتهاء مهلة صدور قرار حول سقف الإقتراض , وحتى وإن نجحت واشنطن في ضمان رفع سقف الدين لتأمين دفع فوائد سندات الخزينة , إذا كان ذلك على حساب دفع ديون أخرى !
شفتم إزاي ؟ يعني كلّ الديون مهمة ويجب سدادها في الموعد المُحدّد دون تمييز .
لذلك نترقب جميعاً , توصل الديمقراطيين والجمهوريين الى إتفاق في الكونغرس الأمريكي بداية الإسبوع القادم , على الحل الوسط , والذي لخصته في مقالي السابق بما يلي :
أولاً / برفع سقف الدين العام ست أشهر إضافية ( أوباما يريد الى عام 2013 وهذا صعب الموافقة عليه )
وثانياً / تخفيض الإنفاق العام ( الخارجي عموماً , وقليل من الداخلي )
وثالثاً / رفع سقف الضرائب على الأثرياء (وهذا يصطدم بالجمهوريين)
مع إصلاحات اُخرى متنوعة وزيادة التشغيل وتنشيط الصناعة وما شابه
http://arabic.cnn.com/2011/business/7/15/s_p.debt/index.html
ونحن سمعنا كيف أنّ أزمة الديون اليونانية آخذه طريقها الى الحلّ رغم المصاعب الكبيرة , بعد إتفاق العملاقين الأوربيين ألمانيا وفرنسا !
لذلك نتمنى إنفراج الأزمة الأمريكية أيضاً في الإسبوع القادم ليتنفس الناس الصعداء , وتبدأ دورة اُخرى من النشاط الإقتصادي العالمي , الذي قد يُعيد بعض الثقة الى النفوس , شريطة إستمرار عمليات الإصلاح الكبرى , التي تصل عندي الى طريقة الإستهلاك البشري والتبذير والحروب والأديان ومصاريفها عند البعض التي لا تنتهي وتناولت بعضها سابقاً بالنسبة للمجتمعات الغربيّة !

**************
لكن , كيف نقتصد نحن ؟
لن أذكر الزيارات المليونية وكلفتها المرتفعة وضياع نصف وقت العمل عند المُصليّن وسفرات الحج وأنواع الفساد , التي تبذر مليارات من إقتصادياتنا التعبانة أصلاً .
لكنّي سأذكر مثال واضح بسيط لم نستطع حلّهِ ويتكرر منذ 1400 عام , ألا وهو ظاهرة إرتفاع الأسعار وقفزها الكنغري مع كلّ رمضان
الناس لاتدري لماذا يحدث ذلك ؟ العلماء ( الجهلاء ) من المشايخ لا يوضحون الأسباب , بل البعض يقول إنّها مؤامرة إمبريالية صهيونية ضدّ المسلمين تتجدد كلّ رمضان !
بينما الواقع يقول , هو انّ رمضان ليس سوى شهر للنوم والعمل القليل والأكل الكثير الى حدّ التخمة والى حدّ زيادة التسوّق بشكل ملحوظ من كل الإنواع
أنا شخصياً لا أتذكر البقلاوة سوى في رمضان ههههههه , فيستغل ( التجار المؤمنيين ) هذا الشهر الفضيل لرفع الأسعار ومضاعفة أرباحهم في إشارة صريحة الى التقوى وتأثير الدين في ضمائرهم .
وبما أنّ الدين .. النصيحة ! لذلك سأقدّم لكم فتوى ( رعديّة ) كما عادتي في كلّ رمضان , كالتالي :
بما أنّ هذا العام يُصادف , ربيع الثورات العربية وبالتأكيد سيؤثر الصوم عليها , ويوفر وقت مريح للطغاة يعيدون فيه ترتيب صفوفهم .
وأحدهم على الأقل ( شبيه صالح ) قال سأعود مع رمضان , ومثله يتحضّر الاخضر القذافي والشبل بشار .
وبما أنّ هناك مجاعات بشرية في أفريقيا وخصوصاً في الصومال
وبما أنّ هؤلاء الأطفال والنساء يموتون من الجوع كما يموت بعض الخليجيين من التخمة , وصارت دولهم تتصدر السمنة في العالم .
وحرباً على التُجار الجشعين كي تعطوهم درساً طال إنتظاره قرون طويلة
أقترح ما يلي : الصوم المخفف والبسيط لمن يرغب 6 ساعات فقط مثلاً
وشرب السوائل بإستمرار خلال الصوم نظراً لحرارة الجو ومراعاة الكلى وتجنب الأمراض وكلفتها الباهضة .
وتوفير ثمن شراء المواد الغذائية الإضافية والحلويات والمكسرات وما شابه التي نقوم بها كلّ عام
وإرسالها بشكل مساعدات إنسانية الى الصومال وغيرها ممن يحتاج لقمة تبقيه على قيد الحياة
ليصبح رمضان كريم فعلاً ... وكلّ عام وأنتم بخير !



رعد الحافظ
29 يوليو 2011



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن