المحظور وقد وقع...!؟

جهاد نصره
jehadnasra@gmail.com

2011 / 7 / 19

يكثر هذه الأيام الحديث عن ضرورة الحوار للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد لكن، متى كان الحوار ممكناً في بلدان المسلمين..؟ من المعروف أن الحوار لا يتوقف على الرغبة والتمني أوعندما تقتضي الحاجة..! الحوار قبل ذلك ثقافة وتربية.. وهو يصبح عادة تتحصل بالتعلم والتعليم والممارسة..! إذن كيف يمكن للحوار في سورية ـ التي نسيت سوريتها منذ زمن طويل ـ أوغيرها من البلدان العربية الإسلامية أن يكون ممكناً ناهيك عن أن يكون منتجاً..؟ في بلدان المنظومة الإسلامية ترث الأجيال ثقافة الطاعة المطلقة التي ترسَّخت منذ أن بدأ ـ محمد ـ دعوته إلى الدين الجديد..! إنه لمن المسلَّم به أن أتباع الدعوة الجديدة هذه حشروا على أسوأ وجه في مدرسة التسليم والطاعة ولم يتسن لهم مغادرتها بعد ذلك وإلى يومنا هذا..! لقد جرت محاولات عديدة خلال القرون الماضية لإعادة إعمال العقل في المجتمعات العربية الإسلامية بدل النقل غيرأنه تمَّ إجهاض كل تلك المحاولات باستخدام مختلف الوسائل الترهيبية والترغيبية..! وكان قد سبق أن ربط ـ محمد ـ طاعته الشخصية بطاعة الله ووثَّق ذلك في النص القرآني فكيف للمسلم أن يتجرأ فيسأل ويجادل..! لقد استنسخ الخلفاء والحكام هذا الرابط التطويعي المقدس الذي أبدعه ـ محمد ـ عن طريق الفقهاء فضمنوا دوام استبدادهم وتوريثه مثلما ضمنوا دوام غفلة الرعايا..! الطاعة في الأديان تعني التسليم الكلي بما ورد في النصوص المقدسة وبهذا فقد تعطلت وظيفة العقل النقدي الأمر الذي وفَّر الأساس المكين لاستمرار الاستبداد الديني ـ السياسي وتوارثه جيلاً بعد جيل..! ولأن المسلمين ظلوا تلاميذ نجباء في مدرسة الطاعة فإنهم راحوا يحيلون كل ما يصيبهم إلى القضاء والقدر حتى أنهم صاروا لا يتحسرون إذا ما واجهتهم المحن وكيف يتذمرون وقد وعدوا بنعيمٍ أبدي في الدنيا الثانية يعِّوضهم عما لاقوه في دنياهم الأولى...؟ لقد وعد ـ محمد ـ أتباع دينه الجديد وعداً قاطعاً بأنهم سيكافئون وسيتنعمون في جنان الخلد وسينسون كل ما مرَّ عليهم في الحياة الفانية وهم وحتى لا يذهب هذا الوعد الثمين طي النسيان يتقاطرون كل عام من كل حدبٍ وصوب إلى ـ مكة ـ لتذكير الواعد بوعوده...!؟
وهكذا كان الحال ولا يزال فقد ورثت أنظمة الحكم الجديدة تربة خصبة لتحديث بذورالطاعة وتهجينها لتنمو وفق حاجات الزمن الحديث فكان أن بقي المولود في ظل الأنظمة الجديدة يتربى على طاعة الوالدين ويكبر وهو لا يجرؤ على سؤال والديه حول أية مسألة تشغل ذهنه ثم إنه يوصى بحزم بأن يطيع من هو أكبر سناً منه ولو بسنة .. ويذهب إلى المدرسة ليطيع المعلم ويسِّلم بكل ما يقوله وكيف للتلميذ أن يسأل المعلم أو يجادله في الوقت الذي يتم فيه حشو دماغه بـ: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا..!؟ في المدرسة تأسره منظمة الطلائع لتقوم بتلقينه وتدريبه لضمان تأصيل الطاعة التي انغرست في خلايا دماغه منذ انظرط من رحم أمه.. وعندما ينتقل إلى المرحلة الإعدادية تتلقفه منظمة اتحاد شبيبة الثورة في أحضانها منعاً لأي انزلاقات خارجة على مألوف الطاعة.. وإذا ما وصل إلى الجامعة أمسك به اتحاد الطلبة ولا يفلته حتى يضمن تخرجه مواطناً صالحاً يعني بأذنين مفتوحتين وفم مغلق ومن المعلوم أنه يجري التأكد من استمرار صلاحيته هذه كلما تقدم للحصول على عمل أو وظيفة حيثما كانت..!؟
وهكذا، فقد ضمنت السلط الحاكمة طاعة رعاياها جيلاً بعد جيل.. وحتى لا تحصل أية ثغرات من قبيل أن تتسرب ثقافة الحوار والسؤال والمسائلة من هنا وهناك، فقد تمَّ إغلاق كافة الأبواب والنوافذ المشبوهة ..! واليوم، وبعد كل ما تقدم، ولأن ـ أم علي ـ كانت تردد ليلاً فقط: ما في شجرة بتوصل لعند ربها..! ولأن الشجرة السورية طالت كثيراً فقد وقع المحظور لكن: أليس مثيراً أن يجد السوريين أنفسهم هكذا بكبسة ( زر) مدعوين للحوار..!؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن