لاتخشوا فكرة الأقاليم !

رعد الحافظ
abusaif57@yahoo.com

2011 / 7 / 1

ليس بعيداً عمّا أثارتهُ تصريحات السيّد إسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي في أمريكا خلال زيارتهِ الأخيرة ,في الإسبوع الماضي
ربّما لأنّهُ أردف فكرة الأقاليم , بالطائفية , وتحدّث عن مظلوميّة السنّة , ونسي مظلوميّة الشيعة طوال ما يقرب قرن من عمر الدولة العراقيّة الحديثة , بل مظلوميّة الجميع في ظلّ حكومات القمع خصوصاً ( العهد الصدّامي الأسود ) في آخر أربعة عقود من تأريخنا
أقول أولاً وأنا من أصول( سنيّة ) أنّ الجميع طالتهم المظلوميّة والتهميش بل الطرد والتهجير أحياناً كما حدث مع (( اليهود )) وفرهودهم في أربعينات وخمسينات القرن المنصرم , وبعدهم (( الكُرد الفيليين)) في نهاية سبعينات وثمانينات ذلك القرن وصولاً الى ما بعد تحرير العراق من صدّام , وما نال الصابئة والمسيحيين وفئات أخرى من قتل وتهجير , كان الأولى بسياسي من الدرجة الأولى كالسيّد النجيفي أن لا يغفلها ( قصداً أو سهواً ) لأجل مصداقيتهِ الشخصيّة على الأقل .
ومع انّهُ أجاب على تلك النقطة بالذات في مؤتمره الصحفي بعد عودتهِ بقولهِ / سُئلتُ عن السنّة فأجبتُ , ولو سًئلت عن الشيعة والكُرد لأجبتُ أيضاً
لكنّها تبقى هنّة أو هفوة أو سهوة أو خطأ غير مقصود .. أو ربّما مقصود !
************
بعدها سمعنا تصدّي البعض ( للنجيفي ) هتافاً و أصواتاً عالية , صارخة باكيّة وحدة العراق ومستقبلهِ وتفتّت شعبهِ , و(على حسّ الطبل خفّن يا رجليّا ) توالت التصريحات , حتى أنّ بعض شيوخ عشائر الانبار كانوا ينددون ويشجبون قول النجيفي , وأخفوا ما يضمروهُ في قلوبهم ويعلمهُ الجميع عندما إحتضن نفس المشايخ تقريباً بهائم القاعدة فأعلنوا إماراتهم الإسلامية هنا وهناك , ولوّعوا الشعب وإنتهكوا أعراض الناس أولاً , ثمّ ثنّوا بدمائهم , قبل أن تخترع أمريكا ما سمّي(( بالصحوات )) فأشترت ولائهم ( للعراق ) بمال أمريكي , رغم أن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن هو صاحب فكرة ( تقسيم ) العراق وقوبل بصدّ وردّ الجميع وإتهامهِ بكل ما يخطر بخاطر بشر .
فأين الحقيقة في موقف عشائر الأنبار وهل هم فعلاً مع الفيدرالية والاقاليم (( الإدارية )) وليست (( الطائفية )) ؟ سأبصم لهم بالعشرة لو كانوا كذلك
******
نعم الطائفية والتظلّم بإسمها .. شيء قبيح !
لكنّها موجودة في العراق ولم يخترعها الأمريكان ( إقرؤوا تاريخ الطائفية في العراق / د. عبد الخالق حسين ) !
الدولة الحديثة عليها أن تُغادر كلّ الأسباب المُعيقة للتطوّر والحداثة وفي مقدمتها طبعاُ الطائفية .
لكن كيف ننسى تظلّم الآخرين ؟ وهم مظلومين فعلاً عند كلّ مُنصف , لماذا يُسمح لهم , ويُمنع عن الآخرين؟
ولماذا نتجاهل ( عن عمد أو دونهِ ) انّ كلّ مظلوم وصل للحكم ودالت دولتهِ , عمد الى نفسِ طريقة سلفهِ تقريباً في الإقصاء والتهميش وإن بدرجات تتفاوت حسب الزمان والمكان ؟ فاليوم ليس كالبارحة والشعوب تقول كلمتها .. والفضل تعرفون لمن !
******
على كلٍ ربّما هناك فعلاً مؤامرة خارجية ومخطط لتفتيت وإضعاف العراق كما أعلن السيّد (صادق الموسوي) من قناة الفيحاء أمس وقال أن السعودية ( ونسيّ إيران ) , تقود ذلك المخطط , ومع أنّي لستُ من مُروجي نظرية المؤامرة لكنّي أشكّ بكل شيء وهابي .. وخميني أيضاً
كل شيء متوقع في هذه الفوضى الخلاقة التي تعصف بالمنطقة بما فيها ثوراتها الشعبية الباسلة وتقسيم السودان وربّما اليمن والآن الحديث عن العراق من يدري ؟
*****
خلاصة المقال
فكرة الأقاليم الإدارية أو البلديات في العراق وغيره , هي أفضل فكرة وصلها العقل البشري لحّد الآن !
ربّما سيأتي أفضل منها مستقبلاً لاندري , لكنّها اليوم هي الأفضل على الإطلاق .
كل مدينة أو بلدية أو إقليم تصلهُ نسبتهِ وحصته من المركز , ويقوم بواسطة ابناءهِ وحكومتهم المنتخبة ببناء إقليمهم أو مدينتهم حسبما يرتأون
وهكذا يتحول البلد ( العراق ) الى ورش ( أقاليم ) تتنافس في البناء والإعمار , والسارق والفاسد والخامل سينكشف بسهولة , لانّ الجميع يحصلون على حصصهم بالتساوي حسب السكان .
والإقليم الناجح ( سيبدو في حالة العراق ) كالبياض في جلد الثور الأسود ( ههههههه آسف لا أقصد الإستهانة لكنّها حبكت )
وتبقى الدولة المركزية مسؤولة عن الأساسيات كالدفاع والأمن والصحّة والنفط ... الخ
أحياناً تقوم بلدية ( غنيّة ) في السويد بإقراض بلدية أفقر , في تعاون وطني ضمن الوطن الواحد
لاحدود لا جوازات لا حواجز ولا مانع لإنتقال أي فرد الى إقليم آخر متى شاء وحسب عملهِ وأفراد عائلتهِ
لاذكر للدين ولا القومية ولا الطائفة ولا ايّ شيء يفرّق ويميّز البشر عن بعضهم
طبعاً في هذا المجال لو طبقنا هذا الكلام على إقليم كردستان شمال العراق لوجدناه لاينطبق كثيراً , فهو تقريباً إقليم قومي للكُرد
ولذلك كثير من الإكراد غير مقتنعين بحكومتهم لأنّ الظلم والفساد والإستئثار يعود ويظهر في الاقليم كما في المركز
الأقاليم الإدارية الصحيحة تعني إمكانية أن يكون رئيس العراق كردي كما اليوم , بينما رئيس الإقليم تركماني أو عربي أو كردي أو مسيحي , لافرق
*****
كلام مفيد
مالم نلغي من دساتيرنا كلمات الدين والأقلية والقوميّة والجنس , سنبقى دون الخطوة الأولى الصحيحة !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
الأول من يوليو 2011



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن