رفقاً بالمساكين!

علي شايع
alishaye@hotmail.com

2011 / 6 / 1

ورد في الأخبار ومرير الآثار ان مسؤولة من محافظة بابل قالت: تأخر صرف رواتب الرعاية الاجتماعية لعام 2010 سببه العجز المالي.

للقارئ الكريم أن يتصّور حاله من بين المشمولين برجاء المعونة وعاش بانتظارها، أي بعد سنة ونصف من وقت الراتب الأول، بل لنزيد من الافتراض الحزين إن امرأة من ضحايا زمانهم قد استدانت المبلغ أملاً بتسديده بعد نيل الاستحقاق، وإن أبا عاجزاً وعد طفلاً، وأم شهداء واسيتها وكتبت عنها ذات يوم وأنا أراها عبر التلفاز بجوار قبور وهمية بَنتها في بيتها ووضعت على أحجارها صور (القمرين) لأنها لا تملك مالاً للسفر لزيارة مثواهما. صور يمكن أن يتداعى قبالتها الشعراء وأهل الفن بحكايات طويلة.

الاحتياجات للمال المبذول من الدولة تتعدّد بموازاة حالات من تشملهم الرعاية الاجتماعية الواجبة كتعويض واستحقاق للشركاء في الوطن وثرواته، بعيداً عن تسميتهم بالمساكين في الموروث والمتعارف الديني والاجتماعي الموجب - شرعاً وعرفاً- لرعايتهم وإيثارهم على الأنفس لأن احتياجهم ليس ترفاً بل (مشكلة) من اشتدت فاقته، فكيف التأخير كلّ هذا الوقت، حين يعني التأجيل استمراراً لجوع أو مرض أو حتى مكابدة تعفف؟. ولعمرك إن معاناة من يتعففون حتى يظنهم الناس أغنياء تستبطن الكثير والكثير من مآس وغصّة حملها خيرة البشر ودفنت معهم في مراقدهم الأخيرة دون أن يدركها إلا قلّة.

ربما يكون من حق الدولة أن تضع شروطها القانونية لترتيب آليات الصرف المالي، وربما يكون من الأسلم والأجدى ترتيب الأولويات في الإنفاق، فليس من حاجة لإعمار رصيف من المرمر (الإيطالي) إن كان سيفترشه معوز. وهل ثمة أوجب من حاجة المحتاجين لأبسط مقومات الحياة، ولِمَ يصبح الطرف الأضعف مرتكزاً تلقي عليه الدولة أوزارها؟. ولم لا يكون صندوق الرعاية الاجتماعية ضمن حسابات خاصة بعيداً عن ميزانيات المحافظات؟. ألا يعتبر هذا تعزيزاً لثبات القيم بين الدولة والمجتمع، وعاملاً فاعلاً من عوامل إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، ومنطلقاً لبناء الدولة المدنية المتكافلة؟..أسئلة لن تنال إجاباتها الشافية أكثر من قول بعضهم إن قضية الرعاية الاجتماعية في العراق تتعرض لانتهاكات كبيرة من أطراف عدّة غير مؤسسات الدولة، فعلى سبيل المثال ثمة خبر أشيع في الشهر الرابع من السنة الماضية كشف عن وجود 25 ألف حالة تزوير في شبكة الرعاية الاجتماعية بمدينة البصرة لوحدها، وربما ستكشف الأيام أعداداً مهولة في حال تدقيق ملفات مدن أخرى، وبما يشكل فضائح فساد لموظفين زوّروا في السجلات، أو أناس سجلوا أسماءهم دون أي استحقاق، وهذه قضية إدارية تحتاج إلى مرجعيات قانونية تفرض عقوبات رادعة تحدّ من طمع الطامعين ورغبات المزورين وتعطي لكلّ ذي حق حقّه، والقضية ليست (عويصة) ومعقدة ولكنها تحتاج بالتأكيد إلى ضمائر حيّة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن