رسالة الى القيادة في منظمة التحرير الفلسطينية:

خالد عبد القادر احمد
khalidjeam@yahoo.com

2011 / 5 / 26

في تصريح سابق للسيد محمود عباس, قال ان الذهاب الى الجمعية العامة للامم المتحدة, ليس مناورة سياسية, وهو الامر الذي يعني ان من ثوابت الحقوق الفلسطينية, الحق في سلوك مختلف المسارت الكفيلة بتحقيق اهدافنا الوطنية في التحرر والاستقلال في دولة كاملة السيادة وحق تقرير المصير. وبذلك فان ذهابنا الى الامم المتحدة ومؤسساتها من اجل استعادة الحقوق الفلسطينية في هذه الهيئة الدولية, وان هذا المسار هو ممارسة لحق من ثوابت الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف, والتي لا يزال الشعب الفلسطيني قادر على ممارستها بحرية, ولا يستطيع احد اجبارنا على التخلي عنه,
غير ان اخر تصريحات الرئيس, تربط خطوة الذهاب في هذا المسار الى هذه المؤسسة الدولية بنتيجة عملية التفاوض, الامر الذي يعني اولا: ان الرئيس يرى احتمال عودة قريبة لمسار التفاوض المباشر مع الادارة الصهيونية, وثانيا ان هذه المفاوضات يمكن ان تتمخض عن تقدم في التسوية, فما الذي سيحصل حينها؟ هل ستتخلى القيادة الفلسطينية عن هذا المسار؟ وكيف سيبدو منظر جديتنا في السعي للتحرر امام المجتمعات الاخرى والدول التي تمثلها؟
لا يا سيادة الرئيس,
ليس من حق قيادة منظمة التحرير الاشارة لامكانية التخلي عن هذا المسار في حين نملك القادرة على السير به حتى النهاية بحرية كاملة, فهذا وان تعرضنا به لضغوط متنوعة ومن اطراف متعددة. الا انه يبقى ثابتا من ثوابت حقوقنا الذي نملك فيه حرية الخيار الكاملة, وهوقطعا ليس كمسار الكفاح المسلح الذي كان لقرار التخلي عنه مبررات الظروف الاقليمية. ومبررات تفادي الاتهام بالارهاب...الخ من المبررات. فبهذا الصدد لا يستطيع الائتلاف الصهيوني الاميركي ولا حليفهم العربي, اجبارنا على التخلي عنه.
فاتفاقية اوسلو تلزم الطرف الفلسطيني بالتخلي عن العنف, وتلزمه بالتفاوض مع الكيان الصهيوني, غير انها لا تلزم بعدم سلوك مسارات اخرى لاستعادة حقوقنا الوطنية, طالما انها لا تلزمنا بقبول نتائج موضوعي لم يتم الاتفاق عليها بالتفاوض, او الاستمرار الى ما لا نهاية في عملية التفاوض, بل من الواضح ان من اخطاء القيادة الفلسطينية في التزامها باطار اتفاقيات اوسلو انها لم تقراه كما قرأه الكيان الصهيوني, الى جانب انها لم تحاول ان تكون معه على درجة من التكافؤ تمنحها قدرة مناورة اعلى واهمية ووزن جيوسياسي اعلى, بل على العكس من ذلك التزمت القيادة الفلسطينية رغبة شديدة في السلام, ومارست على نفسها رقابة ذاتية اعلى في حين كان موجه السلوك الصهيوني مصالحه واوهامه الثقافية الخاصة فحسب,
ان تعدد مسارات المناورة السياسية الفلسطينية, ومنها مسار الصراع مع الكيان الصهيوني دوليا خارج اطار قبضته العسكرية, اثبت ان الانجاز الدبلوماسي العالمي لصالحنا يعدل من خلل ميزان القوة مع هذا العدو الصهيوني, الذي يعتمد فيه على القبضة العسكرية, وقد اثبتت انجازات الفترة الاخيرة هذه الحقيقة بل وحقيقة قدرتنا على تعريض مصالح الولايات المتحدة الامريكية نفسها لضرر اجبر الادارة الامريكية على تطوير موقفها ومنهجها السياسي لصالحنا في صورة اقرارها بحدود عام 1967م كمرجعية لعملية التفاوض وفي صورة اسقاط المطلب الصهيوني بالتواجد العسكري على الحدود مع الاردن, ونتيجة لذلك زاد تصدع العلاقة الامريكية الصهيونية, وهي انجازات لم نستخلصها من مفاوضات استمرت عشرون عاما,
ان مسار صراعنا دوليا مع الكيان الصهيوني وضد الانحياز الامريكي له, يعرض مشروع الشرق الاوسط الجديد الامريكي لخطر التدخلات الدولية, بل ولنا ان نلاحظ زيادة النشاط الديبلوماسي الروسي بهذا الصدد, ودعوته الفصائل الفلسطينية لموسكو وعمله على ان تتجاوز الفصائل الفلسطينية خلافاتها, وهذا قطعا ليس لسواد العيون الفلسطينية بل لوجود مصالح خاصة تستدعي من روسيا التدخل والذي كان من اسباب الحد منه ومنعه خضوع الطرف الفلسطيني لحالة الاستفراد التي فرضتها عليه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني, فهل نعيد تفعيل مثل هذه العوامل الدولية او نسهم في عزلها؟
نحن نعلم ان للادارات الامريكية حساباتها الخاصة وان هذه الحسابات تجبرها على ابقاء خلافاتها مع الكيان الصهيوني تحت مظلة سقف هادي وفي ادنى درجات الصخب, بل وتضطر الى مناورة التراجع احيانا امام التعنت الصهيوني, فهل من مهمتنا مساعدتها على ذلك, او محاولة مواجهة الضغط الصهيوني على الادارات الامريكية بضغط مواز من التدخلات الدولية؟
ان روسيا لا تمثل نفسها فقط في نشاطها الراهن في المنطقة بل تمثل حلف شنغهاي, باعتبار انها والصين ركائزه الاساسية ومن الاكيد ان لحلف شنغهاي وزنه المؤثر عالميا والذي من حقنا الافادة منه والعمل على توظيفه لصالحنا, مدركين ان مساومات كبيرة ستجري بين المحاور الدولية للافادة من صراعنا مع الطرف الصهيوني, وعوضا ان تكون هذه المساومات على حساب مصلحتنا الوطنية فلنعمل لان تكون لحساب مصلحتنا,
ان ثقتنا بنفسنا لا يجب ان يشوبها الشك, وتجربة القيادة السياسية فينا تنامى نضجها وارتقى مستواها فلماذا نعرض مصالحنا في سوق يرخص سعرها بها؟
ان المطلوب الان هو حملة دبلوماسية فلسطينية في اوروبا نستثمر بها المستجد في الموقف الامريكي من الصراع بل ونعمل على توظيفه ضد جولة اوباما الاوروبية والتي يبدو ان من مهماتها اعادة تحجيم الموقف الاوروبي بحيث يتراجع الى اطار الموقف الامريكي عوضا عن ان يرتقي الموقف الامريكي الى مستواه,
ان علينا مواجهة الجهد الامريكي المبكر الذي يبدو انه يحاول حصار الموقف الاوروبي في الجمعية العامة, وليس من المستبعد ان يعمل منذ الان على ان يكون اعتراف الجمعية العامة للامم المتحدة بالدولة الفلسطينية مرهونا الى عملية التفاوض والقبول الاسرائيلي به, وحينها ستكون خيبة امل وحالة احباط فلسطينية كبيرة, وهو امر يكون قد فات اوان مواجهته فلسطينيا فهل تنتبه قيادتنا لذلك؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن