دولتنا ... بداية كأنها نهاية !

حافظ آل بشارة
hafizbshara@yahoo.com

2011 / 5 / 12

التلكؤ والتباطؤ الذي يهيمن على الدولة حاليا يثير قلق الجمهور اكثر من المثقفين يقول الناس ان مشكلة الحكومة ليست مشكلة تنظيم اداري ، ولا مشكلة خبرة ، ولا مشكلة أموال ، انها مشكلة أخلاقية ، صراع على السلطة ، السلطة المطلوبة لذاتها ليس لاجل الاصلاح او القيم العليا بل لأجل مصالح شخصية وحزبية تافهة ، البعض لديهم استعداد اخلاقي ومنظومة اعصاب تتحمل رؤية الملايين يموتون بسبب صراعهم بدون تأنيب ضمير ، حالة قذافية بمظهر مختلف ، الغريب ان بعضهم يسلفن اهدافه الشخصية بشعارات قيمية مزيفة ناسيا ان حياة البشر هي القيمة الاعظم ، الصراع يتجدد بديناميكية عجيبة فكلما طرحت قضية للنقاش داخل الحكومة او البرلمان او بين الكتل اخذت اطراف تحصي الارباح الشخصية المتوقعة فان لم تجد لها نصيبا اعلن معارضتها حرصا على مصالح الشعب ! كل الناس يقولون أن صراعات الساسة والاحزاب والكتل حاليا لا تخص الجمهور ولا تمثل ارادته ، كل مواضيع الخلاف تافهة اذا قورنت بحياة الانسان ودمه وعرضه ، بعض المواضيع التافهة يصل فيها الخلاف الى حافة الاقتتال او مقاطعة العملية السياسية ، العناد المتبادل يعطي فكرة سيئة عن طبيعة النخبة السياسية الحاكمة والمستوى الاخلاقي الذي تعيشه ومدى شعورها بالانتماء الى الشعب ومدى استعداد كل فرد فيها للتخلي عن مصالحه لاجل سلامة شعبه ، الازمة الاخلاقية القائمة تذكرنا بنظرية نشوء الدول وانهيارها وقد اجمع ابن خلدون وتوينبي وول ديورانت وكلهم مؤرخون على ان الدول كالاشخاص تنشأ وتشب وتنضج ثم تشيخ وتهرم وتموت ، واجمعوا على ان عناصر الدولة الحية المتطورة هي : نظام حكم عادل ، لغة أم ، قيم أخلاقية لدى الحاكمين والمحكومين ، ديانة حية تحدد الرؤية الكونية للامة ، ثم نظام تعليم موحد ينقل الثقافة والحضارة الى الاجيال ، واجمعوا على ان من علامات الدولة السائرة نحو الموت انهيار المعايير الاخلاقية لدى الحكام ، واختفاء روحية النبل والفضيلة والايثار ، وكانت هذه العناصر حاضرة بقوة في تحليل اسباب انهيار الدولة العباسية ودولة العرب في الاندلس والدولة الرومانية والفارسية والفراعنة في مصر ، وقد ابدع السيد الشهيد الصدر في محاضراته حول سنن التاريخ في كشف النظرية القرآنية في هذا المجال ، الغريب ان العملية السياسية في العراق يجب ان تؤدي الى نشوء وارتقاء دولة جديدة لكن امراض دولتنا التي عمرها ثمان سنوات تشبه امراض أمة شاخت وهرمت اخلاقيا وتقترب من نهايتها ، اليست هذه كارثة ؟ اذا كان النواب يمثلون مصالح شعبهم فعليهم على الاقل اكمال التشريعات التي تمنع استمرار اي مسؤول تنفيذي او تشريعي او قضائي في موقعه لاكثر من دورتين ، لكي نضمن على الاقل انسحاب الوجوه الحالية من مواقع السلطة وتجريب فريق جديد ربما يكون اكثر نبلا واصدق دينا فينقذنا من سنن التأريخ التي لا ترحم أحدا .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن